عنوان الفتوى : حديث صحيح في أن الإسلام يجُبُّ ما قبله

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أولًا: بارك الله فيكم، وجزاكم كل خير على هذا الموقع المتميز، الذي نتعلم منه أصول هذا الدين العظيم، ألا وهو: الإسلام. ثانيًا: أريد أن أستفسر عن صحة بعض الأحاديث التي سمعتها في إحدى خطب الشيخ/ عبد الله العريفي -حفظه الله- تحت عنوان: "رحمة الله الواسعة"، والتي هي كالتالي: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا أبو جابر، أنه سمع مكحولا يحدث قال: جاء شيخ كبير هرم قد سقط حاجباه على عينيه، فقال: يا رسول الله، رجل غدر وفجر، ولم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطعها بيمينه، لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم، فهل له من توبة؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أسلمت؟" قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فإن الله غافر لك ما كنت كذلك، ومبدل سيئاتك حسنات". فقال: يا رسول الله، وغدراتي وفجراتي؟ فقال: "وغدراتك وفجراتك". فولى الرجل يهلل ويكبر. الحديث بسند ثاني: وروى الطبراني من حديث أبي المغيرة، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي فروة -شطب- أنه أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها، ولم يترك حاجة ولا داجة، فهل له من توبة؟ فقال: "أسلمت؟" فقال: نعم، قال: "فافعل الخيرات، واترك السيئات، فيجعلها الله لك خيرات كلها". قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: "نعم". قال فما زال يكبر حتى توارى. ورواه الطبراني من طريق أبي فروة الرهاوي، عن ياسين الزيات، عن أبي سلمة الحمصي، عن يحيى بن جابر، عن سلمة بن نفيل مرفوعا. ما صحة هذه القصة؟ وإذا كانت صحيحة فأي سند هو الصحيح؟ وشكرا لكم.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحديث صحيح، قد صححه الهيثمي في مجمع الزوائد، والحافظ ابن حجر في الأمالي المطلقة، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، وغيرهم.
وأصح هذه الأسانيد ما رواه الطبراني من حديث أَبِي طَوِيلٍ شَطَبٍ الْمَمْدُودِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا عَمِلَ الذُّنُوبَ كُلَّهَا، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَةً وَلَا دَاجَةً إِلَّا أَتَاهَا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: «فَهَلْ أَسْلَمْتَ؟» قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: «نَعَمْ، تَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ، وَتَتْرُكُ السَّيِّئَاتِ، فَيَجْعَلُهُنَّ اللهُ لَكَ خَيْرَاتٍ كُلَّهُنَّ»، قَالَ: وَغَدَرَاتِي وَفَجَرَاتِي؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ حَتَّى تَوَارَى. والصواب: أن اسم الصحابي هو: أبو طويل شطب الممدود، خلافا لمن قال إنه أبو فروة.
وأما ما أخرجه ابن أبي حاتم عن مكحول: فقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده من رواية مكحول عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه-، وفيه انقطاع بين مكحول وعمرو بن عبسة، فقد قال الألباني معلقًا على هذه الرواية: هو -أي: مكحول- معروف بالتدليس والإرسال، فما لم يصرح بالتحديث فهو منقطع، ولا سيما أن عمرو بن عبسة لم يذكر في جملة الصحابة الذين سمع منهم، على قلتهم. انتهى من سلسلة الأحاديث الصحيحة.
وأما ما رواه الطبراني عن سلمة بن نفيل -رضي الله عنه-: فعِلَّتُه ياسين الزيات. قال الهيثمي في مجمع الزوائد عن هذه الرواية: رواه الطبراني في الكبير، وفي إسناده: ياسين الزيات يروي الموضوعات. انتهى.

والله أعلم.