عنوان الفتوى : حكم استفتاء المقلد لمذهب وقد بلغ درجة الاجتهاد

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لقد قرأت في الإنترنت أن الإنسان الذي عنده الاستطاعة لمعرفة الحكم من الأدلة واستنباط الحكم من الأدلة. هذا لا يجوز له التمذهب بمذهب بل عليه أن يأخذ الحكم من الدليل إذا كان عنده الاستطاعة والمقدرة على ذلك. 1- هل ذلك الكلام صحيح أم أن هناك رأي آخر مخالف لذلك؟ 2- يوجد أستاذ دكتور في مادة أصول الفقه جامعة الأزهر الشريف ومذهبه شافعي ( مع أن عنده الاستطاعة لمعرفة الحكم من الأدلة واستنباط الحكم من الأدلة وبناء على ما سبق فهذا لا يجوز له التمذهب بمذهب ) فهل إذا سألته في فتوى أحتاجها يكون علي إثم لأنه متمذهب بمذهب أي أنه أصلا مخالف للدين، ومخالف لرأي العلماء. جزاكم الله خيرا

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإذا بلغ المكلف مرتبة الاجتهاد وكان عالما بالأدلة ووجوه الاستنباط لم يجز له تقليد غيره من المجتهدين على الصحيح عند علماء الأصول.

قال الطوفي في شرح الروضة: لَا يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ. «نَعَمْ لَهُ أَنْ يَنْقِلَ مَذْهَبَ غَيْرِهِ لِلْمُسْتَفْتِي» ، إِرْشَادًا لَهُ إِلَيْهِ، «وَلَا يُفْتِي هُوَ بِتَقْلِيدِ أَحَدٍ». انتهى.

وأما غير المجتهد ممن تمذهب بمذهب إمام معين فعرف أقواله وما يفتي به، فهل له أن يفتي بقول ذلك الإمام تقليدا أو لا؟ في ذلك أقوال أصحها كما يقول ابن القيم رحمه الله أنه يجوز ذلك عند الحاجة وعدم العالم المجتهد.

قال ابن القيم: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، قَالَ الْقَاضِي: ذَكَرَ أَبُو حَفْصٍ فِي تَعَالِيقِهِ قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ النَّجَّادَ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ بَشْرَانَ يَقُولُ: مَا أَعِيبُ عَلَى رَجُلٍ يَحْفَظُ عَنْ أَحْمَدَ خَمْسَ مَسَائِلَ اسْتَنَدَ إلَى بَعْضِ سَوَارِي الْمَسْجِدِ يُفْتِي بِهَا. انتهى.

وعليه؛ فلا حرج في استفتاء هذا الأستاذ الشافعي، فإنه إن كان مجتهدا في تلك المسألة التي يسأل عنها سيفتي باجتهاده وإلا فسيفتي بالمذهب وهذا جائز للحاجة كما مر، وهو أعلم بنفسه وما إذا كان قد وصل إلى مرتبة الاجتهاد في تلك المسألة أو ذلك الباب أو لا.

وننبه ههنا إلى حكم اتباع المذاهب الفقهية المعتبرة.. فإنه لم يزل أئمة الإسلام عبر العصور ينتسبون لهذه المذاهب، فإن الأئمة رحمهم الله لم يكن لهم قصد إلا تجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وعنهم وعن أشباههم من العلماء تلقى الناس طرق الاستدلال وكيفيته، فالدعوة إلى نبذ المذاهب جناية على العلم وتطريق لأصحاب الأقوال الشاذة والمذاهب الباطلة، وتقابل هذه الدعوة لنبذ المذاهب دعوة للجمود عليها وعدم جواز الخروج عنها، والحق وسط بين هذين الطرفين، فالتمذهب جائز لا حرج فيه وهذه جادة أهل العلم المطروقة عبر العصور شريطة عدم التعصب وأنه إذا ظهر للعالم الحق في خلاف مذهبه رجع إليه، وهكذا كان العلماء المحققون والأئمة المشهود لهم بالتضلع من العلوم، ينتسبون إلى مذهب معين كالشافعي أو الحنبلي أو المالكي أو غيرها ثم لا يمنعهم هذا من مخالفة المذهب إذا ظهر لهم الدليل بخلافه، كابن عبد البر من المالكية، والنووي من الشافعية، وشيخ الإسلام ابن تيمية من الحنابلة ونحو هؤلاء من أئمة الإسلام المشار إليهم بالعلم والفضل. ولتنظر للفائدة حول هذه المسألة الفتوى رقم 169151 وبه يتبين أنه لا حرج في استفتاء الشخص المذكور.

والله أعلم.