عنوان الفتوى : الخوف من البلاء والأدب عند رؤية أهل البلاء

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

يراودني وسواس كثير عندما أرى أي مبتلى أو صاحب مرض أشعر بأني سأكون مثله، حتى أني إذا رأيت واحدا قدمه متعبة أشعر بوجع في نفس القدم، إذا رأيت واحدا يشتكي من نظره أشعر بوجع في نظري، وكثيرا أبكي من قدرة الله، ووسواسي يكون نتيجة خوفي من أن يبتليني مالكي فدائما أدعو بأن يرفع عني البلاء، وأن يعافيني مما ابتلى به الناس، هذا الوسواس يطاردني حتى في النوم، ولا أعرف ماذا أفعل خصوصا وأني أشعر بأني أسيء الظن بالله. أسألكم الدعاء لي بالزوجة الصالحة والولد الصالح والعمل الصالح وأن يغفر لي ربي وأن يرفع عني هذا البلاء. أرجوكم لا تحولوني لسؤال سابق، أسألكم الدعاء عن ظهر غيب.؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يعافيك وأن يرزقك الزوجة الصالحة والذرية الصالحة.

ثم اعلم أخي الكريم أن حسن الظن بالله وصدق التوكل عليه وتحقق الرضا بقضائه، هو الكفيل برفع شكواك، فالله تعالى هو العليم الحكيم، وهو أرحم بك من نفسك ومن والدتك التي ولدتك، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها. متفق عليه.

وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة. متفق عليه.

فأقبل على الله بطاعته، يقبل عليك بعافيته ورحمته، وكن لله كما يريد، يكن لك كما تريد، قال ابن القيم في (طريق الهجرتين): إن الله سبحانه قضى أن لا ينال ما عنده إلا بطاعته، ومن كان لله كما يريد كان الله له فوق ما يريد، فمن أقبل إليه تلقاه من بعيد، ومن تصرف بحوله وقوته ألان له الحديد، ومن ترك لأجله أعطاه فوق المزيد، ومن أراد مراده الديني أراد ما يريد اهـ.

ثم نبشر السائل الكريم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا. لم يصبه ذلك البلاء. رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني. وفي حديث آخر: إلا عوفي من ذلك البلاء، كائنا ما كان ما عاش. رواه الترمذي، وحسنه الألباني. فواظب على هذا الدعاء، وأيقن بالجزاء، ودع عنك هذا العناء.

وإياك أن يستجريك الشيطان مع هذا الوسواس، فينغص عليك حياتك دون داع، فاستعذ بالله من شر نفسك ومن شر الشيطان وشركه، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق أن يقول إذا أصبح وإذا أمسى: اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه. رواه الترمذي وقال حسن صحيح. وأبو داود وأحمد وصححه الألباني.

وشَرَك الشيطان يروى بفتح الشين والراء: أي مصائده وحبائله التي يفتن بها الناس. قاله المباركفوري في تحفة الأحوذي.

والله أعلم.