أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : حالات الاكتئاب الناتجة عن التعثر في الحياة العملية

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عايشت الابتلاء منذ صغري، فعشت طفولتي يسيطر علي الخوف من الأطباء والمستشفيات والعمليات، ظننت عندما تجاوزت سن الطفولة والمراهقة التي لم أعشها كغيري (على الأقل معنوياً) أن ذلك كان ابتلاءً من الله، وأنها مرحلة وانتهت، ونظرت إلى المستقبل الآتي على أنه يحمل لي الخير كله؛ حيث كنت مجتهدة في دراستي ومتفوقة، كانت أولى الصدمات التي تلقيتها بعد ذلك أني لم أحصل على التخصص الذي أريد، مع أني حصلت على مجموع عالٍ، ومع ذلك تقبلت الوضع، فلا أنا أول الناس ولا آخرهم، درست وثابرت وحصلت على شهادات عليا، وكانت الصدمة التالية أني لم أوفق في الحصول على أي وظيفة بالرغم من مؤهلاتي، كلما أرسلت طلباً لأي وظيفة لا أحصل على رد وكأني ما أرسلت شيئاً!

وتمر الأيام والشهور والسنين وأنا مازلت أجلس في بيتي، لم أعش أي فرحة، لم أعرف إلا الألم والحسرة، أصبح الحزن والاكتئاب يرافقني ليلي ونهاري، لا أستطيع التركيز في أي شيء، مهما حاولت أن أفعل من أشياء أو نشاطات لأقطع فيها الوقت يداهمني اليأس فيمنعني من فعل أي شيء! ابتعدت عن جميع الناس! أصبحت أشعر أن حياتي عبء عليّ وعلى المقربين مني! أصبحت سبباً لحزنهم وألمهم، أدعو الله دائماً أتقرب إليه، أفعل كل ما في وسعي، لم أؤذ أحداً في حياتي، بل على العكس أحسنت لمن أساؤوا إليّ وجرحوني، فهل يكون ما أنا فيه عقاب لذنب غفلت عنه أم ابتلاء وتمحيص؟

انصحوني أرجوكم فقد نفد صبري وقلت حيلتي، ولا أرى ضوءاً في الطريق إلا أن يتداركني الله برحمته.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الراجية رحمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحالة التي لديك بدأت بالمخاوف في الطفولة، ويعرف أن مخاوف الطفولة أيّاً كان نوعها قد تؤدي إلى ظهور أعراض نفسية في المستقبل، والدراسات تشير أن حوالي خمسين بالمائة من الذين يعانون من مخاوف الطفولة سوف يصابون مستقبلاً بأحد الاضطرابات الوجدانية مثل الاكتئاب النفسي أو الخوف والهرع الاجتماعي.

مع وجود كل هذه الصعوبات بإذن الله فقد تحصلت على الشهادة العليا رغم أنك لم تتح لك فرصة التخصص الذي كنت تريدين، وأرجو ألا يكون ذلك سبباً لأي صدمة نفسية أو شعور بالحسرة والخذلان، فما تحصلت عليه الآن هو علم مفيد، وحتى إن تيسر لك فرص العمل فهذا لا يعني نهاية الطريق أبداً، فالإنسان يحاول ويحاول ويثابر ويجتهد، فلا تتوقفي أبداً.

يقال: أن أديسون الذي اخترع الكهرباء حاول مئات المرات وفشل، وحين وصل إلى التجربة مائتين وخمسين انفجر المختبر الذي كان يعمل به، فقام بعد ذلك ببناء مختبر جديد وثابر وجاهد وأخفق أكثر من سبعمائة وخمسين مرة بعد ذلك، إلى أن استطاع أن يخترع الكهرباء وأن ينير لنا الدنيا.

إذن لا يأس أبداً مع الأمل،وينبغي أن تتحلي بالحلم والصبر، فأنت الحمد لله مؤهلة بشهاداتك، وأنت مؤهلة قبل ذلك بعقيدتك، وأنت قوية بشبابك بفضل الله، وأنت إن شاء الله مساندة بأسرتك وأهلك وصديقاتك. فعليك أن تنظري نظرات إيجابية عميقة مهما كان هنالك سلبيات، فلديك إيجابيات ضخمة ومتجسمة ولكنك لم تستشعريها.

وحتى تتاح لك فرصة العمل المهني لماذا لا تنضمين إلى إحدى الجمعيات التطوعية؟ لماذا لا تذهبين إلى مراكز تحفيظ القرآن؟ هذه كلها تتيح الفرصة للتطور والتأهيل الاجتماعي وبناء المهارات الجديدة والترويح عن النفس، والاختلاط والتواصل مع الآخرين فيما هو مفيد.. هذا نوع من التأهيل النفسي الذي أراه مخرجاً جيداً في مثل حالتك، فأرجو أن تفكري في ذلك جيداً.

أنا حقيقة مطمئن لك تماماً؛ لأن الذي استطعت أن أستشفه من رسالتك أن شخصيتك متوازنة جدّاً وأنك تحملين إيجابيات كثيرة، وهذه الإيجابيات إن شاء الله تكون دافعاً لك من أن تخرجي من هذه القوقعة وهذا الجدار النفسي الذي سيطر عليك وجعلك لا تتواصلين مع العالم بصورة صحيحة.

لا شك أن هذا ابتلاء، ولكنه ابتلاء بسيط جدّا، فإذا نظرت لابتلاء الآخرين سوف تجدين أن هذا ابتلاء بسيط، فسلي الله تعالى أن يثبتك وأن يرفعه عنك وأن ييسر لك ما تودين الوصول إليه.

أرى أن تناولك أيضاً لأحد الأدوية المضادة للاكتئاب والمخاوف سوف يفيدك كثيراً، وهنالك عقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرى أنه جيد في حالتك، سوف يعطيك الحافز والدافعية والهدوء النفسي الداخلي مما يدفعك إن شاء الله لمزيد من التفكير الإيجابي والبحث عن عمل بإذن الله.

ابدئي جرعة السبرالكس بنصف حبة (خمسة مليجرام) – توجد حبة عيار عشرة مليجرام وأخرى عيار عشرين مليجراماً، وأنت لست في حاجة لتناول الجرعة من عيار عشرين مليجراماً – تناوليها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم ارفعيها بعد ذلك إلى حبة كاملة (عشرة مليجرام) ليلاً، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى خمسة مليجرام ليلاً واستمري عليها لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.

الدواء من الأدوية الفعالة والممتازة، وهو غير إدماني وغير تعودي ولا يؤثر مطلقاً على هرمونات الأنوثة. والدواء البديل للسبرالكس إذا لم تستطيعي التحصل عليه هو عقار يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، وهذا يمكن تناوله بمعدل كبسولة واحدة (عشرين مليجراماً)، تناولي كبسولة واحدة يومياً صباحاً أو مساءً، ويفضل تناولها بعد الأكل، استمري عليه لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله، هذا الدواء هو أيضاً دواء فعال وسليم، نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أعود للحياة الطبيعية وأستمتع بها؟ 1165 الأحد 16-08-2020 05:54 صـ
لم أعد أشعر بطعم الحياة بعد أن فقدت صديقي في حادث سير! 719 الأحد 16-08-2020 01:41 صـ
أعاني من اكتئاب وعوارض مصاحبة له، فما الحل؟ 1032 الأربعاء 12-08-2020 04:53 صـ
الاكتئاب والإحباط دمر حياتي.. فأرجوكم أرشدوني! 807 الأحد 09-08-2020 05:09 صـ
مرض الرهاب الاجتماعي هل يمكن أن ينتقل للأبناء بالوراثة؟ 1332 الأربعاء 22-07-2020 02:11 صـ