أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل هناك أمل في أن أغير صورتي السيئة عند زوجي؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

جزاكم الله عنا خير الجزاء.

تزوجت منذ عام واحد فقط، وفي خلال هذا العام حدث من الخلاف بيننا ما يحتاج لعشرين عاما، ولا أريد أن أتحدث بالأسباب، ولكني أكتب لكم لأنني الآن أكره نفسي لدرجة أني أتمنى الموت، كما وأشعر باختناق، فالموضوع أنه بغض النظر عن من كان السبب، ولكنني فعلت ما أندم عليه.

في بداية خلافاتنا كان صوته مرتفع دائماً، وشديد العصبية، وكنت لا أنطق، وإنما أكتفي بالنظر إليه باندهاش، وبعدما يهدأ كان يقول لي: رغم ما فعلته كنت أنت إنسانة راقية بغضبك، أما أنا فلا، ولكنني وللأسف وصلت معه لأسوأ من أسلوبه.

فآخر خلاف بيننا انهرت، وكسرت ما وجدت أمامي، وضربته، وكنت أعض عليه بأسناني، حتى ظهرت عليه آثار ذلك، وكان يترجاني أن أهدأ، ويبكي، وتكررت ثاني يوم نفس الحالة، ولكنه كان يضربني هذه المرة.

ما أشكو منه أنني الآن بنظره لست بأنثى، وأنني عديمة التربية والأخلاق، وأنا أشعر أنني هكذا فعلا، وإلا ما كنت لأفعل ذلك.

فهل هنالك من أمل أن أغير هذه الصورة؟ مع العلم أنه اتفق مع أبي على الطلاق، ولكنه ليس من طلب الطلاق، فمشكلتي الأخرى أن أمي تلفظت أمامه بأسرار وألفاظ لن أسامحها عليها، فهي أول واحدة تجعل زوجي يقول بأني من عائلة غير خلوقة، فقد حدثته بأسلوب وألفاظ بذيئة، فماذا أفعل؟

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ م.م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يحسن خلقك، وأن يعينك على النهوض مرة أخرى والوقوف على قدميك، وأنت تتمتعين بخلق فاضل، وسعة صدر، وحلم وأناة وصفح جميل.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – من أنك كنت في أول حياتك الزوجية في غاية الدعة، وفي غاية الهدوء، وفي غاية الرقي، وكنتِ حريصة كل الحرص على أن تتمتعي بأخلاق رفيعة، ولذلك كان زوجك يُثني عليك، خاصة وأنه كان شديد العصبية، وصوته مرتفع دائما، أما أنت فكنت لا تنطقين بكلمة، وإنما فقط تنظرين إليه باندهاش، إلا أن الأمر الذي لم تكوني تتوقعينه أن هذه الأمور التي عشتِ فيها في هذا العام أدت إلى تغيير سلوكك بطريقة مزعجة، حتى أنك أصبحت تشعرين بأنك لستِ بأنثى، وأنك عديمة التربية والأخلاق، إلى غير ذلك، ومما زاد الطين بلة أيضًا، ما صدر عن أمك من ألفاظ وعبارات ما كان ينبغي أن تقولها.

وتقولين: هل من الممكن فعلاً أن تعودي إلى ما كنت عليه من حُسن الخلق، ومن الحلم والأناة والصبر، أم أنه قد فات الأوان؟

أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة -: إنه مما لا شك فيه أن الله - جل جلاله سبحانه وتعالى - قد فوض أمر التغيير للناس، وليس هذا من باب الصدفة، أو ليس هذا اعتباطًا، وإنما ما أعطانا الله القدرة على التغيير إلا لأننا فعلاً نملك القدرة على التغيير، وهذا ما قاله - سبحانه وتعالى جل شأنه - حيث قال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، والنبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني).

فإذن التغيير هو أمر في مقدور كل إنسان أن يقوم به، ولكن إذا توفرت لديه الهمة والعزيمة وصدق الإرادة، فأنت فقط تحتاجين - أختي الكريمة الفاضلة – إلى هذا الأمر، أن تعقدي العزم على أن تتخلصي من هذه السلبية، وأن تتوقفي عنها بصفة نهائية، حتى وإن حاول الشيطان أن يستدرجك إليها، فإنك لا تنصاعين له، ولا تستجيبين لداعيه أو لوسوسته، وإنما تحرصين على أن تكوني دائمة رابطة الجأش، وأن تكوني حسنة الخلق، وأن تكوني واسعة الصدر، وأن تكوني عظيمة الحلم، وإذا ما بدأ زوجك في نوبة الغضب، فما عليك إلا أن تتركي الغرفة التي هو فيها، وتذهبي بعيدًا عنه، ولو لدقائق معدودات، حتى تمر هذه العاصفة بسلام، لأن وجود الطرف الثاني أمام طرف غاضب وثائر – خاصة إذا كان يُصدر بعض العبارات، أو بعض التصرفات – عادة ما يُثير الطرف الثاني إلى أبعد حد، وقد يدفعه إلى القتل أحيانًا - والعياذ بالله –، ولذلك لا نجد حالة قتل، أو حالة سبّ، أو قذف، أو لعن، بل حتى حالات الطلاق، لا تتم إلا في حالات الغضب، لأن الإنسان في حالة الغضب يفقد السيطرة على نفسه، والذي يتولى قيادته إنما هو الشيطان، والشيطان كما تعلمين يفرق بين المرء وزوجه، ولا يريد أبدًا للأسرة المسلمة أن تكون مستقرة، أو سعيدة، أو هانئة.

ولذلك في حالة الغضب الذي يتولى إصدار العبارات، وتحريك العضلات، وتحريك الجوارح، إنما هو الشيطان - لعنه الله تعالى -، ومن هنا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – بيّن لنا أن من علاج الغضب أن الإنسان إذا بدأ يشعر بنوبة غضب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كان قائمًا فليجلس، وإذا كان جالسًا فلينم على جنبه (مثلاً) فترة، ومن الممكن أن يُطفئ نار الغضب أيضًا بالوضوء، لأن الغضب من الشيطان، ولذلك مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – على رجلٍ غاضب وقد انتفخت أوداجه، واحمرَّت عيناه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إني أعلم كلمة لو قالها هذا لذهب عنه الذي يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وهذا يدل على أن الغضب من الشيطان، وهذا ما قاله النبي - عليه الصلاة والسلام – عندما قال: (العجلة من الشيطان، والتأني من الرحمن).

وعليه فإني أقول: من الممكن جدًّا أن تغيري هذا الوضع المحزن الذي تشعرين معه بكثير من الحزن والأسى، وأن تعودي إلى الوضع الذي كنت عليه، بل وأفضل، ولكن هذا يحتاج – كما ذكرت – أولاً إلى عزيمة، وإلى قرار بأن نغير أنفسنا.

ثانيًا: في حالات الغضب، أو عندما يبدأ زوجك في رفع صوته، اتركي المكان الذي هو فيه، واخرجي بعيدًا عنه، حتى تهدأ العاصفة، وحتى لو جاءك إلى المكان الذي أنت فيه، وقال لك: (لماذا هربتِ؟ ولماذا تركتني؟) قولي له: (إنما هربتُ حتى أطفئ نار الشيطان، لأن هذه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم – ).

كذلك كما ذكرت، حاولي ألا تردي وأنت في حالات الغضب، فإذا كنت في حالات الغضب، فحاولي أن تخرجي من المكان، وأن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وأن تكثري من الاستغفار ( أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله )، أو ( أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه )، كذلك أيضًا ما أعظم أن تُصلي على النبي - عليه الصلاة والسلام – في حالات الغضب، لأن الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – كما لو جئت بماء من الثلاجة ووضعته على قطعة من الجمر المشتعل.

إذا عليك بهذه الأشياء، وثقي وتأكدي أنك - بإذن الله تعالى – لو أخذت قرارًا بالتوقف عن هذه السلبيات، وأخذت قرارًا بتغيير سلوكك، والتزام هذه الأشياء التي قلتها، فإنك - بإذن الله تعالى – سوف تتغلبين على هذه المشكلة، وسوف تعود المياه إلى مجاريها، وسوف تُثبتين لزوجك أنكم أسرة فاضلة، وأنكم عائلة محترمة، وأن هذا الذي حدث إنما هو شيء عارض، ولكن الأصل أنكم أهل صلاح، وأهل ديانة وخلق واستقامة.

إثبات هذا ليس بالأمر الصعب ولا بالأمر المستحيل، ولكنه يحتاج منك فقط أن تلجئي إلى الله تعالى وتتضرعي بالدعاء بأن يعينك الله - تبارك وتعالى - على التخلص من سلبيات وآثار الغضب، وأن يوفقك لضبط عواطفك وأعصابك ومشاعرك، وأن يحفظك من أن تقولي كلامًا سيئًا، أو أن تجرحي شعور أحد سواء أكان زوجك أو غيره.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأبشري بفرج من الله قريب.

هذا وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أعاني نفسيا من سوء ما مررت به، فما الحل؟ 3184 الاثنين 20-07-2020 03:13 صـ
ضرب زوجي لي أمام أخته أحدث لي آثارًا سيئة، فكيف أتجاوز ذلك؟ 2672 السبت 11-07-2020 08:59 مـ
أعاني من الوحدة والاحتياج العاطفي لانشغال زوجي الدائم، أفيدوني. 6749 الاثنين 06-07-2020 02:24 صـ
أحببت زوجي كثيراً ولكنه صار يسبني ويزعجني 1846 الخميس 02-07-2020 04:30 صـ
زوجي يخاصمني لفترات طويلة بلا سبب، فماذا أفعل؟ 2537 الأربعاء 01-07-2020 05:40 صـ