أرشيف المقالات

نزول عيسى

مدة قراءة المادة : 17 دقائق .
8 للأستاذ محمود شلتوت (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون. فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً.
فويلٌ لهم مما كتبت أيديهم وويلٌ لهم مما يكسبون) (قرآن كريم) في مثل هذه الأيام من العام الماضي ورد إلى (مشيخة الأزهر سؤال عن عيسى عليه السلام: أحيٌ هو أم ميت في نظر القرآن الكريم والسنة المطهرة؟ وعن حكم المسلم الذي ينكر أنه حي: أتبقى له زوجته، وإذا مات أيصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، أم يكون مرتداً فتبين منه زوجته، ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين؟ حولت المشيخة الجليلة هذا السؤال إلينا، وطلبت أن نكتب فيه رأينا، فعرضنا للآيات التي وردت في القرآن الكريم متصلة بنهاية عيسى مع قومه، ثم عرضنا للمروي من الأحاديث في هذا الشأن، وبحثنا الجميع على ضوء ما تبحث عليه الآيات والأحاديث، فخرجنا من البحث بهذه النتيجة وهي بنصها: (والخلاصة من هذا البحث: 1 - أنه ليس في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة مستند يصلح لتكوين عقيدة يطمئن إليها القلب بأن عيسى رفع بجسمه إلى السماء وأنه حي إلى الآن فيها، وأنه سينزل منها آخر الزمان إلى الأرض 2 - أن كل ما تفيده الآيات الواردة في هذا الشأن هو وعد الله عيسى بأنه متوفيه أجله ورافعه إليه وعاصمه من الذين كفروا، وأن هذا الوعد قد تحقق فلم يقتله أعداؤه ولم يصلبوه ولكن وفاه الله أجله ورفعه إليه 3 - إن من أنكر أن عيسى قد رفع بجسمه إلى السماء، وأنه فيها حي إلى الآن، وأنه سينزل منها آخر الزمان فإنه لا يكون بذلك منكراً لما ثبت بدليل قطعي فلا يخرج عن إسلامه وإيمانه ولا ينبغي أن يحكم عليه بالردة، بل هو مسلم مؤمن، إذا مات فهو من المؤمنين يصلى عليه كما يصلى على المؤمنين ويدفن في مقابر المؤمنين ولا شية في إيمانه عند الله.
والله بعباده خبير بصير) قدمت هذا البحث إلى المشيخة الجليلة، وبعد أن استقر الأمر عليه رأيت أن أنشره على صفحات الرسالة الغراء سداً لباب التكفير بهذا وأمثاله الذي شاع وذاع واتخذه بعض الناس حرفة في التدين، وإعلاناً للورع والتقوى، وتظاهراً بمظهر الغيرة على دين الله وأحكامه.
وقد تفضلت الرسالة بنشره في العدد 462 الصادر في الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 1361هـ وما كنت أظن أن متذوقاً للعلم واقفاً على أصول الاستدلال الشرعي يزورُّ عن هذا البحث ويلتوي عن هذه الخلاصة البينة الواضحة؛ ولكن قوماً لهم من شبه العلماء الزي واللقب قد حاولوا أن يغضوا من هذا البحث أو يثيروا من غبارهم عليه، فنسجوا حوله خيوطاً ضعيفة واهية من الشبه، وأخذوا يكتبون كلاماً مردداً متشابهاً في مجلات وصحف لا تقع عليها عين عالم.
ويرجع كل ما موهوا به إلى ما يأتي: 1 - (أن حياة عيسى الآن ونزوله من السماء آخر الزمان ثابتان بالكتاب والسنة والإجماع) 2 - (أن من أنكر نزول عيسى كمن أنكر خروج المهدي، كلاهما كافر مرتد عن الإسلام كمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره) 3 - (أن هذا البحث صدر بروح قاديانية): قصد صاحبه به أو ساير فيه هوى أتباع غلام أحمد القادياني ونحن نبدأ بالنقطة الثالثة لأن لها شيئاً من الطرافة، ولأنها توضح للقراء أسلوب هؤلاء القوم في البحث وطريقتهم في التفكير والتكفير معا! يقول (كبيرهم) في مطبوع له نشره: (ولعل السائل هندي قادياني المذهب أراد الحصول على فتوى من الأزهر تؤيد مذهبه! ولعل مشيخة الأزهر ندمت بعض الندامة على ما سبق لها من تنفيذ القرار الصادر عن هيئة كبار العلماء لطرد الطالبين الألبانيين القاديانيين من الأزهر؛ إذ حولت السؤال إلى الشيخ كاتب المقالة من بين علماء الهيئة الذي ستعرف القاديانية في المسألة المحولة إليه، فكان جوابه أنه عليه السلام مات في الأرض ورفعت روحه ولم يرفع حياً) وهنا يكتب تعليقاً في أسفل الصحيفة، يقول فيه سامحه الله: (وكنت قد سمعت عندما فاوضت هيئة كبار العلماء فيما بينهم للبت في أمر الطالبين المذكورين أن في الهيئة من يشذ ويتردد في الإفتاء بكفر المنكر لكون نبينا ﷺ آخر الأنبياء طعناً منه في حجية الحديث الوارد فيه والإجماع المنعقد عليه وفي دلالة قوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحدٌ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) عليه القطعية؛ وقد رددت على هذا العضو الشاذ شذوذه في مقدمة الكتاب (الذي لم ينشر تمامه بعد) والآن أقول: إن كان الشيخ شلتوت لم يتأخر التحاقه بهيئة كبار العلماء عن زمان درس مسألة الطالبين فهو أول من يخطر بالبال أن يكون ذلك الشاذ!) هكذا يقول شيخ الإسلام الذي كفرت به تركيا! فارجع أيها القارئ إلى هذه العبارة ورددها لتنظر ماذا يكتب صاحب (القول الفصل بين الذين يؤمنون بالغيب والذين لا يؤمنون) رددها لتعلم العامل الوحيد الذي جعل دولة إسلامية كبرى تتشكك فيما ينسب إلى الدين عن طريق هؤلاء! يبيح هذا الشيخ لنفسه أن يرمي وجوه أهل العلم بدون أدنى تثبت بتهم خطيرة في مثل هذه العبارة الركيكة الملتوية، فيزعم أن نزعة كاتب هذا البحث قاديانية، ويزعم أن هناك عضواً في جماعة كبار العلماء شذ فعارض في فصل الطالبين القاديانيين، وأن هذا العضو يتردد في الإفتاء بكفر من أنكر ختم النبوة بمحمد ﷺ، وأنه يطعن في حجية الحديث الوارد فيه، ويطعن في الإجماع المنعقد عليه، ويطعن في دلالة الآية القطعية عليه.
يتصور هذا الشيخ عضواً في جماعة كبار العلماء هذا شأنه وتلك عقيدته، ويؤلف كما يقول كتاباً في الرد عليه لم ينشره بعد، وهو لا يعرف شخصه ولا يكلف نفسه السؤال عنه حتى تسعفه به المصادفة فيجمع في خياله بين بحث شلتوت ومعارضة العضو المجهول في فصل الطالبين، بل يجمع بين شلتوت وكفر هذا العضو المجهول بإنكاره مسألة من أمهات مسائل الدين وأصوله فيقول: (إن كان الشيخ شلتوت لم يتأخر التحاقه بهيئة كبار العلماء عن زمان درس مسألة الطالبين فهو أول من يخطر بالبال أن يكون ذلك الشاذ!) ولست في حاجة إلى أن أقول: إنه لا يوجد بين كبار العلماء قاطبة، ولم يكن فيها من قبل، شخص كهذا الذي تصوره الشيخ وألبسه تلك العقيدة ظلماً وعدوانا ولست في حاجة أيضاً إلى أن أقول: إن زمن التحاقي بالجماعة متأخر عن درس مسألة هذين الطالبين وتنفيذ القرار فيهما ولكنني بعد هذا أسأله، وقد علم أن هذا العضو ليس بشلتوت: من يكون إذن؟ حتى نعرف على الأقل ثاني من يخطر بالبال في مثل هذا المجال! أسأله وأنا واثق أنه لا يستطيع أن يجيب لأن هذا الشيخ وأمثاله لا يقولون ما يقولون عن علم أو بحث، ولكن عن خرص وتظنين وتمويه وتشويه (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس و (إن الظن لا يغني من الحق شيئاً) وحسب القراء أن يعلموا أن هذا الشيخ لم يكد يسلم منه أحد من قادة العلم والدين في مصر: فهو يتهم الأستاذ الإمام المغفور له الشيخ محمد عبده، ويتهم المغفور له الأستاذ الشيخ رشيد رضا، ويتهم فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي، ويتهم غير هؤلاء ممن ذهبوا إلى ربهم وممن يعيشون! ولو شئنا أن نضرب للقراء أمثالاً من اتهاماته المضحكة لطال بنا القول، ولكننا نكتفي بإيراد ما نسبه إلى الأستاذين: الشيخ عبده والشيخ المراغي زعم أن الشيخ عبده رضي الله عنه يرى أن النبي ﷺ رجل (من أمثال الذين يثقون بأنفسهم في صحة آرائهم ومبادئهم ويأمل الناس فيهم الصلاح والإصلاح) ينسب هذا إلى تلك الروح الطاهرة التي ذهبت إلى ربها راضية مرضية بعد أن جاهدت في الله حق الجهاد، ويكرر هذا المعنى كثيراً ويقول في لهجة تنم عن الحقد والضغينة في كل ما يتناول به العلماء المصريين: (تفكر في هذا وفي كون صحافة مصر المنحرفة عن الثقافة الإسلامية إلى الثقافة الغربية لا تزال تشيد باسم الشيخ قائل هذا القول) يقول هذا في الشيخ عبده وهو صاحب رسالة التوحيد التي تكلم فيها عن الرسالة والمعجزة ودلالتها على صدق الرسول وعن الوحي وكونه ممكن الوقوع وواقعاً فعلاً، وعن وظائف الرسل عليهم الصلاة والسلام، وعن رسالة محمد ﷺ بالخصوص - تكلم عن هذا كله في أكثر من نصف رسالته بعبارات جلية واضحة لا لبس فيها ولا غموض ولا تدع مجالاً للشك في رأيه العلمي لمن أراد مخلصاً أن يعرف آراء العلماء أما تهمته التي حاول إلصاقها بفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي، فهي تتصل بمقدمته التي قدم بها لكتاب (حياة محمد) الذي ألفه الدكتور هيكل باشا، وفيها يقول فضيلة الأستاذ الأكبر (إن الإسلام أعلى من شأن العقل والبرهان وجعلهما أساس الحكم والعلم وعاب التقليد وذم المقلدين وأنب من يتبع الظن وفرض الدعوة بالحكمة لمن يفقهها ولم تكن معجزة محمد ﷺ القاهرة إلا في القرآن وهي معجزة عقلية) هذا هو قول فضيلة الأستاذ الأكبر.
أتدري أيها القارئ ماذا صنع به هذا الشيخ الذي يتصيد التهم للناس تصيداً؟ لقد أعاد فيه وأبدأ في عدة مواضع متفرقة من كتابه بعبارات مختلفة ولوازم منتحلة، ومن ذلك أنه يقول (بهذه العبارة أنكر الشيخ المراغي المعجزات الكونية لنبينا محمد ﷺ، ويلزمه لذلك أن ينكر الأحاديث الواردة فيها، ويلزمه لذلك أن ينكر المعقل الثاني للتشريع الإسلامي وهو السنة المحمدية، وهو بهذا وذاك يمهد لإلغاء (كلية الشريعة) التي تدرس الفقه وأصول الفقه) قياس متصل النتائج نسج الخيال والتعسف مقدماته حتى انتهى إلى هذه النتيجة التي سود بها صحيفة كتابه! فإذا كان هذا الشيخ ينتحل هذه التهم وأمثالها ويلصقها بالشيخ عبده والشيخ المراغي وأمثالهما فلا غرابة في أن ينتحل مثلها أو أشد منها ويلصقه بشلتوت وأمثال شلتوت، فتلك شنشنة عرفت من أمثال هؤلاء الذين مني الإسلام بهم في كل عصر، ورأوا أن مسايرة الجماهير في أهوائهم وعقائدهم أجدى لهم وأسبغ للخير والنعمة عليهم! ومن الأمثلة التي نسوقها تفكهة للقراء، وبياناً لطريقة هؤلاء في البحث ومبلغ إخلاصهم للعلم ونزولهم على حكم البرهان، أن أحد المتمرنين على طريقتهم كتب يقول: (بل كان يجب عليه - يريدنا - أن يتقرب إلى الله بمخالفتهم - يعني القاديانية - وإظهار موافقة المسلمين فيما يعتقدون، فإن لم يفعل ذلك تقرباً فليفعله مجاملة لأولئك الأبطال العلماء الذين وقفوا أنفسهم للدفاع عن الدين من هؤلاء المعتدين، وإظهاراً لاتحاد كلمة المسلمين حتى لا يجد المعتدى خللاً ينفذ منه.
والمثل العامي يقول: (أنا وأخي على أبن عمي، وأنا وأبن عمي على الغريب) ثم يقول: (فبربك قل لي: كيف يكون موقف إخواننا علماء الهند الذين أثبتوا نزول عيسى عليه السلام بسبعين حديثاً عن النبي ﷺ فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وأثبتوا حياته ورفعه بأحاديث وآثار عن الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، حين يبلغهم عن طريق القاديانية قبل غيرهم أن الأزهر يخالفهم ويقول ليس في هذه المسائل دليل ولا شبه دليل؟) وهذا كلام غني بنفسه عن التعليق عليه، فقارئ الرسالة يكفيه أن يقرأه ليعلم أن من أسس البحث عند هؤلاء المجاملة والجري على مقتضى المثل العامي القائل: (أنا وأخي على أبن عمي، وأنا وأبن عمي على الغريب).
وهذا أسلوب جديد في التفكير لا نستطيع مسايرته، ولا نحب أن نشغل أنفسنا به، وحسبنا أن نقول: أولاً: إن الخلاصة التي أسلفنا نقلها من الفتوى صريحة في أن حياة عيسى ورفعه بجسمه إلى السماء ونزوله منها إلى الأرض آخر الزمان لم يثبت شيء منها بدليل قطعي يكوّن عقيدة يطمئن إليها القلب حتى يكفر من أنكرها.
وهذا القدر وحده لا اتصال له بمذهب القاديانية في قليل ولا كثير ثانياً: وعلى سبيل الفرض والتقدير لو اتفقت الفتوى مع رأي القاديانية قطعاً أيلزم من ذلك أن صاحب الفتوى يكتب بروح قاديانية ويؤيد القاديانيين الذين يرون فيما يرون أن محمداً ﷺ ليس خاتم النبيين، وأن غلام أحمد نبي يوحى إليه؟ وأين هذه من تلك؟ وهل إذا قال المسلمون في مسألة مثل ما يقول اليهود والنصارى يكون ذلك دليلاً على روح يهودية أو نصرانية؟ وهل إذا أنكر عالم من علماء المسلمين وقوع النسخ في القرآن يكون مُصدراً في ذلك عن روح قاديانية؟ وإذا رد علماء الهند على القاديانية في ذلك أتجب عليه مجاملتهم أيضاً؟ وهل إذا قال قائل بأن الجهاد ليس مطلوباً منا بسبب كفر الكافرين ولكن بسبب محاربتهم إيانا واعتدائهم علينا كما ينقل عن الثوري وكما ينسبه ابن العربي إلى الحنفية في تفسيره؛ أيكون بذلك مُصدراً عن روح قاديانية؟ لا.
لا.
إنكم أيها المموهون لا تريدون بذلك إلا أن تجاروا سلفاً لكم ضعفوا عن الحجة والبرهان، ولم يتعودوا الإخلاص للحق، فراحوا يردون الآراء بتشويهها والتنفير منها: كانوا يقولون: هذا رأي المعتزلة، وهذا يتفق مع قول الفلاسفة، وذاك رأي ابن تيمية.

الخ.
وهاأنتم أولاء تتبعون سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع فتحاولون تشويه الآراء بمثل قولكم: هذه روح قاديانية، هذه مسايرة لآراء المستشرقين، هذا تجديد في الدين.
الخ.
ولكن أعلموا أن الفكر الإسلامي قد أخذ يستعيد صفاءه ويسترد إخلاصه للحجة والبرهان كما كان السلف الصالح من المؤمنين.
وأصبحت هذه الأساليب مكشوفة معروفة، بل أصبحت وبالاً على أصحابها لأنها تنفر منهم وتدل على ضعفهم والتواء عقولهم! لقد كان جديراً بنا ألا نشغل أنفسنا بأمثال هؤلاء، وأن نمر بما ذكروا كراماً، ولكنهم عمدوا إلى أسلوب آخر من أساليب الخداع والتمويه إذ اتصلوا بقوم عزيز علينا أن نتركهم صيداً في شبكتهم.
خدعوهم باسم الدين، ووسوسوا لهم بأن هذه الفتوى تمس العقيدة الثابتة بالقرآن والسنة المتواترة والإجماع القطعي، فهي اعتداء على الدين وهدم لركن من أركانه.
وسوسوا بهذا ونحوه، وكان من آثار هذه الوسوسة أن نائباً محترماً له في نفوسنا مكانة ومحبة انخدع بما يقولون وطاوعهم في استكتابه كتاباً في هذا الشأن رفعه إلى حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر، وبعث بنسخة منه إلى حضرة صاحب المقام الرفيع رئيس مجلس الوزراء وفي هذا الكتاب يقول: (إني أكتب لفضيلتكم في مسألتين هامتين لكل واحدة منهما خطرها وعظم شأنها لمساسها من قريب أو بعيد بأصل العقيدة الدينية)، ثم يرجو فضيلة الأستاذ الأكبر أن ينشر الرأي الصواب الذي يقرره فضيلته عن هاتين المسألتين في مجلتي الرسالة والإسلام فضلاً عن نشره بمجلة الأزهر.
ونحن لا نرى بأساً في الرجوع إلى شيخ علماء الدين أو إلى هيئة علمية دينية في تعرف رأيه أو رأيها في مسألة دينية، ولكننا لا نفهم ما المراد بتوجيه هذا الكتاب إلى حضرة صاحب المقام الرفيع رئيس مجلس الوزراء في مسألة دينية كهذه: أيراد أن تكون هناك هيئة حاكمة يرجع إليها في حماية نوع خاص من التفكير العلمي والديني؟ إن كان هذا هو المراد فما أشبهه بمحاولة العمل على إعادة صورة من صور محاكم التفتيش الأسبانية البائدة في مصر وعلى يد رئيس حكومتها وشيخ علمائها وفي أحضان الإسلام دين الحجة والبرهان لا دين القوة والسلطان ألا إننا لا نكتب ما نكتب إلا صوناً لمثل هذا النائب المحترم ولجمهرة من المسلمين قد تروج عليهم حيل هؤلاء الخادعين المتطفلين على موائد العلم، وسنعرض في الفصول المقبلة إن شاء الله إلى شبههم التي موهوا بها وبنوا عليها قصور الخداع والإضلال. وسيعلم الناس أن الله سبحانه وتعالى كما ابتلى عباده بقوم يجادلون في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، قضت حكمته - رحمة بعباده وصوناً لدينه - أن يهيئ طائفة يظهرها على الحق، ويدفع بها في صدر الباطل، حتى يكشف عواره، وينسخ آثاره (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) محمود شلتوت عضو (جماعة كبار العلماء)

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن