أرشيف المقالات

الرحمة باليتيم

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
الرحمة باليتيم

اليتيم الذي يموت أبوه [1] فيواجه الحياة مع أمه، ويبحث عمن ينفق عليه ويرعاه..
إنه نموذج من الضعف الإنساني: طفولة، وفقدان الأب، وفقر.
عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بإصبعيه السبابة والوسطى " [2]
يمثّل الطفل اليتيم نموذجًا للضعف البشري، طفل، فاقد أبويه أو أحدهما، لا يجد من يرعاه وينفق عليه، فيكون ثواب من يتكفله بالرعاية والإنفاق مصاحبة الرسول في الجنة.
وتشكِّل لفظة " كافل " دقة في المعنى المراد، فالكفالة لا تعني الإنفاق فقط، بقدر ما تشمل الإنفاق المالي والرعاية الاجتماعية والوجدانية[3].
 
وقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم إصبعيه: السبابة والوسطى، كوسيلة لتقريب المعنى المراد، وهو أن كافل اليتيم معه في الجنة، متلاصقان متصاحبان، والمعلوم أن الرسول له أعلى درجات الجنة، وخير المثوبة.
فللسامع أن يتخيل عظم الأجر والمصاحبة يوم القيامة.
وقد استخدم الرسول الجوارح وسيلة لإيصال المعنى، وتقريبه للسامع الرائي، وهذا ما يسمى لغة الإشارة وهي من أقرب اللغات إلى العين، وتمثل مشتركًا إنسانيًا، إذا تعذر فهم الكلام، ولها دور كبير في تعميق المعنى وتبسيطه إذا كان الكلام بلغة واحدة، يفهمها السامع واستخدام المصطفى لإصبعيه أحدث الأثر المطلوب لدى متلقيه في حينه، وقد ذكر رواة الحديث القول والحركة في المتن أمانة منهم، وقد أحدث ذكر الوصف الحركي مزيدًا من تعميق المعنى للقارئ المسلم أيًا كان زمانه و مكانه [4].

[1] والعجي الذي تموت أمه واللطيم الذي يموت أبواه، لسان العرب، ج12، ص645.

[2] صحيح البخاري، ج4، ص92.

[3] المعجم الوسيط، ج2، ص501، ولسان العرب، ج 11، 588، والكافل القائم بأمر اليتيم المربي له، الكافل فهو الذي كفل إنسانا يعوله وينفق عليه.

[4] راجع: العبارة والإشارة، دراسة في نظرية الاتصال، د.
محمد العبد، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1992م، ص114.
ويطلق على هذا اللون: الاتصال الجسدي، اللغة الجسدية، الكلام الجسدي، الحركة الجسدية، السلوك الحركي، العلامات الحركية.

شارك الخبر

المرئيات-١