أرشيف المقالات

النهي عن سب الريح

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2النهي عن سب الريح
من الناس من يسب الريح ويلعنها بمجرد أنها جاءت شديدة عاتية، أو محملة بالأتربة، أو حارة، أو ما شابه ذلك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سب الريح.   فقد أخرج أبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الريح من رَوْح الله[1]، تأتي بالرحمة [2]، وتأتي بالعذاب[3]، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها))؛ (صحيح الجامع: 3564).   (الكلم الطيب: رقم 153)، (وصححه الألباني في المشكاة: 1516).   • وفي رواية: ((لا تسبوا الريح؛ فإنها من رَوْح الله تعالى، تأتي بالرحمة والعذاب، ولكن سلُوا الله من خيرها، وتعوذوا بالله من شرها))؛ (صحيح الجامع: 7316).   • فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب الريح؛ لأنها مأمورة بما تجيء به من رحمة أو عذاب، وأنها مسخرة مذللة، مصرفة بتدبير الله تعالى وتسخيره.   قال تعالى: ﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164]. فالذي يسب الريح يقع سبه على من صرفها.   • وقد نقل الإمام النووي - رحمه الله تعالى - في كتابه "الأذكار" (ص153) عن الشافعي - رحمه الله تعالى - أنه قال: "ولا ينبغي لأحد أن يسب الرياح؛ فإنها خلق لله تعالى مطيع، وجند من أجناده، يجعلها رحمة إذا شاء، ونقمة إذا شاء"؛ اهـ.   تنبيهان: 1) حيث إن الريح من الآيات الكونية وما فيها من خير أو شر مسخر بأمر رب البرية، فعلى الإنسان أن يتوجه إلى مصرفها ومسخرها فيسأله خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، ويستعيذ بالله من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به؛ كما مر بنا في الحديث السابق: ((سلُوا اللهَ من خيرها، وتعوذوا بالله من شرها)).   ويدل على هذا أيضًا ما رواه الترمذي من حديث أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون، فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذا الريح، وشر ما فيها، وشر ما أمرت به))؛ (صحيح الجامع: 7315).   2) من سب الريح أو لعنها رجعت اللعنة على قائلها: ففي الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رجلًا لعن الريح عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((لا تلعن الريح؛ فإنها مأمورة، من لعن شيئًا ليس له بأهل، رجعت اللعنة عليه))".


[1] رَوْح الله: أي من رحمة الله (أفاده النووي - رحمه الله تعالى). [2] تأتي بالرحمة: أي بالغيث والراحة والنسيم. [3] وتأتي بالعذاب: أي بإتلاف النبات والشجر، وهلاك الماشية، وهدم البناء، (أفاده المناوي - رحمه الله تعالى - في فيض القدير)، وقوله: "بالرحمة، أو تأتي بالعذاب"، يقول ابن العربي - رحمه الله تعالى -: "وإسناد الفعل إليها مجاز، وإنما المأمور الملَك الموكل بإرسالها وإمساكها، وتحريكها وتسكينها، وعبر به عنها؛ لأنه معرفة له.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ١