أرشيف المقالات

الصدق

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
2الصدق   الصِّدق هو أن تكون صادقًا مع نفسك أولًا، وتصارحها بمثالبها، أن تعلَمَ مكمَنَ الخلل فيك، وتسعى بما أوتيت من قوة إلى إصلاحه، أن تحاول كل يوم أن تحسِّنَ من أخلاقك، وترفع من علمك، وتزداد بهاءً وجمالًا؛ في لباسك، وفي طريقة مشيك، وفي كل حركة تقوم بها، وفي مضمونك أيضًا.
الصدق: هو أن تكون مخلص النية لخالقك في أي عمل تقوم به، حتى ولو كان بسيطًا وهينًا! دومًا نيتك موجهة إلى الله؛ لأنه هو الذي وهبك النِّعم كلها، وأغدق عليك بالخيرات بأنواعها، وكلما سألته أعطاك ولم يحرِمْك شيئًا، حتى وإن تأخر زمنًا، هو الذي وهبك نعمة السمع والبصر، الكلام والحركة، القلب والرئتين، الإحساس والإيمان، التفكير والبصيرة، حاسة الذوق وحاسة الشم.
الصِّدق يجعلك تضع مهجة رُوحك في العمل الذي تؤديه، وكم تسمع تلك العبارة التي تتكرر دائمًا: ( أنا أعملُ بقلبي)، ما أروعها وما أجملها! لأنها تعبيرٌ صادق عن العمل المُؤدَّى، أُدِّي بكل القدرات، ولم يَدَّخِرْ صاحبه فيه جهدًا ولا وقتًا.
يقول ربنا في كتابه العزيز: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر: 8]، هذه الآية الكريمة تشعُّ بلب الصدق وجوهره، بمن ضحى بكل ما لديه من مال ومُلك وعائلة وأقرباء وأصدقاء وخلان، كل ذلك في سبيل الصدق الذي أخذه سبيلًا لحياته.
لو عَدَّدْنا مكارم الصدق، ما حصرناها في بضع كلمات؛ لأنه يتخلل كل ذرة فينا، ويشمل دنيانا التي نحياها، ولو ساد الصدق لرأيت الإنجازَ والإبداع والحب والمساعدة، وطاعة الوالدين والقيام بشؤون الأبناء، ورحمة الكبير والعطف على الصغير، وإتقان العمل والإخلاص في تأدية الأمانة، والصراحة التي تبني، وتجنب الكذب والنميمة الهدامتين، وعدِّدْ ما شئت من مظاهر الصدق الرائعة.
يقول صلى الله عليه وسلم: ((إن الصِّدقَ يَهدي إلى البر، وإن البر يَهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدُقُ حتى يكتب عند الله صِدِّيقًا،وإن الكذب يَهدي إلى الفجور، وإن الفجور يَهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا))؛ متفق عليه، تَمعَّنْ في هذا الحديث جيدًا وستجد أن الصدق يلتصقُ بصاحبه، فيصبح صفة تلازمه مدى حياته، فاسعَ لأن تتمثَّلَ به، ويكون ديدنك ومنهاجك، حتى تكون صِدِّيقًا شريفًا كريمَ الشمائل.   لنجعَلِ الصدق إذًا عنوانًا لحياتنا؛ فله أثر طيب إلى أبعد الحدود، ونحن مطالبون به في كل همسة لسان تنبس بها شفاهنا، وكل نظرة ترف بها أعيننا، وكل حركة تتحرك بها أطرافنا، كي يكون للحياة المعنى الذي تستحقه، فيسعد الإنسان ويُسعد غيره؛ فالصدقُ عروة وثقى متينة جدًّا إن رُوعِيَتْ ونُمِّيَتْ في المجتمع.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢