أرشيف المقالات

الوسطية في معاملة غير المسلمين

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2الوسطية في معاملة غير المسلمين
أهل السنَّة وسط بين طوائف المسلمين في معاملتهم لغير المسلمين؟، ويمكن أن نوجِزَ وسَطيَّة أهل السنَّة في معاملة غير المسلمين في الأمور التالية: (1) أهل السنَّة يؤمنون بعدم إكراه أحد من الناس على الدخول في الإسلام: يقول الله تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256]. • قال الإمام ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]؛ أي: لا تُكرهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام؛ فإنه بيِّن واضح جلي، دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يُكرَهَ أحدٌ على الدخول فيه، بل مَن هداه الله للإسلام وشرح صدره ونوَّر بصيرته دخل فيه على بينةٍ، ومَن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخولُ في الدِّين مكرهًا مقسورًا؛ (تفسير ابن كثير - ج 2 - ص 444).   كان جيرانُ الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة أصحابَ ديانات مختلفة، فكان منهم اليهود وغيرهم، وعلى الرغم من ذلك كان يدعوهم إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يُجبِرْهم على الدخول في الإسلام، ولم يعتدِ على أموالهم أو أماكن عبادتهم، وترك لهم حرية العبادة.   (2) أهل السنَّة يحسِنون معاملة غير المسلمين ولا يظلمونهم: قال الله تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8]. قال ابن جرير الطبري رحمه الله: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدِّين مِن جميع أصناف المِلَل والأديان؛ أن تَبَرُّوهم وتصِلوهم، وتُقسطوا إليهم؛ (تفسير ابن جرير الطبري ج 25 ص 611). قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]. قال ابن جرير الطبري رحمه الله: يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمدٍ، ليكُنْ مِن أخلاقكم وصفاتكم القيامُ لله، شهداءَ بالعدل في أوليائكم وأعدائكم، ولا تجُوروا في أحكامكم وأفعالكم، فتُجاوزُوا ما حددتُ لكم في أعدائكم لعداوتهم لكم؛ (تفسير ابن جرير الطبري ج 10 ص 95).   • روى أبو داود عن صفوان بن سليمٍ عن عدةٍ من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنيةً (متصلو النسب) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ألا مَن ظلَم معاهدًا أو انتقصه أو كلَّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفسٍ، فأنا حَجِيجه (خَصْمه) يوم القيامة))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2626).   • روى البخاري (في الأدب المفرد) عن مجاهدٍ، قال: كنت عند عبدالله بن عمرو بن العاص- وغلامه يسلخ شاةً - فقال: يا غلام، إذا فرَغْتَ فابدأ بجارنا اليهودي، فقال رجل من القوم: اليهوديُّ أصلحك الله؟ قال: إني سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار، حتى خشينا أو رُئِينا أنه سيورِّثُه؛ (حديث صحيح) (صحيح الأدب المفرد للألباني - حديث 95).   (3) أهل السنَّة يحافظون على دماء وأموال غير المسلمين. 1- روى البخاريُّ عن عبدالله بن عمرٍو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قتَل معاهَدًا لم يَرَحْ رائحة الجنة، وإن ريحها توجد مِن مسيرة أربعين عامًا))؛ (البخاري حديث 3166). • قال الإمام ابن حجر العسقلاني: قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن قتل معاهدًا)، المراد بالمعاهَد: هو مَن له عهد مع المسلمين، سواءٌ كان بعقد جزيةٍ أو هدنةٍ من سلطانٍ، أو أمانٍ من مسلمٍ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج 12 ص 271).   2- روى النسائي عن عمرو بن الحمق الخزاعي رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن آمَن رجلًا على دمِه، فقتله، فأنا بريءٌ من القاتل، وإن كان المقتولُ كافرًا))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث: 6103).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢