أرشيف المقالات

من أسماء الملائكة وأعمالهم

مدة قراءة المادة : 22 دقائق .
2من أسماء الملائكة وأعمالهم
يجب الإقرار والتصديق الجازم بأن الله تعالى وكَّل الملائكة بوظائف ومهام عظيمة: فمنهم الموكل بالوحي، وهو جبريل عليه السلام. قال الله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 97] وقال الله تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 193].
ومنهم الموكل بالقَطْر، وهو ميكائيل عليه السلام. قال ابن كثير: «أما ميكائيل فموكل بالقَطْر، والنبات، وهو ذو مكانة من ربه عز وجل، ومن أشراف الملائكة المقربين»[1].   وقال أيضاً: «ميكائيل موكل بالقطر والنبات اللذين يُخلق منهما الأرزاق في هذه الدار، وله أعوان يفعلون ما يأمرهم به بأمر ربه يصرفون الرياح والسحاب كما يشاء الرب جل جلاله»[2].   ومنهم الموكل بالنفخ في الصور، وهو إسرافيل عليه السلام. فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ التَقَمَ القَرْنَ وَاسْتَمَعَ الإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ»، فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمْ: «قُولُوا: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا»[3].   قال ابن كثير: «إسرافيل موكل بالنفخ في الصور للقيام من القبور، والحضور يوم البعث والنشور»[4].   ومنهم الموكل بقبض الأرواح، وهو ملك الموت. قال الله تعالى: ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [السجدة: 11].   قال ابن كثير: «أما ملك الموت فليس بمصرَّح باسمه في القرآن، ولا في الأحاديث الصحاح...
وله أعوان يستخرجون روح العبد من جثته حتى تبلغ الحلقوم»
[5].   ومنهم المعقبات الذين يحفظون العبد في جميع أحواله. قال الله تعالى: ﴿ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 10، 11]   قال ابن عباس رضي الله عنهما: «ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدره خَلَّوا عنه»[6]. وقال مجاهد: «ما من عبد إلا له ملك موكل بحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فيما يأتيه منها شيء إلا قال له: وراءك»[7].   ومنهم الموكلون بالنطفة في الرحم: فعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ، قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً[8] مِثْلَ ذَلِكَ[9]، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً[10] مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ[11]، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ[12]، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ»[13].   ومنهم الحفظة الذين يكتبون أعمال العباد، وهم الكرام الكاتبون. قال الله تعالى فيهم: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80] وقال الله تعالى: ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 17، 18]   قال البغوي في تفسير الآية: «أي أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، فالذي عن اليمين يكتب الحسنات، والذي عن الشمال يكتب السيئات»[14].   ومنهم حملة العرش: قال الله تعالى فيهم: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7].
وقال الله تعالى: ﴿ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 17].   وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللهِ مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ[15] إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ»[16].
ومنهم الموكلون بفتنة القبر، وهم المنكر والنكير. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قُبِرَ المَيِّتُ - أَوْ قَالَ: أَحَدُكُمْ- أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: المُنْكَرُ، وَلِلْآخَرِ: النَّكِيرُ»[17].   ومنهم خزنة الجنة. قال الله تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73].   وقال الله تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24].   ومنهم المبشرون بالجنة. قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾ [فصلت: 30، 31].
ومنهم خزنة جهنم، ومقدمهم مالك عليه السلام. قال الله تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الزمر: 71].   وقال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ [غافر: 49-50]
وقال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].   ومنهم الموكل بالجبال: فعَنِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ العَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ، ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ، لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»[18].

ومنهم الراكعون الساجدون لله سبحانه وتعالى: فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تَصُفُّ المَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ»[19].
ومنهم السياحون الذين يتتبعون مجالس الذكر: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»[20].
ومنهم زوار البيت المعمور: فعَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في حديثِ المعراجِ أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم قالَ: «هَذَا البَيْتُ المَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ»[21].
قوله: «وأعطاهم القدرة على تأديتها»: أي أعطى الله عز وجل الملائكة القدرة والقوة على تأدية ما وكَّلهم به من وظائف ومهام، ومنها: 1-القوة والشدة: أعطى الله سبحانه وتعالى ملائكته قوة وشدة كبيرة؛ ليقوموا بما وكَّلهم به. قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].   وقال الله تعالىفي وصف جـبريل عليه السلام: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5].   2- عظم الأجسام والخلق: جعل الله أجساد الملائكة عظيمة، ليقوموا بما أمرهم الله به. فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ»[22].
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «قَدْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَخَلْقُهُ سَادٌّ مَا بَيْنَ الأُفُقِ»[23].
وهم ليسوا على صفة واحدة، فمنهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من لـه أربعـة، ومنهم من له ستمائة جناح.

قال الله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر: 1]   3- القدرة على التشكل: لقد أعطى الله الملائكة القدرة على أن يتشكلوا بغير أشكالهم، في صور كريمة، ومن صور ذلك: ♦ إرسال جبريل عليه السلام إلى مريم في صورة بشر.
قال الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾ [مريم: 16، 17] أي فتشبه لها في صورة آدميّ سويّ الخلق منهم، يعني في صورة رجل من بني آدم معتدل الخَلق[24].
♦ إرسال جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فتارة يأتي جبريلُ عليه السلام النبيَّ صلى الله عليه وسلم في صورة دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه، وتارة في صورة أعرابي .
كما في حديثِ عمرَ رضي الله عنه أنَّ جبريلَ عليه السلام أتَى النَّبيَّ في صورةِ رَجُلِ شَدِيدِ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدِ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، فسَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عنِ الإِسْلامِ، والإِيمَانِ، والإِحْسَانِ[25].
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَعْرَفَةِ فَرَسٍ، وَهُوَ يُكَلِّمُ رَجُلًا، قُلْتُ: رَأَيْتُكَ وَاضِعًا يَدَيْكَ عَلَى مَعْرَفَةِ فَرَسِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَأَنْتَ تُكَلِّمُهُ، قَالَ: «وَرَأَيْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ عليه السلام»[26].
فائدة: لم يثبت من أسماء الملائكة إلا ثمانية: الأول، والثاني: جبريل، وميكال عليهما السلام، ذكرهما الله جل جلاله في قوله: ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ * وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴾ [البقرة: 98، 99].   الثالث: إسرافيل عليه السلام، ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قولهفي دعائه من صلاة الليل: «اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»[27].   الرابع، والخامس: هاروت وماروت عليهما السلام، ذكرهما الله جل جلاله في قوله: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 102].   السادس: مالك خازن النار عليه السلام، ذكره الله في قوله جل جلاله: ﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾ [الزخرف: 77].   السابع، والثامن: المنكر، والنكير عليهما السلام، ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «إِذَا قُبِرَ المَيِّتُ - أَوْ قَالَ: أَحَدُكُمْ- أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: المُنْكَرُ، وَلِلْآخَرِ: النَّكِيرُ»[28].   أما غير هذه الأسماء، فإما صفات، كرقيب، وعتيد. وإما ورد باسم وظيفته، كملك الموت، وملك الجبال. وإما ورد في أحاديث ضعيفة، وموضوعة، كعزرائيل، وكرضوان[29].


[1] انظر: البداية والنهاية، لابن كثير (1/ 105). [2] انظر: البداية والنهاية، لابن كثير (1/ 105). [3] صحيح: رواه الترمذي (3431)، وحسنه، وأحمد (3010)، وصححه أحمد شاكر، والألباني. [4] انظر: البداية والنهاية، لابن كثير (1/ 105-106). [5] انظر: البداية والنهاية، لابن كثير (1/ 106). [6] انظر: تفسير الطبري (16/ 371). [7] انظر: الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (5/ 3694). [8] علقة: أي دمًا غليظًا جامدًا.
[انظر: إرشاد الساري، للقسطلاني (5/ 267)]. [9] مثل ذلك: أي الزمان.
[انظر: إرشاد الساري، للقسطلاني (5/ 267)]. [10] مضغة: أي قطعة لحم قدر ما يمضغ.
[انظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 339)]. [11] إلا ذراع: المراد بالذراع التمثيل والقرب إلى الدخول، أي: ما يبقى بينه وبين أن يصلها إلا كمن بقي بينه وبين موضع من الأرض ذراع.
[انظر: عمدة القاري (5/ 131-132)]. [12] فيسبق عليه كتابه: أي: يغلب عليه كتابه، وما قُدر عليه سبقا بلا مهلة، فعند ذلك يعمل بعمل أهل الجنة أو أهل النار.
[انظر: عمدة القاري (5/ 132)]. [13] متفق عليه: رواه البخاري (3208)، ومسلم (2643). [14] انظر: تفسير البغوي (4/ 272). [15] شحمة أذنه: شحمة الأذن: موضع خرق القرط، وهو مالان من أسفلها.
[انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 449)]. [16] صحيح: رواه أبو داود (4727)، وصححه الألباني. [17] حسن: رواه الترمذي (1071)، وحسنه الألباني. [18] متفق عليه: رواه البخاري (3231)، ومسلم (1795). [19] صحيح: رواه مسلم (430). [20] صحيح: رواه مسلم (2699). [21] متفق عليه: رواه البخاري (3207)، ومسلم (162). [22] صحيح: رواه أبو داود (4727)، وصححه الألباني. [23] متفق عليه: رواه البخاري (3234)، واللفظ له، ومسلم (174)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. [24] انظر: تفسير الطبري (18/ 163). [25] صحيح: رواه مسلم (8). [26] حسن: رواه أحمد (24462)، وحسن إسناده الألباني في الصحيحة (3/ 105). [27] صحيح: رواه مسلم (770)، من حديث عائشة رضي الله عنها. [28] حسن: رواه الترمذي (1071)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وحسنه الألباني. [29] ورد ذكره في حديث موضوع.
[انظر: السلسلة الضعيفة (12/ 791-792)].



شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير