أرشيف المقالات

الأدب والفن في أسبوع

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
8 تقديم الفائزين في مسابقة المجمع اللغوي: أتينا في العدد الماضي على نتيجة المسابقات الأدبية التي احتفل مجمع فؤاد الأول للغة العربية بإعلانها في دار الجمعية الجغرافية الملكية، وقد حملنا التهيؤ للطبع على الاقتصار بذكر أسماء الفائزين وجوائزهم، ونذكر الآن أهم ما كان في هذا الحفل وخاصة تقديم الجوائز. ألقى الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني كلمة عن الشعر قال فيها أن الشعراء الذين يظهرون في الأمم أكثرهم ينسون، لأن الشعر كسائر الفنون، لا يخلد فيه إلا الأعلون أو الذين يقول فيكتور هيجو أن حرارة نفوسهم تبلغ درجة الغليان التي ما فوقها درجة.
وما أكثر من قالوا الشعر كل أمة وكل جيل من أجيالها، وما أقل من بقيت أسماؤهم مذكورة، لأن الأوساط لا يحصون وذاكرة الدنيا أضعف وأضيق من أن تعي غير الأفذاذ، والوسط كالرديء في ميزانها أو حسابها، كلاهما يسقط من الحساب أو يميل في الميزان. ولقد تلقى مجمعنا في هذه المسابقة أكثر من ثلاثين ديواناً كلها من الوسط، فكان بين أمرين، لن يتشبث بالمثل الأعلى وذلك عزيز، أو أن يؤثر التشجيع وسبيله أهدى، فآثره، ونطر في الشعر الذي عرض عليه متسامحاً، واستخلص أربعة دواوين قسم الجوائز بين أصحابها، لتعذر المفاضلة الصريحة مع التقارب الشديد، ومن هذه الدواوين ما يجري على النهج القديم أو التقليدي، وما يؤثر نهجاً جديداً، وما يتبع القديم حيناً وينحرف عنه حيناً، ولكن فيها كلها اجتهاداً واضحاً وإخلاصاً بيناً، وثير مما تركت إجازته ليس دون هذه كثيراً، ولكنه كان لا بد من مقياس للمفاضلة، والمقياس هو وضوح الشاعرية وحسن الأداء ووفاؤه أو على الأقل سلامته من الشوائب. وهكذا كاد الأستاذ المازني يخلع أصحابه من الشعر (مع الفارق بينه وبين أبي موسى الأشعري) كما خلع نفسه من قبل. وقد قدم الأستاذ الشيخ عبد الوهاب خلاف الفائز في البحث الأدبي (مهيار الديلمي وشعره) فأفاض في الثناء عليه وفي بيان قيمة بحثه، ولم يأخذ عليه شيئاً.
.
ومما يذكر أنه لم يقدم في مسابقة البحوث الأدبية غير هذا البحث وبحث آخر في (البيئة الأدبية في المدينة أيام بني أمية) وكانت المفاضلة بين البحثين، ففاز الأول. وقدم الدكتور إبراهيم بيومي مذكور الفائزين في القصة، فعرف بكل منهما وبين أثر دراسته في أدبه، وقال أن قصة الأستاذ نجيب محفوظ (خان الخليلي) تمتاز بالروعة القصصية الفنية ولكن يلاحظ على أسلوبها عدم الدقة في الناحية اللغوية أما قصة (على باب زويلة) للأستاذ محمد سعيد العريان فتمتاز بصدق التاريخ وسلامة الأسلوب وصفاء الديباجة وصحة اللغة والعمل الفني فيها مقبول. المعجم الكبير: من قرارات مؤتمر المجمع الموافقة علة نموذج المعجم الكبير من حيث المبدأ، على أن يتابع السير فيه ويمد بما يتطلبه العمل من موظفين وخبراء. وهذا المعجم مقرر أن يخرج بمقتضى المرسوم الملكي بإنشاء المجمع، ليكون شاملاً لألفاظ اللغة العربية وتحقيقها وبيان مشتقاتها بأسلوب جديد وعلى نمط يلائم التقدم العلمي الحديث.
وقد اتفق على أن يكون الدكتور طه حسين بك مقرراً لهذا المعجم على أن يختار له مساعدين لإعداده، ومن بين هؤلاء المساعدين من يكون ملماً باللغات السامية باحثاً في العلاقات بينها وبين اللغة العربية، وقد طلب إلى الدكتور طه حسين بك وضع نموذج لهذا العمل يعرض على المؤتمر حتى إذا أقره أمكن المضي في إعداد المعجم على أساسه، فقام الدكتور طه ومعاونوه بوضع نموذج يتضمن مادتي (أبر) و (أجر) وأظهر ما في هذا النموذج تقسيم المادة الأصلية إلى معان رئيسية تتوزع الصيغ المسموعة في هذه المعاني، على أن يصدر كل قسم من أقسام المعاني الرئيسية ببيان ما يقابله في اللغات الأكاديمية والعبرية وغيرهما من الشقائق السامية، وكذلك تضمنت المواد بيان أهم الأعلام الجغرافية والتاريخية التي توافق هاتين المادتين، وأضيف إلى الصيغ العربية الأصيلة ما جد في الاستعمال العربي من مصطلحات وكلمات تجري في الشؤون العامة مما عنى بتسجيله دوزي ولين وغيرهما. وقد طبع هذا النموذج وعرض على أعضاءه المؤتمر لدراسته ونوقش في إحدى جلساته، وأذن المؤتمر بالجري في وضع المعجم على هذا النسق بعد إبداء ملاحظات طلب أن تكون موضع النظر. وإدارة المجمع الآن بصدد اختيار المعاونين في وضع المعجم وعرض الأمر على مكتب المجمع لتدبير الوظائف وتقدير مكافآت المعاونين الذين يندبون من خارج المجمع. الواجب الثقافي نحو الجنوب: لبى الدكتور طه حسين بك دعوة رابطة الطلبة السودانيين إلى اختتام موسمها الثقافي بإلقاء محاضرة عن (واجب مصر الثقافي نحو الجنوب) بقاعة الجمعية الجغرافية الملكية يوم الجمعة. قال الدكتور طه: أن مصر قصرت في نشر الثقافة بالسودان تقصيراً لم يكن لها فيه حيلة لأنها كانت مكرهة عليه بل هو كتقصيرها في حق نفسها، لتحكم الإنجليز في شؤونها، واستمر تقصيرها الثقافي إزاء السودان بعد أن حصلت على استقلالها الداخلي وتمكنت من تدبير أمرها في التعليم، لأن الإنجليز حالوا بينها وبين السودان بخلق المشاكل التي بدأت بقتل السردار وإخراج الجيش المصري من السودان، وظل الإنجليز يخلقون المشاكل ويضعون العقبات في سبيل الثقافة المصرية بالسودان إلى اليوم، وأشار الدكتور إلى الصعوبات التي صحبت إنشاء مدرسة الملك فاروق الثانوية بالخرطوم، تلك الصعوبات التي لا يعرفها أكثر الناس والتي لا تزال قائمة إلى الآن.
قم قال: على أنني أفترض أن هذه الصعوبات والعقبات لم تكن وأن مصر خلى بينها وبين تدبير أمر الثقافة بوادي النيل شماله وجنوبه، فماذا كان يحدث؟ كان لا بد أن تولي التعليم بالجنوب من عنايتها ما تبذله للشمال، فكانت تنتشر المدارس على اختلاف درجاتها في أقاليم السودان انتشارها في أقاليم مصر، وكانت جامعة فؤاد الأول بالقاهرة تستقبل الطلبة من الجنوب كما تستقبلهم من الشمال، وحين فكرت مصر في إنشاء جامعة ثانية لم يكن مكانها إلا الخرطوم قبل الإسكندرية.
ولكن الإنجليز حالوا دون كل ذلك ليفرقوا بيننا في الثقافة، وفي الوقت الذي حاربوا فيه الثقافة المصرية في الجنوب أباحوا لأنفسهم ما منعونا منه فصبغوا التعليم هناك بصبغة إنجليزية وجعلوه على أوضاع تخالف أوضاع التعليم المصري، وأن مما يؤسف له أن المدرسة المصرية الوحيدة التي أنشأتها الحكومة المصرية بالسودان على منهاج التعليم المصري، تخضع لنظم الحكومات السودانية المركزية وتحكمها، ولا تظفر هذه المدرسة من الحرية في تدبير أمرها بشيء مما تظفر به المدارس الأجنبية في مصر. ثم انتقل الدكتور إلى الكلام على الوحدة الثقافية فقال إننا يجب أن نتفق على أن هذه الوحدة أساسها توحيد التعليم في جميع مراحله بجنوب الوادي وشماله، عدا ما تقتضيه أحوال الأقاليم الجغرافية والاقتصادية من اختلاف كالمتبع في مراحل التعليم الأولى بأقاليم القطر المصري، وقال أن وحدة الثقافة هي الخطوة الأولى والأخيرة والمتوسطة في وحدة الوادي، لأنها تشع في القلوب شعوراً واحداً وفي العقل تفكيراً واحداً وفي النفوس عاطفة واحدة، وحينما يتم ذلك لا يستطيع الإنجليز ولا مجلي الأمن ولا أية هيئة أخرى أن تفصل جنوب الوادي عن شماله. وقال الدكتور: إننا ما دمنا مؤمنين بالوحدة الثقافية إيماناً حقاً لا رياء فيه فيجب أن نعمل على تحقيقها، وذلك بفتح المدارس المصرية على مختلف درجاتها وعلى مصاريعها للطلبة السودانيين، وإذا اختلفنا في التعليم بمصر أيكون للمصريين بالمجان أم بالثمن فلا ينبغي أن نختلف هذا الاختلاف بالنسبة إلى السودانيين، بل يجب أن يتعلموا في جميع المدارس المصرية بالمجان، ويجب أن تهيأ إلى جانب ذلك وسائل الحياة المطمئنة وتيسر لهم المشقات التي تنشأ في الانتقال من بيئة إلى بيئة، ويجب على الحكومة المصرية ألا تكتفي بذلك بل تبذل كل الوسائل لإغراء السودانيين بالتعليم في مصر.
وهنا قال الدكتور: لقد احتملت مصر الامتيازات الأجنبية أربعة قرون، فمن واجبها أن تجعل للسودانيين امتيازات في التعليم نحو نصف قرن حتى يصلوا إلى المكانة التي وصلنا إليها فتعوضهم بذلك عما لحق بهم من ظلم في الماضي؛ وإلى أن يمن إنشاء المدارس في الجنوب كما في الشمال، بعد أي نوع من تعويق تعليم السودانيين في مصر إجراماً في حق الوطن. تشجيع التأليف المسرحي: وضعت اللجنة المالية بمجلس النواب تقريرها عن ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية لسنة 1948 - 1949.
وقد جاء في هذا التقرير أن اللجنة رأت رفع الاعتماد المخصص لمكفآت المؤلفين للمسرح من 500 جنيه إلى 1500 جنيه، لأنها رأت أن المبلغ الأول تافه إلى حد نأى بكبار الكتاب عن الدخول في ميدان التأليف المسرحي مما أدى إلى حرمان المسرح المصري من جهود أولئك الكتاب وهبط بالمستوى الفني للمسرحية المصرية في الآونة الأخيرة بصفة عامة. وسائل النهوض بالسينما: ومما جاء في ذلك التقرير خاصاً بالسينما أن اللجنة رأت في العام الماضي ضرورة وضع تشريع ينظم صناعة السينما في مصر، ويضع حداً للعوامل التي أدت إلى هبوط مستواها الفني، فقد كانت صناعة السينما في مصر قبل الحرب مزدهرة، وكان لإقبال الأقطار الشقيقة وترحيبها بالأفلام المصرية أثر بارز في هذا الازدهار ثم زاد ازدهارها إبان الحرب لعدم ورود الأفلام الأجنبية، لكن رجال المال تدخلوا في هذه الصناعة بغية الكسب، واستعانوا ببعض الفنيين الذي لم تتوافر لديهم الدراية الكافية في هذا الفن لحمل هذا العبء، ومن ثم هبط المستوى الفني، مما أثار الشكوى من ضعف الأفلام.
وإلى جانب هذا التشريع رأت اللجنة وجوب إيفاد بعثة فنية إلى الخارج لتزود بأحدث ما وصلت إليه هذه الصناعة، كي تساير نهضتنا السينمائية جميع مراحل التطور السينمائي.
ولكن الوزارة لم تخط نحو هذا العلاج أية خطوة، فالتشريع لم يصدر، والبعوث لم توفد.
لهذا تكرر اللجنة رغبتها في وضع هذا التشريع سريعاً كما ترى إدراج الاعتماد اللازم في ميزانية إدارة البعثات لإيفاد أربعة شبان إلى أوربا وأمريكا لدراسة فنون الإخراج السينمائي وغيرها مما يتعلق بصناعة السينما.
وتقترح اللجنة لدعم هذه الصناعة وتوجيهها إنشاء مجلس أعلى للسينما يضم الفنيين الممتازين، وترى اللجنة أن من وسائل التشجيع وضع جوائز قيمة للذين ينتجون أحسن الأفلام العربية فنياً واجتماعياً، لأن هذه الجوائز تحفز كبار المنتجين على خوض هذا المضمار.
واللجنة لا تردد في أن تخطو هذه الخطوة من جانبها فترى إدراج 500 جنيه جائزة لأحسن فلم ينشأ خلال العام، على أن يكون المجلس الأعلى هو الحكم في وضع شروط هذه الجائزة وتقدير العمل ومنحه الجائزة التي يستحقها. العباس

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣