صور من البيوع المحرمة


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الإخوة: لقد تكلمنا في الخطبة الماضية عن موضوع الربا، وأنه حرام، وأن وضع الأموال في البنوك أو شراء شهادات الاستثمار من البنوك بنسب ثابتة معلومة هو عين الربا الذي يعرفه كل مسلم، عامة المسلمين صغاراً وكباراً يعرفون أنه من الربا، بنص كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فلا عبرة بقول قائل يقول بخلاف ذلك، سواءً كان كبيراً أم صغيراً، غنياً أو فقيراً، فإن كتاب الله حكم بيننا، فلا يجوز أن يتلاعب به المتلاعبون.

لقد سألني بعض الإخوة أن أتحدث عن بعض الصور الغير جائزة في البيع أو التي تتعلق بأمور ربوية، وأنا أعرض لكم أيها الإخوة طائفة من أنواع البيوع التي اشتهرت بين الناس، مع الكلام على حكمها، مستنداً إلى ذلك بالأدلة من كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما وضحه أهل العلم من العلماء الثقات، وغالب هذه الأنواع التي سأذكرها كلها قد وجهت إلى اللجنة الدائمة للإفتاء أو إلى أحد الثقات من العلماء فأجاب عنها.

يسأل كثير من المسلمين عن حكم بيع التقسيط: وهو أن يشتري سلعة بأقساط إلى أجل؟

الجواب: هذا البيع كما صدرت الفتوى عن اللجنة الدائمة للإفتاء، أن البيع إلى أجل معلوم جائز إذا اشتمل البيع على الشروط المعتبرة، وكذلك التقسيط في الثمن لا حرج فيه إذا كانت الأقساط معروفة، والآجال معلومة، والدليل قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282] فإذا تحدد الأجل متى يجب عليه التسديد ونهاية المدة، فهذا من الشروط، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم) ولقصة بريرة الثابتة في الصحيحين : (أنها اشترت نفسها من سادتها بتسع أواق في كل عام أوقية) اشترت نفسها ممن يملكها بتسع أواق في كل عام أوقية -هذا هو بيع التقسيط- ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بل أقره، ولم ينه عنه، ولا فرق في ذلك بين كون الثمن مماثلاً لما تباع السلعة نقداً أو أكثر من ذلك، فإذا كان الأجل معلوماً، والأقساط معلومة، وقيمة كل قسط معلومة، فإن البيع جائزٌ إذا توافرت فيه بقية الشروط الشرعية.

ولكن من الأمور التي ينبغي الحذر منها: أن ينصرف البائع والمشتري ولم يحددا نوع البيع الذي سيتبايعان به، فلو قال له: أبيعك هذه السيارة بأربعين ألف نقداً أو بخمسين ألف بالتقسيط إلى سنة، ولم يحددا نوع البيع، فقال المشتري: قبلت، وانصرف على أنه مخير بأي نوع بدون أن يحدد النوع هل هو نقد أو تقسيط؟ فإن هذا البيع غير جائز، فلا بد أن يحددا عند البيع هل يريد أن يشتري نقداً أو يشتري تقسيطاً، ولا يجوز أن يتركا مجلس العقد ولم يعينا نوع البيع الذي يريد كل منهما أن يتبايع به.

وكذلك لو قال له: بعتك أحد هاتين السيارتين بثلاثين ألف ريال ولم يحددا أية واحدة منهما التي وقع عليها البيع، فإن البيع كذلك غير جائز؛ لأن السلعة مجهولة، ولا بد عند البيع من تعيين السلعة، فلا يجوز أن يقول: بعتك واحدة من هاتين السيارتين، لا بد أن يحدد أي سيارة، وكذلك عندما لا يختار نوعاً من البيع هل هو نقد أو تقسيط، فإن الثمن يكون غير معلوم، وعندما يكون الثمن مجهولاً فإن البيع يكون باطلاً.

كذلك إذا قال له: أبيعك داري على أن تبيعني دارك، أو أبيعك داري على أن تزوجني ابنتك بمهر كذا فإنه غير جائز؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة، ومن هذا النوع أن يقول له: أبيعك السيارة بعشرة آلاف على أن تبيعني إياها بعد سنة بمبلغ كذا، فهذا أيضاً غير جائز لأنها بيعتين في بيعة، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، فلا يجوز أن تشترط عليه عند البيع أن يبيعك شيئاً آخر، سواءً السلعة نفسها أو سلعة أخرى، أو أن يزوجك ابنته مثلاً، فلا يجوز الربط بين هذه الأمور في عقد واحد؛ بل يجب أن يكون كل عقد منفصلاً عن الآخر.

ومن الأمور التي تحدث في بيع التقسيط وهي غير جائزة: أن يشتري منه بأقساط إلى أجل ثم يبيعها على نفس البائع الأول بثمن أقل، هذا بيع العينة الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبر بأنه حرام لا يجوز، فلو أن إنساناً اشترى من الوكالة سيارة بالتقسيط بخمسين ألف ريال إلى سنة بالأقساط أو إلى سنتين لا يجوز أن يأخذها ويبيعها على نفس الوكالة نقداً الآن بأربعين ألف ريال مثلاً فهذا حرام لا يجوز، لكن لو أخذها من المعرض واستلمها من الوكالة ثم ذهب بها إلى مكان آخر إلى الحراج.. إلى معرض.. إلى صديق له، وباعها عليه نقداً فلا بأس بذلك، يبقى عليه التقسيط يدفعه للوكالة، والسيارة يبيعها بعد أن استلمها إلى من شاء لكن غير الطرف الأول الذي اشترى منه.

ولو جاء رجل وقال: إن تبيعها أنا أشتريها منك نقداً، ويكون هذا المشتري من جهة الوكالة فإن هذا غير جائز، ولكن لو باعها من طرف آخر لا علاقة له بالبيع الأول فلا بأس بذلك وهو حلال إن شاء الله.

كذلك من المنكرات التي تقع في بيع السيارات: أن يعلم البائع أن السيارة فيها العيب الفلاني وفيها الخلل الفلاني، ثم يبيعها على المشتري دون أن يبين له العيب الذي في السيارة، فهذا حرام لا يجوز، وهو آثم، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) ولا يعفيه أن يقول له: أبيعك كومة حديد بكم تشتري، أو يقول له: خذها إلى أي ورشة أو إلى أي مكان وافحصها؟ لا يعفيه؛ لأن المشتري قد لا يعلم العيب، وقد لا يكتشف الذي في الورشة العيب من أول وهلة، لأن بعض العيوب لا تظهر إلا عند الاستعمال على فترة طويلة، ولذلك لا يجوز أن يقول: خذها كومة حديد، أو خذها وافحصها، وأنا لا أقول لك إن فيها شيء، لا بد أن يبين له العيب إذا كان يعلم العيب، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما).

ولذلك يسأل قائل، فيقول: أنا بعت سيارتي وكان فيها عيوب لم أبينها للمشتري ماذا أفعل؟ أنا أريد أن أتوب إلى الله؟

نقول له: عليك أن تتوب إلى الله توبة صادقة، وألا تعود إلى هذا العمل مرة أخرى، وتندم وتستغفر ربك وتتوب إليه، ثم تذهب إلى من بعت السيارة إليه وتستسمح منه، وتقول له: أنا مستعد أن أرجع لك مقدار العيب الذي كتمته عنك، فإن اصطلح معك على أي شيء، سواءً سامحك، أو أخذ منك قيمة العيب الذي كتمته عنه، أو رجعتم في البيع وفسختموه، فإن ذلك من تمام توبتك، وأنت مأجور عليه إن شاء الله، ولو اختصما فالقاضي بينهما.

ومن البيوع المحرمة أيضاً: أن يشتري البضاعة ويبيعها وهي لا زالت في مكانها من التاجر الأول، كأن يعرف إنسان أن إنساناً يحتاج إلى كفرات سيارات، فيرفع سماعة الهاتف على صديق له يعلم أن عنده كفرات، فيقول له: تبيعني الكفرات التي عندك بمبلغ كذا؟ فيقول: نعم، بعتك، وينعقد البيع ويكون بيعاً صحيحاً، ثم يرفع السماعة على الشخص الثاني الذي يعلم أنه يحتاج الكفرات، فيقول له: عندي لك كفرات تشتريها مني بكذا؟ فيقول: نعم أشتريها منك، فيقول: إذاً اذهب فاحملها من المكان الفلاني -من مكان التاجر الأول- أو تعال بعد فترة وخذها مني، ما حكم البيع الثاني؟ لا يجوز، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تبع ما ليس عندك) وهذا الشخص باع الطرف الثاني بضاعة ليست عنده؛ لأنها لا زالت في مستودعات التاجر الأول.

ودليل آخر: عن زيد بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى أن تباع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) فلا بد إذا أردت أن تبيع الطرف الثاني أن تتصل بالطرف الأول وتشتري منه السلعة ثم تخرجها من مخازنه وتدخلها مخزنك أنت أو بيتك وتقبضها إليك، ثم ترفع السماعة وتبيع على التاجر الثاني، أما أن تبيع على شخص آخر والبضاعة قد اشتريتها ولا زالت عند التاجر الأول لم تقبضها فالبيع غير صحيح: (لا تبع ما ليس عندك) فإن قلت لي: إن ملايين الناس يفعلون هذا، أقول لك: فكان ماذا؟ وماذا يعني؟ الحكم الشرعي على رءوس الجميع وإن اتفق أهل الأرض على بيع تعاملوا به وهذا البيع حرام فهو لا يزال حراماً، صعدت أو نزلت ذهبت شرقاً أو غرباً فالبيع حرام.

ولذلك لو ذهب إنسان إلى السوق فاشترى سلعة من شخص في أرض السوق، ثم أراد أن يبيعها، قال أهل العلم: ينقلها إلى مكان آخر ولو كانت قريبة، يأخذها ويضعها في مكان آخر -ثم إذا أراد أن يبيعها يبيعها- دلالة على أنه قبضها وأخذها واستلمها ثم بعد ذلك يبيعها.

وهذا سؤال أجابت عنه هيئة كبار العلماء: عن حكم بيع وشراء العملات؟

فأجابت بما ملخصه: إن بيع وشراء العملات جائز، فإذا كانت العملات من نفس النوع فإنه لا بد من التماثل والتقابض، ولو كانت العملات من أنواع مختلفة كمن يريد أن يشتري دولاراً بريال، فإنه يجوز له أن يشتري كيف شاء دولاراً بأربع ريالات.. بثلاثة ريالات.. بأربع ريالات إلا ربع، كل ذلك جائز؛ لأنها نوعين مختلفين من النقد والعملات، ولكن لا بد أن يتم الاستلام والتسليم في مجلس العقد، فلو قال: هات مائة دولار وغداً أعطيك ثلاثمائة وخمسة وسبعين ريالاً فالبيع غير صحيح، لأنه لم يسلم الثمن في مجلس العقد، ولا بد من التسليم يداً بيدٍ، ولذلك -أيها الإخوة- بلغني أن من التعاملات المتحايلة في الربا: أن يكون البنك لتاجر.. عندك دولارات أنا أشتري منك دولارات، كم عندك؟ مليون دولار؟ أنا أشتري منك مليون دولار، هات المليون الدولار وضعها عندي وأسلمك ثمنها أربعة ملايين ريال ولكن بعد ستة أشهر، يريد البنك أن يتحايل ليقول: ما رابينا، نحن بعنا واشترينا، ولكن يلعبون على من؟ يخدعون من؟ ملك الملوك، الله عز وجل يخادعونه كما يخادعون الصبيان، طفل صغير تلعب عليه، والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم بأنها حيلة للربا، فلا بد إذا أردت أن تبيع عملة أن تقبض وتسلم في نفس المجلس لا تتأخر لحظة واحدة.

وهذا سؤال وجه إلى اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم التجارة بالعملات في بعض البلاد فيما يعرف بالسوق السوداء؟

فكان الجواب: يجوز شراء العملة بعملة أخرى من غير جنسها ولو تفاوت السعر يداً بيد، ولا يمنع من ذلك المخالفة للقوانين الوضعية، فلو كانت قوانين وضعية وليس فيها مصلحة للمسلمين فإن هذه القوانين الوضعية لا تمنع بيع العملات ولو فيما يعرف بالسوق السوداء وليسموه ما يسموه، فإذا كان البيع يداً بيد فإن ذلك جائز، وهذه الفتوى برقم: [2010] ونشرت في مجلة الدعوة السعودية في عدد رقم: [844].

وهناك نوع آخر من البيوع وهو: أن يشتري سيارة وكالة (أ) عن طريق وكالة (ب) فما هو الحكم؟

فنقول: إذا كانت الوكالة (ب) عندها السيارة المطلوبة قد استلمتها من الوكالة (أ) ووضعتها عندها في مستودعاتها، ثم أتيت أنت واشتريتها من الوكالة (ب) فلا حرج، لكن أن تأتي الوكالة (ب) وتبيعك سيارة عند الوكالة (أ) فلا يجوز، لا بد أن يستلموها ثم يبيعوك إياها نقداً أو تقسيطاً لا بد أن يستلموها والدليل على ذلك، قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تبع ما ليس عندك).

وكذلك من الحيل على الربا أن يأتي شخص عنده سيولة ويعلم بأن صاحباً له يحتاج سيارة، فيقول: تعال معي إلى المعرض أو الوكالة وانتقي لك السيارة التي تعجبك، فينتقي السيارة التي تعجبه، فيقول له: أنا أشتريها الآن من مالي بأربعين ألف ريال أدفعها للمعرض أو الوكالة ولا أشتريها باسمك، ثم تعطيني أنت ثمنها بالتقسيط أو بعد سنة خمسين ألف ريال.

الجواب: هذا البيع حرام، وهو وسيلة إلى الربا بل هو عين الربا، كأنه أقرضك الأربعين ألف بخمسين ألف، ذهب معك إلى الوكالة واشترى لك السيارة التي تعجبك وجعلها باسمك أنت، فهذا حرام، لكن إذا اشتريتها باسمه هو من الوكالة -هو يعلم أنك تحتاج سيارة- وقبضها وأخذ مفتاحها وأخرجها من الوكالة ثم قال: يا صاحبي، أنت تريد سيارة، هذه السيارة، تريد أن تشتري مني بخمسين ألف ريال إلى أجل أقساط؟ أبيعك. فهذا لا حرج فيه؛ لأنه قد أخذها وقبضها واشتراها، وأنت لست ملزماً بها، أنت لو قلت: أنا لا أريد أن أشتري السيارة قد غيرت رأيي، ليس هناك إلزام عليك، ففي هذه الحالة يجوز البيع.

أيها الإخوة: هذه المسائل منتشرة بين الناس جداً، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولا يفقهون، ولا يخافون الله، ليس عنده أي حرج من أي بيع أو شراء ما دام أن فيه ربح، لا يسأل ولا يستفتي عن جوازه، ولا يتفقهون في الدين، قد يكون ربا ولكن لا يهمهم هذا، ما دام أن هناك مكسباً، هذا هو همهم أن يكسبوا لا يبالون من حرام كان أم من حلال.

أيها الإخوة: اعلموا أن بيع الأشياء المحرمة لا يجوز؛ كأشرطة الأغاني، وأشرطة الفيديو المحرمة، أو آلات اللهو واللعب، كالكمنجة والعود والمزمار والطبل، كل ذلك حرام بيعه، والله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وقد حرم المعازف فلا يجوز بيعها، وكل أولئك الذين يتاجرون بهذه الأشياء آثمون عند ربهم، يأكلون سحتاً في بطونهم يصلون به من نار جهنم يوم القيامة، إذا لم يتوبوا إلى الله ويعفو الله عنهم.

حكم بيع اللحوم المحرمة

كذلك التاجر الذي يبيع مواد غذائية وهو يعلم يقيناً أن اللحم الذي يبيعه ليس مذبوحاً وإنما هو مصعوقاً أو أن فيه شوائب خنزيرية، أو لحم كلاب أو حمير، ثم يبيعها فهذا حرام لا يجوز؛ لأن هذا الشيء حرام عند رب العالمين، ولو قال: أنا أبيع هذه الأشياء على غير المسلمين، أناس يأكلون لحم الكلاب والقطط والحمير، نقول: لا يجوز؛ لأن الله حرم أكله فيحرم بيعه.

حكم بيع الدم

ومن هذا الباب فإن بيع الدم الذي قال أهل العلم وجمهور العلماء بنجاسته يحرم بيعه، لكن في حالة الضرورة ماذا نفعل؟

هناك فتوى للجنة الدائمة بأن الدم أصلاً نجس، فلا يجوز التداوي به إلا إذا خشي على نفسه الهلاك فيجوز، مثل الميتة، كأن تكون في صحراء وانقطعت وأوشكت على الهلاك وكدت أن تموت، فوجدت ميتة، ما حكم الميتة؟ حرام، ما حكم الأكل منها؟ حرام، لكن للضرورة، يجوز لك أن تأكل ما يبقي على حياتك، ويسد رمقك.

وكذلك هنا: الأصل أن الدم نجس، وأنه لا يجوز التداوي به، لكن لو خشينا عليه الموت فيجوز عند ذلك، وفي الفتوى المذكورة، بل ربما يجب التداوي به إبقاءً على حياة الشخص، وأما أخذ العوض على الدم فلا يجوز؛ لأن الله إذا حرَّم شيئاً حرم ثمنه، فإن تعذر حصوله على الدم بلا عوض جاز له أن يشتري ويدفع الثمن للضرورة، لكن الذي يبيع الدم هو الذي يأثم ولا يجوز له أن يأخذ الثمن، فالمشتري للضرورة يجوز له أن يشتري، ولكن الذي يبيع حرامٌ عليه أن يأخذ الثمن، وكذلك فلو أن إنساناً يذهب للتبرع بالدم لأجل المال فلا يجوز، ولكن يتبرع لله ولإنقاذ حياة إخواننا المسلمين هذا الأصل، ولا نكون ممن يبيع جزءاً من جسده، وهذا فيه مشابهة لطبائع اليهود، يبيعون أجزاءً من أجسادهم بمال يأخذونه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا وإياكم في ديننا، وأن يعلمنا ما جهلنا، وأن يجعلنا ممن يحل حلاله ويحرم حرامه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

كذلك التاجر الذي يبيع مواد غذائية وهو يعلم يقيناً أن اللحم الذي يبيعه ليس مذبوحاً وإنما هو مصعوقاً أو أن فيه شوائب خنزيرية، أو لحم كلاب أو حمير، ثم يبيعها فهذا حرام لا يجوز؛ لأن هذا الشيء حرام عند رب العالمين، ولو قال: أنا أبيع هذه الأشياء على غير المسلمين، أناس يأكلون لحم الكلاب والقطط والحمير، نقول: لا يجوز؛ لأن الله حرم أكله فيحرم بيعه.