سلسلة منهاج المسلم - (149)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد ..

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي -أي: الجامع- للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وقد انتهى بنا الدرس إلى الأحكام، فهيا بنا نتدارس حكماً من تلك الأحكام.

[المادة الرابعة: في الإجارة].

تعريف الإجارة

[أولاً: تعريفها: الإجارة هي عقد لازم على منفعة مدة معلومة بثمن معلوم] هذا هو تعريف الإجارة، عقد لازم على منفعة مدة معلومة بثمن معلوم. مثل أن أقول: خذ هذا الثوب خطه لي. فإن أخاطه أعطيته عليه أجرة، وهذا في مدة معلومة، والقيمة معلومة كذلك. فالإجارة هي عقد من العقود لازم.

على ماذا هذا العقد؟ على منفعة يستفيدها صاحب الإجارة، وهي معلومة بثمن معلوم.

حكم الإجارة

[ثانياً: حكمها: الإجارة جائزة؛ وذلك لقوله تعالى: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا [الكهف:77]] جاء في كتاب الله: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا [الكهف:77] [وقوله تعالى: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26]] وهذه قضية شعيب وبناته مع موسى: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26] وهو موسى عليه السلام. هذا دليل أيضاً.

وثالث دليل: [ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ [القصص:27]] قالها شعيب لموسى: عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ [القصص:27] أن يرعى الغنم مقابل تزويجه أحد بناته.

[وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( قال الله عز وجل )] ماذا قال؟ [( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة )] يقول الرسول الكريم: ثلاثة أنفار من أمتي أنا خصمهم يوم القيامة -والعياذ بالله- من هؤلاء الثلاثة؟ [( رجل أعطى بي ثم غدر )] هذا الرجل يكون الرسول خصمه؛ لأنه أعطى باسم الله ثم غدر [( ورجل باع حراً فأكل ثمنه )] والحر لا يباع، بل يباع المملوك، أيام كانت المماليك، وهذا الرجل باع حراً وأكل ثمنه، فمن يكون خصمه؟ الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة [( ورجل استأجر أجيراً )] وهذا محل الشاهد [( فاستوفى منه عمله ولم يوفه أجره )] فالرسول خصمه يوم القيامة. وهذا الثالث معناه: أن رجلاً استأجر أجيراً فاستوفى له الأجير عمله ولكن لم يوفه أجره، أي: لم يعطه الأجرة.

والدليل الثالث: [ولاستئجاره صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر ] استأجر الرسول أجيراً مع أبي بكر من مكة إلى المدينة يدلهم على الطريق بأجرة معينة [في هجرتهما رجلاً خريتاً] أي: جغرافياً يعرف الطرق والمسالك [من بني الديل] أي: من قبيلة بني الديل [يرشدهما إلى دروب المدينة ومسالكها].

فالرسول عليه الصلاة والسلام استعمل الأجرة مع أبي بكر حين استأجر رجلاً خريتاً يعرف الطرق، وأعطاه أجراً على أن يدلهم على الطريق إلى المدينة.

هذه أدلة على أن الاستئجار جائز، والأجرة أخذها جائز، ولكن مع شروط. فحكم الإجارة جائز، مثل استئجار بيت أو سيارة ليس في ذلك شك، ولكن لا بد من معرفة شروطها وأحكامها.

[أولاً: تعريفها: الإجارة هي عقد لازم على منفعة مدة معلومة بثمن معلوم] هذا هو تعريف الإجارة، عقد لازم على منفعة مدة معلومة بثمن معلوم. مثل أن أقول: خذ هذا الثوب خطه لي. فإن أخاطه أعطيته عليه أجرة، وهذا في مدة معلومة، والقيمة معلومة كذلك. فالإجارة هي عقد من العقود لازم.

على ماذا هذا العقد؟ على منفعة يستفيدها صاحب الإجارة، وهي معلومة بثمن معلوم.

[ثانياً: حكمها: الإجارة جائزة؛ وذلك لقوله تعالى: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا [الكهف:77]] جاء في كتاب الله: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا [الكهف:77] [وقوله تعالى: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26]] وهذه قضية شعيب وبناته مع موسى: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26] وهو موسى عليه السلام. هذا دليل أيضاً.

وثالث دليل: [ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ [القصص:27]] قالها شعيب لموسى: عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ [القصص:27] أن يرعى الغنم مقابل تزويجه أحد بناته.

[وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( قال الله عز وجل )] ماذا قال؟ [( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة )] يقول الرسول الكريم: ثلاثة أنفار من أمتي أنا خصمهم يوم القيامة -والعياذ بالله- من هؤلاء الثلاثة؟ [( رجل أعطى بي ثم غدر )] هذا الرجل يكون الرسول خصمه؛ لأنه أعطى باسم الله ثم غدر [( ورجل باع حراً فأكل ثمنه )] والحر لا يباع، بل يباع المملوك، أيام كانت المماليك، وهذا الرجل باع حراً وأكل ثمنه، فمن يكون خصمه؟ الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة [( ورجل استأجر أجيراً )] وهذا محل الشاهد [( فاستوفى منه عمله ولم يوفه أجره )] فالرسول خصمه يوم القيامة. وهذا الثالث معناه: أن رجلاً استأجر أجيراً فاستوفى له الأجير عمله ولكن لم يوفه أجره، أي: لم يعطه الأجرة.

والدليل الثالث: [ولاستئجاره صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر ] استأجر الرسول أجيراً مع أبي بكر من مكة إلى المدينة يدلهم على الطريق بأجرة معينة [في هجرتهما رجلاً خريتاً] أي: جغرافياً يعرف الطرق والمسالك [من بني الديل] أي: من قبيلة بني الديل [يرشدهما إلى دروب المدينة ومسالكها].

فالرسول عليه الصلاة والسلام استعمل الأجرة مع أبي بكر حين استأجر رجلاً خريتاً يعرف الطرق، وأعطاه أجراً على أن يدلهم على الطريق إلى المدينة.

هذه أدلة على أن الاستئجار جائز، والأجرة أخذها جائز، ولكن مع شروط. فحكم الإجارة جائز، مثل استئجار بيت أو سيارة ليس في ذلك شك، ولكن لا بد من معرفة شروطها وأحكامها.

[ثالثاً: شروطها].

أولاً: معرفة المنفعة

[أولاً: معرفة المنفعة] التي من أجلها استأجرت [كسكنى الدار أو خياطة الثوب مثلاً] كأن تعطيه ثوباً ليخيطه [إذ هي كالبيع، والبيع لا بد فيه من معرفة المبيع] فإذا أجرتك داراً لا بد وأن تعرفها وترى ما فيها، وهل تتسع لك أو لا تتسع؟ وإن أعطيتك ثوباً لتخيطه لا بد وأن تخيطه كما هو.

إذاً: معرفة المنفعة التي من أجلها استأجرنا كسكنى الدار؛ فأنا أجرتك هذه الدار للسكنى؛ أي: لتسكن فيها، أو خياطة الثوب، فأنا أعطيتك ثوباً لتخيطه فالعلة هي الخياطة، إذ هي كالبيع والبيع لا بد فيه من معرفة المبيع، فإذا بعتك سيارة أو داراً أو أمة فلا بد وأن تعرفها قبل البيع.

ثانياً: إباحة المنفعة

[ثانياً: إباحة المنفعة] فلو استأجرت أمة لتزني بها فلا يجوز، أو داراً لتبيع فيها الخمر أو تفتح فيها باباً للزنا فلا يجوز، لا بد وأن يكون المستأجر مباحاً.

[فلا يجوز استئجار أمة للوطء] وهذا أيام كانت الإماء موجودة، فيستأجرها يومين أو ثلاثة للوطء، وهذا كنكاح المتعة والعياذ بالله [أو امرأة للغناء] أو للبكاء أو للنياحة، فلا يجوز استئجار امرأة مغنية للعرس؛ لأن الغناء حرام فكيف تستأجر امرأة للغناء؟! كذلك إن كانت امرأة معروفة بالنوح والبكاء والصراخ، كأن يموت لك ولد فتقول: تعالي يا فلانة ابكِ عندنا ولكِ من الأجر كذا. فيستأجرها للبكاء، وهذا لا يجوز.

فلا بد من إباحة المنفعة التي من أجلها استأجرنا، فلا يجوز استئجار أمة للوطء، أو امرأة للغناء أو النوح مثلاً.

[أو أرضاً لتبني كنيسة] لا يجوز كذلك [أو مخمرة] أو دار بغاء وزنا.

ثالثاً: معرفة الأجرة

[ثالثاً: معرفة الأجرة] كم وما هي؟ [لقول أبي سعيد رضي الله عنه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره )] فإذا استأجرت من يبني أو من يهدم لا بد وأن تعلمه بالأجرة، ليس أن يشتغل يومين أو أسبوعاً وهو لا يدري، فلا بد من معرفة الأجرة، فأنت تعرفها والأجير يعرفها، فلا يقول: أعطني ألفاً، فتقول: لا. نعطيك مائة! فلا بد من معرفة الأجرة من الجانبين؛ لقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره ) أي: ما يستحقه في اليوم أو في الشهر.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4157 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4086 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3869 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3865 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3837 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3825 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3749 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3646 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3634 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3608 استماع