لقاء الباب المفتوح [229]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء التاسع والعشرون بعد المائتين من اللقاءات المعروفة باسم لقاء الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو اليوم الرابع والعشرون من شهر ذي الحجة عام (1420هـ) وبه يختتم لقاءات هذا العام، نسأل الله تبارك وتعالى أن يحسن لنا جميعاً الخاتمة والعاقبة، وأن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان.

تفسير قوله تعالى: (ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم ...)

نتكلم في هذا اللقاء على ما كنا نسير عليه سابقاً بأن نفسر بما يفتح الله به آيات من القرآن الكريم، انتهينا إلى قول الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ [الحديد:26].

هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات:

الأول: القسم المحذوف.

الثاني: اللام.

الثالث: قد.

قوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ نوح هو أول الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو من أولي العزم الخمسة، وإبراهيم هو أبو الأنبياء من بعده وإليه يرجع الأنبياء أي: إلى ملته، ولهذا يتنازع فيه المسلمون واليهود والنصارى فاليهود يقولون: إنه يهودي، والنصارى يقولون: إنه نصراني، والمسلمون يقولون: إنه حنيف مسلم. وهذا هو الحق.

والعجب من النصارى واليهود أن يقولوا إنه نصراني أو يهودي، وما كانوا نصارى ولا يهوداً إلا من بعده، لكنهم ليس لهم عقول.

قوله: وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا أي: ذرية نوح وإبراهيم: النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ أي: الرسل عليهم الصلاة والسلام، وفي هذا دليل على أن آدم ليس برسول وأن إدريس ليس قبل نوح، كما ذكره بعض المؤرخين وهو خطأ مخالف للقرآن الكريم، فليس قبل نوح رسول، وآدم نبي مكلم كلمه الله عز وجل بما شاء من وحيه، ثم سار على نهجه بنوه من بعده، فلما انتشر الناس وكثر الناس صار بينهم الخلاف كما قال الله عز وجل: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ [البقرة:213]

وقوله: وَالْكِتَابَ المراد به الجنس؛ لأن كل رسول معه كتاب كما قال عز وجل: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [الحديد:25].

قوله: فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ منهم: أي بعضهم مهتدٍ وحذفت الياء كما هي القاعدة في اللغة العربية أصلها مهتدي بالياء لكن حذفت للتخفيف.

وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ أي: غير مهتدين، وهذا هو الواقع أن بني آدم أكثرهم ضال كما قال الله عز وجل: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116].

تفسير قوله تعالى: (ثم قفينا على آثارهم برسلنا ...)

قال تعالى: ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ [الحديد:27] (قفينا) بمعنى: أتبعنا، مأخوذ من القفاء؛ لأن من يمشي من قفاك هو تابع لك.

عَلَى آثَارِهِمْ أي: آثار نوح وإبراهيم ومن كان من الرسل الآخرين.

بِرُسُلِنَا أي: التابعين لهم.

وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ نص عليه لأنه عليه السلام ليس بينه وبين محمد صلى الله عليه وعلى آله سلم رسول، بل ولا نبي أيضاً، ليس بينهما رسول ولا نبي، وما يقال عن خالد بن معدان وغيره: لهم نبوة. فكله كذب.

وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ هو كتاب أنزله الله عز وجل على عيسى، ويعتبر مكملاً للتوراة؛ لأن التوراة هي أم الكتب في بني إسرائيل.

قوله: وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا .

ثلاثة أشياء جعلها الله في قلوب النصارى الذين اتبعوا عيسى رحمة، فهم من أرق الناس لما كانوا على شريعة عيسى، من أرق الناس قلوباً وأرحمهم بالخلق، لكن بعد أن كفروا بمحمد صاروا من أغلظ الناس، كما تعلمون ما جرى بين المسلمين وبين النصارى في الحروب الصليبية وغيرها.

(رَأْفَةً) الرأفة أرق من الرحمة وأبلغ منها، فهي من نوع الرحمة لكنها أرق وألطف.

(وَرَهْبَانِيَّةً) هي الانقطاع عن الدنيا للعبادة.

(ابْتَدَعُوهَا) أي: من عند أنفسهم، كما فعل بعض فرق المسلمين ابتدعوا رهبانية ما أنزل الله بها من سلطان، لكن معهم رقة ورحمة.

قوله: مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا أي: أننا لم نفرضها عليهم ولكنهم طلبوا رضوان الله، ولهذا نقول: إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ استثناء منقطع، ولكن مع ذلك مع كونهم ابتدعوها واختاروها لأنفسهم ما رعوها حق رعايتها أي: ما قاموا برعايتها الرعاية الواجبة من إحسان هذه الرهبانية التي ابتدعوها وإنما تصرفوا فيها كما يشاءون.

قوله: فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ .

فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ أي: ثوابهم.

وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ كثير من هؤلاء النصارى فاسق، أي: خارج عن طاعة الله عز وجل.

وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا ابتدع بدعة فإنه لا يوفق لإقامتها، فيكون ضالاً في الأصل وضالاً في الفرع، حتى لو اجتهد حتى خشع.

إنك تجد بعض الناس الذين ابتدعوا أذكاراً أو صلوات أو أدعية أو ما أشبه ذلك تجدهم خاشعين، قلوبهم باكية، قلوبهم خاشعة لكن لا ينفعهم ذلك، لأنهم على ضلال، نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.

نتكلم في هذا اللقاء على ما كنا نسير عليه سابقاً بأن نفسر بما يفتح الله به آيات من القرآن الكريم، انتهينا إلى قول الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ [الحديد:26].

هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات:

الأول: القسم المحذوف.

الثاني: اللام.

الثالث: قد.

قوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ نوح هو أول الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو من أولي العزم الخمسة، وإبراهيم هو أبو الأنبياء من بعده وإليه يرجع الأنبياء أي: إلى ملته، ولهذا يتنازع فيه المسلمون واليهود والنصارى فاليهود يقولون: إنه يهودي، والنصارى يقولون: إنه نصراني، والمسلمون يقولون: إنه حنيف مسلم. وهذا هو الحق.

والعجب من النصارى واليهود أن يقولوا إنه نصراني أو يهودي، وما كانوا نصارى ولا يهوداً إلا من بعده، لكنهم ليس لهم عقول.

قوله: وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا أي: ذرية نوح وإبراهيم: النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ أي: الرسل عليهم الصلاة والسلام، وفي هذا دليل على أن آدم ليس برسول وأن إدريس ليس قبل نوح، كما ذكره بعض المؤرخين وهو خطأ مخالف للقرآن الكريم، فليس قبل نوح رسول، وآدم نبي مكلم كلمه الله عز وجل بما شاء من وحيه، ثم سار على نهجه بنوه من بعده، فلما انتشر الناس وكثر الناس صار بينهم الخلاف كما قال الله عز وجل: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ [البقرة:213]

وقوله: وَالْكِتَابَ المراد به الجنس؛ لأن كل رسول معه كتاب كما قال عز وجل: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [الحديد:25].

قوله: فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ منهم: أي بعضهم مهتدٍ وحذفت الياء كما هي القاعدة في اللغة العربية أصلها مهتدي بالياء لكن حذفت للتخفيف.

وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ أي: غير مهتدين، وهذا هو الواقع أن بني آدم أكثرهم ضال كما قال الله عز وجل: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116].


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3395 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3350 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3315 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3293 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3275 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3259 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3116 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3090 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3037 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3033 استماع