خطب ومحاضرات
لقاء الباب المفتوح [19]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعــد:
فهذا هو اللقاء الثاني من شهر رجب عام (1413هـ) وهو يوم الخميس الذي اعتدنا اللقاء فيه بالإخوان، وكان من عادتنا أن نقدم بين يدي الأسئلة تفسيراً موجزاً ابتدأنا فيه من سورة النبأ، واخترنا هذا الجزء من القرآن الكريم؛ لأنه يتكرر كثيراً على العامة في الصلوات، وكان منتهى ما تكلمنا عليه قوله تعالى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ [عبس:15-16].
تفسير قوله تعالى: (قتل الإنسان ما أكفره)
وقوله تعالى: قُتِلَ الإِنْسَانُ [عبس:17] قال بعض العلماء: المراد بالإنسان هنا الكافر خاصة وليس كل إنسان؛ لقوله فيما بعد: مَا أَكْفَرَهُ [عبس:17] ويحتمل أن يكون المراد بالإنسان الجنس؛ لأن أكثر بني آدم كفار كما ثبت في الحديث الصحيح: (أن الله يقول: يا آدم -يقول ذلك يوم القيامة- فيقول: لبيك وسعديك، فيقول له الله عز وجل: أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار، فيقول: يا ربِّ! وما بعث النار، فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون كلهم في النار وواحد من الألف في الجنة) فيكون المراد بالإنسان هنا الجنس ويخرج المؤمن من ذلك لما دلت عليه النصوص الأخرى.
وقوله: مَا أَكْفَرَهُ [عبس:17] قال بعض العلماء: إن (ما) هنا استفهام، أي: أي شيء أكفره؟ ما الذي حمله على الكفر؟
وقال بعض العلماء: إن هذا من باب التعجب يعني: ما أعظم كفره! وإنما كان كفره -أي: كفر الإنسان- عظيماً؛ لأن الله أعطاه عقلاً، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وأمده بكل ما يحتاج معه إلى التصديق، ومع ذلك كفر فيكون كفره عظيماً.
والفرق بين القولين: أنه على القول الأول تكون (ما) استفهامية أي: ما الذي أكفره؟
وعلى القول الثاني: تكون تعجبية، يعني: عجباً له، كيف كفر مع أن كل شيء متوفر لديه في بيان الحق والهدى؟!
والكفر هنا يشمل كل أنواع الكفر، ومنه: إنكار البعث، فإن كثيراً من الكفار كذبوا بالبعث، وقالوا: لا يمكن أن يبعث الناس بعد أن صارت عظامهم رميماً، كما قال تعالى: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [يس:78].
تفسير قوله تعالى: (من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره)
فهو مقدر في بطن أمه، من الذي يقدره هذا التقدير؟ من الذي يوصل إليه ما ينمو به من الدم الذي يتصل به بواسطة السرة إلا الله عز وجل؟ ولهذا قال: فَقَدَّرَهُ [عبس:19].
تفسير قوله تعالى: (ثم السبيل يسره)
تفسير قوله تعالى: (ثم أماته فأقبره)
تفسير قوله تعالى: (ثم إذا شاء أنشره، كلا لما يقض ما أمره..)
تفسير قوله تعالى: (فلينظر الإنسان إلى طعامه...)
وينبغي للإنسان أن يتذكر عند هذه الآية قول الله تبارك وتعالى: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [الواقعة:63-67] من الذي زرع هذا الزرع حتى استوى؟ ويسر الحصول عليه حتى كان طعاماً لنا؟ هو الله عز وجل، ولهذا قال: (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً) بعد أن نخرجه نحطمه حتى لا تنتفعوا به: أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ [الواقعة:68-70] وهنا يقول: فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ [عبس:24] من أين جاءه، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً [عبس:25] أي: من السحاب ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً [عبس:26] بعد نزول المطر عليها تتشقق بالنبات: فَأَنْبَتْنَا فِيهَا [عبس:27] أي: في الأرض حَبَّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً [عبس:27-31] أنبتنا فيها حباً كالبر والأرز والذرة والشعير وغير ذلك من الحبوب الكثيرة (وَعِنَباً) معروف، (وَقَضْباً) قيل: إنه القتّ وهو معروف، (وَزَيْتُوناً) معروف (وَنَخْلاً) كذلك.
(وَحَدَائِقَ غُلْباً) الحدائق جمعها حديقة، و(الغلب) كثيرة الأشجار، و(فاكهةً) أي: ما يتفكه به الإنسان من أنواع الفواكه، (وَأَبّاً) الأب نبات معروف عند العرب ترعاه الإبل مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ [عبس:32] أي: أننا فعلنا ذلك متعة لكم يقوم بها عودكم وتتمتعوا بها أيضاً بالتفكه بهذه النعم.
تفسير قوله تعالى: (فإذا جاءت الصاخة ...)
قال أهل العلم: يفر منهم لئلا يطالبوه بما فرط به في حقهم من أدب وغيره؛ لأن كل شخص في ذلك اليوم لا يحب أبداً أن يقوم له أحدٌ يطالبه بشيء: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:37] كل إنسان مشتغلٌ بنفسه لا ينظر إلى غيره، ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم تحشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلاً، قالت
تفسير قوله تعالى: (وجوه يومئذٍ مسفرة)
نسأل الله العافية، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن تكون وجوههم مسفرة ضاحكة مستبشرة.
هذا الكلام الذي نتكلم به عن هذه الآيات لا نريد به البسط، ولكن نريد به التوضيح المقرب للمعنى لكثرة قراءتها في الصلوات والاستماع إليها خلف الأئمة، ونسأل الله أن يجعل فيه فتحاً مبيناً لنا ولكم، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ثم قال جل وعلا: قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ [عبس:17] (قتل) تأتي في القرآن كثيراً، فمن العلماء من يقول: إن معناها (لعن)، والذي يظهر أن معناها: أُهلك؛ لأن القتل يكون به الهلاك وهو أسلوبٌ تستعمله العرب في تقبيح ما كان عليه صاحبه، فيقولون -مثلاً-: قُتل فلان ما أسوأ خُلقه، قُتل فلان ما أخبثه، وما أشبه ذلك.
وقوله تعالى: قُتِلَ الإِنْسَانُ [عبس:17] قال بعض العلماء: المراد بالإنسان هنا الكافر خاصة وليس كل إنسان؛ لقوله فيما بعد: مَا أَكْفَرَهُ [عبس:17] ويحتمل أن يكون المراد بالإنسان الجنس؛ لأن أكثر بني آدم كفار كما ثبت في الحديث الصحيح: (أن الله يقول: يا آدم -يقول ذلك يوم القيامة- فيقول: لبيك وسعديك، فيقول له الله عز وجل: أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار، فيقول: يا ربِّ! وما بعث النار، فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون كلهم في النار وواحد من الألف في الجنة) فيكون المراد بالإنسان هنا الجنس ويخرج المؤمن من ذلك لما دلت عليه النصوص الأخرى.
وقوله: مَا أَكْفَرَهُ [عبس:17] قال بعض العلماء: إن (ما) هنا استفهام، أي: أي شيء أكفره؟ ما الذي حمله على الكفر؟
وقال بعض العلماء: إن هذا من باب التعجب يعني: ما أعظم كفره! وإنما كان كفره -أي: كفر الإنسان- عظيماً؛ لأن الله أعطاه عقلاً، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وأمده بكل ما يحتاج معه إلى التصديق، ومع ذلك كفر فيكون كفره عظيماً.
والفرق بين القولين: أنه على القول الأول تكون (ما) استفهامية أي: ما الذي أكفره؟
وعلى القول الثاني: تكون تعجبية، يعني: عجباً له، كيف كفر مع أن كل شيء متوفر لديه في بيان الحق والهدى؟!
والكفر هنا يشمل كل أنواع الكفر، ومنه: إنكار البعث، فإن كثيراً من الكفار كذبوا بالبعث، وقالوا: لا يمكن أن يبعث الناس بعد أن صارت عظامهم رميماً، كما قال تعالى: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [يس:78].
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
لقاء الباب المفتوح [63] | 3395 استماع |
لقاء الباب المفتوح [146] | 3350 استماع |
لقاء الباب المفتوح [85] | 3315 استماع |
لقاء الباب المفتوح [132] | 3293 استماع |
لقاء الباب المفتوح [8] | 3275 استماع |
لقاء الباب المفتوح [13] | 3259 استماع |
لقاء الباب المفتوح [127] | 3116 استماع |
لقاء الباب المفتوح [172] | 3090 استماع |
لقاء الباب المفتوح [150] | 3037 استماع |
لقاء الباب المفتوح [47] | 3032 استماع |