هذا الحبيب يا محب 103


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فقد انتهى بنا الدرس إلى مسير الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، والدرس الماضي كان عن التجهيزات والإعدادات، وقد تم كل ذلك، والآن الرسول صلى الله عليه وسلم وجيشه في طريقهم إلى تبوك.

فهيا نماشي رسولنا، ونقف عند كل موقف وقفه؛ ليقوى إيماننا، وتزداد محبتنا له، ويعظم إقبالنا على الله بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال: [مسير الحبيب صلى الله عليه وسلم:

واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة سباع بن عرفطة ، وعلى أهله علي بن أبي طالب ] رضي الله عنه؛ لأنه ابن عمه وزوج ابنته.

[وأرجف المنافقون] أرجفوا: قالوا: لم لم يأخذ علياً معه؟ لعله استثقله.. أو ما أطاقه؛ فلهذا تركه وراءه، ولا شك أنكم تسمعون الإرجاف، إلا من اجتبى الله واصطفى وانتقى من خلقه، فهم لا ينطقون بغير الحق! [وقالوا: ما خلف علياً إلا استثقالاً له، فسمع ذلك علي ] لأنهم روجوه، فبلغه ذلك [فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم حاملاً سلاحه] يعني: هزمهم ومشى يحمل سلاحه [وأخبره] أي: أخبر علي رسول الله صلى الله عليه وسلم [بما قال المنافقون، فقال: ( كذبوا، وإنما خلفتك لما ورائي من أهلي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أما ترضى )] أراد أن يمسح دموعه ويغيظ المنافقين [( أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )] أي: هذه المنزلة انتهيت إليها في الحب والولاء، لكن النبوة لا، فلا نبي بعدي، فلن تكون نبياً!

قال: [فرجع علي ] من الطريق [وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى جلاد بني الأصفر] أي: إلى قتال الروم، فهم بنو الأصفر.

تثبيط المنافقين للناس عن الخروج مع رسول الله

قال: [المثبطون] والتثبيط هو الفت في العزائم وإيقافها.

[وقبل مسير الحبيب صلى الله عليه وسلم بلغه أن جماعة من المنافقين يجلسون في بيت أحدهم] يتآمرون بالطعن والنقد ليسلّوا على أنفسهم، ونعوذ بالله أن تكون هذه المجالس موجودة بيننا، ولكن الآن يجلسون على الشيشة! [وهو سويلم اليهودي ] كانوا يجلسون في بيت سويلم - تصغير سالم- اليهودي بعد أن ادعى الإيمان وهو منافق.

قال: [يثبطون الناس عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم] هذه مهمتهم! يقولون: عندنا مجلس خاص وتفضلوا، ثم الذي يجلس يقال له: ما قيمة هذا الجهاد؟ وماذا سيحدث؟ وكيف تقاتلون الروم؟! هذا جنون وهذا كذا.. !! ونحن لا نحسن كلامهم، فهم يقولون أكثر من هذا، لكن يكفي أنهم يثبطون المؤمنين حتى لا يخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[ويقولون: لا تنفروا في الحر] وكان الحر شديداً -كما علمنا- في تلك الأيام [تزهيداً في الجهاد، وتشكيكاً في الحق، وإرجافاً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله تعالى فيهم قوله: وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التوبة:81]] فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [التوبة:82] هذه الآيات نزلت في آل بيت سويلم اليهودي .

قالوا: لا تنفروا -وقد علمنا النفرة التي تمت والتعبئة العامة- في الحر، فقل لهم يا رسولنا: نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون، أي: أين الفقه وفهم أسرار الشريعة؟

[وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه أن يحرق عليهم بيت سويلم ] كانت مؤامرة ضد الإسلام ونبيه وجهاده، فمن الخير أن يحرّق عليهم ذلك البيت حتى لا يجلسوا فيه [ففعل طلحة فاقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت فانكسرت رجله، واقتحم أصحابه فأفلتوا] وذهبوا [وفي هذا يقول الضحاك:

كادت -وبيت الله- نار محمد يشيط بها الضحاك وابن أبيرق

وظلت وقد طبقت كبس سويلم أنوء على رجلي كسيراً ومرفقي

سلام عليكم لا أعود لمثلها أخاف ومن تشمل به النار يحرق]

لما انكسرت رجله انهزم وردد هذه الأبيات.

قال: [المثبطون] والتثبيط هو الفت في العزائم وإيقافها.

[وقبل مسير الحبيب صلى الله عليه وسلم بلغه أن جماعة من المنافقين يجلسون في بيت أحدهم] يتآمرون بالطعن والنقد ليسلّوا على أنفسهم، ونعوذ بالله أن تكون هذه المجالس موجودة بيننا، ولكن الآن يجلسون على الشيشة! [وهو سويلم اليهودي ] كانوا يجلسون في بيت سويلم - تصغير سالم- اليهودي بعد أن ادعى الإيمان وهو منافق.

قال: [يثبطون الناس عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم] هذه مهمتهم! يقولون: عندنا مجلس خاص وتفضلوا، ثم الذي يجلس يقال له: ما قيمة هذا الجهاد؟ وماذا سيحدث؟ وكيف تقاتلون الروم؟! هذا جنون وهذا كذا.. !! ونحن لا نحسن كلامهم، فهم يقولون أكثر من هذا، لكن يكفي أنهم يثبطون المؤمنين حتى لا يخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[ويقولون: لا تنفروا في الحر] وكان الحر شديداً -كما علمنا- في تلك الأيام [تزهيداً في الجهاد، وتشكيكاً في الحق، وإرجافاً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله تعالى فيهم قوله: وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التوبة:81]] فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [التوبة:82] هذه الآيات نزلت في آل بيت سويلم اليهودي .

قالوا: لا تنفروا -وقد علمنا النفرة التي تمت والتعبئة العامة- في الحر، فقل لهم يا رسولنا: نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون، أي: أين الفقه وفهم أسرار الشريعة؟

[وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه أن يحرق عليهم بيت سويلم ] كانت مؤامرة ضد الإسلام ونبيه وجهاده، فمن الخير أن يحرّق عليهم ذلك البيت حتى لا يجلسوا فيه [ففعل طلحة فاقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت فانكسرت رجله، واقتحم أصحابه فأفلتوا] وذهبوا [وفي هذا يقول الضحاك:

كادت -وبيت الله- نار محمد يشيط بها الضحاك وابن أبيرق

وظلت وقد طبقت كبس سويلم أنوء على رجلي كسيراً ومرفقي

سلام عليكم لا أعود لمثلها أخاف ومن تشمل به النار يحرق]

لما انكسرت رجله انهزم وردد هذه الأبيات.

قال: [ أبو خيثمة يفوز: وتأخر عن المسيرة أبو خيثمة ، وكان له زوجتان] يعني: امرأتين [وجاءهما يوماً] أي: لامرأتيه، واحدة في المناخة، وأخرى مثلاً في العوالي [فوجد كل واحدة منهما قد رشت بالماء عريشها، وبردت الماء له، وصنعت الطعام، فلما رأى ذلك أبو خيثمة قال على الفور: أيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحر والريح وأبو خيثمة في الظل والماء البارد مقيم؟] وهذا تدارك الله له! فلم ينهزم، وهكذا أولياء الله ينقذهم الله، وإلا كاد أن يهلك.

قال: [ما هذا بالنصف] أي: ليس هذا بالإنصاف [والله ما أحل عريشاً منهما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم! فهيأ زاده وخرج إلى ناضحه] جمله؛ لأنه ينضح به الماء [فركبه وجرى وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركه في تبوك، ورآه الناس من بعيد، فقالوا: يا رسول الله! راكب مقبل] أي: علينا [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كن أبا خيثمة ) فقالوا: هو والله أبو خيثمة ] يعني: الصحابة. وهذه آية من آيات النبوة، أو حسن الظن بأولياء الله، فلا شك أنه كان غير مرتاح لغيبته وتخلفه، وكان يود له أن يلتحق ليكمل ويفوز.

[وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم] لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في قبته مع رجالات الحرب، فأتاه إلى مجلسه [وأخبره بخبره] عن العريشين والمرأتين وما أعدتا وهيأتا وكيف قالا [فدعا له ففاز بدعوة الحبيب صلى الله عليه وسلم] وبكم تقدر دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ والله لا تقدر بمال!

[وقال أبو خيثمة في قصته هذه شعراً هذا نصه:

لما رأيت الناس في الدين نافقوا أتيت التى كانت أعفَّ وأكرما

وبايعت باليمنى بيدي لمحمد فلم أكتسب إثماً ولم أغش محرما

تركت خضيباً في العريش وحرمة] والحرمة: جماعة من النخل.

[.................... صفايا كراماً بُسرها قد تحمما] أي: اسود.

[وكنت إذا شك المنافق أسمحت إلى الدين نفسي شطره حيث يمما].

هذه الأبيات قالها أبو خيثمة في تبوك لما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.