فتاوى نور على الدرب [262]


الحلقة مفرغة

السؤال: إذا قبل الزوج زوجته وكان متوضئاً، فهل ينتقض الوضوء ويلزم إعادة الوضوء إذا أدى الصلاة؟

الجواب: إذا قبل الرجل امرأته بشهوة ولم يخرج منه شيء، فإن القول الراجح أن وضوءه لا ينتقض، ولكن إن توضأ فهو أفضل؛ لأن الوضوء إذا تم بمقتضى الدليل الشرعي فإنه لا ينتقض ولا يفسد إلا بدليل شرعي، لأن ما ثبت بدليل لا يمكن رفعه إلا بذلك الدليل أو بما كان أقوى منه، وليس في القرآن ولا في السنة ما يدل على أن تقبيل الزوجة ناقض للوضوء، فأما قول الله تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [المائدة:6]، فإن المراد بالملامسة هنا الجماع، وتفسيره باللمس باليد بعيد جداً، وذلك لأننا إذا قرأنا هذه الآية تبين لنا أنه يتعين أن يكون المراد بالملامسة الجماع، كما فسرها به عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، واستمع إلى الآية يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]، هذه الطهارة الصغرى التي سببها الحدث الأصغر، ثم قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، وهذه الطهارة الكبرى الاغتسال التي سببها الحدث الأكبر كالجنابة ونحوها، ثم قال: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [المائدة:6]، فذكر الله سبحانه وتعالى السببين الموجبين للطهارة، وهما: الأصغر والأكبر، فقال: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ [المائدة:6]، وهذا السبب الأصغر، وهو ما نعنيه بقولنا: الحدث الأصغر، وقال: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [المائدة:6] وهذا هو السبب الأكبر الذي نعنيه بقولنا: الحدث الأكبر، فتكون الآية قد دلت على الطهارتين الكبرى والصغرى وعلى سببيهما، أي: على سبب الصغرى، وهو المجيء من الغائط، وسبب الكبرى وهو ملامسة النساء، ولو جعلنا الملامسة هنا بمعنى اللمس باليد وأنه ناقض للوضوء لكان في الآية زيادة ونقص، تكون في الآية زيادة حيث جعلنا (لامستم) يعني: الموجب للطهارة الصغرى، فيكون في الآية ذكر سببين من أسباب الطهارة الصغرى، وهذا زيادة إذ أن ذكر سبب واحد كاف، وإهمال ذكر سبب الطهارة الكبرى وهذا نقص، وعليه فيكون سياق الآية دالاً على أن المراد بالملامسة الجماع، ليتم بذلك التفصيل والتقسيم، وإذا كان المراد بالملامسة الجماع فإنه لا دليل على أن لمس المرأة باليد أو بالتقبيل ناقض للوضوء، فيبقى الوضوء على حاله لعدم وجود دليل يفسده.

السؤال: كيف تكون محاسبة النفس للمسلم، وما صفة المحاسبة؟

الجواب: محاسبة الإنسان نفسه هو أن يتأمل ماذا فعل، وماذا ترك، وماذا قال، وماذا سكت عنه، حتى يحاسب نفسه، فيقول مثلاً: لم تقول الحق في موضع كذا وكذا، لم تفعل المعروف في موطن كذا وكذا، ويقول: فعلت المنكر في موضع كذا وكذا، قلت الزور في موضع كذا وكذا، وهكذا يحاسب نفسه عما فعلت وعما تركت، من أجل أن يقيم المعوج ويزيل ما فيه الشر، هذا هو معنى المحاسبة.

السؤال: ما معنى قوله تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا [الزلزلة:1-3]؟

الجواب: معناه أن الله تعالى يذكر عباده بيوم القيامة، الذي تزلزل فيه الأرض زلزالها، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:1-2]، وأما إخراج الأرض أثقالها، فإن الله تعالى يبعث من في القبور، فيخرج الناس من قبورهم على ظهر الأرض بعد أن كانوا في بطنها، وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا [الزلزلة:3]، يعني: أي شيء حدث وذلك من شدة الفزع والأهوال، وفي ذلك اليوم يقول الله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا [الزلزلة:4-5]، فتشهد بما عمل عليها من خير أو شر، فالآيات هذه تصور مشهداً من مشاهد يوم القيامة.

السؤال: هل القصر في صلاة السفر جائز أم لا؟ وكذلك الجمع والقصر في الصلاة، مع إعطاء الدليل في ذلك من الكتاب والسنة؟

الجواب: القصر في الصلاة للمسافر مشروع مؤكد، يكره للإنسان أن يتم في حال السفر، بل إن بعض أهل العلم قال: إن القصر في السفر واجب، وأنه لو أتم فإن صلاته تبطل، وقد ذكر الله ذلك في كتابه، وكذا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أما في القرآن فقد قال الله تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [النساء:101]، فقوله: إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ [النساء:101]، يعني: سافرتم، فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ [النساء:101]، إنما نفى الجناح لئلا يتوهم متوهم أن قصر الصلاة محرم لما فيه من نقص عدد ركعاتها، فنفى الله ذلك، إلا أنه قيده عز وجل بقوله: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء:101]، وقد سأل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الشرط، فإن ظاهره أن القصر لا يجوز إلا في حال الخوف دون حال الأمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته )، يعني: القصر في حال الأمن.

وأما الدليل من السنة: ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( كانت الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم زيد في صلاة الحضر، وأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى)، وكذلك ثبت بالسنة الفعلية المستفيضة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر الصلاة في سفره، وعلى هذا فالقصر مشروع مؤكداٌ جداً للمسافر، ويكره للإنسان أن يتم، أما الجمع فإنه من باب الجائز، فيجوز للمسافر أن يجمع بين الصلاتين اللتين يجمع بعضهما إلى بعض، وهما صلاة الظهر والعصر، أو صلاة المغرب والعشاء، إلا أنه إذا كان قد جد به السير واستمر في سيره فالأفضل أن يجمع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، فإن تحرك قبل أن تزول الشمس أخر الظهر إلى العصر، وإن تحرك بعد أن تزول الشمس قدم العصر مع الظهر، وكذلك يقال في المغرب والعشاء، إن تحرك قبل الغروب أخر المغرب إلى العشاء، وإن تحرك بعد الغروب قدم العشاء مع المغرب، أما إذا كان المسافر نازلاً، كما لو كان قائلاً في مكان، أو نازلاً في الليل أو ما أشبه ذلك، فإن الأفضل أن لا يجمع، وإن جمع فلا حرج، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو نازل، وكذلك ظاهر حديث أبي جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين كان نازلاً بالأبطح في حجة الوداع، خرج صلى الله عليه وسلم من قبته فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين، فظاهر هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما في وقت واحد، وهذا هو الجمع، لكن إذا كان المسافر في بلد وسمع المؤذن فإنه يجب عليه أن يجيب المؤذن، وأن يصلي مع الناس، وإذا صلى مع الإمام لزمه الإتمام، لأنه من صلى خلف من يتم لزمه الإتمام وإن كان مسافراً.

السؤال: ورد في سورة يوسف اسم العزيز، فمن هو العزيز هل هو فرعون؟

الجواب: لا، العزيز ليس هو فرعون، ويوسف عليه الصلاة والسلام قبل فرعون بأزمان، ولهذا المؤمن من آل فرعون ذكر آل فرعون برسالة يوسف، حيث قال لهم: وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ [غافر:34]، ويوسف بينه وبين موسى أزمان كثيرة، فليس العزيز هنا فرعون، وإنما العزيز ملك من ملوك مصر في ذلك الزمن. نعم.

السؤال: يسأل عن معنى قوله تعالى: الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ [الروم:1-4]؟

الجواب: في هذه الآية بين الله عز وجل أن الروم وكانوا يدينون بدين النصرانية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أقرب إلى الحق من خصومهم الفرس، فيقول الله تعالى: غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ [الروم:2-3]، أي: أن الأرض أقربها لأنهم كانوا في الشام، وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ [الروم:3]، ستكون الدائرة لهم بعد أن كانت عليهم، لكن في بضع سنين، والبضع ما بين الثلاث إلى التسع، فأخبر الله عز وجل خبراً وقع الأمر كما أخبر، لأن هؤلاء الروم الذين غلبوا سوف تكون الغلبة لهم في هذه المدة، وقد كان الأمر كما أخبر الله سبحانه وتعالى، فغلبة الروم بعد ذلك الفرس، وفرح المؤمنون بنصر الله تبارك وتعالى لهؤلاء الروم على الفرس.

السؤال: ما معنى قوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [مريم:71]، هل معنى ذلك أن الكافر والمسلم لا بد من ورودها؟

الجواب: نعم، أما ورود الكافر النار فهذا أمر ظاهر ولا إشكال فيه، كما قال الله تعالى عن فرعون: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ [هود:98]، وأما المؤمنون فإن قوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا [مريم:71]، فقد اختلف أهل التفسير في المراد بالورود هنا، فقال بعض المفسرين: إن المراد بالورود ورود الناس على الصراط، لأن الصراط منصوب على جهنم، فإذا مر الناس عليه فهذا ورد لجهنم وإن لم يكونوا في داخلها، والورود يأتي بمعنى القرب من الشيء، كما في قوله تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ [القصص:23]، أي: قرب حوله، وليس معناه أنه دخل في وسط الماء، وقال بعض المفسرين: إن المراد بالورود دخولها دخول النار، لكن من دخلها من غير المذنبين فإنه لا يحس بها، فتكون عليه برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم، أي: كما كانت نار الدنيا برداً وسلاماً على إبراهيم. والله أعلم.

السؤال: نحن ثلاثة إخوة، ولنا أخ من والدي، أي: أن والدته متوفية، وكان هذا الأخ عاقاً لوالده، أي: والدي، وكان يتشاجر معه كثيراً، وقد ساعده أبي منذ مدة في شراء منزل له، وفي إحدى المرات التي تشاجر معه فيها قرر والدي أن يكتب المنزل الذي نقيم نحن فيه مع والدنا أن يكتب هذا المنزل لنا، خوفاً من أخي أن يتشاجر معنا بعد وفاة والدي، وهذا مقابل أنه ساعده في شراء منزل له كما قلت سابقاً، وشاء الله أن مات أخي هذا وله أولاد بعضهم متزوج، ووالدي ما زال حياً، وسؤالي: هل تعتبر ذمة والدي الآن بريئة منه على الرغم أنه كان عاقاً له، أو ندفع نحن لأولاده مقداراً من المال مقابل كتابة والدي المنزل لنا؟

الجواب: قبل جوابي على هذا السؤال أحب أن أبين أنه يجب على المرء أن يعدل بين أولاده في العطية والهبة، وألا يفضل منهم أحداً على أحد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ بشير بن سعد حين أعطى ولده النعمان ما لم يعط إخوته، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )، وقال له: ( أشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور )، والتسوية بين الأولاد في العطية تكون كما قسم الله تعالى لهم في الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا في غير ما يكون دفعاً للحاجة، فأما ما كان دفعاً للحاجة فإنه يعطى كل إنسان مقدار حاجته، فإذا قدر أن للإنسان أولاداً يحتاج أحدهم إلى النكاح للزواج، وكان الآخرون صغاراً، فزوج هذا الكبير الذي احتاج إلى زواج، فإنه لا يلزمه أن يعطي الصغار مثل ما دفع لهذا من المهر، أو ما أعطاه من مئونة النكاح، لكن إذا بلغوا ما بلغه هذا واحتاجوا إلى الزواج لزمه أن يزوجهم كما زوج الأول، ولقد كان بعض الناس إذا زوج أولاده الكبار وكان له أولاد صغار يوصي لهم، أي: للصغار بشيء من ماله مقابل ما زوج به الكبار، وهذا حرام ولا يجوز، ووصيته في مثل هذه الحال باطلة، لأنها وصية لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا وصية لوارث ).

وبعد هذا نجيب على السؤال فنقول: إن مساعدة والدك لأخيكم من أبيكم في شراء منزل له من باب الجور والحيف، وكان الذي ينبغي أن يجعل ما ساعده به قرضاً في ذمته، ومن الواجب عليه لما ساعده في منزله أن يعدل بينكم بأن يعطى كل واحد منكم مثل ما أعطاه، هذا بالنسبة للذكور، ونصف ما أعطاه بالنسبة للإناث، وحيث أنك ذكرت أنه كتب منزله لكم، فينظر إذا كان ذلك بقدر ما أعطى أخاكم فقد برئت ذمة الوالد، وحل لكم ما أخذتموه، ولا يلزمكم أن تعطوا أولاد أخيكم شيئاً، وأما إذا كان البيت الذي كتبه لكم نصيب كل واحد منكم أكثر مما أعطى أخاكم، فإنه يجب عليه في هذه الحال أن يعطي أولاد أخيكم حتى يساويه بكم، لأنه كان واجباً عليه أن يعدل بينكم في حياة أخيكم، وحق أخيكم لا يسقط بموته فيكون لورثته من بعده.

السؤال: في حالة غضب وأمام زوجتي حلفت بالطلاق ثلاثاً بأنني سوف أتزوج بأخرى، ولم أحدد ميعاداً ولم أتزوج حتى الآن، أفيدوني ماذا في هذا الحكم بارك الله فيكم؟

الجواب: أولاً: أنصحك إذا أردت أن تحلف أن يكون حلفك إلا بالله عز وجل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، والحلف بالطلاق أمر مبتدع لا ينبغي للإنسان أن يتعاطاه أو يمارسه، بل إذا حلفت فاحلف بالله وإلا فاسكت، وقد اختلف العلماء رحمهم الله فيما إذا حلف الإنسان بالطلاق ولم يوف بما حلف، فقال بعضهم: إن الطلاق يقع، لأنه علق الطلاق بشرط قد تحقق فوجب أن يقع به الطلاق، فإذا قلت: إن فعلت كذا فزوجتي طالق ففعلت، فإن الطلاق يقع عند هؤلاء، وقال بعض أهل العلم: إن كان الإنسان لا ينوي إيقاع الطلاق وإنما نوى الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، فإن هذا الشرط يكون بمعنى اليمين، فإذا قال: إن فعلت كذا فزوجتي طالق يريد أن يزجر نفسه عن فعله، ولكنه فعله، فإن زوجته لا تطلق ولكن عليه كفارة يمين، فالمسألة فيها خلاف بين أهل العلم، ولكن القول الراجح أن لكل امرئ ما نوى، فإن نوى إيقاع الطلاق وقع الطلاق، وإن نوى معنى اليمين فهو يمين، وهذا هو الغالب في مثل هذه الأشياء.

وعلى كل، فأنت الآن إما أن تتزوج أو لا تتزوج، فإن تزوجت فلا شيء عليك لأنك أتممت ما حلفت عليه، وإن لم تتزوج فإن عليك كفارة يمين، تطعم عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أهلك أو تكسوهم، أو تحرر رقبة إن كانت، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة.

السؤال: إنني فتاة في الخامسة والعشرين من العمر عايشة مع أخي، بعد أن تزوج أبي والدتي وقد كان عمري عشر سنوات، وعند وفاة والدتي وأنا في السابعة عشرة من العمر، وقد تركت الدراسة بسبب الظروف التي لم تسمح لي بالاستمرار، ولي أب يملك ثروة كبيرة من المال، وعندما أكون عصبية أشتم أبي وإخوتي، فهل علي في هذا إثم وما الحكم؟

الجواب: الحكم في هذا أنه لا يجوز للإنسان أن يسب أحداً من المسلمين أو يشتمه، فضلاً عن أقاربه، فضلاً عن أبيه وإخوته، فعليك أن تتوبي إلى الله وأن تستغفري من هذا العمل، وأن تملكي نفسك عند الغضب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ( جاءه رجل، فقال: أوصني؟ فقال: لا تغضب، فردد مراراً، قال: لا تغضب )، وقال صلى الله عليه وسلم: ( إنما الشديد -يعني: القوي- الذي يملك نفسه عند الغضب )، فإذا غضبت فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وإن استمر معك الغضب فتوضئي، وإذا كنت قائمة فاجلسي، وإذا كنت جالسة فاضطجعي حتى يذهب عنك الغضب، والإنسان بشر قد يلقي الشيطان في قلبه جمرة فيستشيط غضباً حتى لا يدري ما يقول، نسأل الله لنا ولكم السلامة.