فتاوى نور على الدرب [53]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل على المرأة صلاة سنة الجمعة في البيت؟ وهل تصلي مع المذياع عندما ينقل صلاة الجمعة من الكويت وأنا في العراق؟

الجواب: يبدو أن قول السائلة: هل على المرأة سنة الجمعة؟ أنها تريد صلاة الجمعة كما يدل عليه آخر سؤالها، وجوابنا على ذلك أن نقول: صلاة الجمعة إنما تشرع في حق الرجال فقط، ولا تشرع في حق المرأة إلا تبعاً للإمام، فلو حضرت صلاة الجمعة مع الناس فإنه يجوز أن تصلي الجمعة تبعاً لهم، أما في بيتها فإن الواجب عليها أن تصلي صلاة الظهر، وهكذا من كان يصلي في بيته من الرجال لعذر كالمريض فإنه يجب عليه أن يصلي صلاة الظهر، أما الصلاة خلف المذياع فإنها لا تجوز؛ لأن من شرط صلاة الجمعة أن تكون في جماعة، والذي يصلي خلف المذياع ليس متصلاً بالجماعة الذين يصلون، فبينه وبينهم مسافات كبيرة وكثيرة، ولا يمكن أن يقال: إن هؤلاء الذين يصلون خلف المذياع من جماعة المسجد الذين يأتمون بإمامه في المذياع، وصلاة الجماعة وكذلك صلاة الجمعة لابد أن يكون الناس فيها مجتمعين حقيقة وحكماً على إمام واحد، وأما المنفصلون بمثل هذه المسافات البعيدة من غير أن تتصل الصفوف فإن صلاتهم لا تصح، وعلى هذا فلا يجوز للمرأة ولا لغير المرأة أن تصلي صلاة الجمعة ولا غير صلاة الجمعة خلف المذياع، هذا مع أنه يحتمل انقطاع التيار، وحينئذٍ يبقى الإنسان في حيرة، وإن كان هذا في الحقيقة ليس بمانع؛ لأنه لو انقطع صوت الإمام وأنت في المسجد ولم يمكنك متابعته فإنك تصلي ما بقي من صلاتك منفرداً.

مداخلة: أيهما أفضل: صلاة المرأة الجمعة مع الإمام أو في منزلها؟

الشيخ: الأفضل أن تصلي في منزلها صلاة الظهر ولا تصلي مع الإمام؛ لأن بيت المرأة خير لها من حضور الجماعة، إلا في صلاة واحدة وهي صلاة العيد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يخرجن إليها حتى الحيض وذوات الخدور إلا أن الحيض يعتزلن المصلى، ويجب عليها إذا خرجت أن تخرج غير متبرجة ولا متطيبة.

السؤال: هل يجوز قراءة كتاب تعطير الأنام للنابلسي وهو في تفسير الأحلام؟

الجواب: تفسير الأحلام سواء كان بتعطير الأنام كما ذكرت -وإن كنت لم أر هذا الكتاب- أم بغيره، لا ينبغي للإنسان أن يتعب نفسه فيها، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطانا فيها حكماً فاصلاً مريحاً، وذلك أن الإنسان إذا رأى ما يكره فإنه يتقي شره بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ومن شر ما رأى، وبالتفل عن يساره ثلاث مرات، وألا يخبر بذلك أحداً، وأن ينقلب من الجنب الذي كان عليه حين رأى ما يكره إلى الجنب الثاني، وأن يقوم ويتوضأ ويصلي، فبهذه الأسباب يتقي شر هذه الرؤيا التي روعته، وهذا الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يريح المرء عندما يرى ما يكره، أما إذا رأى ما يحب واستبشر بها خيراً فإنه لا بأس أن يخبر بها من يحب أيضاً، ولا يحدث بها من لا يحب؛ لأنه إذا حدث بها من لا يحب فقد يكيدون له كيداً.

السؤال: رأيت في المنام أن لي ثلاثة ألسن في فمي، وهذه الألسن في بدايتها دائرة تجمع الألسن الثلاثة، وإني خائفة من هذا الحلم، أرجوكم أن تجيبوني على الحل الشافي؟

الجواب: لا أدري عن هذا الحلم، فلعلها تجيد ثلاث لغات؛ لأن اللسان في اللغة بمعنى: اللغة، ولكن ليس هذا تفسيراً مني لأني لست ممن يفسرون الأحلام، إنما ثبت في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن رجلاً جاءه فقال: ( إني رأيت البارحة أن رأسي قد قطع وإنني خرجت أشتد في أثره -يعني: يركض وراء رأسه وهو مقطوع- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحدث الناس بتلاعب الشيطان بك في منامك )، فهذه الأحلام التي ترى قد يضربها الشيطان مثلاً للمرء وليست بحقيقة ولا لها أصل، ولهذا أرى للمرأة التي ارتاعت من هذه الرؤيا ألا تخبر بها أحداً، ثم لا تضرها إن شاء الله.

مداخلة: لا تخبر أحداً في المستقبل، أما الآن فقد أخبرت العالم كله.

الشيخ: نعم.

السؤال: هل يجوز الصلاة في مساجد وفيها قبور بعض الصالحين والأولياء، كما في الحضرة و علي الهادي ، والغيبة، أو في سيدنا الزبير ، وهل يعتبر هذا شركاً بالله أم لا؟

الجواب: أولاً: يجب أن نعرف أن بناء المساجد على القبور حرام ولا يجوز لأحد من ولاة الأمور أو غير ولاة الأمور أن يبني المساجد على القبور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا )، فإذا كانت اللعنة قد وجبت لمن بنى مسجداً على قبر نبي، فما بالك بمن بنى مسجداً على من هو دون النبي، بل على أمر قد يكون موهوماً لا محققاً، كما يقال في بعض المساجد التي بنيت على الحسين بن علي رضي الله عنه في العراق وفي الشام وفي مصر، ولا أدري كيف كان الحسين رضي الله عنه رجلاً واحداً ويدفن في ثلاثة مواضع، هذا شيء ليس من المعقول، فـ الحسين بن علي رضي الله عنه الذي تقتضيه الحال أنه دفن في المكان الذي قتل فيه، وأن قبره سيكون مخفياً خوفاً عليه من الأعداء كما أخفي قبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما دفن في قصر الإمارة في الكوفة خوفاً من الخوارج، لهذا نرى أن هذه المساجد التي يقال: إنها مبنية على قبور بعض الأولياء نرى أنه يجب التحقق منها، وهل هي حقيقة أم لا؟ فإذا كانت حقيقة فإن الواجب أن تهدم هذه المساجد وأن تبنى بعيداً عن القبور، وإذا لم تكن حقيقة وليس فيها قبر، فإنه يجب أن يبصر المسلمون بأنه ليس فيها قبور، وأنها خالية منها حتى يؤدوا الصلاة فيها على الوجه المطلوب.

وأما اعتقاد بعض العامة أنهم إذا صلوا إلى جانب قبر ولي أو نبي أن ذلك يكون سبباً لقبول صلاتهم وكثرة ثوابهم فإن هذا وهم خاطئ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور، فقال: ( لا تصلوا إلى القبور )، وكذلك قال: ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام )، فالقبور ليست مكاناً للصلاة، فلا يجوز أن يصلى حول القبر أبداً إلا الصلاة على صاحب القبر، فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على القبر.

وعلى كل حال نقول: هذه المساجد إن كانت مبنية على قبور حقيقة، فإن الواجب هدمها وبناؤها في مكان ليس فيه قبر، وإن لم تكن مبنية على قبور حقيقية، فإن الواجب أن يبصر المسلمون بذلك وأن يبين لهم أن هذا لا حقيقة له وأنه ليس فيه قبر فلان ولا فلان؛ حتى يعبدوا الله تعالى في أماكن عبادته وهم مطمئنون، أما الصلاة في هذه المساجد فإن كان الإنسان يعتقد أنها وهم وأنه لا حقيقة لكون القبر فيها فالصلاة فيها صحيحة، وإن كان يعتقد أن فيها قبراً، فإن كان القبر في قبلته فقد صلى إلى القبر، والصلاة إلى القبر لا تصح للنهي عنها، وإن كان القبر خلفه أو يمينه أو شماله فهذا محل نظر.

السؤال: قسم من الناس عندما يدعون الله يقولون: ربنا بجاههم عندك، أي: بجاه الأولياء والصالحين، هل يعتبر الجاه واسطة في هذا الدعاء بين العبد وربه؟

الجواب: ينبغي أن نعرف أن الوسيلة إنما تتخذ وسيلة إذا كانت وسيلة حقيقة، سواء ثبت كونها حقيقية بالشرع أو بالواقع، أما اتخاذ وسيلة ولم يثبت أنها وسيلة في الشرع ولا في الواقع فإن هذا من اللغو، بل نوع من الشرك؛ لأن إثبات أن هذا الشيء سبب والله تعالى لم يجعله سبباً معناه تشريك مع الله تعالى في قضائه أو شرعه، فكل من أثبت سبباً لم يثبت كونه سبباً لا باعتبار الواقع ولا باعتبار الشرع فقد أشرك بالله سبحانه وتعالى، حيث جعل ما ليس سبباً جعله سبباً، ننظر الوسيلة أو التوسل إلى الله تعالى بجاه الأولياء والأنبياء والصالحين، هل جاء في الشرع أنها وسيلة؟

الجواب: لا، ونحن نقول لكل من يسمع إذا كان لديه دليل من الشرع من النبي عليه الصلاة والسلام أو من الصحابة أو التابعين لهم بإحسان على أن التوسل بالجاه مشروع فليأت به على هذا العنوان: نور على الدرب في إذاعة المملكة العربية السعودية، ونحن نعاهد الله سبحانه وتعالى ونسأله العون على أنه متى جاءنا دليل شرعي ثابت فإننا سنتبعه؛ لأن ذلك هو الفرض علينا، فإذا كان عند أحد من الناس أن التوسل بالجاه مشروع فليتفضل به فإننا به آخذون، ولما أسداه إلينا شاكرون، وإذا لم يكن دليل من الشرع والأمر كذلك فإنني لا أعلم أبداً أن التوسل بالجاه أمر مشروع، فهل يكون الجاه وسيلة بحسب الواقع؟

الجواب: لا؛ لأن الجاه عند الله إنما ينتفع به من له الجاه فقط، أما غيره فأي نفع له، فإذا كان هذا الرجل له جاه عند الله سبحانه وتعالى فالذي ينتفع بهذا الجاه هو نفس الرجل، أما أنا فأي نفع لي بجاهه هو؟ لذلك ليس الجاه وسيلة بحسب الواقع أيضاً، فإذا لم يكن الجاه وسيلة لا بحسب الشرع ولا بحسب الواقع لم يجز أن يتخذ وسيلة، وعلى هذا فيحرم على الإنسان أن يقول: اللهم إني أسألك بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو بجاه فلان أو فلان ممن يزعمونه أولياء؛ لأن ذلك ليس سبباً شرعياً ولا سبباً واقعياً، وإذا كان غير سبب شرعي ولا واقعي فإن إثبات كونه سبباً نوع من الإشراك بالله عز وجل، ولكن بدلاً من أن يقول: أسألك بجاه النبي أو بجاه الولي يقول: اللهم أني أسألك برحمتك، أسألك بفضلك، أسألك بإحسانك، فهذا أفضل؛ لأن فضل الله وإحسانه ورحمته أشمل وأعم وأنفع للإنسان من جاه رجل عند الله عز وجل، فكونك تسأل بفضل الله ورحمته وما أشبه ذلك من صفات الله سبحانه وتعالى التي تتوسل بها إليه هذا أفضل بلا شك وأنفع للنفس وأقرب إلى الإجابة.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع