خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [26]
الحلقة مفرغة
السؤال: سمعت أن بعض الناس يقولون: لا تجوز الصلاة إلا بالحناء, فهل هذا صحيح, ويقولون: من ماتت وليس في يديها حناء لم يصلَ عليها؛ لأن يديها قد تشبهت بالرجال؟
الجواب: هذا ليس بصحيح، الحناء ليس من الأمور المفروضة ولا من الأمور الواجبة حتى يصل إلى هذه الدرجة, فالمرأة إذا لم تستعمل الحناء لا يقال: إنها أخطأت أو أثمت, وكذلك أيضاً لا يقال: إنها إذا ماتت لا يصلى عليها أو أن صلاتها لا تقبل, بل هذا مما يصنعه العوام بأفواههم, أو من أناسٍ يظنونهم علماء وليسوا بعلماء.
السؤال: أفطرت في رمضان وجاء يوم تاسع ولم أصمه, وصمت يوم تاسع علماً أنني كل سنة أصومه, فهل يجزئ عن اليوم الذي أفطرته؟
الجواب: لا يجزئ عن اليوم الذي عليها من رمضان إذا نوته نفلاً عن اليوم التاسع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( وإنما لكل امرئٍ ما نوى) ولا ينبغي لها أن تصوم التاسع نفلاً وعليها شيء من رمضان, ولكن إذا صامت التاسع بنية أنه من القضاء الذي عليها فلا حرج عليها في ذلك, ويرجى أن يحصل لها الأمران: القضاء, وأجر صيام هذا اليوم, كما لو دخل الرجل في المسجد والإمام يصلي فدخل معه في الفريضة فإنه يحصل له بذلك أداء الفريضة وتحية المسجد, هذا مثلها.
فإذا صامت التاسع من ذي الحجة ونوت به يوماً من القضاء الذي عليها أجزأها عن القضاء ويرجى أن يحصل لها ثواب اليوم, وكذلك في التاسع والعاشر من محرم لو صامتهما ونوت بهما القضاء فإنه يحصل لها الأمران: القضاء وأجر صيام هذين اليومين.
السؤال: لو صامت على أساس أنه التاسع من ذي الحجة أو التاسع والعاشر من شهر محرم, هل يقع ذلك الصيام عن نفس اليوم أم لا يقع؟
الجواب: هذه المسألة فيها خلافٌ بين أهل العلم, فمنهم من يرى أنه لا يجوز لمن عليه قضاء رمضان أن يتطوع بنفلٍ قبله, ومنهم من يرى أنه يجوز أن يتطوع بنفلٍ قبله؛ وذلك لأن هذا القضاء وقته موسع, فيجوز للإنسان أن يؤخره إلى شعبان بحيث يبقى بينه وبين رمضان الثاني بمقدار ما عليه, فإذا كان وقته موسعاً فالتنفل قبله جائز, كما يجوز للإنسان أن يتنفل قبل صلاة الفريضة في وقتها, يعني: أنه يجوز له أن يتنفل قبل صلاة الظهر إذا دخل وقت الظهر وقبل صلاة العصر إذا دخل وقت العصر؛ لأن الوقت موسع, فإذا كان مضيقاً بحيث لم يبقَ عليه من شعبان إلا بمقدار ما عليه من رمضان فهنا لا يصح التطوع, وأما سعة الوقت فإن التطوع يصح ولكن يحصل المقصود بدون محظورٍ إذا فعلت ما أشرنا إليه سابقاً بأن نوت بهذا اليوم شيئاً من القضاء عليها.
السؤال: قد يأتي اليوم التاسع وأنا لم أطهر من العادة الشهرية, فهل لي أن أصومه قضاءً بعد اليوم التاسع؟
الجواب: لا، لا تصومه قضاءً؛ لأن هذا اليوم يوم معين مخصوص, فإذا فات فقد سنيته, فلو صامت لم يحصل لها أجر صيام ذلك اليوم, وربما يقال: إنه يحصل لها؛ لأنها تركته بعذرٍ كما لو تركت صيام رمضان بعذرٍ فإنها تقضيه, لكن في هذا نظر؛ لأن قضاء رمضان واجب فلا بد من فعله, أما هذه فسنة فات محلها, والسنة إذا فات محلها سقطت.
السؤال: شعري طويل, وإذا عكف ووضعت البكلة فيه ارتفعت منه العباية أمام الرجال, فهل هذا يجوز علماً بأنني لم أعكفه حتى يلفت نظر الرجال؟
الجواب: إذا عكفته حتى لفت نظر الرجال فلا شك أن هذا من التبرج ولا يجوز؛ لأنه يحصل به الفتنة, وأما إذا كان أقل من ذلك فلا بأس به, ولكن الأولى بالمرأة أن تدع كل شيء يحتمل أن يكون به الفتنة.
السؤال: حينما أشتغل أو يأتي وقت ضيق ويأتي والدي لطلب شيء قد وضعته, وأرفع صوتي عليهم فهل هذا حرام؟
الجواب: هذا لا شك أن مثاره الغضب وضيق النفس, والذي ينبغي للإنسان أن يملك نفسه عند الغضب؛ ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مراراً قال: لا تغضب) فالذي ينبغي للإنسان أن يملك نفسه عند الغضب, ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا أحس به حتى يهدأ, وإذا كانت تملك نفسها حينئذٍ عن رفع الصوت عليهما، فإنه لا يجوز لها أن ترفع صوتها عليهما لقوله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء:23].
ومن المعلوم أن الوالدين إذا بلغا الكبر يحصل منهما دائماً ما يضيق به المرء ويحرجه ويغضبه، ومع هذا قال الله تعالى: لا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء:23] فالواجب عليها أن تتأدب مع والديها, وأن تملك نفسها عند الغضب, وأن لا تفعل ما فيه زجرٌ ونهرٌ لهما.
السؤال: أنا متزوجة شاب جامعي, وجاءني منه أولاد وبنات, وقد تزوج علي امرأة أخرى ويؤثرها علي, وأريد أن أعرف ما يلي: هل الزوج إذا طلب مني الحل وحللته بلساني مخافةً منه, هل تبرأ ذمته؟
الجواب: الواجب على الرجل صاحب الزوجتين أن يعدل بينهما بقدر ما يستطيع من القول والفعل والزمن في الاستمتاع وغير ذلك؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل) , ولكن الشيء الذي لا يمكن استطاعته كالمحبة والمودة وما يتبع ذلك فإنه لا يؤاخذ به الإنسان؛ لقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
فإذا كان هذا الرجل الذي أشارت إليه المرأة يميل مع زوجة أخرى فإن ذلك حرامٌ عليه ولا يجوز له, وإذا حللته بلسانها دون قلبها فإنه لا يبرأ به إلا في الدنيا, ولكن قد يكون له عذرٌ عند الله يوم القيامة إذا مال إلى الأخرى, وهي قد حللته؛ لأنه لا يعلم ما في قلبها, فإذا كان لا يعلم ما في قلبها فهو لا يكلف ما لم يعلم, فهو قد يقول: أنت حللتني، وإذا حللتني فأنا لا أعلم ما في قلبك, فأنا مأذونٌ لي من قبلك بأن أميل مع الأخرى, وحينئذٍ أكون معذوراً عند الله.
ولكن مع هذا ينبغي للمرأة أن تكون صريحةً حتى يكون زوجها على بينةٍ وبصيرة, فإما أن يطيق العدل بينهما, وإما أن يعجز وحينئذٍ يخيرها: إما أن تبقى على ما هي عليه, وإما أن يفارقها.
السؤال: إذا قال الزوج: إذا أردت البقاء مع أولادك, وإلا اذهبي لأهلك وليس لك مني شيءٌ فما الحكم؟
الجواب: إذا خيرها هكذا فقد أبرأ ذمته؛ ولهذا سودة بنت زمعة رضي الله عنها إحدى أمهات المؤمنين لما خافت أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبت يومها لـ عائشة رضي الله عنها لتبقى مع النبي صلى الله عليه وسلم, فصار النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لـ عائشة يومها ويوم سودة , فهذا الرجل إن خيرها, وقال: أنا لا أستطيع أن أقوم بالعدل بينكما, فإما أن تسمحي لي وتبرئيني, وإلا طلقتك أو أذنت لك في الذهاب إلى أهلك أو ما أشبه ذلك, إذا حصل هذا الأمر فقد أبرأ ذمته.
السؤال: وجد لدينا أختان أنجبتا، وقد أنجبت كل واحدة منهن ولداً, وقد قامت الكبيرة بإرضاع ولد الصغيرة لفترة, ولكن حدث أن الكبيرة طلقت من زوجها ولم تنجب منه سوى ولد واحد الذي أرضعته مع ولد أختها, وقد تزوجت المطلقة بزوجٍ ثاني, وأنجبت من زوجها الثاني ثلاث بنات وولد, أما الصغيرة فقد أنجبت أربع بنات وولد, ولكن الرضاع لم يتم بين هؤلاء الأولاد جميعاً ما عدا الولد الأول من الكبيرة والذي من الزوج الأول, ولكن حدث أن ولد الصغيرة الأول توفي, وولد الثانية الذي من الزوج الأول توفي وهم الاثنان متراضعين, أما الأولاد الباقين فلم يتم بينهم الرضاع, لهذا نرجو منك التكرم والإجابة على هذا السؤال عاجلاً حتى يكون كلٌ منا على ثقةٍ تامة من الإقدام على إحدى بنات الكبيرة وولد الصغيرة؟
الجواب: ما دام أن الأولاد الباقين ليس بينهم رضاع، لا هؤلاء رضعوا من أم هؤلاء، ولا هؤلاء رضعوا من أم هؤلاء فإنه لا حرج أن يجري النكاح بينهم؛ لأن الرضاع لا يؤثر في أقارب المرتضع إلا فيمن كان من ذريته, وأما حواشيه كإخوته وأعمامه وكذلك أصوله، آبائه فإنه لا يؤثر فيهم الرضاع شيئاً, فالرضاع ينتشر إلى المرتضع وذريته الذين تفرعوا منه فقط.
السؤال: أنا شاب في السادسة عشرة من العمر وأبي يمنعني من أداء الصلاة في المسجد, ويمنعني من أداء صلاة الجمعة, وأنه لو استطاع لمنعني من الصلاة, ولكنه يعرف الشرع في هذا المضمار, يقول: ولكنه في نفس الوقت يحاول أن يشدني من التيار الذي أنا فيه إلى تيار الفسق والفجور, فهل أطيعه، أفيدوني أفادكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟
الجواب: لا شك أن طاعة الوالد واجبة, والذي أوجب طاعة الوالد هو الله سبحانه وتعالى, ولكنها لا تجب طاعة الوالد في كل شيء، إنما تجب فيما لا يكون فيه معصيةٌ لله ورسوله, أما إذا كان في طاعته معصيةٌ لله ورسوله فإنه لا يجوز للولد طاعة والده في ذلك.
وعلى هذا فلا يجوز لك ترك الجماعة ولا الجمعة بسبب منع والدك, وعليك أن تسعى إلى الجماعة وإلى الجمعة بكل طريقٍ ممكن, ثم إن لأبيك عليك حقاً وهو أن تنصحه وترشده وتهدي له من الكتب النافعة التي يقرؤها لعل الله تعالى أن يهديه ويرده إلى الاستقامة والثبات على الحق؛ فإن هذا من أعظم البر بالوالد.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |