خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8840"> شرح ألفية ابن مالك
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح ألفية ابن مالك [38]
الحلقة مفرغة
تعريف الحال
الحال وصف فضلة منتصب مفهم في حال كفرداً أذهب
وكونه منتقلاً مشتقــاً يغلب لكن ليس مستحقـا
ويكثر الجمود في سعر وفي مبدي تأول بلا تكلف
كبعه مدا بكذا يداً بيد وكر زيدٌ أسداً أي كأسد]
الحال في اللغة: هي الهيئة التي عليها الشيء، وهي مذكر لفظاً مؤنث معنى، فتقول مثلاً: الحال الأولى، وتقول: هذا له حالان، وهذا على حالين، ولا تقول: الحالة الأولى أو هذا له حالتان، أو هذا على حالتين.
أما تعريف الحال في الاصطلاح فقال المؤلف: (الحال وصف) والوصف بمعنى الهيئة، فهو وصف وليس بجامد، (فضلة) وليس عمدة.
فخرج بقولنا (وصف) ما ليس بوصف، كما لو قلت: (زيد أخوك)، فأخوك ليس وصفاً.
وخرج بقولنا (فضلة) ما كان عمدة، كما في قولك: (كان زيد قائماً)، فإن (قائماً) وصف لزيد لكنه عمدة فهو خبر المبتدأ.
وخرج بقولنا: (منتصب)، ما ليس بمنتصب، مثل: (جاء زيد الفاضل)، فإن الفاضل في الحقيقة صفة لكنه مرفوع، والصفة فضلة أيضاً إذ إن النعت ليس عمدة في الجملة، ومع ذلك هو مرفوع فلا يكون حالاً.
قوله: (مفهم في حال كفرداً) معناه أنه يفهم منه هذا التقدير: (وهو في حال)، احترازاً من التمييز، لأن التمييز قد يكون فضله منتصباً لكن ليس مفهماً في حال، مثل قولهم: (لله دره فارساً)، فإن فارساً هذه ليست حالاً، بل هي تمييز، مع أنها فضلة منتصبة لكنها ليست مفهمة (في حال)، إذ إنك تتعجب من فروسيته ولست تريد أن تقيده أنه في حال فروسيته.
ومثال الحال أن تقول: (نزل المطر قوياً)، أي: في حال كونه قوياً وهكذا تقدر (في حال) مع الجملة.
(أتى زيد والشمس طالعة)، أي في حال طلوع الشمس، وعلى هذا فقس.
قوله: (كفرداً أذهب) فرداً: وصف فضلة منتصب مفهم في حال، لأنك تقول: أذهب في حال انفرادي، هذه هي الحال.
انتقال الحال واشتقاقه
ومعنى (منتقلاً) أنه لا يوصف بها صاحبها دائماً.
وهل يشترط أن يكون الحال منتقلاً، يعني أن الإنسان الذي هو صاحب الحال يكون أحياناً على هذا الوصف وأحياناً يكون على غيره أو ليس ذلك بشرط؟
يقول بعض النحويين إنه شرط، ولا بد أن تكون الحال متنقلة، مثاله: جاء زيد راكباً، هذه حال منتقلة يعني: يمكن أن يأتي ماشياً.
والمؤلف يقول: كون الحال منتقلة هو الغالب فمثلاً: خلق الله زيداً طويلاً، حال غير متنقلة ولكنه جائز، لأن المؤلف يقول (يغلب) وليس بلازم.
ومثّل النحويون: (خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها)، (خلق الله اليربوع رجليه أطول من يديه) فالحال هنا لازمة.
ومعنى المشتق أنه اسم فاعل أو اسم مفعول، أي: مشتق من المصدر، مثل: راكب، مركوب، فاهم، مفهوم، وما أشبه ذلك؛ هذا هو الأكثر، وهو أن يكون مشتقاً، (لكن ليس مستحقاً)، يعني ليس واجباً، وهذا الذي ذكره ابن مالك صحيح، لأنه لا يحتاج إلى تأويل وإلى تكلف.
فإذاً نقول: القاعدة من هذا البيت: الغالب في الحال أن يكون منتقلاً لا لازماً، مشتقاً لا جامداً.
قوله: (ويكثر الجمود في سعر) عكس الحكم السابق في قوله (يغلب)، يعني كأنه قال: يغلب إلا في السعر فالأكثر الجمود، وكذلك (في مبدي تأول)، أي: مظهر تأويل، وهذا في كلام يسهل تأويله، ولهذا قال: (بلا تكلف).
والحاصل أن الجمود يكثر في موضعين:
أحدهما: السعر.
والثاني: الجامد الذي في معنى المشتق.
مثاله: (فبعه مداً بكذا).
بع: فعل أمر، والهاء: ضمير مبني على الضم في محل نصب مفعول به .
مداً: حال من الهاء في قوله (بعه)، وكلمة (مد) غير مشتقة.
إذاً هي اسم جامد لكنه لسعر، إذ إن المعنى: بعه مسعراً المد بكذا.
وإذا قلت: بعه رطلاً بكذا، فهو مثله؛ لكن هذا للوزن وذاك للحجم، ومثله أيضاً بعه طناً، بعه ذراعاً، بعه باعاً، وما أشبه ذلك، كلها جامدة لكنها مؤولة بالمشتق لأنها سعر.
قوله: (بعه مداً بكذا يداً بيد)، ومثله: بع الذهب بالفضة يداً بيد، كلمة (يداً بيد) حال رغم أن كلمة (يد) جامدة لكنها مؤولة من المشتق، إذ إن معنى (يداً بيد) مقابضة.
إذاً نقول: هذه ليست سعراً لكنها فيها تأويل قريب.
قوله: (وكر زيد أسداً) كر بمعنى رجع أو انطلق عليهم. وأسداً: حال من زيد، والأسد اسم نوع من السباع، فهو جامد، لكنه مؤول بمشتق ولهذا قال المؤلف: (أي كأسد) والكاف للتشبيه، أي مشابهاً الأسد، والمعنى: كر زيد مشابهاً الأسد، ولهذا أتى المؤلف بكاف التشبيه لأن التشبيه اشتقت منه (مشابهاً) فصار مشتقاً.
خلاصة القاعدة: الغالب في الحال أن يكون منتقلاً لا لازماً، مشتقاً لا جامداً.
القاعدة الثانية: يكثر الجمود في موضعين: فيما دل على سعر، وفيما كان بمعنى المشتق، فالأول كقولك: بعه مداً بكذا والثاني كقولك: يداً بيد وكر زيد أسداً، أي كأسد.
لو قلت: أتاني بالقلب حجراً، أي: مشابهاً للحجر.
الحال المعرفة تؤول بنكرة
[ والحال إن عرف لفظاً فاعتقد تنكيره معنى كـ (وحدك اجتهد) ]
قوله: (الحال إن عرف لفظاً) كأن المؤلف يقول: الحال لا يكون إلا نكرة، تقول: جاء زيد راكباً، نزل المطر كثيراً، اشتريت الثوب مرقعاً، لكن أحياناً تأتي الحال معرفة فماذا نصنع؟
يقول المؤلف: (والحال إن عرف لفظاً فاعتقد تنكيره معنىً) أي: أوّله على نكرة كوحدك اجتهد.
اجتهد: فعل أمر. والفاعل: ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت.
وحد: حال من فاعل اجتهد، ووحد: مضاف، والكاف مضاف إليه وهو معرفة، والمضاف إلى المعرفة معرفة، فكيف قلنا في مثل هذا إن حاله مع أنه يشترط في الحال أن تكون نكرة؟
والجواب: أن تأول بمعنى (منفرداً) أي: اجتهد منفرداً، فإذا أولت بمعنى (منفرداً) صارت نكرة.
إذاً القاعدة: أن الحال لا تكون إلا نكرة فإن ورد ما هو معرفة أُوِّل بنكرة.
مثال النكرة: جاء زيد راكباً، دخلت المسجد طاهراً، قال النبي عليه الصلاة والسلام (أدخلتهما طاهرتين).
ومثال ما هو معرفة: اجتهد وحدك، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، (وحده) بمعنى: منفرداً بالألوهية.
ويقولون: ادخلوا الأول فالأول، (الأول) حال ولكنها معرفة، أي: مرتبين.
ومرتبين أحسن من تأويله بأنه (واحداً واحداً) لأنه ليس مشتقاً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الحال.
الحال وصف فضلة منتصب مفهم في حال كفرداً أذهب
وكونه منتقلاً مشتقــاً يغلب لكن ليس مستحقـا
ويكثر الجمود في سعر وفي مبدي تأول بلا تكلف
كبعه مدا بكذا يداً بيد وكر زيدٌ أسداً أي كأسد]
الحال في اللغة: هي الهيئة التي عليها الشيء، وهي مذكر لفظاً مؤنث معنى، فتقول مثلاً: الحال الأولى، وتقول: هذا له حالان، وهذا على حالين، ولا تقول: الحالة الأولى أو هذا له حالتان، أو هذا على حالتين.
أما تعريف الحال في الاصطلاح فقال المؤلف: (الحال وصف) والوصف بمعنى الهيئة، فهو وصف وليس بجامد، (فضلة) وليس عمدة.
فخرج بقولنا (وصف) ما ليس بوصف، كما لو قلت: (زيد أخوك)، فأخوك ليس وصفاً.
وخرج بقولنا (فضلة) ما كان عمدة، كما في قولك: (كان زيد قائماً)، فإن (قائماً) وصف لزيد لكنه عمدة فهو خبر المبتدأ.
وخرج بقولنا: (منتصب)، ما ليس بمنتصب، مثل: (جاء زيد الفاضل)، فإن الفاضل في الحقيقة صفة لكنه مرفوع، والصفة فضلة أيضاً إذ إن النعت ليس عمدة في الجملة، ومع ذلك هو مرفوع فلا يكون حالاً.
قوله: (مفهم في حال كفرداً) معناه أنه يفهم منه هذا التقدير: (وهو في حال)، احترازاً من التمييز، لأن التمييز قد يكون فضله منتصباً لكن ليس مفهماً في حال، مثل قولهم: (لله دره فارساً)، فإن فارساً هذه ليست حالاً، بل هي تمييز، مع أنها فضلة منتصبة لكنها ليست مفهمة (في حال)، إذ إنك تتعجب من فروسيته ولست تريد أن تقيده أنه في حال فروسيته.
ومثال الحال أن تقول: (نزل المطر قوياً)، أي: في حال كونه قوياً وهكذا تقدر (في حال) مع الجملة.
(أتى زيد والشمس طالعة)، أي في حال طلوع الشمس، وعلى هذا فقس.
قوله: (كفرداً أذهب) فرداً: وصف فضلة منتصب مفهم في حال، لأنك تقول: أذهب في حال انفرادي، هذه هي الحال.
يقول المؤلف رحمه الله: (وكونه منتقلاً مشتقا يغلب)، هذه المسألة تعني: هل يشترط في الحال أن يكون منتقلاً؟
ومعنى (منتقلاً) أنه لا يوصف بها صاحبها دائماً.
وهل يشترط أن يكون الحال منتقلاً، يعني أن الإنسان الذي هو صاحب الحال يكون أحياناً على هذا الوصف وأحياناً يكون على غيره أو ليس ذلك بشرط؟
يقول بعض النحويين إنه شرط، ولا بد أن تكون الحال متنقلة، مثاله: جاء زيد راكباً، هذه حال منتقلة يعني: يمكن أن يأتي ماشياً.
والمؤلف يقول: كون الحال منتقلة هو الغالب فمثلاً: خلق الله زيداً طويلاً، حال غير متنقلة ولكنه جائز، لأن المؤلف يقول (يغلب) وليس بلازم.
ومثّل النحويون: (خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها)، (خلق الله اليربوع رجليه أطول من يديه) فالحال هنا لازمة.
ومعنى المشتق أنه اسم فاعل أو اسم مفعول، أي: مشتق من المصدر، مثل: راكب، مركوب، فاهم، مفهوم، وما أشبه ذلك؛ هذا هو الأكثر، وهو أن يكون مشتقاً، (لكن ليس مستحقاً)، يعني ليس واجباً، وهذا الذي ذكره ابن مالك صحيح، لأنه لا يحتاج إلى تأويل وإلى تكلف.
فإذاً نقول: القاعدة من هذا البيت: الغالب في الحال أن يكون منتقلاً لا لازماً، مشتقاً لا جامداً.
قوله: (ويكثر الجمود في سعر) عكس الحكم السابق في قوله (يغلب)، يعني كأنه قال: يغلب إلا في السعر فالأكثر الجمود، وكذلك (في مبدي تأول)، أي: مظهر تأويل، وهذا في كلام يسهل تأويله، ولهذا قال: (بلا تكلف).
والحاصل أن الجمود يكثر في موضعين:
أحدهما: السعر.
والثاني: الجامد الذي في معنى المشتق.
مثاله: (فبعه مداً بكذا).
بع: فعل أمر، والهاء: ضمير مبني على الضم في محل نصب مفعول به .
مداً: حال من الهاء في قوله (بعه)، وكلمة (مد) غير مشتقة.
إذاً هي اسم جامد لكنه لسعر، إذ إن المعنى: بعه مسعراً المد بكذا.
وإذا قلت: بعه رطلاً بكذا، فهو مثله؛ لكن هذا للوزن وذاك للحجم، ومثله أيضاً بعه طناً، بعه ذراعاً، بعه باعاً، وما أشبه ذلك، كلها جامدة لكنها مؤولة بالمشتق لأنها سعر.
قوله: (بعه مداً بكذا يداً بيد)، ومثله: بع الذهب بالفضة يداً بيد، كلمة (يداً بيد) حال رغم أن كلمة (يد) جامدة لكنها مؤولة من المشتق، إذ إن معنى (يداً بيد) مقابضة.
إذاً نقول: هذه ليست سعراً لكنها فيها تأويل قريب.
قوله: (وكر زيد أسداً) كر بمعنى رجع أو انطلق عليهم. وأسداً: حال من زيد، والأسد اسم نوع من السباع، فهو جامد، لكنه مؤول بمشتق ولهذا قال المؤلف: (أي كأسد) والكاف للتشبيه، أي مشابهاً الأسد، والمعنى: كر زيد مشابهاً الأسد، ولهذا أتى المؤلف بكاف التشبيه لأن التشبيه اشتقت منه (مشابهاً) فصار مشتقاً.
خلاصة القاعدة: الغالب في الحال أن يكون منتقلاً لا لازماً، مشتقاً لا جامداً.
القاعدة الثانية: يكثر الجمود في موضعين: فيما دل على سعر، وفيما كان بمعنى المشتق، فالأول كقولك: بعه مداً بكذا والثاني كقولك: يداً بيد وكر زيد أسداً، أي كأسد.
لو قلت: أتاني بالقلب حجراً، أي: مشابهاً للحجر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
[ والحال إن عرف لفظاً فاعتقد تنكيره معنى كـ (وحدك اجتهد) ]
قوله: (الحال إن عرف لفظاً) كأن المؤلف يقول: الحال لا يكون إلا نكرة، تقول: جاء زيد راكباً، نزل المطر كثيراً، اشتريت الثوب مرقعاً، لكن أحياناً تأتي الحال معرفة فماذا نصنع؟
يقول المؤلف: (والحال إن عرف لفظاً فاعتقد تنكيره معنىً) أي: أوّله على نكرة كوحدك اجتهد.
اجتهد: فعل أمر. والفاعل: ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت.
وحد: حال من فاعل اجتهد، ووحد: مضاف، والكاف مضاف إليه وهو معرفة، والمضاف إلى المعرفة معرفة، فكيف قلنا في مثل هذا إن حاله مع أنه يشترط في الحال أن تكون نكرة؟
والجواب: أن تأول بمعنى (منفرداً) أي: اجتهد منفرداً، فإذا أولت بمعنى (منفرداً) صارت نكرة.
إذاً القاعدة: أن الحال لا تكون إلا نكرة فإن ورد ما هو معرفة أُوِّل بنكرة.
مثال النكرة: جاء زيد راكباً، دخلت المسجد طاهراً، قال النبي عليه الصلاة والسلام (أدخلتهما طاهرتين).
ومثال ما هو معرفة: اجتهد وحدك، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، (وحده) بمعنى: منفرداً بالألوهية.
ويقولون: ادخلوا الأول فالأول، (الأول) حال ولكنها معرفة، أي: مرتبين.
ومرتبين أحسن من تأويله بأنه (واحداً واحداً) لأنه ليس مشتقاً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
[ ومصدر منكر حالاً يقع بكثرة كبغتة زيد طلع
ولم ينكر غالباً ذو الحال إن لم يتأخر أو يخصص أو يبن
من بعد نفي أو مضاهيه كلا يبغ امرؤ على امرئ مستسهلا
وسبق حال ما بحرف جر قد أبوا ولا أمنعه فقد ورد ]
سبق أن الحال وصف، والوصف ما دل على حدث وفاعله، مثل قائم ومضروب، يعني اسم الفاعل واسم المفعول، وتقدم أنه قد يخرج عن كونه وصفاً إلى أن يكون جامداً لكنه مؤول بالوصف.
ثم ذكر المؤلف أيضاً أنه يستثنى من ذلك المصدر، فالمصدر ليس وصفاً ولا مشتقاً، بل المصدر مشتق منه، فالفعل (ضَرَب) من مشتق من الضرب، وأكل من الأكل، ونام من النوم.
فالمصدر مشتق منه وليس مشتقاً، فلا يصح أن يجيء حالاً، لأن القاعدة أن الحال لا بد أن يكون وصفاً؛ لكن المؤلف يقول: (ومصدر منكر حالاً يقع).
مصدر: مبتدأ، وصح أن يكون مبتدأً وهو نكرة -ولا يصح الابتداء بالنكرة- لأنه موصوف وصفه (منكر).
حالاً: حال.
يقع: الجملة خبر (مصدر).
والمعنى أن المصدر المنكر يقع حالاً بكثرة، مثاله: (بغتة زيد طلع)، أصل هذا التركيب: زيد طلع بغتة، لكن قدم الحال من أجل الروي فقال: بغتة زيد طلع، وإعرابها: بغتة: حال من فاعل طلع، لا من زيد.
زيد: مبتدأ.
طلع: فعل ماض والفاعل ضمير مستتر، والجملة من الفعل والفاعل المستتر خبر المبتدأ.
قاعدة هذا البيت: يقع المصدر المنكر حالاً كثيراً مثاله: طلع زيد بغتة لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً [الأعراف:187] أي: لا تأتيكم إلا مفاجأة.
هذا ما ذهب إليه المؤلف، أعني: أن بغتة حال، وقيل: إن بغتة ليس بحال وإنما هو مصدر، والحال هو الفعل الذي هذا مصدره، ويكون المعنى: زيد طلع يبغت بغتة، ويصير الحال جملة (يبغت)، ولم يعربوا (بغتة) حالاً لأنها مصدر، وهؤلاء هم المتعصبون المتشددون.
ثم على القول بأن المصدر نفسه هو الحال هل ينقاس أم يقتصر فيه على السماع؟
قال بعضهم: يقتصر فيه على السماع، وحكي إجماع النحويين عليه، ولكنه غير صحيح.
وقال بعضهم: بل ينقاس ولا يقتصر فيه على السماع، وهذا القول هو الراجح عندنا، وذلك لأن المصدر يقع خبراً كثيراً، تقول: زيد عدل، وعمرو رضا، وخالد ثبت، وما أشبه ذلك، فإذا كان المصدر يكون خبراً ويكون صفة فلماذا لا يكون حالاً؟ فالصحيح أنه يأتي حالاً قياساً.
فعندنا الآن ثلاثة آراء: الرأي الأول: لا يكون المصدر حالاً أبداً، وما أتى من كلام العرب يوهم ذلك فيجب أن يؤول، وذلك بأن يجعل المصدر مصدراً، والفعل الذي انتصب به هذا المصدر هو الحال.
والقول الثاني: يصح أن يكون المصدر حالاً ولكنه مقصور على السماع ولا يقاس عليه.
والقول الثالث: يصح أن يكون المصدر حالاً وهو مقيس لكنه قليل، وابن مالك كما سيأتي في النعت إن شاء الله يقول:
ونعتوا بمصدر كثيرا فالتزموا الإفراد والتذكيرا
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
[ ولم ينكر غالباً ذو الحال إن لم يتأخر أو يخصص أو يبن
من بعد نفي أو مضاهيه ].
ذو: بمعنى صاحب، والنكرة ضد المعرفة، أي: يشترط في صاحب الحال يكون معرفة كما يؤخذ من قوله: (ولم ينكر غالباً ذو الحال)، وهذا في الغالب، فلو قلت: جاء رجل راكباً، فهذا من غير الغالب.
والغالب في مثل هذا المثال أن تقول: جاء رجل راكب، فتجعله صفة لرجل، فالوصف بعد النكرة صفة يتبعها في الإعراب، ولا يكون حالاً منها، وقد روي أن الرسول عليه الصلاة والسلام: (صلى وراءه قوم قياماً) ما قال: قوم قيامٌ، ولكن هذا المثال وإن مثل به الشارح لا يصلح؛ لأن (قوم) وصفت بقوله: (وراءه) فصح مجيء الحال منها، لكن لو قلت: جاء قومٌ قياماً، فهذا هو المثال الصحيح.
إذاً: القاعدة في هذا البيت: الغالب أن يكون صاحب الحال معرفة، ولا يكون نكرة إلا في هذه المسائل:
أولاً: إن لم يتأخر، فإذا تأخر جاز فيه النكرة، تقول: جاء راكباً رجلٌ، ولهذا قالوا: إن الجمل قبل النكرات أحوال وبعدها نعوت.
ومنه: جاء ماشياً ولد، جاءت راكبةً امرأةٌ، أسرع قاصداً جواد، وعلى هذا فقس.
ثانياً: (أو يخصص): فإذا خصص صاحب الحال وهو نكرة جاز مجيء الحال منه، تقول: جاءني رجل ثقيل راكباً.
والتخصيص سواء كان بالصفة كما مر، أو بالإضافة، مثل: اشتريت كتابَ طالبٍ ثالثاً.
ثالثاً: (أو يبن من بعد نفي أو مضاهيه).
يبن: يتبين ويظهر، (من بعد نفيٍ): تقول: ما في الدار رجلٌ جالساً.
ما: نافية.
في الدار: جار ومجرور في محل خبر مقدم.
رجل: مبتدأ مؤخر.
جالساً: حال من رجل، ورجل نكرة؛ لكن سوغ مجيء الحال منها أنها بعد نفي.
ومثاله أيضاً: ما أتاني رجل راكضاً، راكضاً: حال من رجل، ورجل نكرة.
وقول المؤلف: (أو مضاهيه)، الذي يضاهيه في النفي النهي، والاستفهام الإنكاري، فالنهي مثل له المؤلف بقوله: (لا يبغ امرؤٌ على امرئ مستهلاً).
امرؤٌ: فاعل.
على امرئ: جار ومجرور متعلق بالفعل (يبغي) في محل نصب مفعول به.
مستسهلاً: حال من فاعل يبغي (امرؤ) الأولى، وصح مجيء الحال منه وهو نكرة؛ لأنه في سياق النهي.
ومثاله في سياق الاستفهام الإنكاري: هل من أحدٍ في البيت قائماً؟
قائماً: حال من أحد، وجاءت منه حال مع أنه نكرة؛ لأنه في سياق الاستفهام الإنكاري.
حاصل هذه القاعدة: لا يكون صاحب الحال إلا معرفة إلا في ثلاثة مواضع، وهي:
إذا كان متأخراً.
إذا وقع بعد نفي أو شبهه.
إذا خصص بإضافة أو وصف.