خطب ومحاضرات
فقه المواريث - المناسخات [1]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
إخوتي الكرام! انتهينا من مبحث الحساب ووصلنا إلى المناسخات، فنقرأ الأبيات على وجه السرعة، وما يحتاج إلى بيان معناه أبينه؛ لأن الشرح قد تقدم معنا مفصلاً, ثم ندخل في المناسخات إن شاء الله.
قال الإمام الرحبي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا: باب الحساب.
وإن ترد معرفة الحساب لتهتدي به إلى الصواب
وتعرف القسمة والتفصيلا وتعلم التصحيح والتأصيلا
تقدم معنا معنى التصحيح ومعنى التأصيل, أما التأصيل فقلنا: إخراج أقل عدد يخرج منه فرض المسألة أو فروضها.
وأما التصحيح: فهو استخراج أقل عدد يستخرج منه نصيب كل وارث.
القسمة: أي القسمة الصحيحة أيضاً بلا كسر.
فاستخرج الأصول في المسائل ولا تكن عن حفظها بذاهل
كم عدد الأصول؟ قول الجمهور: إنها سبعة أصول.
فإنهن سبعة أصول ثلاثة منهن قد تعول
وهي أصل ستة, وأصل اثني عشر, وأصل أربع وعشرون.
وبعدها أربعة تمام لا عول يعروها ولا انثلام
فالسدس من ستة أسهم يرى
يعني: لو كان عندنا سدس فأصل المسألة من ستة.
والثلث والربع من اثني عشراً
إذا كان عندنا ثلث وربع فبينهما مباينة فنضرب ثلاثة في أربعة باثني عشر.
والثمن إن ضم إليه السدس
صار بينهما الآن موافقة في النصف.
فأصله الصادق فيه الحدس
الحدس هو: الظن والتخمين والتوهم في الشيء، لكن هنا ظنٌ صادق, كأنه يقول: فأصله الذي هو ثابت وليس بظن يحتمل الصدق والكذب والصواب والخطأ, بل هو ظن صادق, وهو أربع وعشرون.
فأصله الصادق فيه الحدس
أربعة يتبعها عشرونا يعرفها الحساب أجمعونا
فهذه الثلاثة الأصول
أي: ستة .. اثنا عشر .. أربع وعشرون.
إن كثرت فروضها تعول
فتبلغ الستة عقد العشرة
تعول إلى عشرة شفعاً ووتراً.
في صورة معروفة مشتهرة
وتلحق التي تليها بالأثر
وهي أصل اثنا عشر.
في العول إفراداً إلى سبع عشر
أي: إلى ثلاثة عشر, وخمسة عشر, وسبعة عشر.
والعدد الثالث قد يعول
وهو أربع وعشرون.
بثمنه فاعمل بما أقول
يعني: إلى سبعة وعشرين, عولاً واحداً.
جاء للأصول التي لا تعول بعد ذلك, فقال:
والنصف والباقي أو النصفان
إذا كانت المسألة فيها نصف وعصبة، أو نصفان كزوج زوج وأخت شقيقة.
أصلهما في حكمهم اثنان
أي: تكون المسألة من اثنين.
والنصف والباقي أو النصفان أصلهما في حكمهم اثنان
والثلث من ثلاثة يكون والربع من أربعة مسنون
والثمن إن كان فمن ثمانية فهذه هي الأصول الثانية
وهي أربعة أصول.
لا يدخل العول عليها فاعلم ثم اسلك التصحيح فيها واقسم
وإن تكن من أصلها تصح
أي: لا تحتاج إلى تصحيح.
فترك تطويل الحساب ربح
فأعط كلاً سهمه من أصلها مكملاً أو عائلاً من عولها
قال الرحبي رحمه الله:
باب السهام:
وإن ترى السهام ليست تنقسم على ذوي الميراث فاتبع ما رسم
واطلب طريق الاختصار في العمل بالوفق والضرب يجانبك الزلل
قد تقدم معنا أنه إذا لم تنقسم السهام على الرءوس فإما أن توافق أو تباين، ففي حال الموافقة نأخذ وفق الرءوس -لا وفق السهام- وفي حال المباينة نضرب كامل عدد الرءوس في أصل المسألة أو في مبلغ عولها، ولذلك يقول:
واطلب طريق الاختصار في العمل بالوفق والضرب يجانبك الزلل
واردد إلى الوفق الذي يوافق واضربه في الأصل فأنت الحاذق
إن كان جنساً واحداً أو أكثرا فاتبع سبيل الحق واطرح المرا
وإن ترى الكسر على أجناس
عندنا الآن عدد من السهام منكسرة على عدد من الرءوس، فليس هناك كسر واحد, فيقول:
وإن تر الكسر على أجناس فإنها في الحكم عند الناس
تحصر في أربعة أقسام يعرفها الماهر في الأحكام
وهي مماثل، وقلنا: هما العددان المتساويان المتماثلان:
مماثل من بعده مناسب
والمناسب هو المتداخل, وقلنا: الأصل أنه داخل في الأكبر، والأكبر ينقسم على الأصغر قسمة صحيحة بلا كسر، فهما متداخلان, ويقال لهما: متناسبان.
مماثل من بعده مناسب وبعده موافق مصاحب
والرابع المباين المخالف ينبيك عن تفصيلهن العارف
إذاً: مماثلة .. مداخلة .. موافقة .. مباينة.
فخذ من المماثلين واحداً
إذا كانت هذه الرءوس الآن التي صار بينها انكسارات, إذا كانت متماثلة, أخذنا أحدهما واكتفينا به.
سهام ما انقسمت على الرءوس, بل انكسرت أكثر من انكسار, فننظر بينها كما تقدم معنا, فهذه المثبتة بالنسب الأربع:
فخذ من المماثلين واحداً وخذ من المناسبين الزائدا
الأكبر هو الأكبر.
واضرب جميع الوفق في الموافق واسلك بذاك أنهج الطرائق
وخذ جميع العدد المباين واضربه في الثاني ولا تداهن
أي: إذا كانت العلاقة هي المباينة فلا بد من ضرب العددين في بعضهما.
قلنا: عندنا نظرتان إذا كان الانكسار على أكثر من فريق:
النظرة الأولى: بين السهام والرءوس.
الأمر الثاني: النظر بينها بالنسب الأربع.
فحاصل النظر قلنا: نسميه جزءاً يوضع فوق أصلها أو عولها ويضرب فيها؛ لتخرج معنا جامعة التصحيح.
فذاك جزء السهم فاحفظنه
قلنا: الجزء بمعنى: الحظ، والسهم قلنا: أي: كل سهم في المسألة ينبغي أن يضرب في هذا العدد الذي أخرجناه بعد أن ضربنا فيه أصل المسألة أو مبلغ عولها.
فذاك جزء السهم فاحفظنه واحذر هديت أن تزيغ عنه
انتبه! هذا ينبغي أن تضربه في كل سهم، كل ما للورثة من سهام يضرب في جزء السهم.
واضربه في الأصل الذي تأصلا وأحص ما انضم وما تحصلا
واقسمه فالقسم إذا صحيح يعرفه الأعجم والفصيح
فهذه من الحساب جمل يأتي على مثالهن العمل
من غير تطويل ولا اعتساف فاقنع بما بين فهو كاف
المناسخات: جمع مناسخة، والمناسخة مفاعلة من النسخ.
ومعنى النسخ في اللغة: يأتي لثلاثة معانٍ:
أولها: بمعنى التحويل والنقل، ومنه: نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه إلى مكان آخر, ومنه: نسخت الخلية, إذا حولت عسلها ونحلها إلى مكان آخر.
والمعنى الثاني: يأتي بمعنى التغيير والتبديل، ومنه: نسخت الريح آثار الديار, غيرتها .. بدلتها.
ويأتي بمعنى: المحو والإزالة، ومنه: نسخت الشمس الظل, بمعنى: محته .. أزالته, ما بقي هناك ظل عندما جاءت الشمس.
إذاً: هذه ثلاثة معانٍ للنسخ في اللغة، كما قلت: التحويل والنقل .. التغيير والتبديل .. المحو والإزالة.
وأما في الشرع فالنسخ في الأحكام الشرعية له معنى, وفي الفرائض له معنى.
أما النسخ في الأحكام الشرعية فهو: رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر بدليل متراخٍ.
أي: أن يرفع حكماً شرعياً متقدماً بحكم شرعيٍ متأخر؛ لكن دليل النسخ متراخٍ؛ لأنه لو كان متصلاً به يعتبر من باب الاستثناء, أي من باب التخصيص، ينبغي أن يكون الدليل متراخياً عن دليل النسخ.
والنسخ مهم جداً في علوم الشريعة، ومن لم يتقن الناسخ والمنسوخ لا يجوز أن يفتي, ولا أن يعظ, ولا أن يدرس.
وقد ثبت في كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للإمام الحازمي في مقدمته (ص:6)، والأثر رواه الإمام البيهقي في السنن الكبرى (10/117) عن سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه أنه دخل مسجد الكوفة وقاص يقص, يعني: ويعظ يحدث، فدعاه وقال له: أتعرف ناسخ الحديث من منسوخه؟ قال: لا، قال: ابن من أنت؟ ومن أنت؟ قال: أنا فلان ابن فلان، قال: أنت ابن اعرفوني, تريد أن تقول للناس: اعرفوني اعرفوني, اخرج من مسجدنا ولا تحدث به. ويحك! هلكت وأهلكت.
وهذا الأثر رواه أيضاً الإمام الحازمي عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين (ص:7) وليس هو في سنن البيهقي .
وكان الإمام الشافعي عليه رحمة الله كما قرر أئمتنا في مناقبه وفي مبحث النسخ من كتب المصطلح؛ كان أعلم أهل زمانه بالناسخ والمنسوخ من الحديث، وهو أول من ألف فيما يتعلق بهذا الفن, عندما ألف كتاب اختلاف الحديث. فالإمام الشافعي هو أول من نوه بهذا العلم، فالأحاديث المختلفة إما أن يكون بعضها ناسخاً وبعضها منسوخاً، وإما عن طريق الجمع، وإما عن طريق الترجيح، ولذلك أول ما نلجأ إليه الجمع، ثم النسخ، ثم الترجيح كما في كتاب اختلاف الحديث, وأول من ألف في ذلك الإمام الشافعي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا.
وفي كتابه الأم وفي الرسالة تعرض لهذا المبحث بكثرة، ولذلك كان الإمام أحمد عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول: ما عرفنا ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا هذا الفتى من قريش.
وأئمتنا أشاروا إلى هذا في كتب المصطلح, قال الإمام العراقي زين الدين عبد الرحيم الأثري في ألفيته:
والنسخ رفع الشارع السابق من أحكامه بلاحق وهو قمن
قمن: جدير وحقيق أن يعتنى به.
والنسخ رفع الشارع السابق من أحكامه بلاحق وهو قمن
أن يعتنى به وكان الشافعي ذا علمه ثم بنص الشارع
يعني: تذكروا الآن طرق النسخ, أولها بنص الشارع, بأن ينص على أن هذا ناسخ وهذا منسوخ. وهذا أقوى طرق النسخ, مثل: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ),
فهذا الطريق الأول.
أو صاحب أو عرف التاريخ أو أجمع تركاً بان نسخ ورأوا
دلالة الإجماع لا النسخ به كالقتل في رابعة بشربه
وهذه طرق النسخ: النص, ثم قول الصحابي: هذا ناسخ وهذا منسوخ، أو: هذا في بداية الأمر وهذا في آخر الأمر.
والثالث: عن طريق معرفة التاريخ, تبين لنا أن هذا كان في مكة وذاك في المدينة، هذا في العام الثالث وذاك في العام السابع، فعند التعارض الذي في العام الثالث ينسخ بالذي حصل في العام السابع مثلاً.
وآخر الأمور: الإجماع على أن هذا ناسخ وهذا منسوخ، كما أجمعوا على أن شارب الخمر لا يقتل في الخمر, مع أن الحديث صحيح به, كما رواه الإمام الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال: لم يعمل به المسلمون، ( فإن عاد الرابعة فاقتلوه ). وهذا لا ينسخ, إنما يكشف عن دليل ناسخ، ولذلك قال: (أو أجمع تركاً بان نسخ)، يعني: الإجماع يبين أنه هنا نسخ، وليس هو الذي ينسخ.
دلالة الإجماع لا النسخ به كالقتل في رابعة بشربه
إذاً: هذا العلم له شأن عظيم جليل كما قلت, ويوجد كتب كثيرة في الناسخ والمنسوخ, منها كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للإمام الحازمي , وهو من علماء القرن السادس للهجرة, توفي سنة خمسمائة وكسور, وهو من أئمة الحديث والعلماء الصالحين الربانيين, ولعله أوسع ما كتب في ذلك.
نعم يوجد للإمام ابن الجوزي أيضاً الناسخ والمنسوخ من الحديث, غير الناسخ والمنسوخ من القرآن له أيضاً.
قال في العذب الفائض (1/198): أعمال المناسخة من أرفع أبواب الفرائض قدراً، وأشهرها بين الأنام ذكراً، وأغمضها مسلكاً، وأدقها سراً، فوجب صرف الهمة لفتح مغلقها، وإيضاح مشكلاتها, وإمعان النظر في تهذيب طرقها, وحل معضلاتها.
إذاً: تعريف النسخ في الأحكام الشرعية، وثانياً: تعريف النسخ في الفرائض. ما معنى المناسخات في الفرائض؟
المناسخات في الاصطلاح: أن يموت ميت وقبل قسمة التركة يموت بعض ورثته, واحد أو أكثر.
مات ميت قبل أن تقسم تركته ومات بعض ورثته, واحد .. اثنان .. ثلاثة .. أكثر من الذين يرثونه, فالآن تحتاج أن تقسم الورثة على من يرثه في أول الأمر، ثم على من ورث من ورثه، وعلى من ورث من ورثهم, على حسب تعدد الموتى بعد الميت الأول.
وهذه المناسخات في الاصطلاح الفرضي هي المعنى اللغوي, أي أنه تقدم معنا أن النسخ في اللغة بمعنى: التحويل والنقل، والمناسخات في الفرائض بمعنى التحويل والنقل؛ لأننا نقلنا نصيب هذا الوارث الميت إلى ورثته، فحصل معنى التحويل والنقل من وارث إلى وارث في المناسخات، وفيها معنى التغيير والتبديل، فالفريضة الأولى تغيرت, كان سيوزع الميراث فيها مثلاً على أربعة من الورثة، مات أحدهم وترك أيضاً ستة من الورثة، فستتغير الفريضة, ستقسم على هؤلاء وعلى أولئك، فحصل فيها تغيير وحصل فيها تبديل، وحصل فيها محو وإزالة؛ لأن الفريضة الأولى كلها ستمحى وتزال وتنسخ وتغير بالفريضة الثانية عند حصول الميت الثاني والثالث والرابع؛ لذلك فجامعة المناسخة هي التي ستعتبر العمدة في توزيع التركة.
فإذاً: حصل المعنى اللغوي في المعنى الاصطلاحي، حيث حصل التحويل والنقل، والتغيير والتبديل, والمحو والإزالة.
أحوال المناسخات على وجه العموم, أذكرها باختصار, ثم ندخل في التفصيل بإذن العزيز القهار.
للمناسخات ثلاثة أحوال:
المناسخات من الدرجة الأولى
مثاله: مات ميت وترك ورثة، ثم مات بعض ورثته, فورثه بقية الورثة الذين ورثوا معه الميت الأول، ورثوه كما ورثوا ذلك, فإرثهم ما تغير.
كما لو مات إنسان عن عشرة إخوة أشقاء يرثونه عن طريق التعصيب, فمات واحد وثان وثالث ورابع وخامس منهم, فبقي خمسة, وإرثهم من الميت الأول والثاني والخمسة كإرثهم من الأول ومن بعده على وجه واحد وعلى حد سواء، هذه يقال لها: مناسخة من الحالة الأولى .. من الحال الأول .. من الدرجة الأولى.
إذاً: أن يكون ورثة الميت الثاني فمن بعده هم ورثة الميت الأول, أي: هم بقية ورثة الميت الأول, وإرثهم من الثاني فمن بعده كإرثهم من الأول.
المناسخات من الدرجة الثانية
الميت الأول له ورثة, مات واحد منهم هذا الواحد له ورثة, لا يرثه إلا ورثته هؤلاء, الذين ورثوا معه الميت الأول لا يرث واحد منهم من الميت الثاني.
إذاً: هذا الميت الثاني عندما مات أو الثالث له ورثة جدد, فكل ميت يرثه ورثة جدد لا يرثون غيره، فهؤلاء الذين ورثوا الأول لا يرثون من الثاني ولا من الثالث ولا من الرابع، وكلما مات ميت كان له ورثة مستقلون جدد, لا يشاركهم غيرهم في الميراث.
المناسخات من الدرجة الثالثة
إذاً: أخرجناها عن الحالة الأولى بأحد هذين القيدين, ولا يشترط وجودهما: أن يكون ورثة الميت الثاني فمن بعده هم بقية ورثة الميت الأول, لكن اختلف إرثهم, كانوا يرثون من الأول عن طريق التعصيب مثلاً, فورثوا من الثاني عن طريق الفرض, أو ورث معهم غيرهم, متى ما ورث واحد آخر معهم بعد ذلك صارت من الدرجة الثالثة.
إذاً: هذه باختصار أحوال المناسخة, التي لا تخرج عنها المناسخات.
الحالة الأولى: ورثة الثاني فمن بعده هم بقية ورثة الميت الأول, وإرثهم من الثاني فمن بعده كإرثهم من الميت الأول. وهذه أسهل أحوال المناسخات، ولا تحتاج إلى جوامع, إنما جامعة واحدة, واختصار قبل العمل كما سيأتينا.
الحالة الثانية: ورثة كل ميت لا يرثون غيره، وعليه فورثة الثاني فمن بعده لا يدخل فيهم واحد من ورثة الميت الأول.
الحالة الثالثة: ورثة الثاني فمن بعده هم بقية ورثة الميت الأول، لكن اختلف إرثهم من الميت الثاني والثالث عن ميراثهم من الأول، أو ورث معهم غيرهم.
الحالة الأولى أيسرها وأسهلها لا تحتاج إلى حتى جامعة ولا إلى شيء، وكل من مات تنسخه, وتعتبر من بقي كأن الميت الأول مات وتركهم. وهذه أسهل الحلول.
الحالة الثانية: نخرج جامعة واحدة.
الحالة الثالثة: بعد كل ميت سنخرج جامعة، فلو كان عندك خمسة أموات ستخرج أربع جامعات، الأصل الأول الذي أخرجناه, ثم في الميت الثاني جامعة، ثم في الميت الثالث جامعة، ثم للميت الرابع جامعة، ثم الميت الخامس جامعة, وهكذا، كل ميت بعد ذلك له جامعة, لا يمكن إلا أن تتعدد معك الجوامع إلى أن تصل إلى الجامعة الأخيرة. هذه في الحالة الثالثة, وهي أصعبها.
والثانية: يسيرة؛ لأنك ستخرج جامعة واحدة، لكنها دقيقة كما سيأتينا في كيفية استخراجها, وقد يزل طالب العلم فيها.
أما الأولى فهي السهلة, وهي التي سنتدارسها في هذه المحاضرة إن شاء الله، والثانية والثالثة فيما يأتي.
الحال الأول لها: أن يكون ورثة الميت الثاني فمن بعده هم ورثة الميت الأول، أي هم بقية ورثة الميت الأول، وإرثهم من الثاني فمن بعده كإرثهم من الميت الأول. هذه يقال لها: المناسخات من الدرجة الأولى:
مثاله: مات ميت وترك ورثة، ثم مات بعض ورثته, فورثه بقية الورثة الذين ورثوا معه الميت الأول، ورثوه كما ورثوا ذلك, فإرثهم ما تغير.
كما لو مات إنسان عن عشرة إخوة أشقاء يرثونه عن طريق التعصيب, فمات واحد وثان وثالث ورابع وخامس منهم, فبقي خمسة, وإرثهم من الميت الأول والثاني والخمسة كإرثهم من الأول ومن بعده على وجه واحد وعلى حد سواء، هذه يقال لها: مناسخة من الحالة الأولى .. من الحال الأول .. من الدرجة الأولى.
إذاً: أن يكون ورثة الميت الثاني فمن بعده هم ورثة الميت الأول, أي: هم بقية ورثة الميت الأول, وإرثهم من الثاني فمن بعده كإرثهم من الأول.
استمع المزيد من الشيخ عبد الرحيم الطحان - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فقه المواريث - الحجب [1] | 3823 استماع |
فقه المواريث - الرد على الزوجين [1] | 3589 استماع |
فقه المواريث - حقوق تتعلق بالميت | 3573 استماع |
فقه المواريث - ميراث الخنثى [1] | 3539 استماع |
فقه المواريث - توريث ذوي الأرحام | 3484 استماع |
فقه المواريث - المسألة المشتركة | 3438 استماع |
فقه المواريث - أدلة عدم توريث ذوي الأرحام | 3346 استماع |
فقه المواريث - متى يسقط الجدات ومن يحجبهن | 3308 استماع |
فقه المواريث - أصحاب الفروض | 3258 استماع |
فقه المواريث - الجد والإخوة [7] | 3226 استماع |