شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [10]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث، فقال: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم )].

الشرح:

حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا في السلم، والسلم نوع من أنواع البيع، وسبق أن ذكرنا تعريفه وأن الحكمة منه هي التوسعة على الناس، فالمسلم الذي يعطي الدراهم يستفيد رخص السلع، والمسلم إليه الذي يأخذ الدراهم يستفيد أن يتوسع بهذه الدراهم.

قوله صلى الله عليه وسلم: ( من أسلف في شيء فليسلف )، هذا الشرط الأول من شروط السلم، وهو تقديم رأس مال السلم في المجلس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فليسلف )، وهكذا استدل الشافعي رحمه الله تعالى، وعلى هذا إذا تفرقا قبل تسليم رأس مال السلم في المجلس فإن العقد يبطل.

قال: ( في كيل معلوم، ووزن معلوم )، هذا الشرط الثاني: أن يكون المسلم فيه مما يضبط بالوصف، وعلى هذا فإن الضابط في باب السلم: كل ما أمكن ضبطه صح السلم فيه، وهذا يدخل فيه أشياء كثيرة، مثل: الصناعات وقد كان العلماء في الزمن السابق يمنعون من السلم في بعض الأشياء؛ لأنها تصنع باليد، أما الآن فالأشياء تصنع بالآلات، فتأتيك الصناعات كأنها شيء واحد، وعلى هذا سائر المصنوعات الآن يصح السلم فيها، كالثياب والآلات الكهربائية، والكتب، والأطعمة والمواد الغذائية ونحو ذلك، والذي لا يمكن ضبطه لا يصح السلم فيه، وهذا في وقتنا شيء يسير، ربما بعض المصنوعات التي انقطعت، أو بعض الكتب المخطوطة، أو بعض الجواهر الكريمة التي لا يمكن أن تضبط، فهذه لا يصح السلم فيها،

الشرط الثالث: قوله: ( معلوم )، أن يكون المسلم فيه معلوماً، وأيضاً رأس مال السلم يشترط أن يكون معلوماً.

الشرط الرابع: قوله: ( إلى أجل معلوم )، يعني: لابد أن يكون رأس مال السلم معلوماً، والمسلم فيه لابد أن يكون معلوماً، والأجل أيضاً لابد أن يكون معلوماً.

وقوله أيضاً: ( إلى أجل معلوم )، يؤخذ منه أنه لابد المسلم فيه أن يكون مؤجلاً، وعلى هذا إذا كان حالاً لا يصح السلم فيه؛ لأن السلم بيع لما في الذمة، فلابد أن يكون مؤجلاً، ولو كان حالاً كأن قال: أسلفتك ألف ريال مقابل أن تعطيني من بر صفته كذا وكذا الآن، أو تعطيني كتاباً صفته كذا وكذا الآن، فإن أكثر العلماء على أنه لا يصح.

وعند الشافعي رحمه الله أنه يصح، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يصح بشرط: أن لا يكون معدوماً.

إذاً: للعلماء في السلم الحال ثلاثة آراء:

الرأي الأول: أنه لا يصح، لأن السلم بيع لما في الذمة المؤجل.

الرأي الثاني: رأي الشافعي أنه يصح.

الرأي الثالث: أنه يصح بشرط أن لا يكون معدوماً وهو اختيار ابن تيمية رحمه الله.

الشرط الخامس: أن يسلف في الذمة، يعني: لا يكون السلف لأمر معين؛ لأن المعين يعقد عليه عقد بيع، ولا يعقد عليه عقد سلم، يعني: لا يصح أن تقول مثلاً: أسلفتك ألف ريال تعطيني من هذه الآلات، أو تعطيني من هذا البر وتعينه، لكن تقول: تعطيني براً صفته كذا وكذا، حتى لو تذكر البلد، أو تذكر الجنس، أو تذكر النوع، أو تذكر المزرعة أيضاً وإن كان موضع خلاف، لكن الصواب أنه صحيح، المهم: يشترط أن يكون المسلم فيه في الذمة، ولا يكون للمعين؛ لأن المعين تعقد عليه عقد بيع، لا يصح أن تقول: أسلفتك كذا على أن تعطيني من هذا التمر، أو تعطيني من هذه الآلات، أو من هذه الأثواب.

الشرط السادس والأخير: ضبط المسلم فيه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( في كيل معلوم، ووزن معلوم )، لابد أن يضبط المسلم فيه، يعني: تذكر جميع الصفات التي يختلف فيها الثمن اختلافاً ظاهراً، فمثلاً تقول: أسلفتك كذا وكذا من الريالات على أن تعطيني أثواباً صناعتها كذا، تأريخ الصنع كذا، ألوانها كذا.. إلى آخره، لابد من الضبط.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب البيوع: باب شروط البيع].

الشرح:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب الشروط في البيع.

الشروط في البيع: هي ما يشترطه أحد المتعاقدين مما له به منفعة ومصلحة، والأصل في الشروط في البيع الصحة، لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، والأمر بإيفاء العقد يتضمن إيفاء أصله ووصفه، ومن وصفه الشرط فيه، ولحديث عقبة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج )، فدل ذلك على أن الشروط في العقود يجب أن يوفى بها، لكن أحقها بالتوفية الشروط في عقد النكاح.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [عن عائشة رضي الله عنها قالت: (جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق, في كل عام أوقية، فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم, وولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها, فقالت: لهم، فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق، ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس, فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد! فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق )].

الشرح:

قال المؤلف رحمه الله: [عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي] الكتابة: هي أن يشتري الرقيق نفسه من سيده بثمن مؤجل، قال العلماء رحمهم الله: مؤجل نجمين فأكثر، يعني يشتري نفسه بعشرة آلاف ريال، كل شهر يعطيه ألف ريال، هذه الكتابة.

(على تسع أواق) الأوقية: تساوي أربعين درهماً، والدرهم من الفضة، وعلى هذا تسعة في أربعين بثلاثمائة وستين درهماً، والدراهم بالمثاقيل العلماء يقولون: كل عشرة دراهم تساوي سبعة مثاقيل، فالمائة الأولى تساوي سبعين، والمائة الثانية تساوي سبعين، والمائة الثالثة تساوي سبعين، والستون تساوي اثنين وأربعين، والمجموع مائتان واثنان وخمسون مثقالاً، والمثقال الواحد بالجرامات يساوي أربعة وربعاً، ولو ضربنا مائتين واثنين وخمسين في أربعة وربع، فيساوي ألف وعشرة، والجرام بنصف ريال، فهي تقريباً اشترت نفسها بخمسمائة ريال بالريالات اليوم، فـبريرة رضي الله تعالى عنها اشترت نفسها بما يقرب من خمسمائة ريال سعودي تقريباً.

(في كل عام أوقية فأعينيني، فقالت: إن أحب أهلك) يعني: أسيادك الذين اشتريت نفسك منهم أن أعدها لهم، يعني: أعطيهم هذه الأواقي وولاؤك ... إلى آخرها.

كيفية وضع خمر النساء

السؤال: خمر نساء هل يشترط أن تكون مدارة تحت الحلوق؟

الجواب: نعم. يشترط هذا.

حكم الخروج من المسجد بعد الأذان

السؤال: ما حكم الخروج بعد الأذان؟

الجواب: الخروج بعد الأذان لا يجوز إلا إذا كان الإنسان سيصلي في جماعة ثانية، والعلماء رحمهم الله قالوا: إذا كان لعذر، أو أنه سيصلي في مسجد آخر جماعة ثانية فجائز.

غسل اليدين عند القيام من نوم النهار

السؤال: هل النوم الناقض للوضوء في النهار يجب معه غسل اليدين ثلاثاً؟

الجواب: لا، النوم الذي يجب معه غسل اليدين ثلاثاً هو نوم الليل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فإنه لا يدري أين باتت يده) فعبر بالبيتوتة، والبيتوتة قال العلماء رحمهم الله بأنها النوم في الليل.