خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/1546"> الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/1546?sub=65710"> شرح زاد المستقنع
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح زاد المستقنع - كتاب الديات [3]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ديات الأعضاء ومنافعها:
من أتلف ما في الإنسان منه شيء واحد كالأنف واللسان والذكر ففيه دية النفس، وما فيه منه شيئان كالعينين والأذنين والشفتين واللحيين وثديي المرأة وثندوتي الرجل واليدين والرجلين والإليتين والأنثيين وإسكتي المرأة ففيهما الدية، وفي أحدهما نصفها، وفي المنخرين ثلثا الدية، وفي الحاجز بينهما ثلثها، وفي الأجفان الأربعة الدية، وفي كل جفن ربعها، وفي أصابع اليدين الدية كأصابع الرجلين، وفي كل إصبع عشر الدية، وفي كل أنملة ثلث عشر الدية، والإبهام مفصلان، وفي كل مفصل نصف عشر الدية، كدية السن ].
تقدم معنا ما يتعلق بدية النفس، وتقدم بيان قدر دية نفس المسلم الحر الذكر، وكذلك ما يتعلق بنفس الكافر، ودية الأنثى الحرة المسلمة، ودية الكافرة، وكذلك ما يتعلق بدية الجنين، وما يتعلق بالقن، وكيف تضمن نفسه, وكذلك ما يتعلق بضمان جراحه.. إلخ.
فالمؤلف رحمه الله تعالى تكلم أولاً عن دية النفس، ثم شرع الآن في بيان ديات ما دون النفس من الأطراف, والمنافع, والجروح, والكسور.
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (باب ديات الأعضاء ومنافعها: من أتلف ما في الإنسان منه شيء واحد كالأنف واللسان والذكر ففيه دية النفس).
هذا ضابط ذكره المؤلف رحمه الله تعالى، إذا كان في الإنسان شيء واحد ففيه دية النفس كاملة؛ ودليل ذلك حديث عمرو بن حزم وفيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب في الأنف دية كاملة ). وكذلك أوجب في اللسان دية كاملة، وأوجب في الذكر دية كاملة.. إلخ، وهو يدل لهذا الضابط الذي ذكره المؤلف رحمه الله تعالى، وهو أنه إذا كان في الإنسان شيء واحد فجني عليه، فإن فيه دية كاملة.
وإذا كان فيه شيئان، فإن في هذين الشيئين دية كاملة، وفي إحداهما نصف الدية، فالعينان فيهما دية كاملة، وفي إحدى العينين نصف الدية كما سيأتينا، وكذلك أيضاً في اليدين دية كاملة، وفي إحداهما نصف الدية.
ويدل لهذا الضابط أيضاً حديث عمرو بن حزم وفيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب: وفي العينين الدية ) وأيضاً في حديث عمرو بن حزم : (وفي الأذن خمسون من الإبل) ، وعلى هذا فقس.
الضابط الثالث: إذا كان في الإنسان ما يتركب من ثلاثة أشياء ففي الجناية عليه الدية، وفي الجناية على أحدها ثلث الدية، وهذا كالأنف فيها الدية، وفي أحد المنخرين ثلث الدية، وفي الحاجز بينهما ثلث الدية، كما سيأتينا.
وإذا كان في الإنسان أربعة أشياء فجني عليها ففيها الدية، وفي أحدها ربع الدية، هذه كلها ضوابط.
وإذا كان في الإنسان عشرة أشياء كالأصابع ففيها الدية، وفي أحدها عشر الدية وهكذا..
اقرأ علينا من باب دية الأعضاء الموجودة عندكم في الأوراق.
(الأنف ففيه دية نفس كاملة).
الأنف فيه دية كاملة، ودليل ذلك حديث عمرو بن حزم رضي الله تعالى عنه، وفيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب: وفي الأنف إذا أوعب جدعاً الدية ). والأنف إذا جني عليه ففيه الدية كاملة، وهذا القسم الأول.
(ثانياً: استئصال المارن؛ أجمع أهل العلم على وجوب الدية كاملة باستئصال مارن الأنف).
هذا القسم الثاني: مارن الأنف وهو ما لان من الأنف، فهذا فيه الدية كاملة. ودليل ذلك الإجماع.
(وإذا قطع بعض المارن وجب من الدية بقدر ما قطع).
هذا القسم الثالث، إذا قطع من المارن شيء وجب من الدية بقدر ما قطع، فهذا المارن فيه الدية كاملة، فإذا قطع نصفه ففيه نصف الدية، وإذا قطع ثلثه ففيه ثلث الدية، وعلى هذا فقس.
(وفي المنخرين ثلثاها، وفي الحاجز بينهما الثلث، وفي أحد المنخرين ثلث الدية).
في المنخرين: الأيمن والأيسر ثلثا الدية، وفي أحدهما ثلث الدية، وفي الحاجز بينهما أيضاً ثلث الدية، والمؤلف رحمه الله تعالى يرى أن الأنف مركب من منخرين وحاجز، فالمنخر الأيمن فيه ثلث الدية، والأيسر فيه ثلث الدية، والحاجز بينهما فيه الثلث.
(وفي قطع القصبة مع المارن الواجب في ذلك الدية فقط).
يعني: المارن هذا ما لان منه هذا فيه الدية، لكن لو قطعه من القصبة، فهل يزاد على الدية مقابل القصبة أو لا يزاد؟
هذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى، والمشهور من مذهب أبي حنيفة ومالك وهو: قول أكثر أهل العلم أن الأنف فيه دية، ولا يزاد شيء للقصبة، حتى لو أخذت القصبة.
والرأي الثاني: رأي الشافعي: أنه تجب للمارن دية، والقصبة لها حكومة.
(إذا أذهب الشم مع قطع الأنف تجب ديتان؛ لأن الشم في غير الأنف).
هذا القسم السادس، إذا قطع الأنف وذهب الشم تجب ديتان: دية للعضو، ودية للمنفعة؛ لأن المنفعة خارج العضو، وعندنا عضوان منفعتهما خارجهما، وهما: الأنف والأذن، أما اليد فإن المنفعة في نفس العضو، فإذا قطع اليدين ففيهما دية واحدة، مع أنه ذهب العضو وذهبت المنفعة، لكن المنفعة هنا داخل العضو، أما الأنف فإن المنفعة خارج العضو، وعلى هذا إذا جنى على الأنف وذهب الأنف وذهبت المنفعة فإنه يجب على الجاني ديتان: الدية الأولى للعضو، والدية الثانية للمنفعة.
(الأنف المشلول).
القسم السابع: الأنف المشلول، إذا جنى عليه ففيه دية كاملة، مائة من الإبل، مع أنه مشلول، لأن المقصود من الأنف الجمال والمنفعة، وليس المقصود منفعة الشم، لأن منفعة الشم ليست في نفس العضو، فإذا جنى على هذا العضو فإنه تجب فيه دية كاملة.
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (واللسان).
إذا جنى على اللسان، أيضاً تحته أقسام:
(أجمع أهل العلم على وجوب الدية كاملة في قطع لسان الكبير الناطق).
هذا القسم الأول: لسان الكبير الناطق، هذا فيه دية كاملة، ويدل لذلك ما جاء في حديث عمرو بن حزم : ( وفي اللسان الدية ) .
(لسان الصغير فيه دية لسان الناطق الكبير، أي: الدية كاملة بشرط أن يحركه بالبكاء، وإلا وجب فيه ما يجب في لسان الأخرس).
القسم الثاني: لسان الصغير الذي لم يتكلم حتى الآن، إذا جني على لسانه فالعلماء رحمهم الله يقولون: فيه دية كاملة؛ بشرط أن يحركه عند البكاء، يعني: إذا بكى وحرك لسانه فإن فيه دية كاملة.
وإذا كان لا يحركه عند البكاء ففيه حكومة، والحكومة غير مقدرة.
(لسان الأخرس، ذهب الجمهور إلى أن فيه حكومة لأنه لا تقدير فيه).
القسم الثالث: لسان الأخرس الذي لا يتكلم، فقول جماهير العلماء على أن فيه حكومة، إذ أنه لا تقدير فيه.
(قطع بعض اللسان إذا لم يذهب من الكلام شيء، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن فيه بقدر ما ذهب منه، وإذا ذهب مع القطع بعض الكلام ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن فيه الأكثر مما قطع منه أو ما ذهب من كلامه).
القسم الرابع: إذا قطع بعض اللسان، فهذا لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: إذا لم يذهب شيء من الكلام؛ فالشافعية والحنابلة ذهبوا إلى أن فيه بقدر ما قطع منه، فمثلاً: إذا قطع منه الربع، ولم يذهب شيء من الكلام, تكون أرش الجناية في هذه الحالة ربع الدية؛ لأن اللسان فيه الدية كاملة.
وهذا ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة، وعند الحنفية أن فيه حكومة، لكن ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة أقيس، فإذا كان قطع منه الربع ففيه ربع الدية، والخمس فيه خمس الدية، ما دام أنه لم يذهب شيء من الكلام.
الحالة الثانية: إذا ذهب شيء من الكلام، ففيه الأكثر مما قطع منه أو ما ذهب من كلامه.
منفعة الكلام فيه دية كاملة، واللسان فيه دية كاملة، فننظر ما هو الأكثر ذهاباً، فلو فرض أنه قطع ثلث لسانه وذهب نصف كلامه، فهنا يجب نصف الدية ونعتبر هنا المنفعة.
والعكس بالعكس إذا قطع نصف لسانه وذهب ثلث كلامه نعتبر هنا العضو, فنقول: فيه نصف الدية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والذكر ففيه دية النفس).
الذكر إذا قطع ففيه دية كاملة، ويدل لذلك حديث عمرو بن حزم، وفيه: ( وفي الذكر الدية ) .
(ثانياً: ذكر العنين، ذهب المالكية والشافعية إلى أن الدية تجب فيه كاملة؛ لعموم الحديث، وذهب الحنفية إلى أنه تجب فيه الحكومة؛ لأن منفعته الإنزال والجماع وقد عدم ذلك منه).
العنين هو الذي لا يتمكن من الوطء، فهذا العنين الذي لا يتمكن من الجماع إذا قطع ذكره هل تجب في ذكره دية كاملة أو نقول: فيه حكومة؟
للعلماء رحمهما الله تعالى في ذلك رأيان:
الرأي الأول: ما ذهب إليه المالكية والشافعية أنه تجب فيه دية كاملة؛ ودليل ذلك ما تقدم من حديث عمرو بن حزم.
والرأي الثاني: مذهب الحنفية أنه تجب فيه حكومة؛ لأن المنفعة قد زالت منه، فهو كالذكر المشلول، والذكر المشلول سيأتينا أن فيه حكومة.
والذي يظهر -والله أعلم- أن يقال في مثل هذه المسألة أن ينظر إلى هذا الذكر، هل هو كالمشلول تماماً، أو أن هناك فرقاً بينه وبين المشلول؟ لأن كونه لا يجامع لا يلزم من ذلك أن يكون كالمشلول تماماً، فإن كان هذا الذكر كالمشلول تماماً فكما قال الحنفية: فيه حكومة. وإن كان كالصحيح إلا أنه لا يجامع، ولا يحصل له انتشار في الجماع، فيظهر -والله أعلم- أن فيه دية كما ذهب إليه المالكية والشافعية.
القسم الثالث: ذكر الخصي؛ والخصي: هو الذي قطعت منه البيضتان مع الجلدة، فذكر الخصي الخلاف فيه كما تقدم، قول المالكية: فيه دية كاملة لعموم الحديث، وعند الحنفية: أن الواجب فيه حكومة؛ لأن منفعته فيما يتعلق بالجماع والإنزال قد زالت.
قال: (ذكر الخنثى, فقد ذكر المالكية أنه يجب فيه نصف دية، ونصف حكومة، فأما نصف الدية فلاحتمال ذكورته، ونصف حكومة لاحتمال أنوثته).
ذكر الخنثى، إذا كان هناك خنثى، له آلة ذكر وآلة أنثى، يعني: خنثى مشكل لم يتبين أمره هل هو ذكر أو أنثى؟
فالمالكية ذكروا أن فيه نصف دية ونصف حكومة، أما نصف الدية فلاحتمال أنه ذكر، وأما نصف حكومة فلاحتمال أنه أنثى.
قال: (ذكر الأشل).
إذا كان الذكر مشلولاً فهذا فيه حكومة؛ لأن العضو الأشل كالميت ذهبت منفعته، فالعلماء يجعلون فيه حكومة.
قال: (قطع الحشفة، تجب الدية كاملة بقطع الحشفة، وإذا قطع جزء من الحشفة وجب من الدية بقدر الذاهب).
الحشفة رأس الذكر، وإذا قطعت ففيها الدية كاملة، يعني: إذا قطع الذكر كله ففيه الدية كاملة، والحشفة إذا قطعت لوحدها فيها الدية كاملة، وإذا قطع بعض الحشفة فبقدر ما قطع من الدية، وإذا قطع نصف الحشفة في ذلك نصف الدية.
(إذا كانت الجناية على ذكر قد ذهبت حشفته ففيه حكومة).
إذا كانت الجناية على ذكر قد ذهبت حشفته، يعني: قطع ذكراً قد قطعت حشفته، وبقي الذكر دون الحشفة، وجاء شخص وقطع بقية الذكر، فالعلماء يقولون: فيه حكومة.
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وما فيه منه شيئان كالعينين والأذنين والشفتين واللحيين وثديي المرأة وثندتي الرجل واليدين والرجلين والإليتين والأنثيين وإسكتي المرأة ففيهما الدية، وفي أحدهما نصفها).
ودليل ذلك ما تقدم من حديث عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب: ( وفي العينين الدية ) .
العينان: تحتهما أقسام:
(الأول: أجمع أهل العلم على أن في العينين إذا أصبيتا خطأً الدية، وفي العين الواحدة نصفها).
هذا القسم الأول: إذا فقأ العينين جميعاً ففيهما الدية، وفي إحدى العينين نصف الدية، ودليل ذلك ما تقدم من حديث عمرو بن حزم رضي الله تعالى عنه: ( وفي العينين الدية ) . ولو ذهب البصر؛ لأن المنفعة هنا داخل العضو، فتجب دية واحدة، وسيأتي أنه إذا أذهب البصر وبقيت العينان، فإنها تجب دية كاملة، ففي المنفعة دية لوحدها، وفي العضو إذا أتلف دية واحدة ولو ذهبت المنفعة.
(عين الأعور). القسم الثاني: عين الأعور، وهذا فيه خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى، لو أن شخصاً فقأ عين أعور، سيذهب بصره بالكلية، لأن العين تقوم مقام العينين، فلو جاء شخص وفقأ عين أعور، فهذا موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله:
المشهور من مذهب الإمام أحمد ومذهب المالكية: أن عين الأعور فيها دية كاملة، يعني: هذا رجل عينه اليمنى سليمة، والعين اليسرى عوراء، فجاءوا وفقئوا عينه اليمنى السليمة، فذهب بصره، فالمشهور من مذهب الإمام أحمد، ومذهب الإمام مالك أن فيه دية كاملة؛ لأنه الآن أذهب البصر كله، وأذهب المنفعة كلها، وهذا وارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
الرأي الثاني: رأي الشافعي وأبي حنيفة: أن عين الأعور كسائر أعين الناس لا فرق فيه نصف الدية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وفي العينين الدية ). ومفهوم الحديث: أن العين الواحدة فيها نصف الدية.
والحقيقة أن المسألة محل اجتهاد، وما ذكره الحنابلة والمالكية أن فيها الدية كاملة لأنه أذهب المنفعة كلها، هذا له وجه وله قوة، خصوصاً أنه وارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وما ذكره الحنفية والشافعية أن فيه نصف الدية كسائر أعين الناس وهو ظاهر مفهوم الحديث، هذا أيضاً له وجه. فكلا القولين له قوة، فيرجع في ذلك إلى اجتهاد القاضي.
قال: (إذا كان الجاني أعور، إذا كانت الجناية خطأً فلا خلاف بين أهل العلم في أن الذي يجب بهذه الجناية نصف الدية).
هذه المسألة عكس المسألة السابقة، فإن المسألة السابقة جني على عين الأعور السليمة، لكن هذه المسألة هذا رجل أعور عينه اليمنى سليمة، وعينه اليسرى عوراء وفقأ عين شخص اليمنى، هل نقتص من الأعور أو لا نقتص؟ إن قلنا بالقصاص، ذهب بصره بالكلية، وإن قلنا بعدم القصاص, هل نلزمه دية كاملة أم نلزمه نصف الدية لكونه جنى على عينه؟
هذه المسألة لا تخلو من قسمين:
القسم الأول: أن تكون جنايته خطأً. فهنا لا يلزم الأعور إلا بنصف الدية كغيره، فهذا رجل أعور عينه اليمنى سليمة، جنى على العين اليمنى من شخص، هنا نقول: لا نقتص منه؛ لأنه خطأ ويلزم بنصف الدية.
القسم الثاني: أن تكون جنايته عمداً، فقأ هذه العين اليمنى المقابلة لعينه السليمة، فهل نقتص منه أو لا نقتص منه؟
المشهور من المذهب: أنه لا قصاص؛ لأنه لو قلنا بالقصاص لزم من ذلك ذهاب المنفعة بالكلية، هذا المشهور من مذهب الإمام أحمد: يسقط القصاص مع أنه عمد، ويلزم هذا الأعور بدية كاملة.
الرأي الثاني: ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله تعالى: أن المجني عليه إن شاء اقتص وفقأ عين هذا الأعور، وإن شاء أخذ دية كاملة.
والرأي الثالث: رأي أبي حنيفة والشافعي: أنه إن شاء اقتص وإلا له نصف الدية.
والذي يظهر والله أعلم: أنه من جهة القصاص، مادام أنه متعمد، فليس لعرق ظالم حق، ما دام أنه تعمد الجناية فيقتص منه حتى لو ذهب بصره.
فما ذهب إليه الحنابلة من إسقاط القصاص هذا ضعيف، ولهذا الجمهور: المالكية والحنيفة والشافعية يثبتون القصاص.
فالصواب: أن هذا الأعور إذا جنى على شخص وأخذ عينه المقابلة لعينه السليمة أنه يقتص منه للعمومات: ( كتاب الله القصاص ) لكن إذا لم يرد القصاص المجني عليه، وأنه لو اقتص من هذا الشخص ذهب بصره بالكلية فهل له نصف الدية أو له الدية كاملة؟ المالكية والحنابلة يقولون: له الدية كاملة. والشافعية والحنفية يقولون: له نصف الدية، وهذا أقرب إلى ظاهر السنة.
فالخلاصة: أن جناية الأعور كغيره، يقتص منه ولو ذهب بصره، وإذا سقط القود فإنه ليس للمجني عليه ولا يلزم الجاني إلا بنصف الدية.
قال: (والأذنين).
فالأذنان تحتهما أقسام، وقد جاء في حديث عمرو بن حزم: ( وفي الأذن خمسون من الإبل ) .
قال: (الأول: قطع الأذنين السليمتين، فيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية).
الأذنان السليمتان فيهما الدية كاملة، وفي أحد الأذنين نصف الدية.
قال: (ثانياً: قطع بعض الأذن، ذهب الحنابلة إلى أنه يجب بقدر ما قطع من ديتها).
إذا قطع بعض الأذن، قطع نصف الأذن، نقول: يجب نصف دية الأذن، قطع ربع الأذن، نقول: يجب ربع دية الأذن، وعلى هذا فقس.
وعند الحنفية أنه يجب حكومة، لكن ما ذهب إليه الحنابلة أقيس وأقرب إلى القواعد.
قال: (ثالثاً: إذا ذهب السمع بقطع الأذنين ذهب الجمهور إلى وجوب ديتين).
إذا ذهب السمع بقطع الأذنين وجب ديتان: الدية الأولى للعضو. والدية الثانية للمنفعة، فتجب ديتان، ومنفعة السمع ليست في نفس العضو، وإنما هي في خارج العضو، فتجب ديتان: دية للعضو، ودية للمنفعة.
قال: [رابعاً: إذا كانت الأذنان قد شلتا قبل ذلك فقطعهما شخص، ففيها وجوب الدية كاملة).
إذا كانت الأذنان مشلولتين فتجب الدية كاملة؛ لأن المقصود منفعة الجمال، كما قلنا في الأنف المشلول: إذا قطع ففيه الدية كاملة.
قال: (والشفتين): (في الشفتين الدية كاملة).
وهذا كما تقدم في الضابط أن كل ما فيه شيئان ففيه الدية، وفي أحدهما نصف الدية.
قال: (ثانياً: قطع بعض الشفة فيه من الدية بقدر الذاهب).
فالشفتان إذا قطعتا فيهما الدية كاملة، ولو قطع نصف الشفة السفلى، فنقول: يجب نصف دية الشفة السفلى.
قال: (الشفة الشلاء).
يعني الشفة المشلولة فيها حكومة كما تقدم معنا في الذكر المشلول فيه حكومة.
قال: (واللحيين).
قال: (اللحيان إذا قلع من دون الأسنان فيهما الدية، لأن فيهما جمالاً وكمالاً كسائر ما في البدن).
كسائر ما في البدن مما فيه شيئان، فاللحيان إذا قطع ففيهما دية، وإذا قطع أحدهما ففيه نصف الدية.
قال: (وإذا قلع اللحيان مع الأسنان، فيه ديتان).
إذا قلع اللحيان مع الأسنان، ففيه ديتان؛ لأن عندنا عضوين: الأسنان فيهما دية، واللحيان فيهما دية، عندنا عضوان من جنسين مختلفين، فإذا قطع اللحيان مع الأسنان فالأسنان فيهما دية كاملة، واللحيان فيهما دية كاملة.
قال: (وثديي المرأة وثندوتي الرجل).
(الثديان فيهما دية كاملة).
للضابط الذي تقدم، وهو مستقرأ من السنة، وأن كل شيء فيه شيئان في الإنسان ففيه دية كاملة، وفي أحدهما نصف الدية.
قال: (ثانياً: إذا كانت الجناية بقطع الحلمتين وجوب الدية مطلقاً، وفي أحدهما نصف الدية).
الثديان إذا قطعا فيهما الدية، لو قطع الحلمتين فالحلمتان فيهما الدية كاملة، مثل: حشفة الذكر، فيه الدية كاملة، والحلمتان فيهما الدية كاملة، وفي إحدى الحلمتين نصف الدية.
ونظير ذلك الأصابع مع الكف، إذا قطع الأصابع ففيهما الدية كاملة.
قال: (استرسال الثديين).
يعني: إذا جنى على هذه المرأة بأن ضربها على ثديها واسترسل الثدي، فهذا فيه حكومة.
قال: (رابعاً: قطع ثديي الرجل، ذهب الحنابلة إلى أن فيهما الدية).
للضابط الذي ذكرنا بالنسبة لثديي الرجل، وهو أن كل ما فيه منه شيئان ففيه دية كاملة، وفي أحدهما نصف الدية، وثندوتي الرجل كثديي المرأة، فكما أن ثديي المرأة فيهما الدية، فكذلك أيضاً بالنسبة لثندوتي الرجل فيهما الدية.
والجمهور أن فيهما حكومة، لأن ثندوتي الرجل هذه ليست فيهما منفعة، وإنما هي جمال فقط، بخلاف ثدي المرأة ففيه منفعة، فلا يقاس هذا على هذا، وكلا القولين قوي، وما ذهب إليه الحنابلة، هذا أقرب إلى الأصول والقواعد، وأن كل شيء منه فيه شيئان ففيه دية، وفي أحدهما نصف الدية.
وأيضاً: ما ذكر الجمهور أن ثندوتي الرجل ليست فيها منفعة وإنما مجرد جمال.. إلخ. أيضاً هذا له قوة، لكن يظهر والله أعلم أن ما ذهب إليه الحنابلة أقرب؛ لأنه أقيس، ومنطبق على الأصول والقواعد.