خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [12]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والجنس ما له اسم خاص يشمل أنواعاً كبرٍّ ونحوه، وفروع الأجناس كالأدقة والأخباز والأدهان أجناس، واللحم أجناس باختلاف أصوله، وكذا اللبن، واللحم والشحم والكبد أجناس، ولا يصح بيع لحم بحيوان من جنسه، ويصح غير جنسه، ولا يجوز بيع حب بدقيقه ولا سويقه ونيئه بمطبوخه، وأصله بعصيره، وخالصه بمشوبه، ورطبه بيابسه، ويجوز بيع دقيقه بدقيقه إذا استويا في النعومة، ومطبوخه بمطبوخه، وخبزه بخبزه إذا استويا في النشاف، وعصيره بعصيره، ورطبه برطبه، ولا يباع ربوي بجنسه ومعه أو معهما من غير جنسه].
تقدم لنا ما يتعلق بعلة الربا، وأن العلماء رحمهم الله اختلفوا في علة الربا في الذهب والفضة على أقوال، وأن أقرب هذه الأقوال أن العلة هي الثمنية، وكذلك أيضاً اختلفوا في العلة في الأصناف الأربعة الباقية، وأن المشهور من مذهب الإمام أحمد ومذهب أبي حنيفة أن العلة هي الكيل، والشافعية يقولون: العلة هي الطعم، والمالكية يقولون: العلة هي الاقتيات والادخار، وشيخ الإسلام له قول: بأن العلة هي الطعم مع الكيل أو الطعم مع الوزن.
وكذلك أيضاً سبق لنا شيء من الضوابط، ومن هذه الضوابط أنه لابد من المعيار الشرعي عند اشتراط التساوي، وذلك فيما إذا بيع ربوي بجنسه، فإذا بيع ربوي بجنسه فإنه لابد من التساوي، والتساوي لابد أن يكون بالمعيار الشرعي كيلاً في المكيلات، ووزناً في الموزونات، وإذا بادلنا ربوياً بربويٍ آخر اختلف معه في الجنس ولو اتفق معه في العلة فإنه لا يشترط التساوي، فإذا لم يشترط التساوي فيقول المؤلف رحمه الله: (جازت الثلاثة)، يعني يجوز أن تضبط بالكيل، ويجوز أن تضبط بالوزن، ويجوز أيضاً الجزاف يعني أن تبيع بلا ضبط وإنما يقتصر على الرؤية؛ لأن التساوي هنا ليس شرطاً.
قال المؤلف رحمه الله: (والجنس ما له اسم خاص يشمل أنواعاً كبر ونحوه، وفروع الأجناس كالأدقة والأخباز والأدهان أجناس).
سبق أن ذكرنا ثلاثة ضوابط من ضوابط الربا، وهذا هو الضابط الرابع: وهو ضابط الجنس وضابط النوع، فالجنس: يشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، وأما النوع: فإنه يشتمل على أشياء مختلفة بأشخاصها وأفرادها، هذا هو ضابط الجنس وضابط النوع.
وعلى هذا نقول كما ذكر المؤلف: (الجنس ما له اسم خاص يشمل أنواعاً) ومثال الجنس: البر، فالبر جنس يشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، فالبر أنواع فهناك الحنطة، وهناك اللقيمي، وهناك المعية، فهذه كلها أنواع للبر.
ومثال ذلك أيضاً: التمر، فهو جنس يشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، كالعجوة والسكري، والبرحي، فأنواع التمر كثيرة.
وكذلك اللحم، فلحم الإبل جنس مشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، فهناك لحم الإبل العراض، ولحم الإبل البخاتي. ولحم الغنم أيضاً جنس مشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، فهناك لحم الضأن، وهناك لحم الماعز.
ولحم البقر جنس؛ لأنه يشتمل على أشياء مشتملة بأنواعها، فهناك لحم البقر، ولحم الجواميس، ولحم البقر العراض.
وقل مثل ذلك أيضاً في الحليب، وفي الدهن، فدهن الإبل جنس مشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، ودهن الغنم جنس مشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، فالجنس هو كما ذكر المؤلف بأنه اسم خاص يشمل أشياء مختلفة بأنواعها.
وأما النوع: فهو الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها وأفرادها، ومثال ذلك من أنواع التمر العجوة، فلو أن عندنا كيسين، في هذا الكيس الأول تمر عجوة، والكيس الثاني تمر عجوة، فالعجوة نوع مشتمل على أشياء مختلفة في أشخاصها وأفرادها، فهذا الكيس خلاف هذا الكيس لكن كل منهما نوع واحد، فعندك هذا كيس عجوة، وهذا كيس عجوة، وهذا كيس عجوة، هذه أنواع؛ لأنها مختلفة بأفرادها وأشخاصها وليست مختلفة بأنواعها.
ومثال ذلك أيضاً الحنطة، فهذا كيس حنطة، وهذا كيس آخر من الحنطة وهذا كيس ثالث من الحنطة، فهذه نقول: بأنها أنواع؛ لأنها مختلفة بأشخاصها وأفرادها.
فالضابط أن الجنس يشمل أشياء مختلفة بأنواعها، والنوع هو الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها.
البيع عند اختلاف الجنس واختلاف النوع
ويدل لذلك حديث أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الصحابة رضي الله عنهم: ( أكل تمر خيبر هكذا؟ قالوا: يا رسول الله! نأخذ الصاع الجيد بالصاعين من الرديء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوه، عين الربا ) فلابد من التساوي حتى ولو اختلف النوع أو اختلف الوصف.
أما إذا اختلف الجنس فلا يشترط التساوي، فعندما تبادل مثلاً براً بشعير فلا يشترط التساوي، وعندما تبادل ذهباً بفضة فلا يشترط التساوي، وعندما تبادل لحم إبل بلحم بقر فلا يشترط التساوي؛ لأن هذا اختلاف جنس، لكن عندما تبادل لحم إبل بخاتي بلحم إبل عراض، فهذا اختلاف نوع، واختلاف النوع لا أثر له، بل يجب التساوي؛ لأن الجنس متحد، فعندما تبادل دهن إبل بدهن بقر لا يشترط التساوي؛ لأن الجنس هنا مختلف، لكن عندما تبادل دهن ضأن بدهن ماعز يشترط التساوي، وعندما تبادل حليب ضأن بحليب ماعز يشترط التساوي؛ لأن الاختلاف هنا اختلاف نوع، أما حليب الإبل، وحليب البقر، وحليب الضأن فهذا اختلاف جنس، فإذا اختلفت الأجناس جاز التفاضل، وإذا اختلفت الأنواع مع اتحاد الجنس فإن التفاضل لا يجوز، ولهذا عرف المؤلف رحمه الله ما يتعلق بالجنس، وكذلك أيضاً ما يتعلق بالنوع، فالبر تحته أنواع، والشعير تحته أنواع، والتمر تحته أنواع.
فروع الأجناس أجناس
فروع الأجناس أجناس كالأدقة، والمقصود بالدقيق الطحين، فعندنا بر طحناه فأصبح الآن دقيقاً، فالبر هذا جنس، والدقيق جنس، وطحين الشعير جنس، فعندما تبادل طحين بر بطحين شعير فإنه يجوز التفاضل؛ لأن كلاً منهما جنس مستقل، فطحين البر جنس، وطحين الشعير جنس، فإذا كان عندنا طحين الحنطة، وطحين أمعية، أو الجيمي لا يجوز التفاضل؛ لأن هذا اختلاف في النوع.
وقوله رحمه الله: (والأخباز) يعني الخبز، فخبز البر جنس، وخبز الشعير جنس، فعندما تبادل خبز بر بخبز شعير لا يشترط التساوي لكن يجب التقابض، وعندما تبادل خبز بر بخبز بر يشترط التساوي على المشهور من المذهب، فلابد أن يتساويا في النشاف.
وقوله رحمه الله: (والأدهان أجناس)، وهذا أشرنا إليه فدهن الإبل جنس، ودهن البقر جنس، ودهن الغنم جنس، وعندما تبادل دهن إبل بدهن بقر لا يشترط التساوي؛ لأن الجنس مختلف، لكن عندما تبادل دهن بقر جواميس بدهن بقر عراض فإنه يشترط التساوي؛ لأن الاختلاف هنا في النوع وليس اختلافاً في الجنس.
قال رحمه الله: ( واللحم أجناس باختلاف أصوله وكذلك اللبن ).
كما قلنا لحم الإبل جنس، ولحم البقر جنس، ولحم الغنم جنس، وكذلك اللبن أجناس، فلبن الإبل جنس، ولبن البقر جنس، ولبن الماعز جنس، فعندما تبادل لبن بقر بلبن إبل لا يشترط التساوي، لكن عندما تبادل لبن إبل بخاتي بلبن إبل عراض نقول: يشترط التساوي؛ لأن الاختلاف هنا اختلاف نوع وليس اختلاف جنس.
قال رحمه الله: ( والشحم والكبد أجناس ).
الشحم أيضاً جنس، فشحم الإبل جنس، وشحم البقر جنس، وشحم الغنم جنس.
وقوله رحمه الله: ( والكبد )، أي: والكبد أجناس، فكبد الإبل جنس، وكبد البقر جنس، وكبد الغنم جنس.
الضابط الخامس: إذا اختلف الجنس جاز التفاضل، وإذا اختلف النوع واتحد الجنس فلا يجوز التفاضل، وعلى هذا الضابط فلا أثر لاختلاف النوع، أو اختلاف الصفة بالجودة والرداءة عند اتحاد الجنس الربوي، فعندما يتحد الجنس الربوي يجب التساوي ولو اختلف النوع، فمثلاً عندما تبادل تمراً سكرياً بتمر برحي، أو بتمر عجوة فإنه يشترط التساوي، فاختلاف النوع لا أثر له، واختلاف الصفات في الجودة والرداءة لا أثر له، وعندما تبادل براً جيداً ببر رديء فهذا الاختلاف في الصفات لا أثر له، بل يجب التساوي مادام أنه اتحد الجنس الربوي.
ويدل لذلك حديث أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الصحابة رضي الله عنهم: ( أكل تمر خيبر هكذا؟ قالوا: يا رسول الله! نأخذ الصاع الجيد بالصاعين من الرديء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوه، عين الربا ) فلابد من التساوي حتى ولو اختلف النوع أو اختلف الوصف.
أما إذا اختلف الجنس فلا يشترط التساوي، فعندما تبادل مثلاً براً بشعير فلا يشترط التساوي، وعندما تبادل ذهباً بفضة فلا يشترط التساوي، وعندما تبادل لحم إبل بلحم بقر فلا يشترط التساوي؛ لأن هذا اختلاف جنس، لكن عندما تبادل لحم إبل بخاتي بلحم إبل عراض، فهذا اختلاف نوع، واختلاف النوع لا أثر له، بل يجب التساوي؛ لأن الجنس متحد، فعندما تبادل دهن إبل بدهن بقر لا يشترط التساوي؛ لأن الجنس هنا مختلف، لكن عندما تبادل دهن ضأن بدهن ماعز يشترط التساوي، وعندما تبادل حليب ضأن بحليب ماعز يشترط التساوي؛ لأن الاختلاف هنا اختلاف نوع، أما حليب الإبل، وحليب البقر، وحليب الضأن فهذا اختلاف جنس، فإذا اختلفت الأجناس جاز التفاضل، وإذا اختلفت الأنواع مع اتحاد الجنس فإن التفاضل لا يجوز، ولهذا عرف المؤلف رحمه الله ما يتعلق بالجنس، وكذلك أيضاً ما يتعلق بالنوع، فالبر تحته أنواع، والشعير تحته أنواع، والتمر تحته أنواع.
قال رحمه الله: (وفروع الأجناس كالأدقة والأخباز والأدهان أجناس).
فروع الأجناس أجناس كالأدقة، والمقصود بالدقيق الطحين، فعندنا بر طحناه فأصبح الآن دقيقاً، فالبر هذا جنس، والدقيق جنس، وطحين الشعير جنس، فعندما تبادل طحين بر بطحين شعير فإنه يجوز التفاضل؛ لأن كلاً منهما جنس مستقل، فطحين البر جنس، وطحين الشعير جنس، فإذا كان عندنا طحين الحنطة، وطحين أمعية، أو الجيمي لا يجوز التفاضل؛ لأن هذا اختلاف في النوع.
وقوله رحمه الله: (والأخباز) يعني الخبز، فخبز البر جنس، وخبز الشعير جنس، فعندما تبادل خبز بر بخبز شعير لا يشترط التساوي لكن يجب التقابض، وعندما تبادل خبز بر بخبز بر يشترط التساوي على المشهور من المذهب، فلابد أن يتساويا في النشاف.
وقوله رحمه الله: (والأدهان أجناس)، وهذا أشرنا إليه فدهن الإبل جنس، ودهن البقر جنس، ودهن الغنم جنس، وعندما تبادل دهن إبل بدهن بقر لا يشترط التساوي؛ لأن الجنس مختلف، لكن عندما تبادل دهن بقر جواميس بدهن بقر عراض فإنه يشترط التساوي؛ لأن الاختلاف هنا في النوع وليس اختلافاً في الجنس.
قال رحمه الله: ( واللحم أجناس باختلاف أصوله وكذلك اللبن ).
كما قلنا لحم الإبل جنس، ولحم البقر جنس، ولحم الغنم جنس، وكذلك اللبن أجناس، فلبن الإبل جنس، ولبن البقر جنس، ولبن الماعز جنس، فعندما تبادل لبن بقر بلبن إبل لا يشترط التساوي، لكن عندما تبادل لبن إبل بخاتي بلبن إبل عراض نقول: يشترط التساوي؛ لأن الاختلاف هنا اختلاف نوع وليس اختلاف جنس.
قال رحمه الله: ( والشحم والكبد أجناس ).
الشحم أيضاً جنس، فشحم الإبل جنس، وشحم البقر جنس، وشحم الغنم جنس.
وقوله رحمه الله: ( والكبد )، أي: والكبد أجناس، فكبد الإبل جنس، وكبد البقر جنس، وكبد الغنم جنس.
قال المؤلف رحمه الله: ( ولا يصح بيع لحم بحيوان من جنسه ).
فلو بعت كبد إبل بلحم إبل، فهل هذا اختلاف نوع أو اختلاف جنس؟ فعلى كلام المؤلف أنه اختلاف جنس، وعلى هذا يجوز التفاضل، ولو بعت شحم إبل بلحم إبل أيضاً على كلام المؤلف أنه اختلاف أجناس، وعلى هذا يجوز التفاضل، ولا نقول بأنه اختلاف أنواع ولذلك قال المؤلف رحمه الله: ( ولا يصح بيع لحم بحيوان من جنسه، ويصح من غير جنسه ).
آراء العلماء في بيع اللحم بالحيوان
الرأي الأول: ما ذكره المؤلف رحمه الله من التفصيل: أنه لا يصح بيع لحم بالحيوان إذا كان من جنسه، ويصح من غير جنسه، فمثلاً لحم الإبل لا يصح أن تشتري به بعيراً؛ لأنه من جنسه، لكن يصح من غير جنسه، فلحم الإبل يصح أن تشتري به شاة أو بقرة، هذا هو المشهور من المذهب.
وكذلك أيضاً قال به الإمام مالك واستدل على ذلك بحديث زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان )، ولكن هذا الحديث مرسل.
الرأي الثاني: أنه يجوز مطلقاً وهذا رأي الحنفية، فيصح أن تبيع اللحم بالحيوان سواء كان من جنسه أو من غير جنسه.
الرأي الثالث: أنه لا يجوز مطلقاً وهذا قول الشافعية؛ لأنه ورد عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كره بيع اللحم بالحيوان، وشيخ الإسلام رحمه الله له اختيار في هذه المسألة، وكذلك أيضاً ابن القيم فيقولان: إذا اشترى حيواناً بلحم من جنسه إذا كان مقصوده بالحيوان اللحم فإنه لا يجوز، وإذا كان لا يقصد اللحم وإنما يقصد الركوب ونحو ذلك فهذا جائز.
فمثلاً: اشترى بعيراً بلحم بعير وهو يقصد اللحم، نقول: هذا لا يجوز، وإن كان لا يقصد اللحم فإن هذا جائز ولا بأس به، وعلى رأي شيخ الإسلام رحمه الله إذا اشترى بعيراً بلحم بعير وهو لا يقصد اللحم يجوز خلافاً للمذهب، وهذا هو أقرب الأقوال؛ لأن الحيوان ليس ربوياً أصلاً لأنه ليس مكيلاً ولا موزوناً، فهو معدود وليس ربوياً، لكن إذا قصد اللحم، فكأنه بادل هذا اللحم بجنسه، فإذا بادل هذا اللحم بجنسه دخل في الربا، فما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله هو الأقرب.
بيع اللحم بالحيوان للعلماء رحمهم الله في ذلك ثلاثة آراء:
الرأي الأول: ما ذكره المؤلف رحمه الله من التفصيل: أنه لا يصح بيع لحم بالحيوان إذا كان من جنسه، ويصح من غير جنسه، فمثلاً لحم الإبل لا يصح أن تشتري به بعيراً؛ لأنه من جنسه، لكن يصح من غير جنسه، فلحم الإبل يصح أن تشتري به شاة أو بقرة، هذا هو المشهور من المذهب.
وكذلك أيضاً قال به الإمام مالك واستدل على ذلك بحديث زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان )، ولكن هذا الحديث مرسل.
الرأي الثاني: أنه يجوز مطلقاً وهذا رأي الحنفية، فيصح أن تبيع اللحم بالحيوان سواء كان من جنسه أو من غير جنسه.
الرأي الثالث: أنه لا يجوز مطلقاً وهذا قول الشافعية؛ لأنه ورد عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كره بيع اللحم بالحيوان، وشيخ الإسلام رحمه الله له اختيار في هذه المسألة، وكذلك أيضاً ابن القيم فيقولان: إذا اشترى حيواناً بلحم من جنسه إذا كان مقصوده بالحيوان اللحم فإنه لا يجوز، وإذا كان لا يقصد اللحم وإنما يقصد الركوب ونحو ذلك فهذا جائز.
فمثلاً: اشترى بعيراً بلحم بعير وهو يقصد اللحم، نقول: هذا لا يجوز، وإن كان لا يقصد اللحم فإن هذا جائز ولا بأس به، وعلى رأي شيخ الإسلام رحمه الله إذا اشترى بعيراً بلحم بعير وهو لا يقصد اللحم يجوز خلافاً للمذهب، وهذا هو أقرب الأقوال؛ لأن الحيوان ليس ربوياً أصلاً لأنه ليس مكيلاً ولا موزوناً، فهو معدود وليس ربوياً، لكن إذا قصد اللحم، فكأنه بادل هذا اللحم بجنسه، فإذا بادل هذا اللحم بجنسه دخل في الربا، فما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله هو الأقرب.
بيع الحب بالدقيق
بيع حب كبُر لا يجوز أن تبيعه بدقيقه، يعني: بطحين بر؛ لأنه لا يمكن التساوي، أما بيع طحين بر بطحين بر، وبيع حب بر بحب بر فيمكن التساوي، أما كونك تبيع حب بر بطحين بر فلا يمكن التساوي؛ لأنه مع الطحن ينقص فلا يمكن التساوي.
بيع الحب بالسويق
بيع النيئ بالمطبوخ
وعند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن ما خرج عن القوت بالصنعة فليس ربوياً، وإذا كان قوتاً قائماً بنفسه فإنه يكون جنساً مستقلاً، فلو كان عندك بر ثم خبزنا هذا البر، فالبر خرج عن القوت بالصنعة، وأصبح الآن خبزاً، وهذا الخبز إن كان قوتاً قائماً بنفسه فإنه يكون جنساً مستقلاً، وعلى هذا يصح أن تبادل خبزاً ببر؛ لأنه أصبح جنساً مستقلاً، هذا إن كان قوتاً، فإذا كان غير قوت خرج عن كونه ربوياً بالكلية، فلو فرضنا أن الخبز هنا لم يصبح قوتاً، فيصح أن تبادل خبزاً ببر، بمعنى أنه لما أصبح جنساً مستقلاً صح أنه تبادله بأصله، لكن بجنسه لا يصح، يعني الخبز يجوز أن تبادله بأصله وهو البر، لكن بخبز البر لا يجوز مادام أنه أصبح قوتاً فيكون جنساً مستقلاً، فلو قلنا بأن هذا الخبز لم يصبح قوتاً فإنه يجوز أن تبادله متفاضلاً بأصله هذا على كلام شيخ الإسلام ، وأيضاً بمثله خبزاً بخبز؛ لأنه الآن ما أصبح قوتاً، ولا أصبح جنساً مستقلاً، فخرج عن كونه ربوياً. فعلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا باع براً بخبز بر يجوز، هذا إذا قلنا بأن الخبز أصبح قوتاً قائماً بنفسه، وأما إذا قلنا بأن الخبز ما أصبح قوتاً لما خرج بالصنعة، فهذا جائز لا إشكال في ذلك، بل يجوز أن تبادل خبزتين بخبزة واحدة، لكن إذا كان قوتاً قائماً بنفسه فإنه يكون جنساً مستقلاً، فعندما تبادل خبزاً بخبز لابد من التساوي في النشاف والرطوبة.
بيع العصير بأصله
مثل زيت الزيتون بالزيتون، فعلى المذهب هذا لا يجوز، لكن على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن زيت الزيتون لما عصر خرج بالصنعة عن كونه ربوياً، لكن إذا كان قوتاً قائماً بنفسه أصبح جنساً مستقلاً، فعلى كلام شيخ الإسلام لا بأس أن تبادل زيت الزيتون بزيتون؛ لأن كلا منهما أصبح جنساً مستقلاً، وإن كان غير قوت فهذا يصح أن تبادله بأصله وبمثله.
بيع الخالص بالمشوب
يعني لابد أن تبادل براً خالصاً ببر خالص، أما أن تبادل براً قد شيب ببر خالص فهنا يتعذر التساوي، فقال المؤلف رحمه الله: هذا لا يجوز.
بيع الرطب باليابس
مثل بيع التمر بالرطب، وكذلك أيضاً العنب بالزبيب فهذا لا يجوز؛ لما في السنن من حديث سعد رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن بيع التمر بالرطب فقال: أينقص الرطب إذا جف؟ قالوا: نعم، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك )، ولهذا العلماء رحمهم الله يشددون في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكد على مثل هذه الأشياء فقال: ( البر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد ... ).
قال رحمه الله: ( ولا يجوز بيع حب بدقيقه ولا سويقه، ونيئه بمطبوخه ).
بيع حب كبُر لا يجوز أن تبيعه بدقيقه، يعني: بطحين بر؛ لأنه لا يمكن التساوي، أما بيع طحين بر بطحين بر، وبيع حب بر بحب بر فيمكن التساوي، أما كونك تبيع حب بر بطحين بر فلا يمكن التساوي؛ لأنه مع الطحن ينقص فلا يمكن التساوي.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] | 2816 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2730 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2676 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2643 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2638 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2556 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2553 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2526 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2520 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2497 استماع |