شرح زاد المستقنع - كتاب الزكاة [3]


الحلقة مفرغة

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: [والزكاة كالدين في التركة.

باب: زكاة بهيمة الأنعام.

تجب في إبل، وبقر، وغنم إذا كانت سائمة الحول، أو أكثره؛ يجب في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض, وفي فيما دونها في كل خمس شاة، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وفي ست وأربعين حقة، وفي إحدى وستين جذعة، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان، فإذا زادت عن مائة وعشرين واحدة فثلاث بنات لبون، ثم كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة.

فصل: في زكاة البقر.

ويجب في كل ثلاثين من البقر تبيع، أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة، وفي ستين تبيعان، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة، ويجزئ الذكر هنا، وابن لبون مكان بنت مخاض، وإذا كان النصاب كله ذكوراً.

فصل: في زكاة الغنم.

ويجب في أربعين من الغنم شاة، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياة، ثم في كل مائة شاة شاة، والخلطة تصير المال كالواحدة].

فيما مضى بدأنا في كتاب الزكاة، وذكرنا تعريف الزكاة في اللغة والاصطلاح، وأن الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وذكرنا دليلها، وشيئاً من حكمتها، وذكرنا شروط وجوب الزكاة:

الأول: الإسلام.

والشرط الثاني: الحول.

والشرط الثالث: تمام الملك.

والشرط الرابع: بلوغ النصاب.

وهل من شروط وجوب الزكاة التكليف أو لا؟ وذكرنا خلاف أهل العلم رحمهم الله تعالى في هذه المسألة، وأن الصواب أن الزكاة تجب في أموال القصر من المجانين والصغار؛ لقول عمر رضي الله تعالى عنه: ابتغوا في أموال اليتامى كي لا تأكلها الصدقة.

وتكلمنا عن زكاة الديون، ومتى تجب ومتى لا تجب الزكاة في الديون؟

وكذلك تكلمنا عن الزكاة في الأموال المسروقة، والضائعة، والمختلسة ونحو ذلك، وكذلك الأموال التي تكون عند الدولة، وأيضاً ما يتعلق بالأموال العامة كأموال بيت المال، والأموال الموقوفة، والأموال الموصى بها، هل تجب الزكاة في هذه الأشياء، أو لا تجب؟

كذلك أيضاً: ما يتعلق بالدين، وهل ينقص الدين الزكاة، أو يسقط الزكاة؟ وبينا كلام أهل العلم رحمهم الله تعالى فيها.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (ولا بقاء المال)، وهذه المسألة أيضاً تكلمنا عليها: هل يشترط بقاء المال لوجوب الزكاة بمعنى: أن المال لو تلف بعد الحول، هل تجب الزكاة على رب المال، أم أنه لا تجب عليه؟

وذكرنا أن الصواب في هذه المسألة: أنه ينظر إن كان رب المال فرط في إخراج الزكاة حتى هلك المال، فإن الزكاة تجب عليه، وإن كان لم يفرط، ثم هلك المال، فإن الزكاة لا تجب عليه، فإذا لم يفرط، مثلاً: حبس الزكاة لكي يبحث عن الفقير ونحو ذلك، ثم بعد ذلك هلك المال، فنقول: بأنه لا زكاة عليه، أما لو فرط حيث وجد الفقير ولم يخرج الزكاة حتى هلك المال، فإن الزكاة تجب عليه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والزكاة كالدين في التركة).

يعني: إذا مات الشخص وعليه زكاة لم يخرجها فهي كالدين، كما أنه يجب إخراج الدين من التركة، فكذلك أيضاً ديون الله عز وجل من زكوات، وكفارات، ونذور يجب أن تخرج؛ ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فدين الله أحق بالوفاء ) أخرجه البخاري .

وهذا الذي ذهب إليه المؤلف رحمه الله هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله خلافاً لـأبي حنيفة ، فإن أبا حنيفة رحمه الله يقول: ديون الله تسقط بالموت، فإذا كان على الشخص زكاة مثلاً، ثم بعد ذلك مات قبل أن يؤدها فإنها تسقط.

والقول الأول هو الصواب؛ لما ذكرنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اقضوا الله فدين الله أحق بالوفاء ) من رواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في صحيح البخاري .

وإذا اجتمع دين الله، ودين الآدمي، فأيهما يقدم إذا ضاقت التركة؟ ولنفرض أن الميت خلف عشرة آلاف ريال، وعليه زكاةٌ قدرها ألف ريال، وعليه دين قدره خمسة عشر ألف ريال، فهل نقدم دين الله، أو نقدم دين الآدمي؟ أو يتحاصان؟

هذه المسألة موضع خلاف، فقال بعض العلماء: يقدم دين الله، فنخرج الألف أولاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما سلف: ( فدين الله أحق بالوفاء ).

وقال بعض العلماء: يخرج دين الآدمي؛ لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة.

والقول الثالث وهو الصواب: أنهما يتحاصان، يعني: يتزاحمان في التركة، فتقسم التركة بين دين الله ودين الآدمي بالنسبة، ولنفرض أن التركة تساوي ثلاثة آلاف، والزكاة تساوي ثلاثة آلاف، والدين يساوي ثلاثة آلاف، فالزكاة ثلاثة آلاف لا تكفي لدين الله ولدين الآدمي، فكيف نفعل؟ نقول: بأنهما يتحاصان؛ فنجمع الديون وننسب الزكاة إليها، ونعطي كل دين بمقدار تلك النسبة، الديون ثلاثة وثلاثة تساوي ستة، والتركة ثلاثة، انسب الثلاثة إلى الستة كم تساوي؟ تساوي النصف، فدين الله يأخذ النصف ألفاً وخمسمائة، ودين الآدمي يأخذ النصف ألفاً وخمسمائة، وهذه هي التركة، وهذا القول هو الصواب.

ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى ( باب: زكاة بهيمة الأنعام ).

الأموال الزكوية -كما تقدم لنا-: بهيمة الأنعام، والنقدان -الذهب والفضة- وما يقوم مقامهما -اليوم- من الأوراق النقدية، وعروض التجارة، والخارج من الأرض، وهذه الأربعة متفق عليها، وإن كان الظاهرية يخالفون في عروض التجارة.

وبقي من الأموال الزكوية المعدن، وكذلك العسل، وهذان موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى: هل تجب فيهما الزكاة، أو لا تجب؟ وسيتكلم المؤلف رحمه الله عن هذه المسائل.

ابتدأ المؤلف رحمه الله تعالى ببهيمة الأنعام اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في كتاب أبي بكر رضي الله تعالى عنه، الذي كتبه لـأنس وفيه بين فريضة النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة، وهذا الكتاب طويل، وقد قطعه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في مواضع، فهذا الكتاب بدأ ببهيمة الأنعام، وبدأ من بهيمة الأنعام بالإبل.

والمقصود ببهيمة الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، فهذه هي بهيمة الأنعام التي تجب فيه الزكاة.

وسميت هذه الحيوانات ببهيمة الأنعام لانبهام أمرها؛ لأنها لا تتكلم، فأمرها منبهم لعدم كلامها.

والدليل على وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام إجماع العلماء رحمهم الله على ذلك، وكذلك أيضاً كتاب أبي بكر رضي الله تعالى عنه الذي كتبه لـأنس ، وفيه فريضة النبي صلى الله عليه وسلم للزكاة.

البهائم التي تجب فيها الزكاة

قال المؤلف رحمه الله: (تجب في إبلٍ).

تجب الزكاة في الإبل بما تقدم من كتاب أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وأيضاً بإجماع العلماء رحمهم الله تعالى على ذلك، وسواء كانت هذه الإبل بخاتياً، أو كانت عراباً، فالزكاة تجب فيها.

قال المؤلف رحمه الله: ( وبقر ).

سواء كانت هذه البقر أهلية، أو كانت وحشية.

أما الأهلية فهي موضع اتفاق بين العلماء رحمهم الله، وبالنسبة للبقر الوحشية، فهي موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى، ولهم في ذلك قولان:

القول الأول: أن البقر الوحشية تجب فيها الزكاة إذا توفرت فيها شروط الزكاة الخاصة ببهيمة الأنعام -كما سيأتينا إن شاء الله- وهذا هو المشهور من المذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـمعاذ : ( خذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً )، وهذا يشمل البقر الوحشية والأهلية.

والقول الثاني: وهو رأي الأئمة الثلاثة: أن البقر الوحشية لا تجب فيها الزكاة، وهذا القول اختاره ابن قدامة -رحمه الله تعالى- صاحب المغني؛ لأن إطلاق البقر لا يشمل الوحشي، وإنما هو خاص بالأهلي، وهذا القول هو الأقرب؛ أن الزكاة لا تجب في البقر الوحشي، وإنما تجب في البقر الأهلي، ومن البقر الجواميس الأهلية، فهذه تجب فيها الزكاة.

قال رحمه الله: (وغنم).

يعني: والغنم يشمل الضأن والماعز، والمشهور من المذهب سواء كانت أهلية، أو كانت وحشية، والخلاف كما سلف.

شروط وجوب زكاة الأنعام

قال رحمه الله: ( إذا كانت سائمة الحول أو أكثره ).

هذه الشروط الخاصة، وتقدم لنا الشروط العامة لوجوب الزكاة: الإسلام، الحول، بلوغ النصاب، تمام الملك.

وشرع المؤلف رحمه الله في بيان الشروط الخاصة في كل مال من الأموال الزكوية، فبهيمة الأنعام مال زكوي؛ لكن اشترطوا لذلك شروطاً:

الشرط الأول: قال المؤلف رحمه الله: ( إذا كانت سائمة الحول، أو أكثره ).

هذا الشرط الأول: أن تكون سائمة، يعني: راعية للمباح كل الحول، أو أكثر الحول؛ لأن الأكثر له حكم الكل، ويدل لذلك: حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( في كل إبل سائمة، في كل أربعين ابنة لبون ) رواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي .

وكذلك أيضاً: في حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه: ( في الغنم في سائمتها ) فيشترط أن تكون سائمة، يعني: راعية للحول، أو أكثر الحول، وهذا ما عليه جمهور العلماء رحمهم الله، وهو المشهور من المذهب، وخالف الإمام مالك رحمه الله حيث يرى وجوب الزكاة في الإبل، أو في بهيمة الأنعام عموماً، حتى وإن لم تكن سائمة، حتى ولو كانت معلوفة، والصواب في هذه المسألة: ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى.

وعند الشافعي رحمه الله: أنه لا بد أن تكون سائمة جميع الحول، والذي يظهر -والله أعلم- أن الراجح ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله: من أنها إذا سامت الحول، أو أكثر الحول فإنه تجب فيها الزكاة؛ لما تقدم من التعليل أن الأكثر له حكم الكل، هذا هو الشرط الأول، وعلى هذا إذا كان يعلفها أو يشتري لها علفاً، فنقول: لا تجب فيها الزكاة، وإذا كان -مثلاً- نصف الحول يشتري لها علفاً، والنصف الآخر ترعى المباح.

وإذا كان بعض الحول يشتري لها علفاً، وأكثر الحول ترعى المباح، نقول: تجب فيها الزكاة.

الشرط الثاني: أن تكون معدة للدر والنسل، أي: معدة لأن يؤخذ منها الحليب، وكذلك التوالد، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم رحمهم الله جميعاً.

وعلى هذا إذا كانت معدة للعمل مثل: الإبل المعدة للسواني؛ أي: لإخراج الماء، أو الإبل التي تؤجر للركوب، أو البقر للحرث، وليست معدة للدر ولا للنسل فإنه لا تجب فيها الزكاة، هذا كما ذكرنا هو قول جمهور العلماء رحمهم الله.

وخالف الإمام مالك رحمه الله، كما خالف في المسألة السابقة، وقال: تجب الزكاة في العوامل.

والصحيح: أن الزكاة لا تجب في العوامل، وأنه يشترط أن تكون معدة للدر والنسل، ويدل لما ذهب إليه الجمهور ما ورد عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: ليس في البقر العوامل صدقة، وكذلك أيضاً ورد عن جابر بن عبد الله ، وفيه حديثان؛ حديث علي ، وحديث عبد الله بن عمرو ؛ لكن هذين الحديثين فيهما ضعف؛ ولكن ما دام أنه وارد عن الصحابة عن علي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما يعمل به؛ ولأن البقر أو الإبل التي للعمل هي بمنزلة الرقيق الذي يستخدمه للخدمة، والسيارة التي يمتلكها للركوب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليس على مسلم في عبده، ولا فرسه صدقة ) فالعبد الذي يختص به، والفرس الذي يختص به للركوب لا صدقة فيهما.

فتلخص لنا: أن بهيمة الأنعام يشترط فيها شرطان:

الشرط الأول: أن تكون سائمة.

والشرط الثاني: أن تكون متخذةً للدر والنسل.

وعلى هذا إذا كانت متخذة للعمل، أو معلوفة فليس فيها زكاة، إلا إذا كانت عروض تجارة، يعني: يبيع ويشتري فيها ففيها زكاة عروض التجارة.

وهنا مسألة يسألها بعض الناس: وهو أنه يشتري غنماً، وإذا أنتجت أولادها باع الأولاد، فهل تجب الزكاة، أو لا تجب فيها؟

نقول: لا تجب فيها الزكاة، وإنما الزكاة في المال الذي يحصله إذا حال عليه الحول، فإذا كان عنده مثلاً: بقر، وإذا أنتجت هذه البقر استفاد من أولادها وباعها، أو عنده أبقار باعها، أو عنده حليب ويبيع الحليب، نقول: إن الزكاة فيما يتعلق بثمن الحليب ونحو ذلك.

قال المؤلف رحمه الله: (تجب في إبلٍ).

تجب الزكاة في الإبل بما تقدم من كتاب أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وأيضاً بإجماع العلماء رحمهم الله تعالى على ذلك، وسواء كانت هذه الإبل بخاتياً، أو كانت عراباً، فالزكاة تجب فيها.

قال المؤلف رحمه الله: ( وبقر ).

سواء كانت هذه البقر أهلية، أو كانت وحشية.

أما الأهلية فهي موضع اتفاق بين العلماء رحمهم الله، وبالنسبة للبقر الوحشية، فهي موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى، ولهم في ذلك قولان:

القول الأول: أن البقر الوحشية تجب فيها الزكاة إذا توفرت فيها شروط الزكاة الخاصة ببهيمة الأنعام -كما سيأتينا إن شاء الله- وهذا هو المشهور من المذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـمعاذ : ( خذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً )، وهذا يشمل البقر الوحشية والأهلية.

والقول الثاني: وهو رأي الأئمة الثلاثة: أن البقر الوحشية لا تجب فيها الزكاة، وهذا القول اختاره ابن قدامة -رحمه الله تعالى- صاحب المغني؛ لأن إطلاق البقر لا يشمل الوحشي، وإنما هو خاص بالأهلي، وهذا القول هو الأقرب؛ أن الزكاة لا تجب في البقر الوحشي، وإنما تجب في البقر الأهلي، ومن البقر الجواميس الأهلية، فهذه تجب فيها الزكاة.

قال رحمه الله: (وغنم).

يعني: والغنم يشمل الضأن والماعز، والمشهور من المذهب سواء كانت أهلية، أو كانت وحشية، والخلاف كما سلف.

قال رحمه الله: ( إذا كانت سائمة الحول أو أكثره ).

هذه الشروط الخاصة، وتقدم لنا الشروط العامة لوجوب الزكاة: الإسلام، الحول، بلوغ النصاب، تمام الملك.

وشرع المؤلف رحمه الله في بيان الشروط الخاصة في كل مال من الأموال الزكوية، فبهيمة الأنعام مال زكوي؛ لكن اشترطوا لذلك شروطاً:

الشرط الأول: قال المؤلف رحمه الله: ( إذا كانت سائمة الحول، أو أكثره ).

هذا الشرط الأول: أن تكون سائمة، يعني: راعية للمباح كل الحول، أو أكثر الحول؛ لأن الأكثر له حكم الكل، ويدل لذلك: حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( في كل إبل سائمة، في كل أربعين ابنة لبون ) رواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي .

وكذلك أيضاً: في حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه: ( في الغنم في سائمتها ) فيشترط أن تكون سائمة، يعني: راعية للحول، أو أكثر الحول، وهذا ما عليه جمهور العلماء رحمهم الله، وهو المشهور من المذهب، وخالف الإمام مالك رحمه الله حيث يرى وجوب الزكاة في الإبل، أو في بهيمة الأنعام عموماً، حتى وإن لم تكن سائمة، حتى ولو كانت معلوفة، والصواب في هذه المسألة: ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى.

وعند الشافعي رحمه الله: أنه لا بد أن تكون سائمة جميع الحول، والذي يظهر -والله أعلم- أن الراجح ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله: من أنها إذا سامت الحول، أو أكثر الحول فإنه تجب فيها الزكاة؛ لما تقدم من التعليل أن الأكثر له حكم الكل، هذا هو الشرط الأول، وعلى هذا إذا كان يعلفها أو يشتري لها علفاً، فنقول: لا تجب فيها الزكاة، وإذا كان -مثلاً- نصف الحول يشتري لها علفاً، والنصف الآخر ترعى المباح.

وإذا كان بعض الحول يشتري لها علفاً، وأكثر الحول ترعى المباح، نقول: تجب فيها الزكاة.

الشرط الثاني: أن تكون معدة للدر والنسل، أي: معدة لأن يؤخذ منها الحليب، وكذلك التوالد، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم رحمهم الله جميعاً.

وعلى هذا إذا كانت معدة للعمل مثل: الإبل المعدة للسواني؛ أي: لإخراج الماء، أو الإبل التي تؤجر للركوب، أو البقر للحرث، وليست معدة للدر ولا للنسل فإنه لا تجب فيها الزكاة، هذا كما ذكرنا هو قول جمهور العلماء رحمهم الله.

وخالف الإمام مالك رحمه الله، كما خالف في المسألة السابقة، وقال: تجب الزكاة في العوامل.

والصحيح: أن الزكاة لا تجب في العوامل، وأنه يشترط أن تكون معدة للدر والنسل، ويدل لما ذهب إليه الجمهور ما ورد عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: ليس في البقر العوامل صدقة، وكذلك أيضاً ورد عن جابر بن عبد الله ، وفيه حديثان؛ حديث علي ، وحديث عبد الله بن عمرو ؛ لكن هذين الحديثين فيهما ضعف؛ ولكن ما دام أنه وارد عن الصحابة عن علي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما يعمل به؛ ولأن البقر أو الإبل التي للعمل هي بمنزلة الرقيق الذي يستخدمه للخدمة، والسيارة التي يمتلكها للركوب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليس على مسلم في عبده، ولا فرسه صدقة ) فالعبد الذي يختص به، والفرس الذي يختص به للركوب لا صدقة فيهما.

فتلخص لنا: أن بهيمة الأنعام يشترط فيها شرطان:

الشرط الأول: أن تكون سائمة.

والشرط الثاني: أن تكون متخذةً للدر والنسل.

وعلى هذا إذا كانت متخذة للعمل، أو معلوفة فليس فيها زكاة، إلا إذا كانت عروض تجارة، يعني: يبيع ويشتري فيها ففيها زكاة عروض التجارة.

وهنا مسألة يسألها بعض الناس: وهو أنه يشتري غنماً، وإذا أنتجت أولادها باع الأولاد، فهل تجب الزكاة، أو لا تجب فيها؟

نقول: لا تجب فيها الزكاة، وإنما الزكاة في المال الذي يحصله إذا حال عليه الحول، فإذا كان عنده مثلاً: بقر، وإذا أنتجت هذه البقر استفاد من أولادها وباعها، أو عنده أبقار باعها، أو عنده حليب ويبيع الحليب، نقول: إن الزكاة فيما يتعلق بثمن الحليب ونحو ذلك.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2820 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2739 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2680 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2651 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2641 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2560 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2557 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2528 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2523 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2501 استماع