توجيهات على طريق الصحوة


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الأحبة في الله! أحمد الله جل وعلا إليكم، وأشكره على آلائه التي لا تحصى، ونعمه التي لا تنسى، وأسأله جل وعلا أن يجعل لنا ولكم من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية، وأن يثبتنا على دينه ومرضاته إلى أن نلقاه، وأن يتوفانا وهو راضٍ عنا.

أيها الأحبة! ليس الحديث بين أيديكم في موضوع جديد عنكم، بل أنتم أهل البيان والفصاحة والبلاغة، وما بضاعتنا بين أيديكم إلا بضاعة مزجاة، فيا أيها العزيز جئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا بدعوة صالحة وحسن ظن ومودة في الله ولله، عسى أن نكون في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.

أما الحديث -أيها الأحبة- فهو عن توجيهات على طريق الصحوة، وليس لمثلي أن يُوجه أو يأمر أو ينهى ولكنني تلميذ من هؤلاء التلاميذ، وطالب من هؤلاء الطلبة، ودارس من هؤلاء الدارسين، سمعنا من مشايخنا وعلمائنا وقضاتنا ودعاتنا وولاة أمرنا ما ينبغي أن نفهمه وأن نفقهه، قال صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وقال صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرأً سمع مني مقالة فوعاها، فبلغها، فرب مبلغٍ أوعى من سامع).

الصحوة -أيها الأحبة- مصطلح يبدو أنه حادث ويراد به عموم العائدين الملتزمين بأمر الله بعد تفريط فيه، والمستقيمين على شرع الله بعد تهاون وتساهل به، ذكوراً كانوا أم إناثاً، صغاراً كانوا أم كباراً، عواماً ومثقفين على اختلاف تخصصاتهم ومستوياتهم، وإذا تحقق ذلك فإن هذا المصطلح ما دام مفهوماً حادثاً جديداً فلا شك أن الناس يتباينون في فهمه أو تحديد معناه، وأرجو في بداية هذا اللقاء ألا نفهم أو يفهم أحد أننا حينما نطلق كلمة (الصحوة) أننا نقسم مجتمعنا هذا إلى أحزاب وفئات وفرق وجماعات شتى، بل الواقع والواجب أن نفهم جميعاً أننا أمة واحدة، مجموعة واحدة بعلمائها وقضاتها ودعاتها وشبابها وشيبها وولاتها وصغارها وكبارها، ولكن هذه الأمة بمجموعها فيها الظالم لنفسه، وفيها المقتصد، وفيها السابق بالخيرات.

إن بعض الإخوة ربما فهم معنى الصحوة أننا نقسم مجتمعنا إلى أحزاب أو جماعات، وأن هذا يعني: أننا سنقف يوماً ما على طرف، وسيقف بقية الناس على طرف آخر، وكلٌّ ينظر إلى صاحبه من بُعد، ويخاطبه من برج عاجٍ أو من منارة شاهقة، وما هكذا المؤمنون، بل المؤمنون يدنواً بعضهم من بعض ويخالط بعضهم بعضاً، ويزور صالحهم سيئهم لينصحه، ويعود طيبهم فاجرهم لينهاه، ويناصح عالمهم جاهلهم ليثقفه ويعلمه بما أوجبه الله جل وعلا عليه.

أيها الأحبة! إن هذا الأمر الذي أردنا أن نتحدث عنه وهو: هذه التوجيهات المتعلقة بهذه الصحوة المباركة وما هي إلا شيء من الملاحظات اليسيرة على عدد قليل ونزر يسير من أحبابنا وإخواننا وليس المقصود فئة أو حزباً أو جماعة كما قلت، وليس المقصود أشخاصاً بأعيانهم، وإني أعيذ نفسي وإياكم بالله أن نجعل بين هذا الكلام وبين قلوبنا للشيطان موقفاً أو مكانة أو وسوسة أو سوء ظن، فوالله ما أردنا إلا قصد السبيل والأمر لله جل وعلا.

أيها الأحبة! موجز الأمر أنها نصيحة لكل من وقع في خطأ مما سنسمع، أو فرط في واجب مما ينبغي أن نتصف به، فعلينا أن نتحلى به وأن نراجع أنفسنا.

فأول ذلك وأهمه: سلامة الصدر من الحقد والإحن والغل والحسد، وذلك أمر عجيب وغريب!

ربما وجدت اثنين من الصالحين أو من عامة المسلمين الذين ليس عليهم من سيما الفجور والفساد والمعاصي الشيء الكثير، ولكن ربما سمعت من لسان أحدهم استطالة في عرض أخيه، وغيبة وحسداً وحقداً وسوء ظن وتفسيراً للأمور على غير ظاهرها، وتجييراً للأحوال على ما لا يُراد منها، وبالجملة فإن ذلك من الأمراض الموجودة سواءً في بعضنا أو في غيرنا، المهم أن ذلك مرض ينبغي أن نعالجه وأن ننتبه منه.

وإن من صوره: الانقباض وعدم الانبساط، وعدم إفشاء السلام، وعدم لين الجانب، وعدم خفض الجناح، وعدم التواضع، وعدم حسن الظن... وأمور كثيرة كلها بسبب عدم سلامة الصدر من الغل والحسد والحقد والبغضاء.

أيها الأخ الكريم! معاذ الله أن يكون في قلبي وقلبك شيء من الحسد على إخواننا، فالحاسد ليست له قضية، إن كنت في مصيبة رأيته شامتاً، وإن كنت في نعمة رأيته حاسداً، وإن كانت فيك خصلة من خير جحدها وأنكرها وأولها وجيرها، وقال: أراد كذا وقصد كذا وطلب كذا ومراده كذا، وتسلق وتسلط على فؤادك يريد أن يحكم على نياتك وخفياتك التي لا يعلمها إلا الله عز وجل.

والحاسد إن كانت فيك خصلة شر هتك أستارها ونشرها وتحدث بها ونبأ بها الغادين والرائحين، ولن تجد هذا الذي يحمل الغل أو الحسد لن تجده يوماً من الأيام ناصحاً.

وإن صفات المؤمنين سلامة صدورهم على إخوانهم، بل وعلى الذين يأتون من بعدهم، قال الله جل وعلا: وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:9-10] أي: لا تجعل في قلوبنا غلاً وحقداً وحسداً، وإن سلامة الصدور لمن صفات أهل الجنة وما نريد بسعينا في صلاة وصيام وذهاب وإياب وحل وترحال وسفر وضعن وإقامة، إلا وجه الله ورضا الله ثم هذه الجنة التي هي دار النعيم ودار الخلود.

سلامة صدور أهل الجنة

أوليس الله جل وعلا قد قال في محكم كتابه في وصف عباده المؤمنين أهل الجنة: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47] قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: أي: نزعنا من صدورهم كل حسد وبُغض، كما جاء في صحيح البخاري من حديث قتادة عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خلص المؤمنون من النار حُبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أدل وأهدى منه بمسكنه من أحدكم في الدنيا).

هذه صفات أهل الجنة أن لا غل ولا حقد ولا حسد ولا ضغينة ولا كراهة ولا سوء ظن ولا إحن ولا تباغض في قلوبهم، بل قال جل وعلا: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47].

دخل عمران بن طلحة على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعدما فرغ علي بن أبي طالب من أصحاب الجمل بعد فتنة فيها ما تعلمونه، وما يسعنا أمامه إلا أن نكف ألسنتنا، وأن نترضى عن جميع الصحابة رضوان الله عليهم، وألا نلغِ بالقول والكلام في عرض أحدٍ من الصحابة الذين اختارهم الله جل وعلا لصحبة نبيه وفضلهم بالصحبة، وقال صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم لو أنفق مثل جبل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).

بعد معركة الجمل دخل عمران بن طلحة على علي رضي الله عنه، فرحب به علي وقال: [ إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله فيهم: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47] ] انظروا ما أجمل سلامة الصدر بين الصحابة حتى وإن كان ما كان فيما مضى فكلٌ يعرف صدر صاحبه، وكلٌ يعرف سلامة قلب صاحبه.

ودُخل ذات يوم على أبي دجانة وهو مريض، وكان وجهه يتهلل كأنه الذهب فقال له: يا أبا دجانة، ما بال وجهك يتهلل؟ قال: [والله ما عملت عملاً أوثق عندي من خصلتين اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وأما الخصلة الأخرى: فقد كان قلبي على المسلمين سليماً].

إن من سمات المسلمين صفاء النفس من الغش والحسد والغدر والضغينة، ثم لماذا الحسد؟ ولماذا الضغينة؟ إن القلوب زجاجات بلورية شفافة لامعة جميلة طاهرة طيبة، فلماذا نقذرها؟ أو نجعلها وسخة بهذه الأضغان والأحقاد وبسوء الظن مما يدفعنا إلى القيل والقال، ومن ثم تتشوه تلك القلوب الصافية وتعود شائبة بعد صفائها، كدرة بعد نقائها، خبيثة بعد طهارتها، سيئة بعد حسنها، فاسدة بعد صلاحها..؟

الحسد وسوء الطوية من صفات الكفار والمنافقين

إن الحسد وسوء الطوية على المسلم لمن صفات الكُفار والعياذ بالله، ومن صفات المنافقين أعاذنا الله وإياكم، وذلك أمر قد يجهله كثير من المسلمين، بل قد يجهله بعض الطيبين، تجد رجلاً صواماً أو قواماً أو صالحاً لكنه إذا بدأ الكلام بلسانه في عرض فلان أو علان أو في هيئة أو في شخص أو في كبير أو صغير أو في عالم أو داعية أو في قريب أو بعيد نسي لسانه حتى يلغ في أمور لا قبل لهم بها، ربما تجد هذا الرجل فيه من الصلاح خير كثير، ويتورع عن أمورٍ ربما هي من المشتبهات أو يتركها زهداً وورعاً وربما نسي أنه وقع فيما أجمع علماء الإسلام بل ودلت النصوص على تحريمه وتضافرت الأدلة على المنع منه شرعاً؛ لأنه يغضب الله جل وعلا وهو الغيبة والاستطالة في أعراض المسلمين.

أقول: إن الحسد والحقد من أخطر الأمور، وإن الغِل والضغينة من صفات الكفار والمنافقين، فقد قال الله جل وعلا: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه [النساء:54] وقال سبحانه: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [البقرة:109] أي: الكفار لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109] نعم أيها الأحبة، إن الحقد والحسد والبغضاء والضغينة لمن صفات المنافقين، ومن صفات اليهود والنصارى أهل الكتاب، ومن صفات الكفار الذين لا يألون المسلمين خبالاً ويودون عنتهم، وصدق الله حيث قال: هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران:119-120].

نعم.. من الذي يرضى أيها الأحبة! أيها الإخوة المؤمنون! أيها الإخوة المسلمون! من الذي يرضى أن يحمل في جنبات نفسه وفي طيات فؤاده وفي شغاف قلبه، من الذي يرضى أن يحمل خصلة هي من خصال الكفار ومن خصال المنافقين فيستطيل بلسانه ويتسلط ببغضه وينتشر بكراهيته وحقده وحسده على بعض إخوانه؟

وإن من أكثر الذين تراهم -والعياذ بالله- وقوعاً في الحقد والحسد والإحن والبغضاء تجد بعضهم لأن قريبه فاقه في المال أو لأن تربه -أي: واحد من أترابه- فاقه في العلم أو فاقه في منزلة معينة أو في مرتبة معينة أو في مكانة معينة، وما يدريك يا أيها الأخ الكريم أنه ربما فاقك ابتلاءً وربما فاقك استدراجاً، وربما فاقك لأمرٍ يعلمه الله، والله لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23].

بعض الآثار السيئة للحقد والحسد

إن الله جل وعلا قد قسّم بين العباد أرزاقهم ومراتبهم وأحسابهم وأنسابهم، وجعل أكرمهم عنده أتقاهم.

أيها الأحبة في الله! إن علاقة المسلم بإخوانه علاقة محبة، وعلاقة تفيض بمشاعر إيمانية أخوية ليست تقف عند حدود نفسه أو ذريته أو أقاربه، بل تمتد لتغمر من حوله، وتفيض على الآخرين سلامةً وحباً وأمناً، وتلك هي صفات الأمة المسلمة الذين: يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ [الحشر:10] ولك أن تتخيل نفساً أو نفوساً عمرها الحقد بل خربها، وأفسدها الحسد ماذا تتصور أن يخرج منها؟

ماذا تتصور أن ينتج من قلوب فرخ فيها الغل والإحن والبغضاء والعداوة؟

هل ستجد أصحاب هذه النفوس يدعون لإخوانهم بظهر الغيب؟ أم تراهم يحسنون الظن بهم؟ أم تراهم يؤولون أفعالهم على خير وجه يُرضي الله؟ أم تراهم يكفون عن الغيبة عند عرض أعراضهم على الألسنة في المجالس؟ بل ستجد ما يدعو إلى ما هو أعظم من ذلك وأخطر: وهو والعياذ بالله الخصومة والعداوة التي إذا نمت وغارت وتجذرت جذورها وتفرعت أشواكها جعلت الإيمان يتناقص شيئاً فشيئاً، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (إن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).

أيها الأحبة! بل إن هذا الحسد وذلك الغل وتلك البغضاء وتلك الإحن والعداوة، ربما امتدت بأصحابها إلى أن جعلتهم والعياذ بالله يقعون في صغائر، ثم يصرون عليها فتكون من الكبائر، ثم يقعون فيما يُسقط مروءتهم، ثم يلغون فيما يوجب اللعنة، وعلى أية حال فكل عين ساخطة تنظر من زاوية واحدة داكنة، تعمى عن الفضائل، وتضخم الرذائل، وقد يذهب بها الحقد إلى التخيل وافتراض الأكاذيب، وقبول الأقاصيص والروايات التي لا زمام لها ولا خطام، ولا سند صحيح يدعمها من رواية الثقات أو العقلاء.

بل إن من عواقب ذلك الحقد ونتائج تلك البغضاء الوخيمة أن صاحبها ربما اشتهى وتلذذ وتمنى إيقاد نيران العداوة بين المؤمنين، وذلكم ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، لكن بالتحريش بينهم).

أيها الأحبة! إن كثيراً من المسلمين لن يعبد صنماً ولن يطوف بقبر ولن يذبح لغير الله، فذلك مما يئس منه الشيطان بهؤلاء المسلمين في جزيرة العرب خاصة، ولكن الشيطان رضي وقنع منهم بما يحرشه لإفساد ذات بينهم، ولما يخرب به قلوب بعضهم على بعض حتى تبدأ النفوس تتطاول في أعراض بعضها، فتزاح وتمحو وتتسلط على حسناتها، فقد يكسب المرء حسنات ثم يخسرها بآلاف السيئات التي ارتكبها، فما ظنكم برجل يُتاجر في الصباح فيربح ألفاً، ويُقامر في المساء فيخسر خمسة آلاف؟! فإن ذلك لا يعد من الرابحين ولا من التجار، بل يعد من الخاسرين الذين تسلطوا على تجارتهم فأهدوها لغيرهم.

إن النفوس إذا تنافر ودها     مثل الزجاجة كسرها لا يشعب

احرص على حفظ القلـوب من الأذى     فرجوعها بعد التنافر يصعب

أوليس الله جل وعلا قد قال في محكم كتابه في وصف عباده المؤمنين أهل الجنة: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47] قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: أي: نزعنا من صدورهم كل حسد وبُغض، كما جاء في صحيح البخاري من حديث قتادة عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خلص المؤمنون من النار حُبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أدل وأهدى منه بمسكنه من أحدكم في الدنيا).

هذه صفات أهل الجنة أن لا غل ولا حقد ولا حسد ولا ضغينة ولا كراهة ولا سوء ظن ولا إحن ولا تباغض في قلوبهم، بل قال جل وعلا: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47].

دخل عمران بن طلحة على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعدما فرغ علي بن أبي طالب من أصحاب الجمل بعد فتنة فيها ما تعلمونه، وما يسعنا أمامه إلا أن نكف ألسنتنا، وأن نترضى عن جميع الصحابة رضوان الله عليهم، وألا نلغِ بالقول والكلام في عرض أحدٍ من الصحابة الذين اختارهم الله جل وعلا لصحبة نبيه وفضلهم بالصحبة، وقال صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم لو أنفق مثل جبل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).

بعد معركة الجمل دخل عمران بن طلحة على علي رضي الله عنه، فرحب به علي وقال: [ إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله فيهم: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47] ] انظروا ما أجمل سلامة الصدر بين الصحابة حتى وإن كان ما كان فيما مضى فكلٌ يعرف صدر صاحبه، وكلٌ يعرف سلامة قلب صاحبه.

ودُخل ذات يوم على أبي دجانة وهو مريض، وكان وجهه يتهلل كأنه الذهب فقال له: يا أبا دجانة، ما بال وجهك يتهلل؟ قال: [والله ما عملت عملاً أوثق عندي من خصلتين اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وأما الخصلة الأخرى: فقد كان قلبي على المسلمين سليماً].

إن من سمات المسلمين صفاء النفس من الغش والحسد والغدر والضغينة، ثم لماذا الحسد؟ ولماذا الضغينة؟ إن القلوب زجاجات بلورية شفافة لامعة جميلة طاهرة طيبة، فلماذا نقذرها؟ أو نجعلها وسخة بهذه الأضغان والأحقاد وبسوء الظن مما يدفعنا إلى القيل والقال، ومن ثم تتشوه تلك القلوب الصافية وتعود شائبة بعد صفائها، كدرة بعد نقائها، خبيثة بعد طهارتها، سيئة بعد حسنها، فاسدة بعد صلاحها..؟

إن الحسد وسوء الطوية على المسلم لمن صفات الكُفار والعياذ بالله، ومن صفات المنافقين أعاذنا الله وإياكم، وذلك أمر قد يجهله كثير من المسلمين، بل قد يجهله بعض الطيبين، تجد رجلاً صواماً أو قواماً أو صالحاً لكنه إذا بدأ الكلام بلسانه في عرض فلان أو علان أو في هيئة أو في شخص أو في كبير أو صغير أو في عالم أو داعية أو في قريب أو بعيد نسي لسانه حتى يلغ في أمور لا قبل لهم بها، ربما تجد هذا الرجل فيه من الصلاح خير كثير، ويتورع عن أمورٍ ربما هي من المشتبهات أو يتركها زهداً وورعاً وربما نسي أنه وقع فيما أجمع علماء الإسلام بل ودلت النصوص على تحريمه وتضافرت الأدلة على المنع منه شرعاً؛ لأنه يغضب الله جل وعلا وهو الغيبة والاستطالة في أعراض المسلمين.

أقول: إن الحسد والحقد من أخطر الأمور، وإن الغِل والضغينة من صفات الكفار والمنافقين، فقد قال الله جل وعلا: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه [النساء:54] وقال سبحانه: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [البقرة:109] أي: الكفار لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109] نعم أيها الأحبة، إن الحقد والحسد والبغضاء والضغينة لمن صفات المنافقين، ومن صفات اليهود والنصارى أهل الكتاب، ومن صفات الكفار الذين لا يألون المسلمين خبالاً ويودون عنتهم، وصدق الله حيث قال: هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران:119-120].

نعم.. من الذي يرضى أيها الأحبة! أيها الإخوة المؤمنون! أيها الإخوة المسلمون! من الذي يرضى أن يحمل في جنبات نفسه وفي طيات فؤاده وفي شغاف قلبه، من الذي يرضى أن يحمل خصلة هي من خصال الكفار ومن خصال المنافقين فيستطيل بلسانه ويتسلط ببغضه وينتشر بكراهيته وحقده وحسده على بعض إخوانه؟

وإن من أكثر الذين تراهم -والعياذ بالله- وقوعاً في الحقد والحسد والإحن والبغضاء تجد بعضهم لأن قريبه فاقه في المال أو لأن تربه -أي: واحد من أترابه- فاقه في العلم أو فاقه في منزلة معينة أو في مرتبة معينة أو في مكانة معينة، وما يدريك يا أيها الأخ الكريم أنه ربما فاقك ابتلاءً وربما فاقك استدراجاً، وربما فاقك لأمرٍ يعلمه الله، والله لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23].

إن الله جل وعلا قد قسّم بين العباد أرزاقهم ومراتبهم وأحسابهم وأنسابهم، وجعل أكرمهم عنده أتقاهم.

أيها الأحبة في الله! إن علاقة المسلم بإخوانه علاقة محبة، وعلاقة تفيض بمشاعر إيمانية أخوية ليست تقف عند حدود نفسه أو ذريته أو أقاربه، بل تمتد لتغمر من حوله، وتفيض على الآخرين سلامةً وحباً وأمناً، وتلك هي صفات الأمة المسلمة الذين: يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ [الحشر:10] ولك أن تتخيل نفساً أو نفوساً عمرها الحقد بل خربها، وأفسدها الحسد ماذا تتصور أن يخرج منها؟

ماذا تتصور أن ينتج من قلوب فرخ فيها الغل والإحن والبغضاء والعداوة؟

هل ستجد أصحاب هذه النفوس يدعون لإخوانهم بظهر الغيب؟ أم تراهم يحسنون الظن بهم؟ أم تراهم يؤولون أفعالهم على خير وجه يُرضي الله؟ أم تراهم يكفون عن الغيبة عند عرض أعراضهم على الألسنة في المجالس؟ بل ستجد ما يدعو إلى ما هو أعظم من ذلك وأخطر: وهو والعياذ بالله الخصومة والعداوة التي إذا نمت وغارت وتجذرت جذورها وتفرعت أشواكها جعلت الإيمان يتناقص شيئاً فشيئاً، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (إن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).

أيها الأحبة! بل إن هذا الحسد وذلك الغل وتلك البغضاء وتلك الإحن والعداوة، ربما امتدت بأصحابها إلى أن جعلتهم والعياذ بالله يقعون في صغائر، ثم يصرون عليها فتكون من الكبائر، ثم يقعون فيما يُسقط مروءتهم، ثم يلغون فيما يوجب اللعنة، وعلى أية حال فكل عين ساخطة تنظر من زاوية واحدة داكنة، تعمى عن الفضائل، وتضخم الرذائل، وقد يذهب بها الحقد إلى التخيل وافتراض الأكاذيب، وقبول الأقاصيص والروايات التي لا زمام لها ولا خطام، ولا سند صحيح يدعمها من رواية الثقات أو العقلاء.

بل إن من عواقب ذلك الحقد ونتائج تلك البغضاء الوخيمة أن صاحبها ربما اشتهى وتلذذ وتمنى إيقاد نيران العداوة بين المؤمنين، وذلكم ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، لكن بالتحريش بينهم).

أيها الأحبة! إن كثيراً من المسلمين لن يعبد صنماً ولن يطوف بقبر ولن يذبح لغير الله، فذلك مما يئس منه الشيطان بهؤلاء المسلمين في جزيرة العرب خاصة، ولكن الشيطان رضي وقنع منهم بما يحرشه لإفساد ذات بينهم، ولما يخرب به قلوب بعضهم على بعض حتى تبدأ النفوس تتطاول في أعراض بعضها، فتزاح وتمحو وتتسلط على حسناتها، فقد يكسب المرء حسنات ثم يخسرها بآلاف السيئات التي ارتكبها، فما ظنكم برجل يُتاجر في الصباح فيربح ألفاً، ويُقامر في المساء فيخسر خمسة آلاف؟! فإن ذلك لا يعد من الرابحين ولا من التجار، بل يعد من الخاسرين الذين تسلطوا على تجارتهم فأهدوها لغيرهم.

إن النفوس إذا تنافر ودها     مثل الزجاجة كسرها لا يشعب

احرص على حفظ القلـوب من الأذى     فرجوعها بعد التنافر يصعب

ولما كان الأمر بهذه الخطورة حرص الإسلام في هذا التشريع العظيم الجميل الرائع الذي لو كان من عند غير الله لوجد فيه الاختلاف الكبير، حرص هذا الدين، وحرص الشارع على إصلاح ذات البين، بل وأباح الكذب في إصلاح ذات البين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الكذاب الذي يقول كلمة فينمي خيراً أو ينقل خيراً) أي: أن تُزوِّر شيئاً من الكلام لإصلاح ذات البين بين مسلم ومسلم، بين رجل وزوجته، بين قبيلة وأخرى، بين سيد وآخر، بين موظف ورئيس، بين زميل وآخر، بين جندي وضابط، بين صغير وكبير، بين حاكم ومحكوم، بين عالم وغيره، إن كلمة طيبة لأجل إصلاح ذات البين حتى ولو لم تكن موجودة على أرض الواقع لا تعد من الكذب المحرم، بل يؤجر صاحبها والله جل وعلا يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ [النساء:114].

عجباً لهذه النجوى التي نُهي عنها: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ [المجادلة:10].. إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المجادلة:9].. لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ [النساء:114] إلا في حالة إصلاح ذات البين ربما يكون في النجوى خير كثير: إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [النساء:114].

إن الله قد وعد بأجرٍ عظيم على إصلاح ذات البين، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن ضد صلاح ذات البين هو أمر خطير، حالقة الدين، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين -ثم قال- فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر ولكن تحلق الدين) رواه الترمذي والحديث صحيح.

أيها الأحبة! لماذا تكون هذه المعصية حالقة للدين؟ نعم، لأن أصحابها لا يتشفى أحدهم إلا بالكلام في عرض صاحبه، واستدراج الحديث، والدوران حول المواضيع رويداً رويداً، خطاً خطاً، دائرةً دائرةً، حتى تجد الذي في قلبه مرض يجر الحديث من بعيد لتنصب العبارة ويكون الحديث في نهاية المطاف ليكون في عرض ذلك الذي قد امتلأ قلبه عليه حقداً وحسداً؛ ولأجل ذلك نهى الإسلام عن هذا أيما نهي، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث).

إن الإسلام حريص على أن يقطع أبواب الجفاء وأبواب القطيعة وأبواب الغلظة، إن الإسلام حريص أن يكسر هذه الأبواب ويمد الصلات بين المسلمين، وما ذاك إلا لأجل حفاظ قلوبهم على بعض، ولأجل المحافظة على حسناتهم.

أثر الشحناء في إزالة الحسنات

وإذا تأملت مزيداً من النصوص وجدتها تصب صباً مباشراً في هذه القضية لتحذرنا من القطيعة، لتحذرنا من العداوة، لتحذرنا من البغضاء، لتحذرنا من التساهل في أعراض بعضنا، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تُفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا) رواه الإمام مسلم.

أيها الأحبة! لنكن صرحاء: إن بعضنا ربما وجد في قلبه ليس على فاجر من الفجار، بل على أخٍ من إخوانه الطيبين، والواجب أن نحمل المودة والمحبة لإخواننا الطيبين، وأما إخواننا العصاة، وإخواننا الذين أمعنوا وأسرفوا في الذنوب، فلهم منا جانب ننكره وهو إنكار معاصيهم، وما اجترحته جوارحهم، وما اقترفته أيديهم، ولهم منا جانب المحبة والمودة والشفقة، وجانب الرحمة الذي يدعونا إلى الدنو منهم، ومخاطبتهم باللين، ودعوتهم بالحكمة، ومجادلتهم بالحسنى عسى الله أن يردهم إليه رداً جميلاً، عسى الذي هدانا أن يهديهم، عسى الذي ردنا أن يردهم، عسى الذي منَّ على كثير من إخواننا أن يمن علينا وعليهم بالتوبة.

أيها الأحبة! إن من شؤم وسوء عاقبة الحسد أن حامل الحقد والغل والحسد لا يزال يتشفى بلسانه في عرض من يحقد عليه، حتى إن ذلك المسكين الحاسد ليأتي على جميع حسناته التي تعب في جمعها ثم يهديها إلى من اغتابه، يشقى بالعمل يجمعه، يُصلي الفجر، يمشي خطوات إلى المسجد، قد يذكر الله، يتصدق، يعمل أعمالاً صالحة، ربما يفعل خيراً كثيراً، ثم بعد ذلك قد يقع في زلة الحقد والحسد والبغضاء، وبذلك يُهدي هذه الحسنات إلى من تكلم في عرضه!

إن القصاص من الغيبة، والقصاص من النميمة، والقصاص من الغل والحقد والحسد الموجب لذلك كله؛ لن يكون يوم القيامة بأعمال تُعطيها فلاناً، بل سيكون من أعمال قُبلت إذ أن الحساب يوم القيامة لن يكون بالدينار ولا بالدرهم، ولا بالركعة، ولا بالصوم، ولا بالحج الذي لا تدري هل قُبل أم لم يقبل؟ ولكن القصاص سيكون من حسنات مقبولة، يُسدد من دينك ويُقضى غرماؤك بلسانك الذي تسلط على عملك فأحرقها، سوف يُسدد من الحسنات والسيئات، فإن لم يكن ثم حسنات فإن القصاص سيكون من سيئاتهم التي هي حقاً يقيناً سيئات، ثم تُوضع على سيئات هذا، وصدق القائل حيث قال:

يشاركك المغتاب في حسناتـه     ويعطيك أجري صومه وصلاته

ويحمل وزراً عنك ظنّ بحملـه     عن النُجب من أبنائه وبناته

وغير شقي من يبيت عدوه     يعامل عنه الله في غفلاته

فلا تعجبوا من جاهلٍ ضر نفسه     بإمعانه في نفع بعض عداته

وأعجب منه عاقل بات ساخطاً     على رجل يُهدي له حسناته

ويحمل من أوزاره وذنوبه     ويهلك في تخليصه ونجاته

إن هذا لعجبٌ عجاب أن تجد شخصاً يتسلط كل ليلة ليحمل عنك أوزاراً وذنوباً وآثاماً وخطايا، ما حملها بقرابة ولا بنسب ولا بهدية ولا بصلة، وإنما حملها عنك وتحملها عنك! ويوم القيامة يحملون أوزارهم ومن أوزار الذين يغتابونهم ويتكلمون فيهم، ومن أوزار الذين يضلون بسبب الوقوع في أعراضهم، يتحمل هذا يوم القيامة سيئات الآخرين يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [عبس:36] إذ أن لكل امرئ منهم مشغلة وقضية ودويهية وبلية أشغلته عن حاله، عساه أن يتحمل أوزار نفسه، وأن يتحمل سيئات ذاته، ثم تجده يتحمل أوزار الآخرين!

محبة الخير للناس

أيها الأحبة! ما الذي يحجبنا عن حب الخير للناس؟ ما الذي يمنعنا أن نحب للآخرين ما نحب لأنفسنا، وذلك من تمام الإيمان، حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أنس بن مالك : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يُحب لنفسه) رواه البخاري ومسلم .

أيها الأحبة! إن من تمام وصدق وصميم الإيمان أن نتمنى لإخواننا ما نتمناه لأنفسنا، أن نحب لهم ما نحب لأنفسنا، وتلكم والله معالم ضائعة، إن كثيراً عادوا وكثيراً اهتدوا وكثيراً تابوا، وكثيراً آبوا، لكن كثيراً حتى الآن لم تغتسل قلوبهم ولم تتنظف ولم تسلم ولم تطهر من هذه الذنوب والمعاصي، ناهيك عما حملوا ألواناً من المعاصي مع هذا الغل وذلك الحقد والحسد.

إن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن نتباغض، ونهانا عن كل سببٍ يدعو إلى البغضاء كالحسد والتناجش فيما بيننا، فقال: (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا ..) وقال في حديثٍ آخر: (وكونوا عباد الله إخواناً).

صلة إفشاء السلام بسلامة القلب

لقد دلنا النبي صلى الله عليه وسلم على ما يعمق المودة في نفوس بعضنا تجاه بعض، ألا وهو الابتسامة، والطلاقة والبشاشة، وإفشاء السلام، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) أخرجه مسلم .

أقول: هذا مما يدل على إفشاء السلام والبداءة به من مظاهر المحبة والمودة، بل ومن الإصرار على تثبيت هذه المحبة بين المسلمين، وذلك أمر يتعوده الإنسان من نفسه:

لكل امرئ من دهره ما تعودا     وعادة سيف الدولة الطعن في العدا

عود نفسك على البشاشة، ستجد نفسك تحملها حتى في أحلك الأمور، وعود نفسك على إفشاء السلام، ستجد نفسك مسلماً على العامل والكبير والصغير، والرئيس والمرءوس، والعظيم والصعلوك، والأمير والوزير والفقير، عود نفسك على أن تلتفت لإخوانك بعين الرضا وعين التواضع وعين المحبة، ستجد أنك تمنحهم أشياء كثيرة.

إننا لا نملك مليارات ولو ملكناها ما وسعنا الناس بأموالنا: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن سعوهم بأخلاقكم).

إن الشخص لو أراد أن يكسب جمعاً كهذا بأمواله لما استطاع أن يرضيهم بماله، لو أراد أن يرضيهم بهبات لما كان عنده ما يكفي لهبتهم وإعطائهم الجوائز والصلة، ولكنه يستطيع أن يُسخطهم جميعاً بكلام بذيء ساخط، ويستطيع أن يُرضيهم وأن يكسب محبتهم ومودتهم بكلمة ونصيحة وبشاشة ودعاء لهم ظاهراً وباطناً وسراً وعلناً.

وبمناسبة الحديث عن السلام، والانبساط وصلة ذلك بسلامة القلب أيها الأحبة يقول ابن عمر :

بني إن البر شيء هين     وجه طليق وكلام لين

صور من البر وحسن الخلق ونقائض ذلك

إن البر ليس تفتيتاً للصخور.. إن البر ليس حملاً للجبال أو نقلاً لها.. إن البر ليس نقلاً للمياه إلى أعلى الجبال.. إن البر ليس تقسيماً للأموال، وإنما هو طلاقة في الوجوه وكلام لين، روى الترمذي، عن عبد الله بن المبارك أنه وصف حُسن الخلق فقال: هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى.

وقال جرير : [ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]. بل إن بعض الناس لا تجده متبسماً أمام الآخرين، بل تجده يسخط ويغضب وينـزعج ويقول: فلان أمره عجيب! كلما قدمت عليه تبسم في وجهي، فأي صلة بيني وبينه؟ وأي علاقة بيني وبينه؟ في كل حال إذا رأيته رأيته متبسماً!! أي أن بعض الناس لا يُحرم على نفسه البشاشة بل تجده يُنكرها حتى على من يُقابله بها والعياذ بالله، بل إن بعضهم إذا تبسمت في وجهه قال: متى المعرفة؟ وبعضهم إذا أطلقت أو لنت في الكلام معه قال: يبدو أنك طولتها أكثر من اللازم! وأنت لا تقصد إلا التحبب والتودد إليه فسبحان الله!

إن هذه الأخلاق لهبات وصلات ومنازل ودرجات، فمن نالها نال خيراً كثيراً، وحسبكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم لا يفطر، ودرجة القائم لا يفتر) وقال صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة؟ فقال: (تقوى الله وحسن الخلق).

إن الناس مهما كثرت صلاتهم، فهي لهم يوم القيامة، لن يعطونا منها شيئاً، وجزاهم الله خيراً وأكثر من أمثالهم وتقبل منهم، وما أجمل سعيهم! وما أطيب صلاتهم وركوعهم وسجودهم! لكنهم لن يُعطونا من صلاتهم شيئاً، وما أجمل صيامهم! وإن عبادتهم لمما يرحم به الله الأمة، ولكنهم لن يعطونا من عبادتهم شيئاً، الذي يتعلق بنا تعلقاً مباشراً من أعمالهم ألا وهو -مع حبنا لهذا الخير الذي يعملونه- طلاقة الوجه .. البشاشة .. حسن الخلق .. لين الجانب .. التواضع .. المودة .. المحبة .. الإقبال بالوجه على الوجه عند اللقاء والسلام.

أذكر ذات يوم أني دخلت دائرة من الدوائر الشرعية، فقابلت رجلاً توسمت فيه خيراً فبدأته بالسلام وحييته به ومددت كفي مصافحاً له فإذا به -سامحه الله وجمعني به وإياكم في الجنة- يقابلني بوجه مكفهر، مقطب الجبين، ويسلم سلاماً رخواً ميتاً بارداً فتركته حتى خرج من تلك الدائرة، ثم أدركته قبل أن يبتعد عنها كثيراً، فقلت له: يا فلان .. هل تعرفني؟ قال: لا. قلت: وما يضيرك أنك لا تعرفني؟ -أردت بقولي: هل تعرفني أي: هل سبق بيني وبينك عداوة؟ هل بيني وبينك شيء من المواقف التي تدعو إلى عدم الانبساط وعدم البشاشة؟- قال: لا أعرفك. قلت: إذاً لم يحصل بيني وبينك موقف كرهتني فيه أو كرهتك فيه؟ قال: لا. قلت: يا أخي الكريم لماذا لا تحسن أخلاقك؟ لماذا لا تنبسط؟ لماذا لا تتبسم؟ لماذا لا تمد يدك مد الرجال عند المصافحة؟ لماذا لا تضع عينك في عين من أقبل عليك محبة وهشاً وبشاً به؟ أما أن تجد من الناس مَنْ إذا سلَّم عليك يده في اليمين ووجهه في السقف، أو يُعطيك يداً ويده الأخرى يصلح به شيئاً من حذائه، والرابع يُسلم عليك ولا يلتفت لك بأي حال من الأحوال.

إن عدم التفات هذا إلى حُسن الخلق لن يضيرك ولن يضيرني لكنه سيضيره هو، إنه يحرم نفسه خيراً كثيراً، وبوسع العبد إذا خرج من بيته أن يعود بحسنات أمثال حسناته في صلاته وصيامه، وأمثال حسناته في صدقاته وذلك بحسن خلقه ولين جانبه وتواضعه، ومحبة الخير لإخوانه المسلمين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) رواه الإمام مسلم.

وروى الخرائطي عن أبي عون الأنصاري قال: [ما تكلم الناس بكلمة شديدة إلا وإلى جنبها كلمة هي ألين منها تجزئ عنها] أي: أن الواحد مهما شدد في العبارة فإن بوسعه أن يختار من مفردات اللغة ومن جُملها ما يُفضي إلى تحقيق المقصود، وما يفضي إلى المرغوب دون الحاجة إلى الكلمة الشديدة، وكل أمر من الأمور لك أن تُعبر عنه بكلمة طيبة، ولك أن تعبر عنه بمعنىً مقبول:

تقول هذا مجاج النحل تـمدحه     وإن تشأ قلت ذا قيء الزنابير

ذماً ومدحاً وما جاوزت وصفهما     والحق قد يعتريه سوء تعبير

في زخرف القول تزيين لباطله     والحق قد يعتريه سوء تعبير

العسل إن تشأ قلت: ذا قيئ الزنابير، وإن تشأ قلت: هذا شهد النحل أو تقول فيه وصفاً جميلاً، ومن الذين يعتنون بحسن الخلق؟ من تراهم ينتقون العبارة الجميلة، يُقال: إن هارون الرشيد قال ذات يوم لأحد أبنائه وفي يده سواك: ما جمع هذا يا ولدي؟ فقال أحدهم: محاسنك يا أمير المؤمنين. وقال للآخر: ما جمع هذه يا ولدي؟

قال: جمعها كِعاب الأسنة.

لم يقل: مساويك، خشية أن يكون الجمع فيه عبارة تدل بلفظ لا يليق أمام أمير المؤمنين أو أمام والدهم.

أحاديث نبوية في حسن الخلق

إن عناية الإنسان بمنطقه وعناية الإنسان بلفظه متحرياً بذلك حُسن الخلق مما يرفعه درجةً عند الله، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (إن من أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافاً).

وروى أبو نعيم في الحلية، عن حماد بن زيد قال: [ما رأيت رجلاً أشد تبسماً في وجوه الرجال من أيوب ].

وفي الحديث المتفق على صحته، عن عبد الله بن عمرو، أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: (أي الإسلام خير؟ قال: أن تُطعم الطعام، وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) متفق عليه.

ذلك من خير الإسلام أن تبدأ بالسلام وتُعلن السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف.

وبالمناسبة أيها الأحبة! فإن وقوع بعض المسلمين في معصية لا يمنع من سنية بدئهم بالسلام، فتجد المسلم إذا قابل رجلاً حالقاً لحيته، قال: لا أبدأه بالسلام فهذا (حليق)! وبعضهم إذا رأى رجلاً مدخناً قال: أعوذ بالله، أبدأ بالسلام على رجل يدخن فلا أبدأه، وذلك من الجهل بالدين.

إن من واجبك أن تبش وتهش وتنبسط إليه وتبدأه بالسلام، وتسأله عن صحته، وإن كنت منكراً لما ترى من حلق لحيته أو مجاهرته بدخانه، فإنك بهذا تنصحه نصيحة طيبة فتنال الأجرين، لا يفوتك أجر البدء بالسلام وتنال أجر حُسن الخلق، والبسط وحُسن الصلة مع المسلمين، وأجر النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وفي معنى الحديث السابق قال النووي رحمه الله: ومعنى تُقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف أي: تُسلم على كل من لقيته عرفته أم لم تعرفه ولا تخص به من تعرفه كما يفعله كثير من الناس.

هذا في زمان النووي يقول: كما يفعله كثير من الناس الذين يخصون بالسلام من يعرفون، فما بالك بهذا الزمان؟ ما بالك بنا؟ بل لقد ضيعنا كلمة (السلام) حتى أن بعضنا يدخل على القوم، فيقول: كيف الحال؟ كيف الصحة؟ أهلاً بكم، صباح الفل، صباح الورد، صباح الياسمين، صباح القشطة، صباح كذا وصباح كذا! ونسي أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..! بل إن بعضهم بالهاتف: السلام عليكم، أهلاً بفلان.. كيف الحال؟ تردد عليه مرتين أو ثلاثاً حتى لا يفوته أجر رد السلام، وهذه من الأمور التي تعود كثير منا عليها حتى فاته كثير من الأجر، ما الذي يمنع؟

صحبت ذات مرة شخصاً من إخواننا في سفر فعجبت من كثرة إفشائه السلام على الناس، ما التفت يمنة فوجد عاملاً أو كبيراً أو صغيراً إلا وألقى عليه السلام، فقلت له: أراك تكثر السلام! قال: هل كنت مشغولاً معك في حديث حتى أقطعه بهذا؟ هل تراني أقرأ؟ هل تراني أصلي؟ بدلاً من أن أقلب عيناي في الجدران والحيطان والرخام والمباني والعمائر والغادين والسيارات والرائحات والشكمانات وغير ذلك بدلاً من هذا كله أقول: السلام عليكم، ففي كل تسليمة أجر عظيم، وما ظنك لو عددنا كم مررنا على شخصٍ سلمنا عليه لوجدنا أننا في نهاية المطاف قد جمعنا مئات الحسنات بمجرد إفشاء السلام.

وقال ابن حجر في معنى السلام: أي لا تخص به أحداً تكبراً ولا تصنعاً بل تعظيماً لشعار الإسلام ومراعاةً لأخوة المسلمين. وفي الحديث الذي له حكم الرفع ورواه البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن ابن مسعود أنه مر برجل فقال: السلام عليك يا أبا عبد الرحمن، فرد عليه، ثم قال: [إنه سيأتي على الناس زمان يكون السلام فيه للمعرفة].

وقال ابن بطال في مشروعية السلام على غير المعرفة: استفتاح للمخاطبة وللتأنيس ليكون المسلمون كلهم إخوة فلا يستوحش أحد من أحد، وفي التخصيص ما قد يوقع في الاستيحاش، وربما سبب صدود المتهاجرين أو يشبه صدود المتهاجرين الذي نهى الله عنه.

لقد أخرج الإمام أحمد بسند صحيح، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطيعة الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم) رواه الإمام أحمد في مسنده.

حاجتنا إلى قضايا السلوك والأخلاق

نعم أيها الأحبة! هذه من الأشياء التي ظهرت وانتشرت بين المسلمين، وكما أننا بحاجة إلى أن نفقه قضايا كثيرة.. قضايا إعلامية، وقضايا سياسية، وقضايا تربوية، وقضايا تعليمية، وقضايا اجتماعية؛ فنحن بأمس الحاجة إلى أن نتعلم هذه القضايا وهي قضايا المعاملة وقضايا السلوك.

إن عبداً من عباد الله يوم القيامة لن يضره إن جهل ما هي أبعاد اتفاقية غزة أو أريحا، على أيٍّ كان تحليلها أو تفسيرها، وليس هذا مقام بيان قول الإسلام فيها، إن عبداً من عباد الله لن يضيره يوم القيامة إذا جهل كثيراً من القضايا السياسية والاقتصادية والإعلامية، لكن سينفعه عند الله إن كان ممن يفشون السلام، سينفعه عند الله إن كان ممن ينبسطون بالبشاشة أمام إخوانهم، سينفعه عند الله إن كان ممن سلمت صدورهم من الغل والحسد والإحن والعداوات والبغضاء.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أهمية الوقت في حياة المسلم 2805 استماع
حقوق ولاة الأمر 2669 استماع
المعوقون يتكلمون [2] 2654 استماع
توديع العام المنصرم 2649 استماع
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] 2556 استماع
من هنا نبدأ 2497 استماع
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] 2463 استماع
أنواع الجلساء 2462 استماع
إلى الله المشتكى 2438 استماع
الغفلة في حياة الناس 2437 استماع