حمالة الحطب


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، أحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار.

وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار.

وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار.

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

أما بعد:

أيها الفضلاء! أحمد الله الذي هيأ لنا هذا اللقاء في هذه الليلة المباركة، ليلة الجمعة التي يستحب فيها الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه في الحديث أنه قال: (إن من خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا من الصلاة علي فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: كيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ -يعنون: بليت- فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء).

أسأل الله سبحانه كما جمعنا في هذا المسجد المبارك، أن يجمعنا في جنات النعيم، وأن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم، وأن يجعلنا إخواناً على سرر متقابلين.

إخوتي الكرام! عنوان هذه الكلمة: حمّالة الحطب، أقول في مقدمتها: ما أكثر الشخصيات التي تحدث عنها القرآن، وهي على نوعين:

النوع الأول: شخصيات مؤمنة برة تقية، ملأت الأرض نوراً وعدلاً وهدىً ورحمة، كأنبياء الله ورسله وأوليائه وصالحي عباده، جزاهم الله عن الإسلام وأهله خيراً.

النوع الثاني: شخصيات ملأت الأرض ظلماً وجوراً وبطشاً، وتحدث عنها القرآن بما فيها، ومن هؤلاء: حمّالة الحطب زوجة أبي لهب العوراء، أم جميل بنت حرب ، التي توعدها ربنا جل جلاله هي وزوجها بنار ذات لهب، تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ[المسد:1] قال أهل التفسير: التباب هو الخسار، كما في قوله جل جلاله: وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ[غافر:37] أي: في خسار.

قالوا: (تبت) الأولى: دعاء، (وتب) خبر.

يقول الله عز وجل بعدما دعا عليه وقد حصل هذا التباب والخسار: مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ[المسد:2] ما أغنى عنه ماله الذي جمعه وحرص على تنميته وتثميره؟ وما أغنى عنه كسبه؟ قالوا: المقصود بالكسب هاهنا الذرية والأولاد.

قال أهل التفسير: اختصم بنو أبي لهب ، فجاءو إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ليصلح بينهم، فاقتتلوا عنده، فقام ليحجز بينهم، فدفعوه حتى سقط، فقال رضي الله عنه: أخرجوا عني الكسب الخبيث!

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه) .

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للناس في الموسم أو في سوق عكاظ: (قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، قولوا: لا إله إلا الله تملكوا بها العرب والعجم، إني رسول الله إليكم جميعاً، وكان عمه أبو لهب -وهو رجل أحول جسيم ذو غديرتين- يسير خلفه ويقول: لا تصدقوه فإنه كذاب، لا تصدقوه فإنه ساحر، فيعجب الناس ويقولون: من هذا؟ فيقول أهل مكة: هذا محمد بن عبد الله يزعم أن الله أرسله، والرجل الذي خلفه عمه أبو لهب ، فكان الناس يقولون: عمّه أعلم به) أي: إذا قال عمّه: إنه كذاب فهو كذلك، وإذا قال: إنه ساحر فهو كذلك، فكان صاداً عن سبيل الله، قال الله عز وجل: سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ[المسد:3].

قوله تعالى: وَامْرَأَتُهُ[المسد:4] أي: زوجته، وهي العوراء أم جميل بنت حرب ، حَمَّالَةَ الْحَطَبِ[المسد:4] أو (حمالةُ الحطب) قراءتان، قال أهل التفسير: كانت هذه المرأة الظالمة الباغية تطرح الأقذار والأشواك والحطب في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بابه، فما كان صلى الله عليه وسلم يزيد على أن يرفع يده ويقول: (ما هذا الجوار يا بني عبد المطلب؟!) .

وقيل: بل قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) إخبار عن المآل وأنها في النار والعياذ بالله، فهي ستأخذ الحطب وتطرحه على زوجها؛ لتزيده عذاباً فوق العذاب؛ لأنها في الدنيا حرَّضته على الكفر وزينت له الشرك.

وقيل: بل قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) لأنها كانت بخيلة رغم غناها وكثرة مالها، وكانت تنقل الحطب على رأسها وتبيعه.

وقيل: بل قوله تعالى: (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) كناية عن سعيها بالنميمة بين الناس، كانت تنقل كلام الناس بعضهم إلى بعض؛ لتفسد بينهم، وتقطع الأواصر، وتزرع العداوة والبغضاء، فهي بمثابة من يحمل الحطب ليزيد النار اشتعالاً، قال تعالى: فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ[المسد:5].

أيها الفضلاء! ما أكثر آباء لهب وأمهات لهب في زماننا، ما أكثر هؤلاء الصَّادين عن سبيل الله، المشائين بالنميمة بين الناس، الملتمسين للبرآءِ العيب، الذين يعملون على زرع العداوة والبغضاء بين المؤمنين والمؤمنات، هؤلاء جميعاً ينبغي أن يُذكّروا بهذه الآية؛ لأن الله عز وجل وصف تلك المرأة الباغية الظالمة بهذا الوصف القبيح، ليحذرنا من أن نسلك سلوكها، وأن نسير سيرها، فالنميمة من القبائح والمنكرات التي نهانا عنها ربنا جل جلاله.

النميمة هي: نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قتَّات) .

قيل: القتَّات هو النمَّام، وقيل: بل القتات هو الذي ينقل كلاماً ما سمعه وإنما نُقل إليه، كأن يُقال له: إن فلاناً قال في فلان كذا، فيبادر إلى نقل الكلام دون أن يكون قد سمعه منه، أما النمام فهو الذي سمع الكلام بنفسه فنقله.

وقد أجمع المسلمون على أن النميمة حرام، وما قال بجوازها أحد.

الفرق بين النميمة والغيبة

قال أهل العلم: الفرق بين النميمة وبين الغيبة أن الغيبة قد تجوز أحياناً، كما قال القائل:

القدح ليس بغيبة في ستةٍ متظلمٍ ومعرفٍ ومحذر

ولمظهرٍ فسقاً ومستفتٍ ومن طلب الإعانةَ في إزالةِ منكرِ

فالغيبة قد تجوز أحياناً، أما النميمة فلا تجوز بحال.

ومن الفروق بينهما أن الغيبة قد تكون باللسان، وقد تكون بالقلب، كأن تظن بفلان ظن السوء، أما النميمة فلا تكون إلا باللسان.

ومن الفروق بينهما كذلك: أن الغيبة تختص بالمغتاب وحده الذي يتكلم بها، أما النميمة فإنه يشترك فيها أطراف متعددة.

خطر النميمة

النميمة من كبائر الذنوب؛ لأنها مؤدية إلى فساد ذات البين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على ما هو أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين).

فالنميمة سبب في حلق الدين؛ لأنها تفسد ذات بين المسلمين، وقد قال الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ[الأنفال:1]وقال: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ[النساء:114].

فالنمّام مرتكب كبيرة، وقد قال الله عز وجل: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ[القلم:10-12] ، قال بعض أهل التفسير: قلَّ أن تجد نماماً إلا وهو -والعياذ بالله- ولد زنا، واستدل بهذه الآية، فإن الله تعالى قال بعد هذه الأوصاف: عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ[القلم:13]، والزنيم: هو الذي لا نسب له يعرف، وهو ابن السفاح والعياذ بالله! ولا يلزم ما قالوه على كل نمام، لكن الشاهد أن النمام نادى على نفسه بأنه شخص غير سوي.

قال أهل العلم: وقلَّ أن تجد إنساناً إلا وهو يمقت النمام حتى وإن نقل إليه ما يقول الناس فيه، فسامعه في قرارة نفسه يبغض هذا الناقل ويكرهه، لأنه نقل إليه ما يؤذيه.

النميمة من أسباب عذاب القبر

جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على قبرين فقال: (إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، بلى إنه لكبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالنميمة) .

قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى: ذكر بعض أهل العلم مناسبة الذنبين للعقوبتين في ذلك الموضع، فالذنب الأول: عدم الاستتار والتنزه من البول، والذنب الثاني: المشي بالنميمة بين الناس، قال: مناسبة ذلك أن (القبر هو أول منازل الآخرة) كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم، وأول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة من عمله الصلاة، والصلاة مفتاحها الطهارة من الحدث، وهذا لم يتطهر من الحدث، وأول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، والدماء سببها في الغالب النميمة، ولذلك كان عامة عذاب القبر من هذين الذنبين: عدم الاستتار من البول، والمشي بالنميمة بين الناس: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير) أي: بزعمهما، وقال بعضهم: (وما يعذبان في كبير) أي: ليس كبيراً عليهما تركه، فقد كان يمكنهما تركه لو أرادا، (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير بلى إنه لكبير) ، ثم أخذ عليه الصلاة والسلام جريدة رطبة فشقها نصفين، وغرس في كل قبر واحدة وقال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا) .

الأسباب الحاملة على النميمة

الأسباب الحاملة على النميمة ثلاثة:

أولها: إرادة السوء بالمنقول عنه، حين تنقل بأن فلاناً قال كذا وكذا.

السبب الثاني: حب المحكي له، فقد تكون محباً لفلان وسمعت فلاناً آخراً يقول فيه كلاماً قبيحاً، فتنقل إليه ما قيل فيه محبة له.

السبب الثالث: الاشتغال بالفضول، بعض الناس يشتغل بفضول القول، ما عنده ما يشغله، وما عوّد لسانه ذكر الله ولا تلاوة القرآن، ولا الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عوّد نفسه على نوافل الصلاة وغيرها من الأعمال الصالحة، ولا يشتغل بعمل نافع من أعمال الدنيا، لكنه يشتغل بالفضول وأن فلاناً قال، وأن فلاناً حكى إلى غير ذلك مما لا نفع فيه.

موقف المسلم من النمام

قال الإمام الذهبي ومن قبله النووي وغيرهما من أهل العلم: الواجب على من نُقلت إليه قالة السوء التي قيلت فيه أمور ستة:

أولها: ألا يصدّق هذا النمام؛ لأنه فاسق، والله عز وجل يقول: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا[الحجرات:6]، فلا تصدقه فيما نقل إليك.

ثانياً: أن تزجره وتقبّح له فعله، وتنهاه عن تعاطي مثله في مستقبل أيامه، وأن تبين له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة نمام) ، وأنه عليه الصلاة والسلام قال: (لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً؛ فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر)، وأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن النميمة، وأن الله عز وجل نهى عن طاعة المشّاء بالنميمة بين الناس.

ثالثاً: أن تبغضه في الله؛ لأنه قد تعاطى سبباً يستحق به البغض، فالذي يسعى بالنميمة ينبغي أن يكون بغيضاً إليك، لأنه بغيض إلى الله عز وجل.

رابعاً: ألا تظن بأخيك الذي نُقلت عنه تلك الكلمة أو تلك الحكاية إلا خيراً؛ لأن الله عز وجل قال: اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ[الحجرات:12].

ونبينا صلى الله عليه وسلم كان يطوف حول الكعبة، وقال لها: (ما أطيبكِ وأطيب ريحكِ، ما أعظمكِ وأعظم حرمتكِ، والذي نفسي بيده! لحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمتكِ، دمه وماله وعرضه وألا يُظنّ به إلا خيراً).

خامساً: لا تبحث عما قيل، ولا تتجسس، ولا يحملنك الفضول على أن تفتشّ وراء المنقول عنه، هل قال أو لم يقل، وإلا فقد وقعت في المنهي عنه، قال ربنا جل جلاله: وَلا تَجَسَّسُوا[الحجرات:12].

سادساً: لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله، طالما أنك نهيت ذلك النمام فلا تحك ما قال، ولا تنقل ما نقله إليك، وإلا كنت أنت وإياه بمنزلة سواء.

مواقف السلف في زجر النمام ورد النميمة

أيها الإخوة الكرام! المتأمل في حياة الناس والذي يتتبع مشكلاتهم يجد أن أغلبها مبدأه من النميمة؛ ولذلك كان عباد الله الصالحون، أئمة العدل وأهل التقى والهدى والنور؛ أشد الناس حذراً من النميمة والنمامين.

جاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال له: إن فلاناً قال عنك كذا، وعلي ممن نوّر الله قلبه، وكان محباً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكان يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال له علي رضي الله عنه: يا هذا! إن كنت صادقاً مقتناك - أي: كرهناك وأبغضناك -، وإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك، قال: بل أقلني يا أمير المؤمنين.

فـعلي رضي الله عنه قال له: سنفتش عما قلت، فإن كنت صادقاً كرهناك؛ لأنك نمام، وإن كنت كاذباً عاقبناك، فلابد من تعزيرك بكذبك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك، قال: أقلني يا أمير المؤمنين ولا أعود أبداً.

وكذلك الإمام العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما نقل إليه بعض الناس كلاماً قال له عمر : يا هذا! إن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ[القلم:11] ، وإن كنت كاذباً فأنت من أهل تلك الآية: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا[الحجرات:6]، وإن شئت أقلناك ولا تعد، قال: لا أعود.

وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! إيّاك وقاتل الثلاثة، قال: ويلك من قاتل الثلاثة؟! قال: الذي ينقل للإمام حديث غيره فيقتله الإمام، (يقتل المنقول عنه) فيكون ذلك الرجل قتل صاحبه ونفسه والإمام، قتل صاحبه بالوشاية، وقتل نفسه؛ لأنه هلك عند الله عز وجل، وكان سبباً في هلاك ذلك الإمام الذي قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض.

آثار النميمة وأضرارها

الآثار الاجتماعية التي تترتب على النميمة كثيرة، منها:

التفرقة بين الزوجين المتحابين، وإيقاع العداوة والبغضاء بين المؤمنين والمؤمنات، وتهديم الأسر وتشتيت العوائل، وربما إسالة الدماء وإثارة النعرات وغير ذلك، وهذه الآثار الخطيرة الموجودة الآن في مجتمعات المسلمين تحملنا حملاً على أن نحذر من هذه الآفة، وأن نأخذ بالأسباب القاطعة لأصلها، وقد قال أهل العلم: ينبغي للنمام أن يبادر إلى الله عز وجل بالتوبة، وأن يشتغل بعيبه عن عيوب الناس، وأن يشتغل بإصلاح نفسه، وأن يعلم يقيناً أنه ما دام مقيماً على هذا الذنب، فقد عرض نفسه لسخط الله عز وجل، وقد اتبع نهج شياطين الإنس والجن، ممن يوقعون العداوة والبغضاء بين المؤمنين والمؤمنات.

أسأل الله عز وجل أن يهدينا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنا سيئها لا يصرف سيئها إلا هو.

اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، ونسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين.

اللهم إذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهُنا، وارفعنا ولا تضعنا.

اللهم سلمنا وسلم الناس منا، اللهم سلمنا وسلم الناس منا، اللهم سلمنا وسلم الناس منا.

اللهم تقبل توبتنا واغفر حوبتنا، وأجب دعوتنا، وثبت حجتنا، وسدد ألسنتنا، واهد قلوبنا، واسلل سخيمة صدورنا، واجعل هذا المجلس المبارك شاهداً لنا لا علينا، واجعله في صحائف حسناتنا يوم نلقاك، وكما جمعتنا فيه نسألك أن تجمعنا في مستقر رحمتك ودار كرامتك مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين، والحمد لله رب العالمين.