خطب ومحاضرات
ديوان الإفتاء [504]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، أسأل الله أن يجعلها نافعةً مفيدة، وأن يعيننا على صلاح القول والعمل.
السؤال: يا شيخ! تعرفت على شقيق صديقاتي عن طريق اتصال هاتفي، وطلب مني أن يتقدم لي للزواج رسمياً، وأقسمت برب الكعبة وكتاب الله ما أتزوج غيره، لكن أهلي رفضوه، بسبب أنه ضابط سياحة وفندقة، ونحن أصحاب أملاك، فهل علي إثم في حلفي؟
الجواب: يا أمة الله! الجواب على سؤالك يقتضي التنبيه على أمور:
الأمر الأول: لا ينبغي لك أن تقطعي في أمر الزواج بغير مشورة أهلك، فإن لأهلك حقاً، والولي لا بد أن يستشار، ولا بد أن يستأذن، ولا بد أن تؤتى البيوت من أبوابها، فلا يحق لذلك الرجل أن يتقدم إليك مباشرةً، ولا يحق لك أن تقطعي في الأمر، وتقسمي بالله، وبكتاب الله أنك ما تتزوجين شخصاً غيره.
الأمر الثاني: أهلك أبصر بالمصلحة وأدرى بها، ويمكنك أيضاً مناقشتهم، وبيان وجهة نظرك لهم، من أجل أن يكون القرار صواباً موفقاً مسدداً إن شاء الله، ثم إذا تبين بأنه لا سبيل إلى الزواج بهذا الرجل، فتلزمك كفارة يمين بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تكوني مستطيعةً لهذا ولا ذاك فعليك بصيام ثلاثة أيام يستحب فيهن التتابع.
السؤال: هل الرعاف يبطل الوضوء؟
الجواب: لا، إلا إذا تفاحش، وليس خروج الدم من مبطلات الوضوء، بل مبطلات الوضوء هي الأحداث الستة، التي هي الريح، والغائط، والبول، والمذي، والودي، ودم الاستحاضة، ثم الأسباب التي هي: زوال العقل بنوم مستثقل أو إغماء أو جنون، ولمس ما يلتذ به عادةً إذا قصد اللذة أو وجدها، والإفضاء إلى الذكر بباطن الكف من غير حائل، ثم ما ليس حدثاً ولا سبباً، وهو الردة، والعياذ بالله.
لكن بعد ذلك خروج الدم لا يبطل الوضوء، وكذلك القيء لا يبطل الوضوء، وقل مثل ذلك القهقهة لا تبطل الوضوء، وأيضاً ارتكاب المعصية كمن سب أو شتم فإنه لا ينقض وضوءه، وهكذا.
لكن لو أن الدم تفاحش حتى أصاب الثياب، فها هنا لا بد أن يخرج الإنسان من الصلاة ويغسل هذه النجاسة، يعني: لو أن الرعاف قليل، فالإنسان يفتله بأصابعه، وإذا كان معه منديل فإنه يزيله، لكن إذا تفاحش هذا الدم واتصل، فلا بد من الخروج من الصلاة.
السؤال: هل يجوز ظلم الكفار؟
الجواب: الظلم حرام، لا تظلمن مسلماً ولا كافراً، ولا تظلمن ذكراً ولا أنثى، ولا كبيراً ولا صغيراً، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، (واتق دعوة المظلوم -ولو كان كافراً- فإن دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين).
السؤال: هل أهل الكتاب مؤمنون؟
الجواب: الإيمان الشرعي المتمثل في الإيمان بالله إيماناً صحيحاً، إيماناً بوجوده وربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته، والإيمان بالكتب كلها، والرسل كلهم، والملائكة كلهم، والإيمان باليوم الآخر بتفاصيله، والإيمان بالقدر خير وشره، أهل الكتاب ليسوا من ذلك في شيء، بل القرآن الكريم وصفهم بالكفر حين قال: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة:30]، وقال سبحانه: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:1]، فأهل الكتاب واقعون في الكفر بنص القرآن، ولا يصح وصفهم بالإيمان.
السؤال: أنا متزوج وأمي تقيم معي، وحصلت مشكلة بينها وبين زوجتي، واشترطت زوجتي وأهلها للعودة للمنزل ألا تقيم أمي معها في المنزل أو الطلاق، مع العلم أنني ابنها الوحيد، ولي ابن من زوجتي، أفتوني ماذا أفعل حتى أتجنب الوقوع في الخطأ؟
الجواب: يا أخي أولاً: ينبغي ألا تعدل بأمك أحداً، فأمك ثم أمك ثم أمك، هي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزوجة يمكن استبدالها، أما الأم فلا، فالأم هي الأم، وهذه الزوجة نفسها ينبغي أن تلقن بأنك غداً ستصيرين أماً، وهذا الولد الذي أنجبتيه سيتزوج، والشريعة تفرض لها مثلما فرضت لأمك من قبل.
ثانياً: ينبغي أن يقال: بأن هذه المشكلة يمكن حلها بأن تعمد إلى الصلح بين الوالدة والزوجة، فإذا تعذر الصلح يمكن أن تؤجر للوالدة منزلاً قريباً، أو أنك تؤجر لنفسك ولزوجك منزلاً قريباً، حيث تباشر الوالدة بالليل وبالنهار، وتمر عليها بكرةً وعشياً، وتتردد عليها صبحاً ومساء، تقضي حوائجها، وتلبي مطالبها، وتذل بين يديها؛ ليكتب الله لك سعادة الدنيا والآخرة.
إذا تعذر هذا كله، ( الزم أمك، فالجنة عند رجليها)، (الزم رجليها فثم الجنة)، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.
السؤال: هل إذا كنت أنجز عملاً في المنزل وأذن المؤذن؟ هل أترك العمل حتى يتم الأذان؟
الجواب: لا تترك العمل، لكن أجب المؤذن وأنت تعمل، يعني: لو أن إنساناً يطبخ طعاماً، أو لو أن إنساناً يقم بيتاً، أو أن إنساناً يعمل في شيء ما، أو يكتب كتابةً، أو يقرأ في كتاب، ليس مطلوباً منه أن يدع ما في يده، حتى يفرغ المؤذن من أذانه، بل يستمر في عمله ويجيب المؤذن، فإذا قال المؤذن: الله أكبر، قال مثلما قال، وهكذا في كل لفظ، سوى الحيعلتين، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
السؤال: أسأل عن كفارة اليمين في الكسوة، هل يشترط كسوة ناس بالغين، أو كسوته بثوب يجزئ للصلاة؟
الجواب: يا أخي! يستوي في ذلك أن تكسو بالغاً أو غير بالغ، ذكراً أو أنثى، شريطة أن يكونوا عشرةً مسلمين مساكين، وأن يكون الثوب مجزئاً في الصلاة، فإذا كان رجلاً، فلا بد أن تكسوه سروالاً وقميصاً، أو أن تكسوه جلباباً، أما إذا كانت امرأة، فلا بد من الدرع والخمار، يعني: لا بد من غطاء للرأس، ثم بعد ذلك ثوب سابغ يغطي الجسد كله.
السؤال: أسأل عن الختان الفرعوني هل هو جائز؟
الجواب: لا ليس بجائز، بل هو محرم؛ لأنه من هدي فرعون، قال تعالى: وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [هود:97]؛ ولأن هذا الختان ثبت ضرره يقيناً، فلا يجوز للمرأة ولا للرجل أن يتورط فيختن ابنته هذا الختان القبيح، الشنيع، الذي يترتب عليه ضرر في حياتها الزوجية، ويترتب عليه ضرر عند الولادة، وضرره لا يتوقف.
السؤال: هل واجب على المرأة تغطية وجهها؟
الجواب: ليس بواجب، ولو غطت فجزاها الله خيراً، لكنه ليس بواجب على ما قال به كثير من أهل العلم.
السؤال: أسأل عن الرقية الشرعية؟
الجواب: الرقية الشرعية طيبة، وينبغي للإنسان أن يعود نفسه بأن يرقي نفسه دائماً، وإذا لم يكن مستطيعاً أو ظن بغيره خيراً فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، أمرنا أن نسترقي من العين، وقال: ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل )، وربنا قال: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82]، وقال سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57].
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
ديوان الإفتاء [485] | 2822 استماع |
ديوان الإفتاء [377] | 2648 استماع |
ديوان الإفتاء [277] | 2534 استماع |
ديوان الإفتاء [263] | 2532 استماع |
ديوان الإفتاء [767] | 2506 استماع |
ديوان الإفتاء [242] | 2475 استماع |
ديوان الإفتاء [519] | 2464 استماع |
ديوان الإفتاء [332] | 2442 استماع |
ديوان الإفتاء [550] | 2406 استماع |
ديوان الإفتاء [303] | 2405 استماع |