سورة المائدة - الآية [11]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

ومع النداء الثاني والثلاثين في الآية الحادية عشرة من سورة المائدة؛ قول ربنا تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [المائدة:11].

سبب نزول الآية

هذه الآية ذكر المفسرون في سبب نزولها أقوالاً:

فقيل: إنها نزلت في شأن الحادثة التي كانت من يهود بني النضير حين أرادوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقيل: بل نزلت في شأن كعب بن الأشرف اليهودي الخبيث -وكان من بني النضير كذلك- حين هم هو وجماعة من قومه أن يغدروا بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في دار كعب بن الأشرف.

وقيل: بل نزلت في غورث بن الحارث ، وهو أعرابي، ففي غزوة من غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الناس منزلاً وتفرقوا يلتمسون الظلال، فنزل النبي عليه الصلاة والسلام تحت سمرة وقد علق فيها سيفه ونام صلوات ربي وسلامه عليه، فجاء هذا الأعرابي فاخترط السيف وأيقظ النبي عليه الصلاة والسلام وقال له: ( يا محمد! من يمنعك مني؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: الله. فسقط السيف من يد الأعرابي، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: من يمنعك مني؟ قال: يا محمد! كن خير آخذ، فقال له عليه الصلاة والسلام: أسلم. قال: لا. ولكن أعاهدك ألا أقاتلك وألا أكون مع قوم يقاتلونك ).

وقيل: بل نزلت هذه الآية حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ببطن نخل، فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب أن يفتكوا به وبأصحابه إذا اشتغلوا بالصلاة، فأطلع الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك وأنزل صلاة الخوف.

وقيل: بل نزلت لأن قريشاً بعثت رجلاً ليغتال النبي صلى الله عليه وسلم، فأطلعه الله تبارك وتعالى على ذلك وكفاه شره.

تعدد سبب نزول الآية

أيها الإخوة الكرام! قد تكون الآية نازلة بواحد من هذه الأسباب أو بمجموعها؛ لأننا نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاول المشركون قتله مراراً، فأحياناً بمجهود فردي وأحياناً بتآمر جماعي، وكلنا نعرف الحادثة لما قال عدو الله أبو جهل : واللات والعزى لئن رأيت محمداً ساجداً عند الكعبة لأشدخن رأسه بحجر، فلما كان النبي عليه الصلاة والسلام يصلي عند الكعبة أخبر المشركون أبا جهل بذلك، فجاء وهو يحمل حجراً كبيراً، ومشى نحو النبي عليه الصلاة والسلام، ثم فوجئ المشركون بـأبي جهل يلقي الحجر من يده وقد امتقع لونه ورجع القهقرى وهو يتقي بيديه، فقال المشركون: عجباً يا أبا الحكم ! ما لك؟ قال: ما إن دنوت من محمد حتى رأيت بيني وبينه خندقاً ونيراناً وأهوالاً وأجنحة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( تلك هي الملائكة، والذي نفسي بيده! لو دنا لتخطفته عضواً عضواً )، نجاه الله من أبي جهل .

كذلك في حادثة الهجرة، معلوم أنهم تآمروا على قتله، كما قال الله عز وجل: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].

فهذه الحوادث كلها يذكر الله عز وجل بها نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

معاني مفردات الآية

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ [المائدة:11]، بسط اليد واللسان دائماً يطلق على السوء، يقال: بسط فلان لسانه في فلان. أي: تناوله بالسوء، وكذلك بسط اليد يكون أيضاً بالقتل والإهلاك، كما قال الله عز وجل: إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ [الممتحنة:2]. وكذلك ابن آدم الصالح قال لأخيه: لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ [المائدة:28].

فهؤلاء المشركون واليهود بسطوا أيديهم لإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

قال الله عز وجل: فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ [المائدة:11]، أي: منعها من أن تمتد إليكم، وصرف الله شرها عنكم.

وقوله: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [المائدة:11]، أي: يا مؤمنون! استسلموا لقضاء الله، وثقوا بنصره وعونه، وكونوا على يقين من وحدانيته ورسالة رسوله صلى الله عليه وسلم، وابذلوا جهدكم في الوقاية من كل سوء وكل شر، ومن مبادئ ذلك وأسبابه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [المائدة:11].

هذه الآية ذكر المفسرون في سبب نزولها أقوالاً:

فقيل: إنها نزلت في شأن الحادثة التي كانت من يهود بني النضير حين أرادوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقيل: بل نزلت في شأن كعب بن الأشرف اليهودي الخبيث -وكان من بني النضير كذلك- حين هم هو وجماعة من قومه أن يغدروا بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في دار كعب بن الأشرف.

وقيل: بل نزلت في غورث بن الحارث ، وهو أعرابي، ففي غزوة من غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الناس منزلاً وتفرقوا يلتمسون الظلال، فنزل النبي عليه الصلاة والسلام تحت سمرة وقد علق فيها سيفه ونام صلوات ربي وسلامه عليه، فجاء هذا الأعرابي فاخترط السيف وأيقظ النبي عليه الصلاة والسلام وقال له: ( يا محمد! من يمنعك مني؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: الله. فسقط السيف من يد الأعرابي، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: من يمنعك مني؟ قال: يا محمد! كن خير آخذ، فقال له عليه الصلاة والسلام: أسلم. قال: لا. ولكن أعاهدك ألا أقاتلك وألا أكون مع قوم يقاتلونك ).

وقيل: بل نزلت هذه الآية حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ببطن نخل، فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب أن يفتكوا به وبأصحابه إذا اشتغلوا بالصلاة، فأطلع الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك وأنزل صلاة الخوف.

وقيل: بل نزلت لأن قريشاً بعثت رجلاً ليغتال النبي صلى الله عليه وسلم، فأطلعه الله تبارك وتعالى على ذلك وكفاه شره.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
سورة التحريم - الآية [8] 2636 استماع
سورة المجادلة - الآية [11] 2573 استماع
سورة آل عمران - الآية [102] 2534 استماع
سورة المائدة - الآية [105] 2521 استماع
سورة النساء - الآية [19] 2343 استماع
سورة البقرة - الآية [104] 2309 استماع
سورة الأحزاب - الآيات [70-71] 2303 استماع
سورة التوبة - الآية [119] 2292 استماع
سورة البقرة - الآية [182] 2228 استماع
سورة التغابن - الآية [14] 2186 استماع