حاجتنا إلى التمسك بالعقيدة


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله مدبر الملك والملكوت، المنفرد بالعزة والجبروت بيده مقاليد السماوات والأرض ومصايير الخلق أجمعين: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الأنعام:102] أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اتقى الله فوقاه، وتوكل عليه فكفاه، واعتمد عليه فأيده بنصره وآواه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين توكلوا على مدبر أمرهم ومالك ناصيتهم، فأحاطهم بعونه في الحياة ونعيمه بعد الممات، أولئك هم المفلحون.

عباد الله! إن من الإيمان تفويض الأمر لله والاعتماد عليه في شئون الحياة، واستمداد العون منه في الشدة والرخاء، والاعتقاد بأنه الإله المدبر للملك الفعال لما يشاء، بيده وحده العطاء والمنة، والهزيمة والنصر، والتقدم والتأخر لا إله إلا هو،، التوكل على الله زاد المؤمنين يثبتهم عند الفزع، ويدفعهم إلى الإقدام، ويملأ قلوبهم بالعزة عند السؤال، المؤمن الحق يجد في التوكل على الله راحة نفسية وطمأنينة قلبيه، فإذا أصابه خير علم أنه هو الله المدبر الذي ساقه إليه، فحمده وشكره فكان خيراً له، وإن أصابته شدة أيقن أن الله هو الذي أصابه بها اختباراً له وابتلاءً، فصبر واسترجع فكان خيراً له قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التوبة:51].

أرشد الله المؤمنين إلى التوكل عليه، ووصل قلوبهم به إذا سعوا لاستدفاع ضر أو لتحقيق مطلب، حتى تكون يد الله فوق أيديهم، وعنايته فوق تصرفهم وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً [الطلاق:3].

أقول هذا الكلام في وقت أصبح الناس فيه حيارى فجعين هلعين قلقين، همهم الأعظم جمع الغذاء، وسماع الأخبار من إذاعات مرجفة كاذبة خاطئة، عنوان إرجافها: جاءنا للتو حتى آذت مسامعنا بهذه الكلمات، أقول هذا والبشر قد وقتوا اليوم الخامس عشر من يناير يوماً محتملاً لقيام حرب في هذه المنطقة لا تبقي ولا تذر، ونسوا رب البشر، نسوا من بيده مقاليد السماوات والأرض، وصدق السذج، وأيقنوا بذلك بل تعلقوا بقوى مادية لا تغني عنهم من الله شيئاً، نسوا من بيده مقاليد الأمور وهو على كل شيء وكيل.

لكن أقول للكل مخصصاً كل عبد من عباد الله: والله إن تخلى الله عن عبد فلن تغني عنه قوته، ولا استعداده، ولا ذكاؤه، ولا ماله، ولا جاهه، ولا غذاؤه، ولا جميع قوى الدنيا وإن وقفت معه، لكن المؤمنون في أشد الساعات يوم تشتد الأهوال، يوم يحجب الأمر، يوم تكفهر الأجواء وتنقطع الأسباب، لا يلتمسون إلا عون الله وفضله، لا يطلبون إلا رعاية الله ومدده، وسرعان ما تزول عنهم الشدائد وتفرج عنهم الكربات، أفلا نكون من هؤلاء المؤمنين الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران:173-174] هذا الزاد كان عماد الأنبياء في جهادهم مع أعداء الله، كان قولهم عندما يتألب الخصوم وتتألب الأعداء وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [إبراهيم:12].

يا مسلمون! الله حذر العباد من الاعتماد على غيره، ليعيش المسلم عزيز النفس، مرفوع الرأس، عالي الهمة، لسان حاله ومقاله يقول: ما سوى الله عبد مسخر لا ينبغي الاعتماد عليه إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف:194].

في خضم الفتن يدعونا ديننا إلى الاعتزاز بالله والثقة فيه والاعتماد عليه وصدق اللجوء إليه، لا تواكل، ولا تكاسل ولا اعتماد بل عمل بإخلاص وثقة بالله نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [العنكبوت:58-59].

المسلمون الأوائل توكلوا على الله وتعلقوا بالله، خاضوا ميادين الجهاد فانتصروا، كانت لهم السيادة والريادة، رائدهم وقائدهم محمد صلى الله عليه وسلم ما دعاهم إلى عدة بغذاء، وما دعاهم إلى سماع الأخبار، لكن دعاهم إلى الاستعداد بجميع القوى المادية والمعنوية، وأعظم قوة مكن الله لمحمد صلى الله عليه وسلم بها هي قوة (لا إله إلا الله) التي من أجلها أرسل صلى الله عليه وسلم، هي أعظم قوة في ذلك الوقت، وهي أعظم قوة في كل زمان ومكان.

وشعبٌ بغير عقيدةٍ     ورق تذريه الرياح

إننا أمة عقيدة متى ما تمسكت بعقيدتها خافها أعداؤها، إننا أمة عقيدة يهابها الكفر وأهله وأعوانه مهما كان عندهم من عتاد وعدة، إننا أمة عقيدة متى ما تمسكت بها ثبتت عند الشدائد والمحن، إننا أمة لطالما قلنا إننا أمة عقيدة، فإن عقيدتها في خضم الأحداث الجارية، في خضم الفتن التي ما تأتي فتنة إلا وأختها ترققها وتحدوها من بعدها.

ماذا أقول ومن سيفقه قولتي     وإذا صرخت فمن سيسمع صرختي

إنها هذه الفتنة المحدقة بنا أعطتنا إفرازات معينة تقول: إننا أمة تحتاج إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة، إنها هذه الفتنة أعطتنا: أنه يجب أن نرجع إلى الكتاب والسنة ونبحث عنها أكثر من بحثنا عن الطعام والشراب والهواء، إنها أعطتنا إن لم نرجع بصدق؛ فإن الفتن كعقد قطع سلكه فتتابع، فتن بعضها يحدو بعضاً، ومحمد صلى الله عليه وسلم تركنا على المحجة البيضاء، ولما أحدقت بنا الفتن تخبطنا يمنة ويسرة ونسينا قول المصطفى: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي) ترك الله لنا هذا النور، من استضاء به في الظلمات كان مهدياً منصوراً، وكثير منا تنكبه ونسيه وتعلق بغيره فهو في الظلمات ليس بخارج منها.

عقيدتنا تأمرنا أن نرتبط برب يقول للشيء: كن فيكون، وارتبط الناس بكل شيء إلا بمن يقول للشيء: كن فيكون، عقيدتنا تأمرنا أن نفتش عن أسباب الفتن وسبب تسلط الأشرار من الأعداء، فكم هم الذين ارتبطوا بذلك مع هذه الأحداث؟!

كم هم الذين انطلقوا إلى المسجد ليواظبوا على صلاة الفجر ويقوموا الليل، لما أحدقت الخطوب الآن، ورأوا أن الموت وشرر الحرب يتقد يمنة ويسرة؟!

كم هم الذين صاحوا بأعلى صوتهم، وقالوا: لا مخرج لنا مما نحن فيه إلا بعودة صادقة إلى الله؟!

كم هم الذين نادوا بالتناصح والقضاء على المنكرات التي قلما نتجه إلى جهة إلا ونجد فيها منكراً فظيعاً؟!

كم هم الذين صاحوا بأعلى صوتهم، وقالوا: إن سفينة الحياة تخرب، فهيا لإنقاذها قبل غرق الجميع؟! إنهم والله قلة، لكن يرحم الله البلاد بمصلحيها ودعاتها وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117].

عقيدتنا تقول: الولاء والمحبة والنصرة لأولياء الله لا من أجل عروبة، ولا لقومية، ولا لقرابة، ولا لقبيلة، ولا لجيرة، ولكن نوالي من قال: لا إله إلا الله بصدق ويقين وإخلاص، أما تلك فأعراف ألقاها الإسلام، داسها بقدميه وبعضنا لا زال ينادي بها، محمد صلى الله عليه وسلم يقول: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) إن أحببنا فلله، وإن أبغضنا فلله، وإن والينا فلله، وإن عادينا فلله.

عقيدتنا تقول: آن الأوان لترك اللهو والطرب والمزامير والعبث، وآن الأوان لشد المئزر وحمل المدفع لا لتراب، ولا لعروبة، ولكن لرفع لا إله إلا الله.

عقيدتنا تقول: انطلقوا للدفاع عن راية التوحيد حتى لا يعبد في الأرض سوى الله، وما ذلك على الله بعزيز.

عقيدتنا تقول: لسنا بحاجة إلى قوة عسكرية فقط، بل حاجتنا والله إلى القوة المعنوية أعظم وأشد، ألا وهي قوة التوكل على الله، قوة العقيدة التي إن وجدت ينصرنا رب السماوات والأرض.

عقيدتنا تقول: وآأسفاه على أمتي! وآأسفاه على أهل العقيدة! ينظرون لتحليلات إذاعات الغرب التي تقارن قواتنا بقوات الغرب، وما علمت أنها تنصر بهذا الدين لا بعدد ولا عُدد.

عقيدتنا تقول: لا تتعلق أيها المسلم بمحادثات فلان وفلان، ولكن تعلق بمن يقول: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر:51].

عقيدتنا تقول: لا تتعلقوا بإذاعات الأراجيف التي تبث سمومها لتضع الفجوة بين الولاة والعلماء، لكن تعلقوا بمن يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6].

عقيدتنا تقول: إن ارتباطنا بمن يقول للشيء كن فيكون، أين إيماننا بلا إله إلا الله؟!

عقيدتنا تقول: لو جاءت جميع قوى الدنيا ولم يرد الله نصرنا ما استطعنا أن ننتصر على أحد إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ [آل عمران:160] هل وعينا ذلك؟ هل فهمنا ذلك؟ هل أيقنا بذلك؟ نسأل الله ذلك.

عباد الله! أمتكم مستهدفة في كل شيء؛ في عقيدتها، في ثرواتها، في مناهجها، في إعلامها، والكثير لا زال يعيش في غيبوبة لا يعلم ما يحيط أمته ولا ما يحيط بها، هو بحاجة إلى نظارات من تقوى الله يبصر به المجتمع ليرى ما فيه مما يندى له الجبين.

لفتةٌُ إلى الماضي: كيف كنا أيها العرب قبل لا إله إلا الله؟ كنا غثاء نتقاتل على مربط الشاة ومورد البعير، حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً تعبد من دون الله ضلالاً وظلاماً، بل ظلمات بعضها فوق بعض، ثم جاء الحق والنور على يدي محمد صلى الله عليه وسلم، وزهق الباطل، ونشر الدين في هذا العالم، ولا زال له بفضل الله أصحاب وأنصار بمقتضى قول محمد صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).

انطلق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وإلى الآن على قلة يدافعون عن عقيدتهم، فضحوا بأنفسهم، ضحوا بكل ما يملكون في سبيل الله، فربح بيعهم، وحصدوا انتصارات بارعة على أعدائهم على الرغم من قلتهم، أما اليوم فالمسلمون قد أهينت كراماتهم، وانتهكت حرماتهم، رغم كثرتهم لم؟ لاختلاف السابقين المسلمين عن الآن، أولئك صدقوا الله، وقاتلوا بقوة الله رجالاً ونساءً وأطفالاً، وتعلقوا بالله، فنصرهم الله.

هاهو طفل من أطفالهم عمير بن أبي وقاص أخو سعد كان عمره أربعة عشر عاماً، أي: بعمر أولادنا الذين يتيهون اليوم في الملاعب وعلى أنغام الموسيقى وما لا فائدة فيه، يأتي عمير يوم بدر وحمائم السيف تجر خلفه لنحافته وقصره، لكنه كبير بعقيدته وإيمانه، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعادته؛ لأنه لا يقدر على الجهاد، فبكى عمير ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأخيه سعد : (ما يبكيه؟ قال سعد : والله يا رسول الله! ما خرج من المدينة رغبة في شيء إلا في الشهادة في سبيل الله، فلا تحرمه الشهادة لعله يرزقها في هذا اليوم يا رسول الله! فتدمع عيناه صلى الله عليه وسلم، ويأذن له، فيكون أول شهداء بدر رضي الله عنهم أجمعين) حريٌ بأطفالنا، لا، بل برجالنا أن يجعلوه مثلاً يحتذى به بعد أن ضللهم الفراغ، وأعدم عندهم الأخلاق والعقائد والأفكار.

من عقيدتنا إيماننا بالله، فأين ذلك؟ يوم حدث الحادث على بلد مجاور، واليوم نحن في انتظار حرب كانت هناك حرب يلتفت الناس يمنة ويسرة فزعين هلعين قد أصابهم السخط والجزع، وكأن لم يكن لهم ربٌ يقول للشيء كن فيكون، أليس هو مالك الملك؟! أليس هو مدبر الأمر؟! بلى والله، الأمر لله، والملك لله، والخلق لله، والعزة لله، يعز من يشاء ويذل من يشاء.

يا من يعرف معرفة الطريق لنصر الله! اسمع قول الله في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه) فهل حققنا ذلك لنكون أهلاً، لنسأل فنعطى، ولنستعيذ فنعاذ؟ هل ارتبطنا بالله؟!

أما والله لو ارتبطنا به لسخر لنا كل ما في الكون، ولنصرنا، ولأعزنا، ولوقف معنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69] سخر الله النهر -نهر دجلة- لـسعد بن أبي وقاص وجنده، فمشوا عليه كأنه يابساً يرون الأسماك من تحتهم، وعبروا النهر، وأدخلوا الرعب في نفوس الفرس، فهربوا قائلين: إنكم تقاتلون شياطيناً وجناً لا بشراً وإنساً، أين يكون ذلك؟ أين يكون أن يجعل النهر يابساً إلا في عقيدتنا، نحن لا نرتبط بقوانا، ولا بقدراتنا، لكن معنا من يقول للشيء: كن فيكون.

سائلوا التاريخ عنا كيف كنا؟

كنا جبالاً في الجبال وربما     صرنا على موج البحار بحاراً

من استنصر بالله نصره الله، بل يمده الله بالملائكة، بل يمده بكل شيء وينصره: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ [الأنفال:12].

جاء أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (كنت في الجهاد فسمعت هاتفاً يقول: اقدم حيزوم اقدم حيزوم، ما حيزوم يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هذا ملكٌ من ملائكة السماء الثالثة جاء ليقاتل معكم).

أمتنا مددها من الله؛ يمدها بالملائكة، يمدها بالريح، بقذف الرعب في قلوب أعدائها، أفتستغيث بغيره وتتعلق بغيره، ثم ترجو النجاة.

عباد الله! في يوم الأحزاب أحدق الأعداء بمحمد صلى الله عليه وسلم وجنده وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا [الأحزاب:10] وهم في خضم بلواهم واختبارهم إذ بمحمد صلى الله عليه وسلم يحن لهم، ويرق عليهم يوم يرى حال الصحابة وما بهم من جوع وبرد وقلة عدد، يعملون ثلاثة أيام لم يذوقوا شيئاً، يكشف أحدهم عن بطنه، وقد ربط عليه حجراً من شدة الجوع، ويرى النبي صلى الله عليه وسلم ما بهم من الجهد، فيسليهم بنفسه صلى الله عليه وسلم، يكشف عن بطنه صلى الله عليه وسلم، وقد ربط عليه حجران وهو يقول: (اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة) ويجيب الجائعون في بطونهم، الشبعانون بإيمانهم بالله، فيقولون:

نحن الذين بايعوا محمداً     على الجهاد ما بقينا أبداً

لا إله إلا الله! أين نحن من هذه المفاهيم في عقيدتنا وشريعتنا الآن؟!

إن حياتنا لا بد أن تربط بالآخرة لا بالدنيا، كم نربي أبناءنا على أمل نيل الشهادات وضمان المستقبل ولقمة العيش، وإذا فاز أحد الشباب بشهادة، قالوا: أمن مستقبله.

إن مستقبل الأمة المسلمة حقاً هناك في الفردوس الأعلى، في جنة عرضها السماوات والأرض، لا في بيت، ولا وظيفة، ولا شهادة، بل في جنة:

قصورها ذهب والمسك طينتها     والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها

فاعمل لدارٍ غداً رضوان خازنها     والجار أحمد والرحمن بانيها

وآأسفاه على أمة الإسلام! إذا انتصرت في الرياضة قالت: بتمسكنا بعقيدتنا، ويتساءل الإنسان بمرارة أي عقيدة تكون في اللهو والطرب والضياع؟!

ثم نأسى ونتحسر ونأسف على شبابنا، وعلى ضياعهم، لا نملك إلا أن نقول:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له     إياك إياك أن تبتل بالماء

عقيدتنا تخرج في الشدائد والمدلهمات، نرتبط بها ارتباطاً عجيباً، هاهو صلى الله عليه وسلم لا يؤمل صحابته في جهاده برجوعهم إلى الدنيا، لكن يؤملهم بجنة وما عند الله، حتى رأوا الجنة من هنا، وشموا رائحتها حتى قال قائلهم: واه لريح الجنة! إني لأجد ريحها دون أحد . تعلقوا بالله وما عند الله؛ فنصرهم الله.

خالد بن الوليد يوم يجتمع الكفر عليه ويتألب عليه بأضعاف أضعاف عدد المسلمين لديه، فيقول المسلمون لـخالد : لا بد من اللجوء إلى سلمى، أو إلى أجى -جبلين في حائل - فتدمع عيناه، وهو المتوكل على الله، والواثق بنصر الله، ويقول: لا، لا إلى سلمى، ولا إلى أجى، ولكن إلى الله الملتجى. فينصر؛ لأنه نصر الله، وتوكل عليه.

ويا جامع الطعام والشراب استعداداً لخوض معركة مع أعداء الله! هاهو إبراهيم عليه السلام يضع زوجته وابنه إسماعيل في أرض مجدبة لا زرع فيها ولا ثمر، ويذهب فتقول زوجته: إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله الذي أستودعكما إياه، فقالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا. ما أعظم التوكل واليقين!

يا أمة العقيدة! تمسكوا بدينكم، والتزموا شرعكم، وافتخروا به، وتحاكموا إليه في كل شئونكم، واستشعروا معية الله معكم، فإن الله مع المؤمنين وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً [النساء:146] اصدحوا بالحق فقد صدح به أسلافكم، سطح ربعي في إيوان كسرى يوم سأله كسرى: لم جئتم؟ فرد بصوت مدوىٍ كالصاعقة، قال: [[جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام]] يقول له كسرى: كم في جيش الإسلام من مثلك؟ قال: إني خلفت في جيش الإسلام آلافاً مثلي، فيقول كسرى: والله ليملكون ما تحت قدمي هاتين، وفعلاً ملكوه بعقيدتهم الصافية.

ألا واثبتوا -يا عباد الله- كثبات أسلافكم، ومنهم عبد الله بن حذافة يوم عرضت عليه النصرانية وهو أسير، فأبى أشد الإباء، أغليت له قدور الزيت حتى أصبح الزيت يغلي وألقي فيه اثنان من المسلمين، فتفتتوا ليرهبوه، وليردوه عن (لا إله إلا الله) وتدمع عيناه، فقيل له: لم؟! هل ستعود عن دينك إلى النصرانية ؟! قال: لا. قالوا: فما يبكيك؟! قال: [[ نظرت، فإذا هي نفس واحدة، وددت أن لي أنفاساً بعدد شعر جسدي تلقى كلها في هذا القدر في سبيل الله ]]. والخير لا زال، وسيبقى بمقتضى ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ).

هاهو أحد قادة الأفغان المعتزين بدين الإسلام، والذين يدافعون عنه بمثل هذه الأيام، يقول: اعتقل الشيوعيون أبي حتى أترك الجهاد، فرفضت، فقتلوه، ثم اعتقلوا أمي لكي أترك الجهاد، فرفضت، فقتلوها، ثم اعتقلوا أخي لأترك الجهاد، فرفضت، فقتلوه، ولا والله ما أترك الجهاد، ولن أتركه حتى النصر أو أهلك دونه في سبيل الله، فألقى الأحبة محمداً وصحبه.

الله أكبر يا عباد الله! نريد رجالاً كهذا في مثل هذه الأيام تعتز بدينها، تعتز بعقيدتها لتنصر من رب النصر سبحانه وتعالى.

يا أمة العقيدة! إن أمة العقيدة أمة نشيطة لا تضيع وقتها في اللهو واللعب؛ لأن الله سيسألها عن أوقاتها، أمة العقيدة أمة تضحية، أمة العقيدة أمة مراقبة لله، ثابتة لا تتزحزح في أي مكان، أما أمة تلتزم بعقيدتها، ثم إذا سافرت إلى بلاد الكفر نسيتها هنا، ليست بأمة عقيدة حقة.

أمة تلتزم بعقيدتها في الرخاء، وفي الشدة تضيعها ليست بأمة عقيدة.

أمة العقيدة أمة آمرة ناهية ليست متخاذلة، أمة العقيدة تنكر الروابط الأرضية من جنس ولون ولغة وترفع (لا إله إلا الله).

أمة العقيدة جعلت بلالاً وسلمان وعمر وعثمان بنعمة الله إخواناً، عقيدتنا ثمينة، عقيدتنا غالية، ألا وفي هذه الأحداث رخصت عند بعض الرخصاء من الناس، يوم خرج بعض مرضى القلوب فأطلقوا ألفاظاً نسأل الله أن لا يؤاخذ الأمة كلها بهذه الألفاظ تدل على عدم ثبات العقيدة، كقول بعضهم: إن قوى الكفر تقول للشيء: كن فيكون، لا إله إلا الله ما أحلمك يا رب! عقيدتنا تنادي هؤلاء المرضى، ولا زالت تناديهم: عودة إلى الله، فالعود أحمد.

العودة إلى الله أيها المسلمون! التعلق بالله، التوكل على الله، الثقة بالله، الرجوع إلى القرآن، الرجوع إلى السنة، تصفية العقيدة، عند ذلك أبشروا بالنصر إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ [محمد:7].

إسلامنا هو درعنا وسلاحنا     ومنارنا عبر الدجاة الظلمة

هو بالإخوة رافعٌ أعلامه     فامشي بظل رضائه يا أمتي

لا الغرب يقصد عزنا كلا     ولا شرق التحلل إنهم كالحية

الكل يقصد ذلنا وهواننا     أفغير ربي منقذٌ من شدتي

اللهم إنا نسألك يا من لا ينقذ من الشدة إلا أنت! نسألك نصرك.. نسألك عزك.. نسألك قوتك.. نسألك أن تثبتنا على الإيمان، وأن تنصرنا بالقرآن، وأن تخذل أعداءك أعداء الإسلام.

اللهم وأخرج للأمة رجالاً كـأبي بكر وعمر و عثمان وعلي إنك على كل شيء قدير.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

عباد الله هدية أقدمها لكل مسلم يسمع ويعي هذه الأيام، أهدي قول محمد صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء فلن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) وفي رواية: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) لا إله إلا الله ما أحوجنا إلى فهم وتطبيق هذا الحديث في هذه الأيام، وفي كل آن، يقول بعض العلماء: تدبرت هذا الحديث فأدهشني وكدت منه أطيش. وآأسفاه من الجهل بهذا الحديث وقلة الفهم والتفهم لمعناه، أسفي على فهم تبلد فيه الفطن.

أهمية الإيمان بالقضاء والقدر

يا مسلمون! إننا أمة تنطلق في توجهاتها وتوقعاتها من أحكام شريعتها، وصميم عقيدتها، ومبادئ دينها، ويمثل الإيمان بقضاء الله وقدره ركناً عظيماً من أركان إيماننا بربنا، يقول جل وعلا: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49] ويقول: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [الأحزاب:38] ما من حدث يحدث، ولا مصيبة تحصل في أرض الله، ولا في عباد الله إلا بقدر الله مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [الحديد:22-23] إن يقيننا بذلك يهون علينا مصائب الدنيا، ويجعلنا نشق طريقنا مع الأحداث بعقيدة قوية وعزيمة صادقة، والله ليست في المجتمعات البشرية كلها أمضى عزيمة ولا أقوى سكينة من المؤمن بأقدار الله جل وعلا، فهو يمضي فيما عزم عليه من الخير دون توقف أو تردد أو وجل، يقينه بأن كل ذرة في السماوات والأرض قد قدرها الله مبدأها ومعادها وأجلها، ونظامها، وعلاقتها بالكون وما فيه لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ [الحديد:23].

المؤمن الحق يعلم أنه لن يأتيه إلا ما كتب له، فلا يعترض على قدر الله، بل يعمل ويجد ويصحح الأخطاء {ولا يلدغ مؤمن من جحر مرتين} أما الذين يقابلون هذه الأحداث بعقيدة مضطربة، وأفكار منهزمة، ومعنويات منهارة يمجدون المخلوق الضعيف وينسون الخالق القوي القادر، يتصيدون رضا الناس بسخط رب الناس، ينسون ربهم في حال الشدة والرخاء، يواقعون المعاصي في حال السراء والضراء، هؤلاء إنما يمكنون للعدو من أنفسهم، ويوجد في المسلمين اليوم من يستوي عنده الأمران، فأين الإيمان؟ أين العقيدة؟ هل أمنا مكر الله؟ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99]، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الكافرون.

إن العدو الحقيقي الذي نخشاه هو من داخل أنفسنا بما كسبت أيدينا قبل أن يكون العدو الخارجي مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ * إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:10-11].

هل يعي المسلمون اليوم هذه الحقيقة؟!

هل يعودوا إلى قلوبهم فيصلحوها؟!

هل يعودوا إلى أنفسهم فيحاسبوها؟!

هل يعودون إلى أسرهم فيربوها؟!

لقد سمعنا مقولات، وطالعتنا صحف ومجلات، وأثقلت مسامعنا إذاعات بتوقعات وتحليلات لا تشم فيها رائحة الولاء لرب الأرض والسماوات، بل وجدت أفعال وتصرفات تبين حالة الرعب والفزع والهلع الذي حل بهؤلاء وأولئك، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! أين الله؟!

أين التوكل على الله؟!

ماذا يغني الإعداد الغذائي في غياب الإعداد الإيماني؟

لا بأس بالإعداد الغذائي، لا نقول: لا تعدوا أنفسكم، لكن الإعداد الإيماني هو الغاية، وهو الحبل الذي يمدنا الله به: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ [الزمر:61].

الاستعداد للمراحل التي ستمر بالأمة

إن المراحل التي تمر بها الأمة تتطلب الاستعداد بجد، يجب أن تولى حياة اللعب واللهو والترف إلى غير رجعة، ويحل محلها الإيمان والقوة والجد والنشاط والتدريب والجهاد واليقين والتوكل والتوبة والطاعة، والإيمان بقضاء الله وقدره، والاستجابة لله رب العالمين، الإيمان بأن ما حصل ويحصل من حوادث وكوارث، إنما هو بعلم الله وقدرته وإرادته، فلنعد الأنفس بالإيمان الذي تستطيع به مواجهة الشدائد، ولنقل: توكلنا على الله، ولنلجأ إلى الله بشدة، ونواصل الدعاء لنضرع عليه أن يلطف بما تجري به المقادير، لو حققنا ذلك وأيقنا أنه لن تنطلق رصاصة واحدة إلا بإذن الله، فاعتصمنا بحبل الله واجتمعنا؛ لينصرنَّا الله وهو القوي العزيز.

ليس لنا يا مسلمون بغير حبل الله مستمسك، ولا بغير دينه مستعصم، ومن اتكل في أموره على غير الله وكله الله إلى ضعفه وعجزه.

لن يحصل نصرٌ إلا بتحكيم شرع الله، وبالإعداد والتربية، بفتح الباب للدعاة، بعودة عباد الليل وفرسان النهار كما كان ذلك في تاريخ الإسلام، لكن عباد الله مع هذه الظلمة كلها، فالفجر يخرج في خضم الظلام، هذه الأمة بحمد الله وكرمه أمة خير ونصر حتى لو سلط عليها أعداؤها، فإن البشائر والآمال معقودة بأبنائها، لكن أي أبناء؟! بأبنائها أولياء الله، عمار المساجد، حفاظ الكتاب، محبي الخير، هواة الموت في سبيل الله، الدعاة إلى الله الصادقين المخلصين، عباد الله في الليل، وأسود النهار، لا زال الأمل بعد الله في هؤلاء.

فلنعتصم بالله، ولنحفظ الله، ولنتعرف على الله، ولنتضرع إليه، فهو القائل كما في الأثر: {وما اعتصم عبد من عبادي بي، فكادته السماوات والأرض؛ إلا جعلت له منها فرجاً ومخرجاً} ولنرفع أيدينا في جوف الليل إلى الله، ليدٌ مخلصةٌ في جوف الليل ترفع إلى الله أشد على الأعداء من القنابل الذرية والجرثومية والغازات السامة وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40].

اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءاً فأشغله بنفسه، اللهم دمره، اللهم مزقه، اللهم خذه أخذ عزيز مقتدر، اللهم لا ترفع له راية، اللهم اجعله لمن خلفه آية، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك، يا قهار! يا جبار! يا مالك الملك! يا من أنت على كل شيء قدير! أرنا في الظلمة يوماً تقر به أعين الموحدين، اللهم إنا نجعلك في نحور الظالمين، اللهم إنا نعوذ بك من شرور المعتدين، اللهم لا تعاملنا بما نحن أهله، وعاملنا بما أنت أهله يا أكرم الأكرمين!

ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم قوي يقيننا وتوكلنا وصدقنا وإخلاصنا وثبتنا في زمن الفتن، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، اللهم آمنا في دورنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم لهداك، اللهم اجعل عملهم في رضاك، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة التي تذكرهم إذا نسوك، وتعينهم على الحق يا أكرم الأكرمين!

اللهم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفرطين ولا مفتونين.

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.

اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.