خطب ومحاضرات
العدة شرح العمدة [64]
الحلقة مفرغة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الحوالة والضمان ]
والحوالة هي: تحويل الحق من ذمة إلى ذمة، والضمان: ضم ذمة إلى ذمة، أي: ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه، وهي عقد توثيق، والفرق بين الضمان والحوالة: أن الحوالة تعني: تحويل الدين الذي علي لشخص آخر لي عنده مبلغ من المال، كأن أقول للدائن: أنت لك علي كذا من المال، وفلان عليه كذا من المال لي، وسأقبضها منه في يوم 1/4، فأحيل الدائن الذي وعدته بأن أسدده في 1/4 على فلان الذي عنده لي كذا من المال.
وعليه، فأركان الحوالة خمسة: محيل ومحال ومحال عليه ومحال به وصيغة.
فأما المحيل، والذي أحلته على آخر يسمى محالاً، والذي أحيل عليه يسمى محالاً عليه، والمحال به هو المال، والصيغة معروفة.
براءة المحيل إذا رضي من أحيل بدينه على من عليه مثله
شروط صحة الحوالة
قال: [ لأن الحوالة تحويل الحق ونقله فيعتبر نقله عن صفته، ويعتبر التماثل في الجنس والصفة والحلول والتأجيل فلو أحال من عليه أحد النقدين بالآخر لم يصح، ولو أحال عن المصرية بمنصورية أو عن الصحاح بمكسرة لم يصح؛ ولئن كان دين أحدهما حالاً والآخر مؤجلاً أو أوجل أحدهما مخالفاً لأجل الآخر لم يصح لما سبق ].
فلو أن زيداً اقترض من عمرو كيلو من الأرز، واستقر هذا الدين عنده على أن يسدده في التاريخ الفلاني، ثم جاء بكر الذي له عند عمرو كيلو من الأرز، فأحاله عمرو على زيد، فأعطاه زيد مروحة، فهنا لا يجوز؛ لأنه لابد من التماثل في الجنس، وكذلك التماثل في الصفة والحلول والتأجيل.
قال: [ الشرط الثاني: أن يحيل برضاه، لأن الحق عليه فلا يلزمه أداؤه من جهة بعينها ولا يعتبر رضا المحال عليه؛ لأن للمحيل أن يستوفي الحق بنفسه وبوكيله، وقد أقام المحال مقام نفسه في القبض فلزم المحال عليه الأداء كما لو وكله في الاستيفاء منه ]، أي: لابد أن يعتبر رضى المحيل، أما المحال عليه فلا، لأنه سيدفع المال الذي عليه إما لصاحبه أو وكيله أو لمن يرسله إليه.
قال: [ الشرط الثالث: أن يحيل على دين مستقر؛ لأن مقتضاها إلزام المحال عليه الدين مطلقاً، ولا يثبت ذلك فيما هو معرض للسقوط، فلو أحال على مال الكتابة أو دين السلم لم يصح؛ لأنه تعرض للسقوط بالفسخ لأجل انقطاع المسلم فيه لقوله عليه السلام: (من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)، ومال الكتابة معرض للسقوط بالعجز ]، أي: أن يحيل على دين استقر في الذمة وليس متنازعاً فيه، أو معرضاً للفسخ كدين المسلم.
قال: [ الشرط الرابع: أن يحيل بمال معلوم؛ لأنها إن كانت بيعاً فلا يصح في المجهول، وإن كانت تحول الحق فيعتبر فيها التسليم، والجهالة تمنع منه ]، يعني: أن يحيل بدين معلوم، فيأخذ المحال حقه كذا من المال، ولا يكون المحال به مجهولاً، بل لابد أن يكون ديناً معلوماً.
من أحيل على مليء لزمه أن يحتال
عدم براءة المدين الأصلي إن ضمنه آخر
ثم قال: [ لأن الضمان ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق، فثبت في ذمتهما جميعاً، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما في الحياة والموت؛ لقوله عليه السلام: (الزعيم غارم) ]. -أي الضامن غارم- رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح ].
براءة الضامن إن استوفى الدين من المدين الأصلي
قال: [ لأن الضامن تبع للمضمون عنه، فزال بزوال أصله كالرهن ]، أي: أن الدائن إذا أبرأ المدين المضمون عنه سقط ما عليه ولحقه أيضاً الضامن، وذلك كالرهن، والرهن مشروع؛ للحديث الذي في البخاري : (مات النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي)، وقوله تعالى: وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ [البقرة:283]، يعني: لو أن رجلاً اقترض من نصراني أو يهودي، وطلب منه رهناً على ذلك جاز، وهذا هو ما يسمى بالرهن، وهو: ضمان دين بعين، وهو وعقد الضمان وعقد الكفالة من عقود التوثيق، بينما الحوالة ليست من عقود التوثيق، وإنما هي: تحويل دين من ذمة إلى ذمة أخرى.
عدم براءة المضمون عنه إن أبرأ الدائن الضامن
ثم قال: [ لأن التوثقة -عقود التوثيق تعني: توثيق للديون- انحلت من غير استيفاء فلم يسقط الدين كالرهن إذا انفسخ من غير استيفاء ]، أي: إذا سدد الفرع (الضامن) عن الأصل (المضمون عنه) عاد الضامن على المضمون عنه؛ لأن الأصل ما زال مديناً، وتبقى المشكلة بين الضامن والمضمون عنه.
رجوع الضامن على المضمون عنه
قال: [ أما إذا قضاه متبرعاً لم يرجع بشيء كما لو بنى داره بغير إذنه، وإن نوى الرجوع وكان الضمان والقضاء بغير إذن المضمون عنه فهل يرجع؟ على روايتين ]، يعني: لو أن رجلاً قضى عن المضمون عنه دينه، وذلك باختيار منه دون إلزام من أحد، فهذا وفاء بدون معرفة المدين الأصلي، فما حكم ذلك؟ روايتان عن الإمام أحمد : له أن يرجع، وله ألا يرجع، فعلى رواية: له ألا يرجع، كمثل رجل بنى لآخر داره بغير إذنه، فيستحيل أن يقول الضامن أو الذي بنى الدار: أعطني التكاليف؛ لأن الإجابة من المضمون عنه أو صاحب الدار بدهياً: ومن الذي كلفك بالبناء لي؟! والراجح: عدم الرجوع؛ لأنه وفاه بطيب نفس منه دون التزام من المضمون عنه أمامه.
حكم من كفل بإحضار من عليه دين فلم يحضره
قال: [ ومن كفل بإحضار من عليه دين فلم يحضره لزمه ما عليه؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (الزعيم غارم) ]، أي: إن لم يحضر الكفيل المدين في الوقت المحدد لزمه ما عليه؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (الزعيم غارم) أي: ضامن.
ثم قال: [ ولأنها أحد نوعي الكفالة فوجب بها الغرم كالكفارة بالمال ]، أي: إن مات المدين برئ الكفيل، ولا شيء عليه، بينما في الضمان إن مات المضمون عنه فيلزم الضامن الدين.
قال: [ فإن مات برئ كفيله؛ لأن الحضور سقط عن المكفول به، فيبرأ كفيله كما برئ الضامن ببراءة المضمون عنه ]، يعني: إن أبرأ هذا برئ هذا، كذلك إن مات هذا سقط هذا.
ثم قال: [ ويحتمل ألا يسقط ويطالب بما عليه؛ لأن الدين لم يسقط عن المكفول به، فأشبه المضمون عنه إذا لم يبرأ من الدين ]، والصواب: أنه يبرأ؛ لأنها كفالة بالبدن وليس بالدين، فإذا انعدم البدن ومات فلا شيء على الكفيل.
قال: [ ومن أحيل بدينه على من عليه مثله فرضي فقد برئ المحيل ] يعني: من رضي أن يحال على آخر فقد برئت ذمة المحيل، لأن الدين هو نفس الدين وفي الموعد المحدد يكون قبضه.
استمع المزيد من الشيخ أسامة سليمان - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
العدة شرح العمدة [13] | 2697 استماع |
العدة شرح العمدة [68] | 2620 استماع |
العدة شرح العمدة [26] | 2595 استماع |
العدة شرح العمدة [3] | 2518 استماع |
العدة شرح العمدة [1] | 2476 استماع |
العدة شرح العمدة [62] | 2374 استماع |
العدة شرح العمدة [19] | 2337 استماع |
العدة شرح العمدة [11] | 2333 استماع |
العدة شرح العمدة [56] | 2302 استماع |
العدة شرح العمدة [15] | 2238 استماع |