خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/912"> الشيخ أسامة سليمان . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/912?sub=63504"> العدة شرح العمدة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
العدة شرح العمدة [52]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد.
أيها الإخوة الكرام الأحباب موضوعات هامة نتحدث عنها في عجالة قبل أن ننتقل إلى باب الهدي والأضحية والعقيقة، والثلاثة من النسك.
والأضحية من النسك التي عرفت في شرع السابقين.
وصدق ابن القيم حينما قال في كتابه تحفة الودود: لو تصدق بثمنها أضعافاً مضاعفة ما تُقبِّل منه على أنها أضحية؛ لأن الأضحية مقصودة لذاتها.
أي أن الرجل لو جاء بثمن الأضحية مضاعفاً، لا تعتبر أضحية، وهناك فتوى نشرها البعض على لسان الدكتور القرضاوي لا أعرف مدى صحتها عنه، وسواء صدرت منه أو من غيره فهي باطلة، وهي جواز إخراج قيمة الأضحية نقداً للمجاهدين في فلسطين أو في أي بلد إسلامي، وهذا الكلام الباطل لا يقبل بحال؛ لأنه ما قال به أحد من العلماء إلا أصحاب الرأي وهم قلة.
ولذلك يقول ابن القيم : لو تصدق بثمن الأضحية أضعافاً مضاعفة ما تُقبِّل منه على أنها أضحية؛ لأن الأضحية مقصودة بذاتها وهي إراقة الدماء.
وهذا ما سنوضحه إن شاء الله سبحانه وتعالى في الحديث عن الهدي والأضحية والعقيقة.
الأمر الثاني خاص بالنساء، فنقول: مرحباً بالأخوات الفاضلات اللاتي يحضرن لطلب العلم، لكن الدعوة إلى الله لها ضوابط ومعايير، فإذا دخلت المسجد إحدى الأخوات وهي تلبس لبساً فضفاضاً فلا ننفرها ونقول لها: أنتِ من أصحاب النار إن لم تنتقبي اخرجي انتقبي الآن! فهذه دعوة فظة، فيها غلظة وعدم فقه وتجن على الناس، وبهذه الطريقة ننفر الناس من المسجد ومن دروس العلم، فهذه الشكوى وصلتني من أكثر من جهة، ولا أعلم من هن المشكو في حقهن، لكن أياً كان فهذا الكلام عام سواء وقع أو لم يقع فهو عام، لنا ولهن.. فأي إنسان يدخل المسجد فنحن نستقبل الجميع ولا نقول لأخت فاضلة جاءت ببنطال وتلبس فوق البنطال شيئاً: اخرجي فأنتِ آثمة من أهل النار، ما الذي جاء بك إلى هنا؟ فهذا كلام فيه إجرام في حق الدعوة إلى الله عز وجل، فلا داعي أبداً لتنفير الناس من دين الله عز وجل، فإن الدين لا يُدعى إليه بهذه الكيفية.
وهذا الكلام في الحقيقة يدمي القلب؛ فقد جاءني أكثر من اتصال أن بعض الأخوات وهي داخلة إلى المسجد، إذا لم يعجب زيها بعض الأخوات الملتزمات فإنها تجد النهر والزجر في الحال، والواجب دعوتها إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فلا تحدث في نقاب أبداً؛ لأنها حين تحضر الدرس الأول والثاني والثالث والرابع وهكذا سوف تستر نفسها، وعلينا أن نحمد الله عز وجل على أنها تأتي المسجد.
لكن في الحقيقة لا بد من تعلم أصول الدين والصغار قبل الكبار، والموعظة، والانتقال بغير الملتزم رويداً رويداً، كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [النساء:94].
فالله عز وجل من علينا، فعلينا أن نرحم غيرنا ونشفق عليهم.
أسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والسداد لما يحبه الله ويرضاه.
قال المصنف: [ باب الهدي والأضحية ].
وهناك فرق بين الهدي والأضحية، فما هو الفرق بين الهدي والأضحية؟
فكل ما يهدى في الحرم هدي، حتى وإن كان طعاماً أو لباساً فهو هدي، فالهدي أشمل من الأضحية، والأضحية أخص؛ لأنها من بهيمة الأنعام، فكل أضحية هدي وليس كل هدي أضحية.
قال المصنف: [ والهدي والأضحية سنة ] أي من سنن الله عز وجل في خلقه، وليس المعنى أن الهدي والأضحية سنة، فمن فعلهما يؤجر ومن لم يفعلها فلا إثم عليه، وهذا كلام فيه تدليس على الناس، وبعض المدلسين حينما يسأل: ما حكم اللحية؟ يقول: اللحية سنة من فعلها أثيب، ومن لم يفعلها لا شيء عليه، بهذه البساطة يدلّس على الناس ويتعمد الكذب؛ لأنه يعلم أن هناك فرقاً في مصطلح السنة عند المحدثين وعند الفقهاء، فالسنة معناها عند المحدثين: أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وتقريراته، فأقوال النبي صلى الله عليه وسلم سنة، وأفعاله سنة، وتقريراته سنة، وعند المحدثين تشمل الواجب، فمن السنة ما هو واجب، ومن السنة ما هو محرم، ومن السنة ما هو مستحب، ومن السنة ما هو مكروه، ومن السنة ما هو مباح.
فلبس الذهب عرفنا أنه حرام من السنة، إذاً السنة حرّمت، وكذلك السنة فرضت فروضاً فهناك فروضاً في السنة، فحينما نقول: إن إعفاء اللحية سنة أي أنه عُرف فرضها بالسنة، وليس معنى أنها سنة بمعنى أن من يفعلها يأخذ أجراً، ومن لم يفعلها ليس عليه إثم، فهذا الكلام الذي فيه تدليس هو تعمد لتضييع معنى السنة، فالسنة عند الفقهاء في مقابل الواجب.
قال المصنف: [ الهدي والأضحية سنة لا تجب إلا بالنذر ] أي لا تجب عليّ الهدي إلا أن أنذر أن أذبح لله، فإن نذرت فقد وجب الذبح، فكلمة (الأضحية لا تجب إلا بالنذر) نقف عندها؛ لأن العلماء اختلفوا في حكم الأضحية: فجمهور العلماء ذهبوا إلى استحبابها، وأبو حنيفة فقط ذهب إلى وجوبها، والراجح ما رآه أبو حنيفة ؛ لأن من قدر على الأضحية ولم يضح فإنه آثم، وسنبين ذلك من النصوص التي أوردها المصنف.
قال الشارح: [ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (أهدى في حجته مائة بدنة) ].
بينما كان الواجب على النبي صلى الله عليه وسلم وقد حج قارناً أن يقدم هدياً، وقد ساقه من المدينة؛ لكنه ذبح مائة بدنة، وهذا للاستحباب وليس للوجوب.
إذاً فهو ذبح مائة بدنة تقرباً إلى الله عز وجل.
قال الشارح: [ (أهدى في حجته مائة بدنة وضحى بكبشين أملحين موجوءين) ] موجوءين: يعني مخصيين.
إذاً فلا بأس بأن يضحي الإنسان بالمخصي، فالنبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين موجوءين.
قال الشارح: [ ذبحهما بيده، وقال: (اللهم هذا منك ولك، واضعاً قدمه على صفاحهما) ].
حكم من نسي التسمية عند ذبح الهدي أو الأضحية
هناك أربعة آراء فقهية لهذه المسألة.
واختيار ابن تيمية ، وهو ما رجّحه الشيخ ابن عثيمين : أنه إذا نسي أن يذكر اسم الله على الذبيحة فلا تؤكل.
وبعض الفقهاء يقولون: سم الله وكل، فقد رفع الإثم عن الناسي لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا [البقرة:286].
يقول الشيخ ابن عثيمين : هب أن مصلياً صلى بحدثه وهو ناس، ولم يذكر إلا بعد انتهائه من الصلاة هل تجزئه الصلاة أم لا تجزئ؟ لا تجزئ، كذلك في الأضحية إذا لم يسم على ما يذبح، فإن نسي أن يذكر اسم الله فلا يأكل منها وتلقى الذبيحة.
فهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية خلافاً للمذاهب الأربعة.
فإن قال قائل: أنتم الآن تضيقون على الناس، وتضيعون على الواحد ثمن الأضحية.
قال بعض علمائنا: إن عزّرناه بهذا فلن ينسى التسمية أبداً، أي: أنه إن فعلها مرة فسيذكر اسم الله عز وجل في كل مرة.
والتسمية شرط يلزم من عدمها العدم، وهناك خلاف بين الفقهاء في موضوع التسمية إن تركها عمداً أو نسيها سهواً.
الرد على من قال: إن الأضحية لا تجب إلا بالنذر
قال الشارح: [ ولا يجب الهدي والأضحية إلا بالنذر، فيقول: لله عليّ أن أذبح هذا الهدي أو هذه الأضحية وإن قال: هذا نذر لله وجب؛ لأن لفظه يقتضي الإيجاب، فأشبه لفظ الوقوف، ولا يجب بسوقه مع نيته ].
أي: لو أن رجلاً ذهب إلى السوق واشترى أضحية، ودفع الثمن، لكنه لم يقل هذه الأضحية وقف لله عز وجل، أي أنه لم يتلفظ بأنه وقفها لله كأضحية، فإن تلفظ أصبحت واجبة، وإذا اشترى أضحية من السوق وفي الطريق قابل رجلاً فقال له: بكم اشتريت هذه الأضحية؟ فقال: بخمسمائة جنيه، قال: سأشتريها منك بخمسمائة وخمسين جنيهاً، فهنا يستطيع أن يبيعها؛ لأنها الآن لا تعد وقفاً، فإنه اشتراها وبنيته أنها أضحية، لكنه لم يتلفظ بالوقف، ولكن الشيخ ابن عثيمين وبعض العلماء يرى أن الوقف أحياناً يكون بالفعل ولا يكون باللفظ، مثل أن أفعل في البهيمة شيئاً يجعلها وقفاً كتقليد الهدي، فيمكن أيضاً أن أفعل فعلاً ما يوحي أنها أصبحت أضحية وقف، فهناك من الأفعال ما إذا فعلناه حوّل الشيء إلى وقف، وهذا ليس في زماننا، فقديماً كانوا يقلدون الهدي.
قال الشارح: [ والتضحية أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بدنة، ولا يفعل إلا الأفضل ].
فالأضحية تقدم على الصدقة بثمنها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بإمكانه أن يتصدق لكنه ذبح.
أي أن الأضحية تقدم على التصدق بثمنها، وليس معنى ذلك أنك لو تصدقت بثمنها تعتبر أضحية، فإنها لا تعد أضحية، ولا تسمى أنك ضحيت، فلو أن رجلاً في يوم النحر أنفق خمسمائة جنيه أو ألف جنيه بنية أنها أضحية، فلا يعد أنه قد ضحى، فالأضحية لا بد فيها من إراقة الدم في وقت معلوم، وبطريقة معلومة، وبسن معلوم، وبصفات معلومة.
وهنا نقطة مهمة جداً تحتاج إلى بحث وهي: ما الحكم إذا نسي الذابح أن يذكر اسم الله؟
هناك أربعة آراء فقهية لهذه المسألة.
واختيار ابن تيمية ، وهو ما رجّحه الشيخ ابن عثيمين : أنه إذا نسي أن يذكر اسم الله على الذبيحة فلا تؤكل.
وبعض الفقهاء يقولون: سم الله وكل، فقد رفع الإثم عن الناسي لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا [البقرة:286].
يقول الشيخ ابن عثيمين : هب أن مصلياً صلى بحدثه وهو ناس، ولم يذكر إلا بعد انتهائه من الصلاة هل تجزئه الصلاة أم لا تجزئ؟ لا تجزئ، كذلك في الأضحية إذا لم يسم على ما يذبح، فإن نسي أن يذكر اسم الله فلا يأكل منها وتلقى الذبيحة.
فهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية خلافاً للمذاهب الأربعة.
فإن قال قائل: أنتم الآن تضيقون على الناس، وتضيعون على الواحد ثمن الأضحية.
قال بعض علمائنا: إن عزّرناه بهذا فلن ينسى التسمية أبداً، أي: أنه إن فعلها مرة فسيذكر اسم الله عز وجل في كل مرة.
والتسمية شرط يلزم من عدمها العدم، وهناك خلاف بين الفقهاء في موضوع التسمية إن تركها عمداً أو نسيها سهواً.
قال الشارح: [ ولا يجب الهدي والأضحية إلا بالنذر، فيقول: لله عليّ أن أذبح هذا الهدي ] لكن يسمي الله وجوباً، لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام:121] ثم يكبّر استحباباً يقول: بسم الله، الله أكبر.
قال الشارح: [ ولا يجب الهدي والأضحية إلا بالنذر، فيقول: لله عليّ أن أذبح هذا الهدي أو هذه الأضحية وإن قال: هذا نذر لله وجب؛ لأن لفظه يقتضي الإيجاب، فأشبه لفظ الوقوف، ولا يجب بسوقه مع نيته ].
أي: لو أن رجلاً ذهب إلى السوق واشترى أضحية، ودفع الثمن، لكنه لم يقل هذه الأضحية وقف لله عز وجل، أي أنه لم يتلفظ بأنه وقفها لله كأضحية، فإن تلفظ أصبحت واجبة، وإذا اشترى أضحية من السوق وفي الطريق قابل رجلاً فقال له: بكم اشتريت هذه الأضحية؟ فقال: بخمسمائة جنيه، قال: سأشتريها منك بخمسمائة وخمسين جنيهاً، فهنا يستطيع أن يبيعها؛ لأنها الآن لا تعد وقفاً، فإنه اشتراها وبنيته أنها أضحية، لكنه لم يتلفظ بالوقف، ولكن الشيخ ابن عثيمين وبعض العلماء يرى أن الوقف أحياناً يكون بالفعل ولا يكون باللفظ، مثل أن أفعل في البهيمة شيئاً يجعلها وقفاً كتقليد الهدي، فيمكن أيضاً أن أفعل فعلاً ما يوحي أنها أصبحت أضحية وقف، فهناك من الأفعال ما إذا فعلناه حوّل الشيء إلى وقف، وهذا ليس في زماننا، فقديماً كانوا يقلدون الهدي.
قال الشارح: [ والتضحية أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بدنة، ولا يفعل إلا الأفضل ].
فالأضحية تقدم على الصدقة بثمنها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بإمكانه أن يتصدق لكنه ذبح.
أي أن الأضحية تقدم على التصدق بثمنها، وليس معنى ذلك أنك لو تصدقت بثمنها تعتبر أضحية، فإنها لا تعد أضحية، ولا تسمى أنك ضحيت، فلو أن رجلاً في يوم النحر أنفق خمسمائة جنيه أو ألف جنيه بنية أنها أضحية، فلا يعد أنه قد ضحى، فالأضحية لا بد فيها من إراقة الدم في وقت معلوم، وبطريقة معلومة، وبسن معلوم، وبصفات معلومة.
قال المصنف: [ والأفضل فيهما الإبل، ثم البقر، ثم الغنم ].
والمالكية ذهبوا إلى أن أفضل الأضحية هو الضأن أو الماعز باعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين، فهو لا يفعل إلا الأفضل.
والجمهور قالوا: الأفضل الإبل بدليل حديث: (من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً، ومن راح في الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الخامسة فكأنما قرب بيضة) متفق عليه.
إذاً فالأفضل في الأضحية باتفاق جمهور العلماء خلافاً للمالكية الإبل، لكن الإبل تجزئ عن سبعة، فإن ضحى بها الواحد فقد أجزأت، أي: لو أراد شخص أن يضحي بإبل بمفرده، هل نقول له لابد أن تضحي بشاة؟
لا؛ لأن التشريك في الأجر لا حدود له، والتشريك في العدد له حدود.
بمعنى أني أضحي عن نفسي وعن زوجتي وعن أولادي بشاة في الأجر والثواب، أي أن ثوابها يصل ولو كنا اثني عشر، أما إن جئت في التشريك، فلا يجوز أن أشرِّك بين الاثني عشر في بعير، ويجزئ في العدد سبعة، أي أن كل واحد يجزئ السبع عن نفسه وعن أهل بيته.
فالبدنة والبقرة تجزئ عن سبعة، والدليل حديث صلح الحديبية أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز لأصحابه أن يذبحوا البقرة عن سبعة.
قال الشارح: [ ويستحب استحسانها واستسمانها، لقوله سبحانه: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن، وهو الذي له ستة أشهر ].
الضأن هو الخروف أو الغنم، ففي الأضحية لا يقل عن ستة أشهر.
قال المصنف: [ وثني المعز ما له سنة وثني الإبل ].
ومعنى ثني الإبل أي الذي كسر اثنين من أسنانه، أي أنه أتم الخامسة.
قال المصنف: [ وثني الإبل ما كمل له خمس سنين ومن البقر ما له سنتان ] هذه شروط.
إذاً لماذا سميت الأضحية بهذا الاسم؟
نسبة إلى أنها تُذبح في ضحى يوم العيد، فسميت أضحية.
والحديث الذي ساقه الشارح: [ (يجوز الجذع من الضأن أضحية)، وعن عاصم بن كليب عن أبيه قال: (كنا مع رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر منادياً فنادى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: الجذع يوفي بما توفي منه الثنية) ].
قال الشارح: [ إنما يجزئ الجذع من الضأن في الأضاحي؛ لأنه ينزو فيلقح، فإذا كان من المعز لم يلقح حتى يصير ثنياً
وتجزئ الشاة عن واحد والبدنة والبقرة عن سبعة، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يُعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) رواه ابن ماجة وعن جابر قال: كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل له: والبقر؟ فقال: وهل هي إلا من البدن؟
وأحكام الهدي والأضاحي سواء ].
قوله: وأحكام الهدي والأضاحي سواء، يحتاج إلى بيان؛ لأن هناك اختلافاً بين الهدي والأضاحي في بعض النقاط، أما الأضحية فلها وقت في يوم النحر أو أيام التشريق، أما الهدي فيذبح إذا كان الشخص حاجاً متمتعاً فيذبحه في يوم النحر، بعد رمي الجمرة، فتختلف الأضحية عن الهدي في التوقيت.
فهناك فروق بسيطة.
قال المصنف: [ ولا تجزئ العوراء البين عورها ].
أحد الإخوة يقول: عندي من البقر سنها أقل من السن الشرعي، لكنها تنتج لحماً أكثر، فهل المقصود اللحم أم لا بد أن تستوفي السن الشرعية؟
قلت له كلام جمهور العلماء: أن مواصفات الشرع مقصودة لذاتها، وليس المقصود هو وفرة اللحم، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم حينما ضحى أبو بردة بن دينار قبل الصلاة في يوم العيد، ضحى بجذعة، أي أنه ضحى بشيء يطابق المواصفات من الضأن، لكنه ذبحها قبل الصلاة، فحينما سمع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد يقول: (من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم والذبح بعد الصلاة)، قام وقال: يا رسول الله، ذبحت قبل الصلاة لأوسّع على جيراني في يوم العيد من فقراء المسلمين، وليس عندي إلا جذعة من الماعز -فهي لم تبلغ سنة ولكن لها ستة أشهر، وهي من الماعز وليست من الضأن، فماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: (تجزئ عنك ولا تجزئ عن أحد بعدك).
إذاً السن هنا مقصود لذاته، فلو أنه جوزها له وكان هناك عدم تقييد بالسن لقال اذبحها ولا حرج، إنما قال: (لا تجزئ عن أحد بعدك) حتى لا يختلط الأمر فالسن مقصود لذاته.
قال المصنف: [ ولا تجزئ العوراء البيّن عورها ] وجاء بقيد البيّن عورها؛ لأن هناك عوراء ليس بيناً عورها فهذه تجزئ ولا شيء على من يذبحها، والعوراء البيّن عورها هي التي لا يختلف عليها اثنان في وضوح عورها، فهذه لا تجزئ، وعلى هذا قاس العلماء العمياء، فإن كانت العوراء لا تجزئ فمن باب أولى العمياء.
قال المصنف: [ ولا العجفاء التي لا تنقي ] عجفاء: أي هزيلة ولا مخ لها، أي: أنها هزيلة ولا مخ لها.
قال المصنف: [ ولا العرجاء البيّن ضلعها ] البيّن عرجها أي أن عرجها ظاهر في أنها لا تواكب المسير مع أخواتها.
قال المصنف: [ ولا المريضة البيّن مرضها ]أي الواضح مرضها فلا تجزئ.
قال الشارح: [ قال البراء بن عازب : (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء، والمريضة، والعرجاء، والكسيرة).
ولا تجزئ العضباء التي ذهب أكثر قرنها أو أذنها لما روي عن علي رضي الله عنه قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب الأذن والقرن) ].
أما إذا ولدت وليس لها قرون فتجزئ، ولو أنها ولدت ليس لها ذيل فتجزئ، والتي تجزئ في الأضاحي الواجب أن تكون سليمة من العيوب لأنك تقربها إلى الله عز وجل.
قال الشارح: [ وتجزئ الجماء والبتراء ] المقطوع جنبها [ والخصي -المخصية- وما شقت أذنها أو خرقت أو قطع أقل من نصفها، والأبتر المقطوع الذنب -أي الذيل- لأن ذلك ليس بمقصود، والجماء التي لم يخلق لها قرن، فتجزئ لأن القرن غير مقصود، ويجزئ الخصي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين موجوءين، والموجوء الذي رضت خصيتاه أو قطعتا ].
رضت خصيتاه: أي رفع الخصية إلى أعلى وربطها.
قال الشارح: [ ولا فرق بينهما لأن المرضوض كالمقطوع؛ ولأن ذلك العضو غير مستطاب وذهابه يؤثر في سمنها، وكثرة اللحم وطيبه لا نعلم فيه خلافاً، وتجزئ ما شقت أذنها بالكي، أو خُرقت، أو قطع أقل من نصفها، لأنه يسير ولا يمكن التحرز منه لا نعلم في ذلك خلافاً].
قال: [والسنة نحر الإبل قائمة].
بدأ بعد أن تحدث عن شروط الأضحية وعن مواصفاتها بدأ في كيفية الذبح، فقال: الإبل تُذبح وهي قائمة.
ما الدليل من القرآن على أنها تذبح قائمة؟
قال تعالى: فَإِذَا وَجَبَتْ [الحج:36] وجبت بمعنى سقطت، إذاً تُذبح قائمة، فالسنة أن تُذبح الإبل وهي قائمة، وليس هذا شرطاً إنما على سبيل الاستحباب.
أيهما أسرع موتاً الإبل، أم البقر، أم الغنم؟
الإبل؛ لأن قلب الإبل أقرب إلى عنقها من الغنم والبقر، فحينما تنحر الإبل تموت أسرع لقرب القلب من مكان النحر سيدخل القلب الدم مباشرة، أما الغنم فقلبها أبعد، ولذلك حرّم الله الميتة؛ لأنه لا يخرج منها دم، فالدم سيظل محبوساً.
لذلك استحب العلماء أن تُذبح الأضحية بدون أن تقيد، لتجعلها تتحرك ويخرج جميع الدم الذي بها، لأنها إن قيدتها فستصبح حركتها محدودة فينحصر فيها جزء من الدم، ولذلك فلا يستحب هذا.
قال الشارح: [ والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى -أي مربوطة- لقوله سبحانه وتعالى: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ [الحج:36].
قال زياد بن جبير : رأيت ابن عمر أتى على رجل أناخ بدنته ينحرها فقال: ابعثها قياماً مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
وذبح البقر والغنم؛ لأن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل علينا بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبح النبي صلى الله عليه وسلم عن أزواجه) رواه البخاري ، وقال أنس : (ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما) متفق عليه ].
والصفحة هي الرقبة.
قال الشارح: [ ونحر النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثلاثاً وستين بدنة، وأعطى علياً فنحر ما غبر منها ] أي ما تبقى منها.
قال الشارح: [ ويستحب أن يقول عند الذبح: باسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك؛ لما روى أنس قال: (ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين ذبحهما بيده وسمى وكبّر)، وروى جابر أنه قال: (اللهم هذا منك ولك عن محمد وأمته، باسم الله والله أكبر ثم ذبح) ].
قال الشارح: [ ولا يستحب أن يذبحها إلا مسلم؛ لأنها قربة ].
وهذا الأمر فيه خلاف لكن الأولى والأرجح والأقوى أدلة ألا يذبح الأضحية إلا مسلم لأنها نسك وقربى إلى الله عز وجل.
قال الشارح: [ وإن ذبحها صاحبها فهو أفضل لحديث أنس .]