خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/78"> الشيخ نبيل العوضي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/78?sub=63332"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
للنساء قصص وعبر
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعــد:
أيتها الأخوات الكريمات: هذه سلسلة من الرسائل النسائية، أبدأها بالرسالة الأولى بعنوان: "قصص وعبر" وأسأل الله عزَّ وجل أن يكون لنا في هذه القصص عبرة، فإن من النساء، بل من الناس عموماً من تمر عليه القصص فلا يعتبر، والسعيد من اتعظ بغيره، نبدأ هذه القصص لا للتسلية، ولا لقضاء الأوقات، ولا للطرف، ولا للهزل، إنما نقص هذه القصص عبرة، قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [يوسف:111] ويقول تعالى: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف:176].
فالله جلَّ وعلا قد ملأ القرآن بالقصص، لِمَ هذه القصص؟ قال الله جلَّ وعلا: عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [يوسف:111] نبدأ هذه القصص، قصة قصة، ولعل في كل قصة فائدة وعبرة عظيمة، لكن تكفينا في بعضها الإشارة، وبعض التلميحات لها.
القصة الأولى:
إنها قصة عائشة ، الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، قال القاسم: كنت إذا غدوت بدأت ببيت عائشة فأسلم عليها، يقول: فدخلت عليها يوماً وهي تصلي وتقرأ قول الله عزَّ وجلَّ وتبكي: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ [الطور:27] قال: فنظرت إليها وانتظرت، فأعادت الآية: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ [الطور:27] قال: فانتظرت مرة ومرتين، فإذا بها تردد الآية وتبكي، قال: فطال عليّ المقام، فذهبت إلى السوق لأقضي حاجة لي، قال: فرجعت فإذا هي قائمة كما هي تبكي وتصلي وتقرأ القرآن.
تقول عائشة رضي الله عنها: [إنكم لن تلقوا الله عزَّ وجلَّ بشيء خير لكم من قلة الذنوب].
عند احتضارها، تلك الفقيهة العالمة العابدة، جاءها ابن عباس ، وكان عندها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقال لها: [إن ابن عباس يستأذن عليك، يريد الدخول -وتعلمن ما الذي حدث بينها وبين ابن عباس - فقالت: ما لي ولـابن عباس -وهي تحتضر- فاستأذن مرة أخرى فأذنت له فدخل، فلما دخل أثنى عليها خيراً وأخذ يطريها، ويكيل لها المدائح، فقالت: دعك عني يـابن عباس ، دعك عني يـابن عباس ، فوالذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسياً] .. وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60].
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كانت إحداهن تربط حبلاً تتعلق فيه في قيام الليل، إذا تعبت تعلقت بالحبل، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (ما هذا؟ فأخبروه الخبر، قال: حلوه، ليصلِ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد، فإن الله لا يمل حتى تملوا).
أمة الله! سلي نفسك أين أنت من قيام الليل؟ أين أنتِ من قراءة القرآن؟ من العبادة، من الصيام والصدقة، من النوافل والطاعات، أين أنتِ من هذه كلها؟ ثم ماذا تقول عائشة: [لوددت أني كنت نسياً منسياً].
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16].
سوف نقتصر في القصص -يا أمة الله- على النساء، ولما فتحت وقلبت الصفحات، واستمعت إلى العلماء والمشايخ رأيت أن في النساء أمثلة عجيبة، وأمثلة كثيرة غريبة، تفوق بعضها أمثلة الرجال.
إنها أم سليم ، الرميصاء سهلة بن ملحان رضي الله عنها، خطبها أبو طلحة ، فقالت له: [أما إني فيك لراغبة، ومثلك لا يرد، ولكنك كافر وأنا مسلمة] -الله أكبر! مَن مِن النساء تقول هذا الكلام أو مثله في هذا الزمان- قالت: [ولكنك كافر وأنا مسلمة، فإن تسلم فإسلامك مهري، ولا أريد منك مهراً ].
في يوم حنين خرجت مع الرجال تداوي الجرحى -نحن من منا تسافر هذه السفرات؟ لا أريد منكِ أن تخرجي للجهاد يا أمة الله! إلا بضوابط الشرع، ولكن انظري إلى هذه المرأة أين تخرج؟- تخرج تداوي الجرحى، وقد وضعت في بطنها خنجراً، وزوجها ينظر إليها ويبتسم، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: (ألا ترى يا رسول الله إلى
مرض لها ولد صغير، ويوماً من الأيام خرج زوجها للعمل، ولما كان خارجاً نظرت إلى ولدها وقد اشتد مرضه؛ فإذا به تفيض روحه، فهل ناحت؟ هل شقت جيباً؟ هل نتفت شعراً؟ هل دعت بدعوى الجاهلية؟ هل اعترضت على قدر الله؟ لا. بل أخذته فغسلته وحنطته وكفنته ووضعته في جانب البيت، جاء زوجها في الليل، فجلس وتعشى، ثم قال لزوجته: كيف حال الصبي؟ قالت: هو بأهدأ حال، وما كذبت، فهي الصادقة رضي الله عنها، نعم هو بأهدأ حال لأنه ميت، ثم تزينت لزوجها وتطيبت، وجاءته في الليل، ونام معها، فلما أصبحت في الصباح أخبرته بالخبر، فغضب عليها ووجد عليها فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يذكر له الخبر، قال له: إن زوجتي فعلت كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: (أعرستم البارحة؟ أي: جامعتها، قال: نعم. قال: اللهم بارك لهما في ليلتهما) فكان أن رزقه الله عزَّ وجلَّ من الولد ما بارك الله عزَّ وجل فيهم.
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ [البقرة:155] ولد يموت، أخ يموت، الأب يموت، الزوج يموت، الأم تموت، لكن ماذا نفعل: وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155] يقول الله تعالى: (ليس لعبدي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة) إذا مات الولد، فماذا تفعلين يا أمة الله؟ البكاء لا بد منه، لكن هل تنوحين، أم تكونين كـأم سليم التي صبرت، وَرَضيت بقدر الله، ولم تجزع، ولم ترد أمر الله عزَّ وجل، أم تفعلين كما تفعل الجاهليات؟!
اسمعي إلى هذه العجوز وهي التي حدث لها مثل ما حدث لـأم سليم:
يقول الأصمعي: أنه خرج وصديقه في البادية -وهذه قصة عجيبة غريبة- قال: فضللنا الطريق، فبحثنا عن مكان نأوي إليه، فرأينا ناراً من بعيد، فاتجهنا إلى هذه النار، فإذا امرأة عجوز، فقالت لنا: من أنتما؟ فقال الأصمعي ومن معه: ضللنا الطريق وأهلكنا الجوع، فرأينا النار فأقبلنا إليها، فبينما هم كذلك، إذ أقبل بعير عليه راكب، فنظرت هذه العجوز إلى هذا البعير، إنه بعير ابنها، أما الراكب فليس هو ابنها، فخافت، وأوجست في نفسها خيفة، فلما أقبل البعير عليه الرجل، قال: يا أم عقيل! السلام عليكِ، أعظم الله أجركِ في ولدكِ، فقالت: ويحك! أومات عقيل؟! فقال: نعم. قالت: ما سبب موته؟ قال: ازدحمت عليه الإبل فرمت به في البئر، فقالت هذا المرأة العجوز: أيها الرجل! انزل، فنزل، فقربت إليه كبشاً، قالت: اذبحه، فذبحه ثم طبخت الطعام، وقربت إلى الأصمعي وصاحبه الطعام، يقول الأصمعي: فعجبنا منها! فلما فرغنا من الطعام قالت لنا، هل فيكم أحد يقرأ القرآن؟ قلنا: نعم. قالت: اقرءوا عليّ آيات أتعزى بها بابني، فأخذا يقرءان عليها: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155]* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156]* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157] قالت العجوز: آلله قال هذا في كتابه؟ قال: نعم. قالت: آلله قال هذا؟ قال: نعم. قالت: صبراً جميلاً، وعند الله أحتسب عقيلاً ، اللهم إني فعلت ما أمرتني به، فأنجز لي ما وعدتني.
ولو بقي أحد لأحد لبقي محمد لأمته. نعم أيتها الأخوات و(إنما الصبر عند الصدمة الأولى) كيف حالكِ لو مات لكِ عزيز؟ أو مات لكِ قريب، أو كان الابن الوحيد لك ثم فارق الدنيا، ماذا تفعلين؟ نعم. لا بأس من البكاء، ولكن إياك والنياحة! يقول عليه الصلاة والسلام: (إن الله عزَّ وجلَّ رأى، أو علم وهو العليم الحكيم أن رجلاً مات له عزيز، فقال لملائكته وهو أعلم به: ماذا قال عبدي؟ قالوا: يا رب! حمدك واسترجع، فقال للملائكة: ابنوا له بيتاً في الجنة، وسموه بيت الحمد).
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء |
ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء |
ومن نزلت بساحته المنايا فلا أرض تقيه ولا سماء |
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ [الحديد:22] موت ولد، أو موت قريب، أو عزيز، أو مرض، أو مصيبة: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ [الحديد:22-23] تذكري أم سليم ، وتذكري هذه العجوز: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [الحديد:23].
إنها سمية بنت خياط - أم عمار - ما أظن أن امرأة تجهلها، إنها أول شهيدة في الإسلام، أسلمت فعلم بها أبو جهل فضربها، وصفعها، وجرها في الطرقات، وجاء بها وبزوجها وابنها عمار ، أمام الناس يضربها العبيد - عبيد أبي جهل ، يضربونهم ويعذبونهم، يأتي إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليهم- انظرن إلى المرأة كيف صبرت وجلدت، وكيف تحملت، تنظر إلى زوجها وابنها يعذبان، رآها النبي صلى الله عليه وسلم هي وزوجها وابنها، فقال لهم: (صبراً آل
بعض النساء تفتح الجريدة، فترى استهزاءً بالحجاب، أو سخرية من النقاب، أو ضحكاً على الملتزمات، قالت: وأنا لماذا أتعب نفسي؟ أرجع كما كنت أفضل لي، بعض النساء لا تتحمل كلمة من قريبة، أو استهزاءً من صديقة، أو بعض السخرية من النساء، ما إن تسمع كلمة استهزاءٍ إلا وتترك الحجاب والملتزمات، تقول: أعيش في راحة وهدوء أفضل لي من هذا التعب كله.
أيتها الأخوات: إن في هذا الزمان حرب وأي حرب على المرأة المسلمة؟! حرب على حجابها، حرب على عفتها، وعلى كرامتها.
رجل خبيث يصور في الجريدة في كاريكاتير له، صورة منقبة محجبة عفيفة طاهرة، يرسمها وعلى صدرها شعرة، وبجانبها امرأة سافرة، تقول هذه السافرة لهذه المحجبة، تقول: هذه الشعرة من لحية من؟ قاتلهم الله أنى يؤفكون!
أمة الله: هذا دور الصبر، هذا دور التحمل، هذا دور أن تتأسي بـسمية رضي الله عنها، أول شهيدة في الإسلام: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200] هي سنة الله: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ [المطففين:29]. هذا نوح يمر عليه الفجار الكفار: وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ [هود:38].
أمة الله: لا تغرنك تلك الكلمات، وتلك الاستهزاءات، وهذه الصرخات، وذلك النعيق والعواء، لا تغرنك هذه الزفرات، فإنما هي حرب لله ورسوله، واصبري واثبتي، ولتكن قدوتك هي أم عمار .
واسمعن إلى هذه القصة، التي لا أظن أن من النساء من تتحمل هذا الموقف في هذا الزمان: رجل صالح، لكنه دميم الخلقة، قبيح المنظر، يمر على النساء في أيام الصحابيات فلا أحد من النساء تقبل به، الرجل دميم، الناس يردونه، أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه فقال: يا رسول الله! إن الناس قد رفضوني، يا رسول الله زوجني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى بيت فلان، واطرق عليهم الباب، وقل لهم: إن رسول الله يريد أن يزوج ابنتكم لي، فذهب وطرق الباب، ففتح الباب فقال: إن رسول الله يريد أن يزوج ابنتكم، ففرحوا، قالوا: رسول الله يريد أن يتزوج ابنتنا؟ -ظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يتزوج بها- فقال لهم: يريد أن يزوج البنت لي، فترددوا، فقالت الأم: أما كان أبو بكر؟ أما كان عمر؟ أما كان فلان؟ ما وجد إلا هذا؟ كأنها ترددت، وكأنها تلكأت، فسمعت البنت بالخبر، الآن هي في أمرين، وبين موقفين: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك المنظر القبيح الذي لا تتحمله، فقالت البنت: ما الخبر؟ فأخبرت أمها بالخبر، فقالت البنت لأمها ولأبيها: أتردان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أين تذهبان من قول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36]؟ ادفعوني إليه فإن الله لن يضيعني، سمع النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر، فسر ودعا لهذه البنت، وفي ليلة الزفاف، قبل أن يدخل عليها سمع بمنادي الجهاد: يا خيل الله اركبي، حي على الجهاد، ففزع إلى الجهاد في سبيل الله، وفي أثناء المعركة، أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: أتفتقدون أحداً، قالوا: لا يا رسول الله، بحثوا عن القتلى، فقال لهم أتفتقدون أحداً؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: ولكني أفقد أخي جليبيباً ، قال: فبحث عنه النبي صلى الله عليه وسلم بين القتلى، فوجده قد قتل سبعة من المشركين وقتلوه، فأخذه ووضعه بين ذراعيه، ثم مسح التراب والدم عن وجهه ثم قال: قتل سبعة من المشركين وقتلوه.. هذا مني وأنا منه.. هذا مني وأنا منه.
قال عليه الصلاة والسلام: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) من النساء في هذا الزمان من لا ترضى إلا بالزوج ذو المنظر الغربي، الذي شكله شكل الكفار، وقد يكون متساهلاً في المحرمات، يرضى بالتلفاز، ويرضى بالأغاني والمسلسلات، ويسمح لها بالذهاب يمنة ويسرة، وأن تعمل بين الرجال، وتفعل ما تريد.. سبحان الله! لا تريد زوجاً ملتزماً، وتقول: هذا سوف يضيق عليّ، ويمنعني من الخروج من البيت، وكل شيء عنده حرام.
فهذه المرأة تريد زوجاً بخيلاً إلا عليها، تريد رجلاً شجاعاً إلا عليها، تريد رجلاً إن قالت له: نعم؛ قال: نعم. وإن قالت له: لا. قال: لا. لا تريد إلا هذا.
من منا ترضى بالزوج الصالح ولو كان فقيراً؟ من منا ترضى بزوج صالح مجاهد، لا يمكث معها إلا بضعة أشهر، وبقية العام في الجهاد، من منا ترضى بهذا الزوج: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ [الأنفال:24].
انظرن ماذا قالت؟! قالت: كيف تردان أمر رسول الله؟ أين تذهبان من قول الله؟ لأنها كانت مستجيبة لله ولرسوله.
وهذه القصة فيها من العبر ما فيها، وهي قصة الخنساء تلك الشاعرة، التي مات أخوها في الجاهلية فظلت سنوات تبكي عليه وترثيه بشعرها، لكن لما أسلمت تغيرت، ففي القادسية ، وانظرن وتعجبن من هذه الموقف، وتخيلي أمة الله! أنك في هذا الموقف التي هي فيه! لو قال لك ابن في هذا الزمان: يا أماه! بعت نفسي لله، أريد أن أذهب إلى الجهاد، أريد الجنة يا أماه! كيف تردين عليه؟ أما هذه الأم فلها أربعة أبناء فقالت لهم: يا أبنائي! أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وتعلمون ما أعده الله من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]، فيا أبنائي، اذهبوا إلى الجهاد.
وذهب أبناؤها الأربعة إلى الجهاد، فانتظرت الخبر، فإذا بالخبر يأتيها، قيل لها: إن أبناءك الأربعة كلهم قتلوا في سبيل الله، كلهم قد استشهدوا في سبيل الله، فماذا ستقول هذه المرأة؟ التي بكت على أخيها سنوات، ماذا تقول في أبنائها؟ قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني وإياهم في مستقر رحمته.
يا أمة الله! هل تربين أبناءك على الجهاد أم على الدعوة وطلب العلم، وعلى طاعة الله، ومراقبته جلَّ وعلا؟ أم ما الذي ربيت أبناءك عليه؟ في الصغر على أفلام الكرتون، وعلى الأغاني والمسلسلات، وعلى الأفلام والرقص، ثم إذا كبر شيئاً ما، على الملاهي، وعلى أماكن التبرج والاختلاط، ثم إذا كبر فعلى المطاعم والوجبات السريعة، يمكث ليله كله هناك.
وأي شيء يلبس؟ انظر إلى لباسهم، العجيب أن أمه محجبة ملتزمة، وأبوه لا يفارق المسجد، وهو يعطى من الأموال ما شاء، ويسهر الليالي أين شاء، ويسافر كيف يشاء، ويجلس مع من يشاء!
اسألي نفسك هل أرضعته حب طاعة الله؟ وهل عودته على حب الصلاة؟ وهل قرأ القرآن؟ أم ماذا يا أمة الله؟
إنها أم حرام ، تستقبل بعد غزوة أحد الناس وقد شاع في الناس أن محمداً عليه الصلاة والسلام قد قتل، فجاءت تستقبل الناس، فلما استقبلت الناس قيل لها: إن أخاك قد قتل، وإن أباك قد قتل، وإن زوجك قد قتل، وإن ابنك قد قتل، كلهم قتلوا في غزوة أحد ، فلم ترد عليهم، وقالت: وماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أربعة من أقرب الأقربين قد قتلوا، وهي تقول: ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فدلت عليه، فأخذت بناحية ثوبه، فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سلمت من العطب، لا أبالي إذا سلمت من العطب.
نعم إن المرأة هي مربية الأجيال، إن المرأة هي حاضنة الرجال.
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق |
أولئك الرجال الذين تربوا بحضن من؟ الإمام أحمد من ربته ومن علمته؟ إنها أمه رحمها الله كانت تذهب به إلى المسجد، فصار ابنها إمام أهل السنة والجماعة ، شيخ الإسلام من ربته؟ الأئمة الأعلام من الذين ربوهم؟ يا أمة الله! اعقلي، إن عليك وبيديك أن تربي الرجال ليكونوا مجاهدين، وليكونوا علماء، وليكونوا دعاة إلى الله عزَّ وجل.
إن العلمانيين والمنافقين يثبطونك، خسئوا وتعسوا، يقولون: دورك الآن أن تكوني عضواً في مجلس الأمة، دورك الآن أن تخوضي مع الرجال، دورك الآن أن تخرجي من البيت، من هذا السجن، من هذه القيود، انفضي عنك الغبار، اقطعي هذا الحجاب، أحرقيه واخرجي بين الرجال، حتى قالت إحداهن: لمَ هذه القيود؟ لِمَ هذه القيود على المرأة؟ هل لأن الله ذكر وليس أنثى؟! نعوذ بالله من هذه الكلمات، وإلى آخر هذه المقولات من الفاجرات، من تلك النساء الغافلات.
أمة الله! لا تغرنكِ هذه الحرب الشعواء، فإنما أنت مربية الأجيال، وصانعة الرجال.
امرأة سافر زوجها للجهاد، وغاب عنها شهوراً طويلة، انتظرته فلم تتحمل -المرأة فيها شهوة وفيها رغبة للرجال- وانتظرت أياماً وشهوراً وطال عليها المقام، يتجول عمر في الليل ويتفقد الرعية، فإذا به يقترب من بيتها وكانت بيوتهم صغيرة، فسمع هذه المرأة تحدث نفسها لوحدها، فتقول شعراً -واسمعن إلى هذا الشعر-:
تطاول هذا الليل واسوَّد جانبه وأرقني ألا حبيب ألاعبه |
فوالله لولا الله رباً أراقبه لحرك من هذا السرير جوانبه |
الجهر بالقول والإسرار به في علم الله سواء، يا أمة الله! لا تظنين إذا خرج زوجك أنه لا يراقبك أحد، الإمام أحمد كان يحدث الناس يوماً فإذا به يغلق الكتاب ويدخل الغرفة، انتظروه ما خرج، أطال المقام، فاقترب أحد التلاميذ عند الباب فسمع الإمام أحمد يبكي، ويقول في نفسه شعراً:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن عليّ رقيب |
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أنما تُخفي عليه يغيب |
أمة الله: لا تظنين أن الزوج إذا غاب، فإن الله يغيب عنك: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [المجادلة:7].
أمة الله: لا تظنين أنك إذا ذهبت إلى المطاعم، والحدائق، ودخلت عند الخياط يفصل الجسد، وينظر إليك وأنتِ تختلين به، أن الله لا يراكِ: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى [العلق:14].
إن من أعظم الإيمان أن المرأة تراقب الله عزَّ وجلَّ في السر والعلن، يقول عليه الصلاة والسلام: (يأتي أقوام من أمتي يوم القيامة، لهم أعمال كـجبال تهامة بيضاً، يجعلها الله هباء منثوراً، قال ثوبان: صفهم لنا يا رسول الله! جلِّهم لنا، قال: هم قوم يصلون كما تصلون، ويقومون كما تقومون، لكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها).
إذا غاب الزوج، إذا غاب الأب، إذا غاب الأخ، ترفع الهاتف وتتكلم، مع من يا أمة الله؟! تظنين أن الله لا يسمع؟! تظنين أن الله عزَّ وجلَّ لا يرى؟! تظنين أنك لوحدك مع هذا الرجل تكلمينه؟! أو تنظرين إلى الأفلام والمسلسلات.
يا أمة الله! المراقبة المراقبة!
اسمعي إلى هذه القصة، قصة امرأة كانت من بغايا بني إسرائيل؛ هذه البغي كانت لا تمكن رجلاً إلا بمائة دينار، مرت يوماً من الأيام على عابد زاهد في صومعته فافتتن بها، فجاءها يطلبها، فأبت عليه، ومنعته إلا بمائة دينار، فترك الصومعة والعبادة، وأخذ يجمع المائة دينار، فلما جمع المائة طرق الباب عليها، فتح الباب فدخل، فتزينت له، وجلست على السرير، فلما اقترب منها قالت: هلم إليّ، هلم إليّ، فسقط جالساً وأخذ يبكي، قالت: مالك؟ ما بالك؟ هلم إليّ، فقال ذلك الرجل: ذكرت وقوفي بين يدي الله، فلم تحملني أعضائي لأقف، فأخذ يبكي، وأراد الخروج من البيت، وقالت له: قف، أطلب منك أن تتزوجني، قال: لا. ولكن خذي المال، فخرج نادماً فجلست هذه المرأة وبكت، وأصلحت ما بينها وبين الله عزَّ وجلَّ، ثم رجعت إلى الله وتابت، ثم أخذت تبحث عن هذا الرجل، بحثت عنه فدلت عليه، فلما جاءت إلى بيته طرقت الباب، فلما فتح الباب، تذكر تلك الليلة الكئيبة، وذلك الموقف المشئوم، فشهق شهقة فمات منها وسقط على الأرض، فأخذت تبكي، فبحثت عن قريب له تتذكره به، فوجدت أخاه وكان رجلاً فقيراً عابداً زاهداً فتزوجته، وأنجبت منه سبعة من الأولاد الصالحين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً [التحريم:8].
إلى متى يا أمة الله تسمعين تلك الأغاني؟! إلى متى يا أمة الله تشاهدين تلك الأفلام والمسلسلات؟! إلى متى وهذه الصور الخليعات؟! إلى متى هذه الأماكن التي فيها الأغاني والاختلاط والسفور والتبرج والمنكرات؟! إلى متى هذه الأعراس التي فيها المنكرات؟! إلى متى يا أمة الله؟! إلى متى لا تستيقظين لصلاة الفجر إلا بعد طلوع الشمس؟! قال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70].
اسمعن لهذا الموقف، وأطلب منكن أن تتخَيَّلْنَهُ، زوجة معها زوجها وابنتها الصغيرة التي تبلغ من العمر خمس سنوات تقول: كنا معاً في أطيب حال، وأهنأ بال، كنا زوجين سعيدين متعاونين على طاعة الله، تقول: عندنا القناعة والرضا، طفلتنا مصباح الدار، ضحكاتها تفتق الأزهار، إنها ريحانة تهتز، فإذا جن علينا الليل ونامت الصغيرة، قمت معه نسبح الله، يؤمني ويرتل القرآن ترتيلاً، وتصلي معنا الدموع في سكينة وخشوع، كأني أسمعها وهي تفيض قائلة: أنا إيمان فلان وفلانة، وذات يوم أردنا أن تكثر الفلوس التي معنا، اقترحت على زوجي أن نشتري أسهماً ربوية، لتكثر منها الأموال وندخرها للعيال، ووضعنا فيها كل ما نملك، حتى حلي الشبكة، ثم انخفضت أسهم السوق وأحسسنا بالهلكة، فشربنا من الهموم كأساً، وكثرت علينا الديون والتبعات، فعلمنا أن الله يمحق الربا ويربي الصدقات، وفي ليلة حزينة خلت فيها الخزينة، تشاجرت مع زوجي، فطلبت منه الطلاق، فصاح: أنتِ طالق، أنتِ طالق، تقول: فبكيت، وبكت الصغيرة، وعبر الدموع الجارية، تذكرت جيداً يوم أن جمعتنا الطاعة وفرقتنا المعصية: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7].
ما أحلاها -يا أمة الله- أن تقومي الليل مع زوجك! ما أجملها -يا أمة الله- أن يضج البيت فجراً بالأصوات! هذا يقوم، وهذا يسبح، وهذا يبكي، وهذا يسجد، وهذا يركع!
ما أجملها -يا أمة الله- أن تجتمعي مع الزوج على قراءة القرآن! وعلى ذكر الله جلَّ وعلا، ما أجملها يا أمة الله!
انظرن إلى النساء في هذه الأزمنة، تقول لزوجها: انظر إلى فلان كيف أثث بيته، انظر إلى فلان ماذا اشترى لزوجته، انظر إلى فلان أين يسافر مع زوجته، يذهب بها إلى بلدة كذا، ودولة كذا، يسافرون كل سنة مرتين، لم لا تذهب بي إلى هذا المكان؟ إلى المسارح، إلى السينمات، إلى الملاهي، ماذا تريدين يا أمة الله؟! قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً [النساء:77].
تريدين الدنيا يا أمة الله! أم تريدين أن تجلسي مع زوجك على البساط، وعلى فراش واحد، تتقاسمين معه اللقمة، ثم تحفظينه في غيبته، ثم يأتيك وقد جاء بلقمة العيش، تجلسين معه لا ينظر إلى غيرك، ولا يعرف سواك، وأنت لا تعرفين إلا ذكر الله وطاعته، تجلسين معه على ذكر الله، وتنامين معه على طاعة الله، وتستيقظين معه على ذكر الله، يا أمة الله! اختاري لنفسك ما تشائين.
لمحات سريعة في هذا العصر، كم في هذا العصر من نساء صالحات، قانتات تائبات، عابدات، مصليات صائمات، سمعنا بنساء قد حفظن القرآن كله، وبنساء قد قرأن الصحاح من الكتب، وبنساء طالبات للعلم، وأخريات داعيات لله عزَّ وجل، وسمعنا بنساء قد أصلح الله بهن بيوتاً كاملة.
هذه امرأة، قد تزوجت رجلاً فكان عقيماً، صبرت معه، لم تطلب منه الطلاق حتى كبر في السن، وعجزت وشاب زوجها، فعمي بصره -تعرفن ماذا تفعل في هذا العصر؟- هذه المرأة كانت تقوم كل ليلة مع زوجها، فإذا اقترب الفجر، تأخذ بيد زوجها وتسوقه إلى المسجد.
أمة الله: في هذا العصر امرأة أخرى يجرى لها عملية في عينها ثم تبكي، فيقال لها: لمَ تبكين وقد نجحت العملية؟ قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون! إنا لله وإنا إليه راجعون! بعد هذه السنين الطويلة يكشف وجهي رجل غريب، إنا لله وإنا إليه راجعون!
من النساء في هذه الأزمنة، لأجل جرح في إصبعها تكشف وجهها، ولأجل مرض لا يحتاج إلى كشف تكشف ما تشاء، وتتساهل في هذا.
أفغانية تجلس في كوخ مع زوجها وأولادها، يذهب إلى الجهاد شهراً طويلة، ثم يرجع أياماً يعطيهم قوت أشهرهم، ثم يرجع إلى الجهاد، وفي يوم من الأيام عندما رجع قالت له: أطلت المقام، لمَ لا تذهب إلى الجهاد؟ قال: لقد طال الجهاد، لقد سئمت الجهاد، لقد طال الأمر عليّ، سوف أجلس، فقالت له زوجته الصالحة: إذاً أعطني السلاح، وأعطني ملابسك، وخذ ملابسي، وسوف أذهب مكانك إلى الجهاد، واجلس أنت مكاني في البيت، لا مكان للرجال في هذه البيوت، اذهب إلى الجهاد في سبيل الله ولا تجلس مثل النساء في هذه البيوت.
إن حلقات القرآن للنساء قد امتلأت، وإن الدروس قد اكتظت بالنساء، وإن المصليات لتشتكي من ازدحام النساء، فالله أكبر أيتها النساء! إنه دينكن، إنه دوركن، إنه يومكن يا أيتها النساء، لما تكتب هذه الداعرة العاهرة العلمانية تستهزئ بالحجاب، أين قلمك؟ لِمَ تتكلم هذه في المجالس، أين لسانك؟ لم تدعو هذه إلى السفور وإلى التبرج، وإلى الفسق والفجور، أين دورك يا أمة الله؟ لمَ لا تدعين النساء إلى حلقات الذكر وقراءة القرآن؟ لم لا تعطيهن الشريط والكتيب الإسلامي، وتدعينهن إلى الله عزَّ وجل.
نعم يا أمة الله! إن هذه قصص لعل فيها بعض العبر، والله عزَّ وجلَّ جعل القصص للعبرة، والسعيد من اتعظ بغيره.
أقول قولي هذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.