المخاطر الجسيمة والوعود العقيمة


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي أكرمنا بالإيمان، وأعزنا بالإسلام، وهدانا بالقرآن، أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا، له الحمد سبحانه وتعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ويرضى، حمداً نلقى به أجراً ويمحو الله به عنا وزراً، ويجعله لنا عنده ذخراً.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، ختم به الأنبياء والمرسلين، وجعله سيد الأولين والآخرين، هدى به من الضلالة، وأرشد به من الغواية، وكثرنا به من بعد قلة، وأعزنا من بعد ذلة، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله عنا خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فأيها الإخوة المؤمنون! حديثنا اليوم عن القضية العظمى التي لا أمل من تكرار الحديث عنها لاعتبارات كثيرة؛ لأنها هدف نهائي، وغاية كبيرة عظمى لكل ما يحاك حول أهل الإسلام وأمته، ولكل ما يدبر للمسلمين في شتى بقاع الأرض.

إنها قضية فلسطين مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المسجد الأقصى، أرض النبوات والأنبياء، الأرض التي فتحها عمر رضي الله عنه، وحررها صلاح الدين رحمه الله، وروتها دماء المسلمين إلى يومنا هذا على أيدي الأبطال الأشاوس المؤمنين من الصغار والشباب الذين بذلوا أرواحهم فداء لدينهم، والذين أزهقوا نفوسهم إعزازاً لأمتهم، والذين تصدوا بصدورهم العارية للقوة الضاربة الضارية؛ ليثبتوا عظمة الإيمان، وقوة الإسلام، وغيرة وحمية المؤمنين الذين لا ترهبهم القوى العظمى، ولا تخيفهم المؤامرات الكبرى، ولا تنطلي عليهم الخدع المتوالية.

مسلسل العداء: مربط فرسه، وقطب رحاه في (أرض فلسطين)؛ لأسباب كثيرة:

أولها: أن هذه الأرض بالنسبة للمسلمين أرض مقدسه، فيها آيات تتلى، وأحاديث تروى، ولن تنسخ الآيات مهما فعل المبطلون، ولن تلغى الأحاديث مهما تآمر المتآمرون، ولن ينسلخ المؤمنون من دينهم، ولن ينزع اليقين والتسليم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من قلوبهم، فالقضية باقية ما بقي القرآن، وهو باق إلى قيام الساعة، والقضية باقية ما بقيت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، باقية ما بقي مسلم وطائفة مسلمه ثابتة على الحق معتصمة به، وقد قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)، وفي راوية أحمد قيل: (أين هم يا رسول الله؟! قال :في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس).

وقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن ستة أمور تتوالى بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وذكر منها فتح بيت المقدس؛ ليشير النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى أنه امتداد لرسالته ومهمته ونبوته منذ أن أسرى الله عز وجل به إلى تلك البقاع المقدسة، ومنذ أن صلى إماماً بالرسل والأنبياء، ومنذ أن عرج به إلى السماء.

وقد سارت جيوشه صلى الله عليه وسلم وجنوده من صحبه الكرام لتتوالى وتتصل من بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

الأمر الثاني: أن الصراع في تلك الأرض المقدسة مع القوم الذين أخبرنا الله سبحانه وتعالى عنهم بقوله: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:82]، ولن نكذب كتاب ربنا ونصدق أباطيل الكذبة الفجرة الكفرة، أو المنافقين والمداهمين المجاملين؛ فإن يقيننا بكتاب ربنا راسخ رسوخ الجبال الرواسي لا تزعزعه تلك الرياح الفارغة، ولا تلك الصيحات الكاذبة، وهذه قضية مهمة.

والأمر الثالث: أن العداء العالمي الدولي والتحالف الصليبي الصهيوني يتركز كله اليوم في هذه القضية، فتجتمع الدول والمؤسسات والمنظمات العالمية كلها، وتدار المؤتمرات، وتعقد الندوات، وتتوالى المفاوضات، وتوقع المعاهدات، وتأتي الالتزامات، وتقام العقوبات، لأي شيء أيها الإخوة؟ وفي أي موضوع؟! هل هو في قضايا أخرى من قضايا المسلمين -وإن كانت كلها عندنا عظيمة ومهمة-؟ أفترون ذلك كله يدور لأجل الشيشان -وهو جرح نازف- أو لأجل كشمير -وهو دم ينزف- أو لأجل هنا أو هناك؟

إن الصراع محوره وبؤرته وركيزته القدس، وإن سقوط العراق إنما هو طريق لاستقلال تلك القوة والسلطنة والهيمنة؛ لفرض ما تريده وتقصده وتهدف إليه وتنشده الدولة الغاصبة في أرض الإسراء، في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعل الأحداث القريبة تجمع حزناً مؤلماً كما تجمع مع ذلك إصراراً قوياً، وعظمة كبيرة، وشموخاً إيمانياً، واستعلاء إسلامياً، وثباتاً منهجياً، لأصحاب الحق الواضح.. أصحاب الإيمان الصادق.. أصحاب الإسلام الخالص.. أصحاب المبدأ النظيف الطاهر الذي لا يتلون مع دنس السياسة ولا يخضع لمعاملات الاقتصاد، واهتزاز الأموال، ولا يرهب من القوى العسكرية والسياسية وغيرها.

لا شك أيها الإخوة أننا أمام مخاطر عظيمة تعد فيما أرى الأخطر مما يواجه الأمة المسلمة اليوم، وإن هذه المخاطر ليست مخاطر أرض اتسع حجمها أو صغر، وليست مخاطر فئة أو مجموعة يصفونها بالإرهاب يريدون أن يتوقف شرها كما يزعمون، إنها قضية عقيدة الأمة الإسلامية وهويتها.

إن قضية حضارة الأمة الإسلامية ووجودها هي القضية الأساسية، وهي الحربة الموجهة إلى صدر الأمة وقلبها اليوم، ويوشك إذا نشبت في ذلك الصدر أن يحصل ما يأمله الأعداء من ترنح هذه الأمة أو سقوطها، وذلك لم ولن يكون؛ لأن وعد الله القائم لا يخلف.

لكن نشير إلى بعض الأمور المؤلمة المحزنة، ونرى كيف تجري تلك المؤامرات، وكيف يحصل الرضوخ للمساومات، وكيف تباع -لا أقول: الأرض ولا القضية- وإنما كيف تباع الديانة والهوية على ما يسمى طاولة المفاوضات؟

هذه كلمات أقولها، ولو كان قولها بغير اللسان العربي المبين لكان أبلغ وأفصح، ولكان أكثر مطابقة مع حقيقة هذه المعاني التي يؤسفنا أن نقولها بهذا اللسان الذي نطقت به، والذي أرادت أن تعبر به عن أهل فلسطين، وعن أمة العرب، وعن المسلمين أجمعين، وإن كانت في واقع الأمر لا تمثل إلا من ينطق بها أو يمثلها في حقيقة تخاذله وتآمره وضعفه، وغير ذلك من الأوصاف.

(هدفنا دولتان تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن، وطريقنا طريق التفاوض المباشر، وحل كافة قضايا المرحلة النهائية، وإنهاء الاحتلال الذي بدأ في عام 1967م ولا تنسوا التواريخ؛ فإن هذا ينسخ ما قبل ذلك، فلم يكن ثمة احتلال ولا هجوم ولا عدوان قبل ذلك بنحو خمس وعشرين عاماً كما هو معروف من عام ثمانية وأربعين، والأمر جلي واضح.

ثم ماذا عانى في ظله الفلسطينيون من شديد المعاناة؟

ثم يقول: وفي ذات الوقت لا نتجاهل معاناة اليهود على مر التاريخ، وقد حان الوقت لإنهاء كل هذه المعاناة).

جدير بكم أن تذرفوا الدموع على معاناة اليهود الذين تهدم بيوتهم كل يوم في أرض فلسطين!

جدير بكم أن تبكوا على اليهود الذين رأينا أطفالهم في السنة الأولى تخترق أجسامهم القاذفات التي تحدث خروقاً كاملة في أجسادهم!

جدير بكم أن تبكوا على اليهود الذين لا يستطيعون أن يكسبوا لقمة عيشهم في أرضهم.

جدير بكم أن تشاركوا في هذا الحزن على تلك المعاناة الشديدة الرهيبة، وكأننا لا نرى بأم أعيننا أن ذلك يجري على إخوان لنا في الدين والعقيدة يدافعون عنا وعن وجودنا، ويدافعون قبل ذلك عن قرآننا وسنة نبينا، ويدافعون عن شرفنا وعزنا.

الواقفون يوم جثا كل الناس أو معظهم على الركب، الشامخون برءوسهم يوم ذلت الأعناق وكانت الذلة شعاراً عم الجميع إلا من رحم الله، الثابتون في مواجهة القوة يوم فر الجميع إلا أولئك النفر القليل من أهل الإيمان والصدق واليقين.

وواصل القول المحزن المؤلم فقال: (ولكني ولكي أكون صريحاً وواضحاً أقول: لا يوجد حل عسكري لصراعنا، ونكرر إدانتنا ورفضنا للإرهاب والعنف ضد الإسرائيليين أينما كانوا. إن هذه الوسائل -واسمعوا إلى من يتحدثوا باسم كتاب الله وسنة رسول الله وأمة الإسلام كلها عبر تاريخها الطويل، ومآثرها المجيدة- لا تنسجم مع تقاليدنا الدينية والأخلاقية، بل تشكل عقبة خطيرة أمام دولتنا المستقلة ذات السيادة).

ولقد قلت من قبل سنوات عدة: إن مقتضى مثل هذا الكلام: إما أن نحبس القرآن في أماكن لا يخرج منها، وإما أن ننزع منه صفحات، أو نطمس منه آيات؛ لنصدق مثل هذه المفتريات، وهذا أمر خطير، فليست القضية سياسية، وليست القضية بلاغية أو كلامية، إنها أخطر من ذلك كله!

ثم قال: (سنبذل كل الجهود، وسنستخدم كل إمكانياتنا لتنتهي عسكرة الانتفاضة، وسننجح.

الانتفاضة المسلحة يجب أن تنتهي، وعلينا أن نستخدم الوسائل السلمية في سعينا لإنهاء الاحتلال، ومعاناة الفلسطينيين والإسرائيليين، هدفنا واضح، وسنطبقه بحزم وبلا هوادة، نهاية كاملة للعنف والإرهاب، وسنكون شركاء كاملين في الحرب الدولية ضد الإرهاب). اهـ.

ولا أظنكم تحتاجون إلى أن ننسب هذا القول إلى قائله، ولو كان بلسان عبري مبين لما كان في الأمر أدنى شك، فهو لا يخدم ولا ينطق ولا يعبر عن الإسلام والمسلمين ولا عن فلسطين وعن الفلسطينيين.

ولعلي أنتقل بكم أيضاً إلى مقالات أخرى، وأحسب أنها ستختلط عليكم إذ لا يعرف من يقول هذا ويتبناه ومن يؤمن ويعتقده ومن يخالفه ويناقضه.

قال بعضهم: (نحن ملتزمون بقوة بضمان أمن إسرائيل كدولة يهودية نابضة بالحياة، إن هذا الرجل يمثل قضية سلام، وقضية دولة للشعب الفلسطيني، إنني أدعم بقوة هذه القضية أيضاً).

لقد وعد لبذل أقصى الجهود والموارد لإنهاء الانتفاضة المسلحة، كما وعد بالعمل من دون مساومة من أجل وضع حد نهائي للعنف والإرهاب.

ثم قال: (السلام يتطلب أيضاً إنهاء العنف، وإزالة كل أشكال الحقد والأذى والمرارة في كل الأحوال، وفي المناهج الدراسية).

ولعلكم لا تحتاجون إلى كثير ذكاء لنقارن ما يطلب اليوم بما هو واقع على الأرض، فلسنا نحن الذين نذكره معاشر المسلمين، بل تذكره وكالات الأنباء وتعيده وتردده، ما الذي يدرس في المناهج اليهودية عن العرب والمسلمين؟ ومن ذا الذي فتح فمه ليقول: غيروا هذه الثقافة العنصرية العنيفة؟

هل سمعتم أحداً يذكر ذلك أم أننا لا نسمع إلا ضرورة تغيير مناهج المسلمين التي فيها منهج الإسلام بكامل عدالته وسماحته وصحته وصلاحيته؟!

ثم ماذا؟ لابد من وقف الدعم والإعانة.

لمن؟ للذين لا يملكون سلاحاً ولا قوة، لا تعينوا الذين مات آباؤهم، لا تساعدوا الذين دمرت بيوتهم، لا تنجدوا الذين لا يجدون لقمة عيشهم، لا تغيثوهم.

ثم ماذا؟ ولتأتي الدول الكبرى والصغرى لتعين دولة مؤججة بالسلاح تعد الرابعة أو السابعة في دول العالم من حيث الأسلحة.

ثم ماذا؟ تأتي المنظمات في شرق الأرض وغربها لتدفع ليس فتاتاً من الأموال -كما يقع في دعمنا لإخواننا- بل مئات من الملايين، ويكفي أن تعرفوا أن اليهود يستلمون شهرياً أكثر من ستين مليون دولار لتعويض من يزعمون أنهم تضرروا من الحملة الألمانية على اليهود في عهد هتلر ، وفي كل شهر يستلمون هذه المبالغ، فضلاً عن القوى العظمى التي تدعم اليهود بنحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً، فضلاً عن المنظمات والشركات التي تدعم الجمعيات التي تعلن عنصريتها.

ويعجب المرء عندما يردد الناس، وتردد محافل السياسة، وتردد كثير من الزعامات هذا، ولا تستطيع أن تنظر إلى ذلك، وهذا يذكرنا بقول أبي هريرة رضي الله عنه: (ترى القذاة في عين أخيك ولا ترى الجذع في عين نفسك). أي أمر هذا العجيب؟! وأي انتكاس وارتكاس هذه المغالطات التي تبين لنا حقيقة الأمر؟!

ونأتي لمقالة ثالثة: (إن الأمن الدائم يستلزم في نهاية المطاف السلام، ولا يمكن إحلال السلام الدائم إلا عبر الأمن).

والمقصود: الأمن اليهودي الذي نزعته الانتفاضة الجهادية المباركة، والطمأنينة التي لم تعد موجودة عند اليهود بفضل أولئك البررة الأطهار من المجاهدين الأخيار الغيورين على دينهم، الذين أبوا أن يذلوا وأن يساموا الخسف، وهم أصحاب الحق، وهم أصحاب الأرض، وهم أصحاب الدين والمعتقد الصحيح.

ويعجب الإنسان عندما يسمع ذلك المجرم وهو يقول: (وأن السلام لا يمكن أن يتحقق من دون التخلي عن الإرهاب والعنف والتحريض).

من القائل؟

إنه سيد الإرهاب وقائده الذي شهد له بذلك بشهادات عالمية موثقة دخلت إلى أروقة المحاكم!

ثم نستمع إلى زعامات في بلاد الإسلام والمسلمين تقول: (إن هذا الرجل قوي، وإن المرحلة لإقرار السلام تحتاج إلى رجل قوي، وإنني أعتقد أنه سيقود المهمة بنجاح).

ما الذي بقي لنا من عقولنا حتى نفهم؟!

ينبغي أن نسير على رءوسنا بدلاً من أقدامنا إذا أردنا أن نقبل مثل هذه المقالات، فإن هذا زيغ ظاهر، وخلل كبير، وخطر عظيم.

أثر هذه المقالات على اليهود

أقف وقفات يسيرة مع بعض الأصداء التي نتجت عن مثل هذه الكلمات؛ لنرى كيف ينظر القوم إلى ذلك.

هذا مسئول من اليهود عليهم لعائن الله يقول مبتهجاً بما وقع: (إن هذا التصريح يعد إنجازاً حقيقاً، بل هو الإنجاز الأبرز؛ لأنه سيحول في المستقبل دون طرح قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى تخوم إسرائيل على أجندة المفاوضات).

ويقول كذلك عن تلك المستعمرات التي يسمونها مستوطنات: (عددنا قليل، والغالبية العظمى مستوطنات أقيمت بقرارات اتخذتها حكومات متعاقبة، يقولون: سيزيلون ما هو مخالف للقانون) أي قانون هذا؟ إنه القانون الذي يخبرنا أنه وقع بالأمس -تزامناً مع هذه اللقاءات- تهديم الجيش اليهودي الغاصب لثلاثة منازل فوق رءوس أصحابها، فيها واحد وثلاثون شخصاً من النساء والأطفال، لثلاثة من الأبطال تأسرهم وتعتقلهم القوة الغاصبة في فلسطين، في ذات الوقت تهدم البيوت، وتجرف الأراضي، وتخترق السياجات، وتنتهك حرمة وكرامة وأمن إخواننا، ثم لا نرى لذلك أثراً.

ويأتينا أيضاً صدى آخر يقول: (جاءت هذه التصريحات على قدر التوقعات بل فاقتها، عندما أشارت إلى إسرائيل كدولة يهودية).

ونحن لا ندقق في الكلمات مع أنها منتقاة مختارة موزونة مضبوطة لتؤدي معانيها في دولة دينية، ولا يسمح ولا يرغب أن يكون في بلد من بلاد الإسلام دولة إسلامية.

ليس هناك دولة دينية إسلامية ثم يقال: إن دولة دينية! هذا أمر.

الأمر الثاني: أن الذين يعيشون من غير اليهود في هذه الدولة ليس لهم موقع من الإعراب ولا مكان من الأرض، ولا حق في النظام.

الأمر الثالث: أن الذين شردوا وهجروا من أرضهم وديارهم من باب أولى ليس لهم مكان ولا موقع، ثم ماذا بعد ذلك؟ ما هو المطلوب في فهم أولئك الساسة بعد مثل هذه التصريحات؟!

المطلوب الآن تنفيذ الفلسطينين للخطة الأمنية، والقيام بإجراءات صارمة ضد التنظيمات الإرهابية وفقاً للخطة الموضوعة.

ثم يصرح تصريحاً كنت أريد أن أجعله عنواناً لهذا الحديث على زعمهم، لكنه كاذب خاطئ ليس له واقع بإذن الله عز وجل، يقول: (إن هذا اللقاء ومراسمه -في نظره هو- مراسم دفن الانتفاضة) اهـ.

ونقول: سيخيبون ويخسرون؛ لأننا سمعنا من الأصداء ما يدل على ذلك، فالمعتقلون من الفلسطينيين في سجون اليهود المجرمين الذين يقال: (إننا نصنع ذلك لأجل حريتهم وإنقاذهم وإنهاء معاناة أسرهم)؛ أخرجوا بياناً استنكروا فيه ذلك الذل، ورفضوا فيه ذلك الخذلان، وأكدوا فيه أنهم ليسوا معنيين به، وليس موضع قبول عندهم مهما كان يتصل ببعض من حقوقهم كما يزعم الأفاكون؛ فكانت صفعة قوية، ورداً عملياً.

وأما الأبطال فقد قالوا كلمتهم: (ماضون في الدفاع عن حقوقنا، ثابتون على الدفاع عن كرامتنا، ولو تخلى عنا الناس أجمعون)، وهذه قضية مهمة.

أقف وقفات يسيرة مع بعض الأصداء التي نتجت عن مثل هذه الكلمات؛ لنرى كيف ينظر القوم إلى ذلك.

هذا مسئول من اليهود عليهم لعائن الله يقول مبتهجاً بما وقع: (إن هذا التصريح يعد إنجازاً حقيقاً، بل هو الإنجاز الأبرز؛ لأنه سيحول في المستقبل دون طرح قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى تخوم إسرائيل على أجندة المفاوضات).

ويقول كذلك عن تلك المستعمرات التي يسمونها مستوطنات: (عددنا قليل، والغالبية العظمى مستوطنات أقيمت بقرارات اتخذتها حكومات متعاقبة، يقولون: سيزيلون ما هو مخالف للقانون) أي قانون هذا؟ إنه القانون الذي يخبرنا أنه وقع بالأمس -تزامناً مع هذه اللقاءات- تهديم الجيش اليهودي الغاصب لثلاثة منازل فوق رءوس أصحابها، فيها واحد وثلاثون شخصاً من النساء والأطفال، لثلاثة من الأبطال تأسرهم وتعتقلهم القوة الغاصبة في فلسطين، في ذات الوقت تهدم البيوت، وتجرف الأراضي، وتخترق السياجات، وتنتهك حرمة وكرامة وأمن إخواننا، ثم لا نرى لذلك أثراً.

ويأتينا أيضاً صدى آخر يقول: (جاءت هذه التصريحات على قدر التوقعات بل فاقتها، عندما أشارت إلى إسرائيل كدولة يهودية).

ونحن لا ندقق في الكلمات مع أنها منتقاة مختارة موزونة مضبوطة لتؤدي معانيها في دولة دينية، ولا يسمح ولا يرغب أن يكون في بلد من بلاد الإسلام دولة إسلامية.

ليس هناك دولة دينية إسلامية ثم يقال: إن دولة دينية! هذا أمر.

الأمر الثاني: أن الذين يعيشون من غير اليهود في هذه الدولة ليس لهم موقع من الإعراب ولا مكان من الأرض، ولا حق في النظام.

الأمر الثالث: أن الذين شردوا وهجروا من أرضهم وديارهم من باب أولى ليس لهم مكان ولا موقع، ثم ماذا بعد ذلك؟ ما هو المطلوب في فهم أولئك الساسة بعد مثل هذه التصريحات؟!

المطلوب الآن تنفيذ الفلسطينين للخطة الأمنية، والقيام بإجراءات صارمة ضد التنظيمات الإرهابية وفقاً للخطة الموضوعة.

ثم يصرح تصريحاً كنت أريد أن أجعله عنواناً لهذا الحديث على زعمهم، لكنه كاذب خاطئ ليس له واقع بإذن الله عز وجل، يقول: (إن هذا اللقاء ومراسمه -في نظره هو- مراسم دفن الانتفاضة) اهـ.

ونقول: سيخيبون ويخسرون؛ لأننا سمعنا من الأصداء ما يدل على ذلك، فالمعتقلون من الفلسطينيين في سجون اليهود المجرمين الذين يقال: (إننا نصنع ذلك لأجل حريتهم وإنقاذهم وإنهاء معاناة أسرهم)؛ أخرجوا بياناً استنكروا فيه ذلك الذل، ورفضوا فيه ذلك الخذلان، وأكدوا فيه أنهم ليسوا معنيين به، وليس موضع قبول عندهم مهما كان يتصل ببعض من حقوقهم كما يزعم الأفاكون؛ فكانت صفعة قوية، ورداً عملياً.

وأما الأبطال فقد قالوا كلمتهم: (ماضون في الدفاع عن حقوقنا، ثابتون على الدفاع عن كرامتنا، ولو تخلى عنا الناس أجمعون)، وهذه قضية مهمة.

وأقول هاهنا: المخاطر كثيرة، وأولها وأشدها خطراً: أن يكون قتل المسلمين بأيدي المسلمين، ومنع الدفاع عن الحق والعرض والأرض فضلاً عن العقيدة والدين بأيدي منتسبين إلى الإسلام والعروبة.

ثانياً: أن كل من ينبض قلبه بالتعاطف والتأييد، فضلاً عمن ينطق لسانه بالمباركة والتمجيد، فضلاً عمن يخرج ماله للدعم والإسناد والتثبيت، كل أولئك إرهابيون متطرفون مخالفون للقوانين الدولية، ومعارضون للسلام والسماحة.

وهذه التهمة ليست متعلقة ببعض إخواننا في فلسطين، بل هي تهمة لك أنت، ولي أنا، ولكل واحد منا إلا إذا انسلخنا من ديننا، ونسخنا معاني العزة والكرامة من نفوسنا.

وكنت قبل يومين في مناسبة اجتماعية، ودار الحديث عن هذا الخطر الداهم والمؤامرة العظيمة، فقال رجل كبير السن من الحضور ليس في لحيته شعرة سوداء واحدة: (إن المطلوب منك أنت، ومن كل واحد منا: أن يأتي إلى المصحف الذي يقرؤه فيقال له: إنك تقرأ كتاباً إرهابياً ممنوعاً).

أي: لا بد أن تتركه، أو أن تغير ما فيه!

وقلت معلقاً: قد قيل هذا بحرفه ونصه من قبل زعامات دينية صليبية حاقدة، وهو مكتوب مسطور، ومضاف إليه افتراء على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.

إن القضية في أساس الدين، وليست في فئة ولا في مجموعة تتبنى دفاعاً عن حقها، وليس في متدينينا الذين عندهم علم بالدين، أو في دعاة ينشدون الإصلاح والخير لأمتهم؛ بل هي لكل مسلم في عقر داره، بل لكل أحد أصبحت له من تمسكه ومن صلاته وأدائه لفرائض ربه سمة الإسلام والمسلمين.

نسأل الله عز وجل السلامة من ذلك، وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم، وأن يجعل الدائرة عليهم، وأن يثبتنا على الحق ويعصمنا به، وأن يجعلنا من المعينين والمساندين لإعزاز الدين ورفع رايته في كل آن وفي كل حال.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.