عبودية مستمرة


الحلقة مفرغة

الاهتمام بإخراج صدقة الفطر

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

لقد بقي من هذا الشهر أيام ثم ينقضي، فعلى المسلم أن يبادر في استغلال البقية الباقية من هذا الشهر، خاصةً إذا كان قد قصر أو فرط؛ لعل الله تبارك وتعالى أن يتوب عليه، وأن يجعله من عتقاء هذا الشهر، وأن يجزل له الأجر والمثوبة والخير، خاصة وأن البقية الباقية من هذا الشهر فيها ليلة عظيمة، وأرجح الأقوال في ليلة القدر أنها في ليلة السابع والعشرين، فيرجى أن تكون هذه الليلة ليلة السابع والعشرين هي ليلة القدر، ففيها أجر عظيم، وثواب جزيل لمن قامها، وأكثر فيها من ذكر الله تبارك وتعالى وقراءة القرآن.

ومما ينبغي أن يلتفت إليه الصائم أن من مكملات صيامه أن يخرج في نهاية هذا الشهر أو قبل نهايته بقليل صدقة الفطر، وهي حق واجب على المسلم عن نفسه، وزوجه، وأولاده الصغير والكبير، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإخراجها، وأخبر أنها طعمة للمساكين، وطهرة للصائم من الرفث.

وهذه الصدقة تطهر الصائم، لأنه مهما كانت استقامته في رمضان فلا بد أن تصدر منه الهفوات والزلات والأخطاء، فمما يكفر عنه ذلك هذه الصدقة الطيبة التي يطهر بها المسلم نفسه، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه أن يخرجوها صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من بر، وفي مثل أيامنا هذه يجزئ أيضاً الصاع من الأرز.

وقد كان الصاع في القديم يساوي أربعة أمداد، والمد: هو ملء اليدين المتوسطتين قمحاً أو غيره، فإذا وزنت ذلك الآن فإنه يقارب كيلوين أو يزيد قليلاً، وينبغي إخراجها قبل صلاة العيد، ويأثم من يؤخرها عن صلاة العيد.

ووقتها الحقيقي هو يوم العيد قبل الصلاة، ولكن الله خفف على عباده فأذن الرسول صلى الله عليه وسلم بإخراجها قبل أن ينتهي هذا الشهر بأيام، فهي حق واجب على المسلم أن يخرجها، وأن يهتم بذلك ولا يقصر فيه.

الاهتمام بالصيام بعد شهر رمضان

ينقضي شهر الصيام ولكن الصيام لا ينقضي، فقد شرع الله تبارك وتعالى صيام أيامٍ فيها أجر عظيم، وفضل كبير، ومن ذلك صيام ستة أيام بعد رمضان في شهر شوال، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر).

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم سر ذلك، وهو أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فإذا صام العبد ثلاثين يوماً أو تسعاً وعشرين يوماً -وهي عدة شهر رمضان- فكل يوم بعشر حسنات، فيصير مجموع ذلك ثلاثمائة، فكأنه صام ثلاثمائة يوم، أو صام مائتين وتسعين يوماً، فإذا أتبع ذلك بصيام ست من شوال -وهي ستون حسنة- فكأنما صام السنة كلها؛ لأن العام إما أن يكون ثلاثمائة وبضعاً وخمسين يوماً وقد يزيد أو ينقص قليلاً، فإن صام شهر رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كله، أي: العام كله.

ومن الأيام الفاضلة التي صيامها يكفر الذنوب، ويمحو الخطايا، ويرفع الدرجات: صيام يوم عرفة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر به السنة الماضية والسنة الآتية).

وكذلك صيام عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر المحرم، وهو يكفر ذنوب وخطايا سنة ماضية، إلا أنه يستحب أن يصام يوم بعده أو يوم قبله.

وهناك صيام الإثنين والخميس، وثلاثة أيام من أول كل شهر أو من أوسط كل شهر، فإذا أحب الإنسان أن يزداد من الحسنات صام يوماً وأفطر يوماً، أو صام يوماً وأفطر يومين، كل ذلك شيء طيب، وليس الصيام هو الشيء الوحيد الذي يقربك إلى الله تبارك وتعالى، فميادين الخير كثيرة، وأبوابها مشرعة، والطرق إلى الله تبارك وتعالى الموصلة إليه كثيرة منها: الصيام والصلاة والزكاة والحج، ومنها الدعاء وقراءة القرآن، فأبواب الخير كثيرة وليست باباً واحداً.

الاعتناء بالصلاة في أوقاتها في الجماعات

الصلاة من أعظم ما يقرب إلى الله تبارك وتعالى، وخاصة الصلاة في وقتها، والصلاة في جماعة بالنسبة للرجال أجرها عظيم، وثوابها جزيل، فهي تحط الخطايا والذنوب، وتغسل الإنسان من أدرانه، وتقربه إلى الله تبارك وتعالى.

وهذا شيء طيب أن يعتاد المسلمون أن يؤموا بيوت الله في رمضان، فترى المساجد عامرة في الليل وفي النهار، فتراهم يصلون النوافل، ويقومون الليل، ويقرءون القرآن.

ولكن اعلموا أن هذا كان ديدن المسلمين الأوائل طيلة العام وذلك عندما كان المسلمون ملتزمين بطاعة الله تبارك وتعالى، يقول بعض الصحابة: (كنا -أي في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم- ولا يتخلف عنها -أي عن صلاة الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق، فقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين رجلين -أي: أنه مريض، فكان يمسك به رجل عن يمينه ورجل عن يساره وهو يتهادى بينهما؛ لتعبه ومرضه- حتى يقام في الصف).

وجاء رجل أعمى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لا يبصر الطريق -وهو ابن أم مكتوم - فشكا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن بيته بعيد، وأنه ليس له قائد يقوده إلى المسجد، وأن بينه وبين المسجد حفراً، وقال: (يا رسول الله! أنا رجل أعمى، ومن صفتي كذا وكذا، أتجد لي عذراً فيَّ ألا أشهد صلاة الجماعة؟ قال: نعم، فلما ولى دعاه وقال : أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب، فإني لا أجد لك رخصة).

فكان شأن المسلمين أن يعتنوا بهذه الصلوات، وأن يحافظوا عليها في أوقاتها وفي الأماكن التي ينادى بها فيها، وهي المساجد.

إحياء سنة الاعتكاف

ومن العبادات التي نسيها المسلمون وبدأ بعض الناس يحييها -خاصة في رمضان- سنة الاعتكاف في المساجد الجامعة التي تقام فيها الجمع والجماعات، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف خاصة في العشر الأواخر من رمضان، واعتكف الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً في غير رمضان.

والاعتكاف أن يلازم الإنسان المسجد يوماً على الأقل، والاعتكاف أقل من يوم لا يقبل، ولا حد لأكثره، فيدخل المسجد ولا يخرج منه مدة معينة، سواء كانت يوماً أو يومين، أو ثلاثة أيام، أو أربعة أيام، أو أسبوعاً أو عشرة أيام، فإذا نوى الاعتكاف فإن كل ثانية يقضيها ملازماً للمسجد -سواء كان مصلياً أو قارئاً أو نائماً أو ساكتاً- يكون مأجوراً عليها.

وملازمة المسجد في ذاتها عبادة، فإذا قرأ القرآن فله أجر أكثر، وإذا صلى فله أجر أكثر، فملازمة المسجد عبادة وقربة إلى الله تبارك وتعالى، وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى الاعتكاف في آخر آيات الصيام فقال: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187].

إذا اعتكف الإنسان في مسجد فإنه لا يجوز له أن يخرج منه، ولا يجوز له أن يعاشر النساء، ولا يخرج منه إلا لضرورة، كأن يقضي حاجته، أو يذهب لإحضار طعامٍ لا يجد أحداً يحضره له، فالاعتكاف من شرائع الإسلام، وهو من القربات التي تقرب إلى الله تبارك وتعالى.

استمرار العبودية لله تعالى

ومن القربات أيضاً عبادة الحج، وقراءة القرآن، وتدبر المسلم فيما يقرأ.

ومن ذلك ذكر الله تبارك وتعالى، فبعض العبادات تكون في فترة من الزمان كالصيام وكالحج، وبعضها مستمر كالصلاة، فهي في كل يوم وليلة خمس صلوات فرائض، ثم تأتي بعد ذلك النوافل، فالعبودية لله تبارك وتعالى مستمرة، فمنذ أن يعقل الإنسان، وإلى أن تخرج روحه من بين جنبيه وهو يستمر في عبادة الله تبارك وتعالى، وسيجد أثر ذلك عندما يقدم على الله تبارك وتعالى.

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

لقد بقي من هذا الشهر أيام ثم ينقضي، فعلى المسلم أن يبادر في استغلال البقية الباقية من هذا الشهر، خاصةً إذا كان قد قصر أو فرط؛ لعل الله تبارك وتعالى أن يتوب عليه، وأن يجعله من عتقاء هذا الشهر، وأن يجزل له الأجر والمثوبة والخير، خاصة وأن البقية الباقية من هذا الشهر فيها ليلة عظيمة، وأرجح الأقوال في ليلة القدر أنها في ليلة السابع والعشرين، فيرجى أن تكون هذه الليلة ليلة السابع والعشرين هي ليلة القدر، ففيها أجر عظيم، وثواب جزيل لمن قامها، وأكثر فيها من ذكر الله تبارك وتعالى وقراءة القرآن.

ومما ينبغي أن يلتفت إليه الصائم أن من مكملات صيامه أن يخرج في نهاية هذا الشهر أو قبل نهايته بقليل صدقة الفطر، وهي حق واجب على المسلم عن نفسه، وزوجه، وأولاده الصغير والكبير، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإخراجها، وأخبر أنها طعمة للمساكين، وطهرة للصائم من الرفث.

وهذه الصدقة تطهر الصائم، لأنه مهما كانت استقامته في رمضان فلا بد أن تصدر منه الهفوات والزلات والأخطاء، فمما يكفر عنه ذلك هذه الصدقة الطيبة التي يطهر بها المسلم نفسه، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه أن يخرجوها صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من بر، وفي مثل أيامنا هذه يجزئ أيضاً الصاع من الأرز.

وقد كان الصاع في القديم يساوي أربعة أمداد، والمد: هو ملء اليدين المتوسطتين قمحاً أو غيره، فإذا وزنت ذلك الآن فإنه يقارب كيلوين أو يزيد قليلاً، وينبغي إخراجها قبل صلاة العيد، ويأثم من يؤخرها عن صلاة العيد.

ووقتها الحقيقي هو يوم العيد قبل الصلاة، ولكن الله خفف على عباده فأذن الرسول صلى الله عليه وسلم بإخراجها قبل أن ينتهي هذا الشهر بأيام، فهي حق واجب على المسلم أن يخرجها، وأن يهتم بذلك ولا يقصر فيه.

ينقضي شهر الصيام ولكن الصيام لا ينقضي، فقد شرع الله تبارك وتعالى صيام أيامٍ فيها أجر عظيم، وفضل كبير، ومن ذلك صيام ستة أيام بعد رمضان في شهر شوال، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر).

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم سر ذلك، وهو أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فإذا صام العبد ثلاثين يوماً أو تسعاً وعشرين يوماً -وهي عدة شهر رمضان- فكل يوم بعشر حسنات، فيصير مجموع ذلك ثلاثمائة، فكأنه صام ثلاثمائة يوم، أو صام مائتين وتسعين يوماً، فإذا أتبع ذلك بصيام ست من شوال -وهي ستون حسنة- فكأنما صام السنة كلها؛ لأن العام إما أن يكون ثلاثمائة وبضعاً وخمسين يوماً وقد يزيد أو ينقص قليلاً، فإن صام شهر رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كله، أي: العام كله.

ومن الأيام الفاضلة التي صيامها يكفر الذنوب، ويمحو الخطايا، ويرفع الدرجات: صيام يوم عرفة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر به السنة الماضية والسنة الآتية).

وكذلك صيام عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر المحرم، وهو يكفر ذنوب وخطايا سنة ماضية، إلا أنه يستحب أن يصام يوم بعده أو يوم قبله.

وهناك صيام الإثنين والخميس، وثلاثة أيام من أول كل شهر أو من أوسط كل شهر، فإذا أحب الإنسان أن يزداد من الحسنات صام يوماً وأفطر يوماً، أو صام يوماً وأفطر يومين، كل ذلك شيء طيب، وليس الصيام هو الشيء الوحيد الذي يقربك إلى الله تبارك وتعالى، فميادين الخير كثيرة، وأبوابها مشرعة، والطرق إلى الله تبارك وتعالى الموصلة إليه كثيرة منها: الصيام والصلاة والزكاة والحج، ومنها الدعاء وقراءة القرآن، فأبواب الخير كثيرة وليست باباً واحداً.




استمع المزيد من الدكتور عمر الأشقر - عنوان الحلقة اسٌتمع
النجاة من الفتن 2405 استماع
كيف تستعيد الأمة مكانتها 2295 استماع
فتاوى عن الجماعات الإسلامية والجهاد 2260 استماع
اليوم الآخر 2184 استماع
أضواء العمل الإسلامي 2182 استماع
الانحراف عن المسيرة الإسلامية 2156 استماع
إخلاص النية 2152 استماع
مع آيات في كتاب الله 2137 استماع
أسباب الجريمة وعلاجها 2121 استماع
قيمة الاهتمام في زيادة الإيمان 2100 استماع