كتاب الصلاة [15]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [باب جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها

حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس ليستسقي فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما، وحول رداءه، ورفع يديه فدعا واستسقى واستقبل القبلة ).

حدثنا ابن السرح وسليمان بن داود قالا: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عباد بن تميم المازني أنه سمع عمه - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي فحول إلى الناس ظهره يدعو الله عز وجل - قال سليمان بن داود: واستقبل القبلة وحول رداءه، ثم صلى ركعتين - قال ابن أبي ذئب -: وقرأ فيهما، زاد ابن السرح: يريد الجهر ).

حدثنا محمد بن عوف قال: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث -يعني: الحمصي- عن عبد الله بن سالم عن الزبيدي عن محمد بن مسلم بهذا الحديث بإسناده لم يذكر الصلاة ( وحول رداءه فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن ثم دعا الله عز وجل ).

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبد العزيز عن عمارة بن غزية عن عباد بن تميم أن عبد الله بن زيد قال: ( استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة له سوداء، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها، فلما ثقلت قلبها على عاتقه ).

حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا سليمان - يعني: ابن بلال - عن يحيى عن أبي بكر بن محمد عن عباد بن تميم أن عبد الله بن زيد أخبره: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي، وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة ثم حول رداءه ).

حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا سليمان - يعني: ابن بلال - عن يحيى عن أبي بكر بن محمد عن عباد بن تميم أن عبد الله بن زيد أخبره: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي، وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة ثم حول رداءه )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في أي وقت يحول رداءه إذا استسقى

حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أنه سمع عباد بن تميم يقول: سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى، وحول رداءه حين استقبل القبلة ).

حدثنا النفيلي وعثمان بن أبي شيبة نحوه قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: حدثنا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال: أخبرني أبي قال: ( أرسلني الوليد بن عتبة -قال عثمان: ابن عقبة: وكان أمير المدينة - إلى ابن عباس أسأله عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، فقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متبذلاً متواضعاً متضرعاً حتى أتى المصلى - زاد عثمان فرقى على المنبر ثم اتفقا - فلم يخطب خطبكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد ).

قال أبو داود: والإخبار للنفيلي والصواب ابن عتبة ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين في الاستسقاء

حدثنا محمد بن سلمة المرادي قال: أخبرنا ابن وهب عن حيوة وعمر بن مالك عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عمير مولى آبي اللحم ( أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء قائماً يدعو، يستسقي رافعاً يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه ).

حدثنا ابن أبي خلف قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا مسعر عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله قال: ( أتت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي فقال: اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل، قال: فأطبقت عليهم السماء ).

حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه ).

حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا ثابت عن أنس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقي هكذا يعني: ومد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه ).

حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن محمد بن إبراهيم قال: ( أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند أحجار الزيت باسطاً كفيه ).

حدثنا هارون بن سعيد الأيلي قال: حدثنا خالد بن نزار قال: حدثني القاسم بن مبرور عن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( شكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدأ حاجب الشمس، فقعد على المنبر فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3]، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4]، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول على الناس ظهره وقلب، أو حول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فقال: أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأنى عبد الله ورسوله ).

قال أبو داود: هذا حديث غريب، إسناده جيد أهل المدينة يقرءون مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4]، وإن هذا الحديث حجة لهم ].

بسم الله الرحمن الرحيم.

والسنة في الاستسقاء أن يصاحب ذلك رفع اليدين عند دعائه سواءً كان ذلك في خطبة الجمعة أو في غيرها، إذا صاحب الاستسقاء ينبغي أن يرفع يديه؛ وذلك لشدة التضرع فإن الإنسان إذا كان في حاجة لا بد أن يكون ملحاً، فإذا اشتدت الحاجة فلا بد أن يشتد الإلحاح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه والتزم ذلك في صلاة الاستسقاء، وجاء أيضاً في حديث أبي هريرة عليه رضوان الله عند مسلم ( أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، ويقول: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له! ) فذكر النبي عليه الصلاة والسلام هذه الشدائد، وذكر فيها رفع اليدين، فينبغي عند شدة الحاجة والكرب أن يرفع يديه؛ لأن فيها شدة اللجأ والتضرع.

ورفع اليدين الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك أن يجعلها تلقاء وجهه، أو يرفعها فوق رأسه ويجعل كفيه تلقاء وجهه، والصفة الثالثة أن يجعل باطن كفيه إلى الأرض وظاهرها إلى السماء تفاؤلاً بتغير الحال.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك ويونس بن عبيد عن ثابت عن أنس قال: ( أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما هو يخطبنا يوم جمعة إذ قام رجل فقال: يا رسول الله! هلك الكراع وهلك الشاء فادع الله أن يسقينا، فمد يديه ودعا، قال أنس: وإن السماء لمثل الزجاجة، فهاجت ريح ثم أنشأت سحابة ثم اجتمعت، ثم أرسلت السماء عزاليها فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا، فلم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى، فقام إليه ذلك الرجل أو غيره فقال: يا رسول الله! تهدمت البيوت فادع الله أن يحبسه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: حوالينا ولا علينا، فنظرت إلى السحاب يتصدع حول المدينة كأنه إكليل ).

حدثنا عيسى بن حماد قال: أخبرنا الليث عن سعيد المقبري عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس أنه سمعه يقول: فذكر نحو حديث عبد العزيز، قال: ( فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه بحذاء وجهه فقال: اللهم اسقنا )، وساق نحوه.

حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح وحدثنا سهل بن صالح قال: حدثنا علي بن قادم قال: حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال: اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحيي بلدك الميت )، هذا لفظ حديث مالك.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال أربع ركعات

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى عن عبد الملك قال: حدثني عطاء عن جابر بن عبد الله قال: ( كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك اليوم الذي مات فيه إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس: إنما كسفت لموت إبراهيم ابنه صلى الله عليه وسلم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات في أربع سجدات، كبر ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحواً مما قام، ثم رفع رأسه فقرأ دون القراءة الأولى، ثم ركع نحواً مما قام، ثم رفع رأسه فقرأ القراءة الثالثة دون القراءة الثانية، ثم ركع نحواً مما قام، ثم رفع رأسه فانحدر للسجود فسجد سجدتين، ثم قام فركع ثلاث ركعات قبل أن يسجد، ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها، إلا أن ركوعه نحو من قيامه قال: ثم تأخر في صلاته فتأخرت الصفوف معه، ثم تقدم فقام في مقامه وتقدمت الصفوف، فقضى الصلاة وقد طلعت الشمس فقال: يا أيها الناس! إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل لا ينكسفان لموت بشر، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا حتى تنجلي )، وساق بقية الحديث.

حدثنا مؤمل بن هشام قال: حدثنا إسماعيل عن هشام قال: حدثنا أبو الزبير عن جابر قال: ( كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين، ثم قام فصنع نحواً من ذلك فكان أربع ركعات وأربع سجدات )، وساق الحديث.

حدثنا ابن السرح قال: حدثنا ابن وهب، وحدثنا محمد بن سلمة المرادي قال: حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام فكبر، وصف الناس وراءه فاقترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة، ثم كبر فركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم قام فاقترأ قراءة طويلةً هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر فركع ركوعاً طويلاً هو أدنى من الركوع الأول ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ).

حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: كان كثير بن عباس يحدث أن عبد الله بن عباس كان يحدث ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس -مثل حديث عروة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- أنه صلى ركعتين في كل ركعة ركعتين ).

حدثنا أحمد بن الفرات بن خالد أبو مسعود الرازي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن أبي جعفر الرازي .

قال أبو داود: وحدثت عن عمر بن شقيق قال: حدثنا أبو جعفر الرازي -وهذا لفظه وهو أتم- عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال: ( انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فقرأ بسورة من الطول، وركع خمس ركعات، وسجد سجدتين، ثم قام الثانية فقرأ سورة من الطول، وركع خمس ركعات وسجد سجدتين ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه صلى في كسوف الشمس فقرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم سجد، والأخرى مثلها ).

حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا الأسود بن قيس قال: حدثني ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة أنه شهد خطبة يوماً لـسمرة بن جندب قال: قال سمرة: ( بينما أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا حتى إذا كانت الشمس قيد رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأفق اسودت حتى آضت كأنها تنومة، فقال أحدنا: لصاحبه انطلق بنا إلى المسجد فوالله ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حدثاً، قال: فدفعنا فإذا هو بارز فاستقدم فصلى فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتاً قال: ثم ركع بنا كأطول ما ركع بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتاً، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتاً، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك قال: فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية قال: ثم سلم ثم قام فحمد الله وأثنى عليه وشهد أن لا إله إلا الله وشهد أنه عبده ورسوله ) ثم ساق أحمد بن يونس خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن قبيصة الهلالي قال: ( كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فزعاً يجر ثوبه وأنا معه يومئذ بالمدينة، فصلى ركعتين فأطال فيهما القيام، ثم انصرف وانجلت فقال: إنما هذه الآيات يخوف الله بها، فإذا رأيتموها فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة ).

حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا ريحان بن سعيد قال: حدثنا عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال بن عامر أن قبيصة الهلالي حدثه أن الشمس كسفت بمعنى حديث موسى قال: حتى بدت النجوم].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب القراءة في صلاة الكسوف

حدثنا عبيد الله بن سعد قال: حدثنا عمي قال: حدثنا أبى عن محمد بن إسحاق فقال: حدثني هشام بن عروة وعبد الله بن أبي سلمة وسليمان بن يسار كلهم قد حدثني عن عروة عن عائشة قالت: ( كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فقام فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ بسورة البقرة - وساق الحديث - ثم سجد سجدتين ثم قام فأطال القراءة فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ بسورة آل عمران ).

حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال: أخبرني أبى قال: حدثنا الأوزاعي قال: أخبرني الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ قراءة طويلة فجهر بها يعني: في صلاة الكسوف ).

حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة - كذا عند القاضي، والصواب عن ابن عباس - قال: ( خسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام قياماً طويلاً بنحو من سورة البقرة ثم ركع )وساق الحديث].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ينادى فيها بالصلاة

حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا عبد الرحمن بن نمر أنه سأل الزهري فقال الزهري: أخبرني عروة عن عائشة قالت: ( كسفت الشمس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فنادى أن الصلاة جامعة )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصدقة فيها

حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله عز وجل وكبروا وتصدقوا ) ].

الكسوف والخسوف من الله سبحانه وتعالى تخويف للعباد وليس عقوبة، ولكن الله عز وجل يخوف العباد وذلك بتغيير شيء من مسار الكون عن المعتاد، فيبين الله سبحانه وتعالى قدرته في الكون وتصريف الأبراج والكواكب، وأن الله سبحانه وتعالى الذي يغيرها في مثل هذه اللحظات قادر على تغييرها بكاملها.

وفي ذلك تذكير للعباد بقيام الساعة في حال اضطراب الكواكب وسقطوها وخروجها عن مسارها فالله سبحانه وتعالى يريد أن يذكر عباده بشيء من هذا، ولهذا الله سبحانه وتعالى يخوف عباده بأمثال هذه الآيات، والواجب في مثل هذا ألا ينظر إليها بالتسلي، وأنها ظاهرة كونية تستحق الإعجاب أو الدراسة أو غير ذلك، بل ينظر إليها بالوجل والخوف والتضرع والعبادة والصدقة وغير ذلك من أعمال البر.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب العتق فيه

حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا معاوية بن عمرو قال: حدثنا زائدة عن هشام عن فاطمة عن أسماء قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالعتاقة في صلاة الكسوف ) ].

معرفة الناس لأوقات وأزمنة الكسوف والخسوف هذه معروفة عند أهل الحساب والفلك حتى في الجاهلية، ولكن العرب كانت أمة أمية لا تدرك أمثال هذه الأمور، ومعرفة هذه الأشياء لا تخرجها عن كونها آية من آيات الله عز وجل وأن الله عز وجل يخوف بها العباد، فالعقلانيون يقولون: إذا عرفنا هذه الأسباب فليست بآية! وإذا لم يعرفوا الأسباب فإنهم يقولون: إن هذا لا يؤمن به وأن هذا شيء من الخرافة أو شيء من السحر يستعمل باعتبار أنه خروج عن علم المادة، فلم يؤمنوا في حال وجود الأسباب وظهورها ولم يصدقوا في حال غياب الأسباب، ولهذا ينكرون كثيراً من النصوص التي جاءت في الكتاب والسنة في الإخبار بأمور الغيب وكرامة الأولياء ومعجزات النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنها لا توافق علم الأسباب الذي يدركونه هم، فيجعلون إدراكهم حكماً على الشريعة وأخبار الوحي من كلام الله عز وجل أو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا لا يجرون على قاعدة واحدة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال يركع ركعتين

حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني قال: حدثني الحارث بن عمير البصري عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير قال: ( كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلي ركعتين ركعتين، ويسأل عنها حتى انجلت ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: ( انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكد يركع ثم ركع، فلم يكد يرفع ثم رفع، فلم يكد يسجد ثم سجد، فلم يكد يرفع ثم رفع، فلم يكد يسجد ثم سجد، فلم يكد يرفع ثم رفع، وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده فقال: أف أف، ثم قال: رب ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني ألا تعذبهم وهم يستغفرون، ففرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته وقد أمحصت الشمس ) وساق الحديث].

وبهذا استدل بعضهم على أن النفخ في الصلاة لا يبطلها؛ لأنه ليس بكلام.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا الجريري عن حيان بن عمير عن عبد الرحمن بن سمرة قال: ( بينما أنا أترمى بأسهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كسفت الشمس فنبذتهن وقلت: لأنظرن ما أحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس اليوم، فانتهيت إليه وهو رافع يديه يسبح ويحمد ويهلل ويدعو حتى حسر عن الشمس، فقرأ بسورتين وركع ركعتين )].