حبائل الشيطان


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1] .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

قال الله عز وجل: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ [القصص:15].

إن موسى عليه السلام ذكر صفتين كاشفتين للشيطان، قال: (إنه عدو مضل مبين)، الصفة الأساسية -وصف الذات- بالنسبة للشيطان أنه عدو، فماذا ينتظر من العدو؟ أينتظر منه إيصال الخير؟!

ثم ذكر صفتين كاشفتين لهذه العداوة (مضل، مبين) فأما أنه مضلٌ فواضح أما أنه مبين فهذا من أعجب ما يكون، قد أفهمه ويفهم أولو الألباب أن المرء يزل إذا كانت عداوة العدو خفية، أما إذا كانت العداوة بينة ظاهرة غاية الظهور ومع ذلك يزل المرء! فهذا شيء عجيب.

إن الله عز وجل قال لآدم عليه السلام ولحواء: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ [الأعراف:22] وأظن أن العداوة مادامت بينة فمن السهل أن تكشف، فالشيطان له طريقة الخداع والمكر حتى يخفي هذه العداوة البينة الظاهرة، فهو يجر المرء ويستزله خطوة خطوة، وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من اتباع خطوات الشيطان في أربعة مواضع من كتابه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [البقرة:168] بعد النهي عن اتباع خطوات الشيطان يذكر العداوة البينة حتى لا يلتبس عليك.

الموضع الثاني: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [البقرة:208] السلم هو الإسلام.

الموضع الثالث: قال تعالى: وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [الأنعام:142] في ثلاثة مواضع بعد ذكر الخطوة يذكر العداوة البينة؛ حتى لا يلتبس عليك خطوه وجره.

والموضع الرابع: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النور:21] إذاً طريقة الشيطان الجر، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله من الشيطان وشَرَكه، من أن ينصب له شَرَكاً -فخاً- وكل شر وضع في الأرض فالشيطان خلف هذا الشر، فعداوته بينة.

إذا حصرنا أجناس الشر التي يدعو إليها الشيطان فهي لا تخرج عن ستة أجناس، قد يندرج تحت كل صنف مئات الجزئيات، لكن كل هذه الجزئيات توصل في آخر الأمر إلى ستة أجناس.

الدعوة إلى الشرك بالله

الجنس الأول: الدعوة إلى الإشراك بالله والكفر به، فإذا ظفر الشيطان منه بذلك خف أزيزه، وقل مع المرء عمله، وهذا هو ما يصبو إليه الشيطان، وهي الغاية القصوى لما يريد: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف:16].

المعنى: لأقعدن لهم على صراطك المستقيم، لكن حذف حرف الجر (على) أقوى، لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ [الأعراف:16] فإن الذي يعلو على الشيء قد يفارقه، إنما هذا معناه أنه لزم القعود على الصراط لزوماً أكيداً لا يفارقه ولا يغادره؛ حتى صار كأنه والصراط شيئاً واحداً: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف:16].

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه النسائي وأحمد وابن حبان من حديث سمرة بن أبي الفاكه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه) ما من طريق إلا وعليه شيطان بل شياطين، وقال الله تعالى أنه قال: : ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف:17] هي هذه الجهات الأربع التي يتحرك فيها ابن آدم.

قال عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان قعد لابن آدم على أطرقه) أي ما من طريق يتوجه ابن آدم إليه إلا كان الشيطان عليه.

فجاءه من باب الإسلام، وقال له: أتسلم وتذر آلهتك وآلهة آبائك وآباء أبيك؟ فعصاه فأسلم، فوقف له على طريق الهجرة قال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الصِول -الصول هو: الحبل الذي تربط به رجل الفرس ثم في نهاية الحبل وتد، فيكون الفرس في حدود طول الحبل، مثل المهاجر كالفرس في الصول، وأي مهاجر في بلاد الغربة مساحة حركته ضيقة، إما أن يكون فر هارباً فهو حريص على ألا يصل إليه أحد، إذاً دائرة معارفه ضيقة وليست كالذي يسكن في بلاده وبين أهله وماله.

أيضاً: مساحة رزقه أقل من مساحة رزق الإنسان المقيم في بلده وبين إخوانه وأهله، فيقول له: إنك إذا هاجرت قيدت حركتك، فعصاه وهاجر.

ثم قعد له في طريق الجهاد فقال له: تقاتل؛ فتقتل، وتنكح المرأة، ويقسم المال، يعني امرأتك التي تغار عليها ولا تتخيل على الإطلاق أن يتزوجها رجل غيرك، فنخوتك تمنع من الذهاب إلى الجهاد؛ لأن هذا معناه أنك ستقتل والمرأة ستنكح بعدك، فكيف تجاهد؟! فعصاه وجاهد.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من جاهد في سبيل الله فقتل فله الجنة، فغرق فله الجنة، فوقصته دابته فله الجنة).

إذاً: الشيطان يقعد على كل طريق لابن آدم، وأعظم ما يصبو الشيطان إليه ويدعو الناس جميعاً إليه: أن يشركوا بالله، ولذلك قدم الله عز وجل بالتنبيه على هذه العظيمة التي لا تبقي حسنة للعبد: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:81].

هذه السيئة التي تحيط بالعبد وبحسنات العبد هي الشرك، فذكر ربنا تبارك وتعالى هذه الفاقرة العظيمة بين يدي كيد الشيطان وطرقه وأساليبه فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا * إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا [النساء:116-120] تلخيص عداوة الشيطان: شباكه التي ينصبها، ومصائده التي يقيمها لأولاد آدم (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ) الذي يعبد الشيطان يأتمر بأمره، فكل من حاد عن حكم الرحمن عز وجل فهو تبع للشيطان، ولذلك أخر الأمر بعد الإضلال والأمنية (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ) وهذا نوع من التنصيص على جملة من أوامره لا على كلها (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ) البتك: القطع، وكانت الناقة إذا ولدت خمسة أبطن، وكان آخر بطن أنثى، كانوا يقطعون أذنها ويتركونها لآلهتهم، وهذه هي البحيرة، قال تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [المائدة:103] ما جعل الله شيئاً من ذلك أبداً.

يقول سعيد بن المسيب فيما رواه البخاري في صحيحه ومسلم : البحيرة كانوا يدعون درها للطواغيت -يعني: اللبن- والسائبة أي: التي يسيبونها لآلهتهم، تلد خمسة أبطن آخرها أنثى فيسيبونها لآلهتهم.

الوصيلة: هي الناقة تلد البطن الأول أنثى والبطن الثاني أنثى، فإذا ولدت أنثيين في المرة الأولى والثانية قالوا: قد وصلت الأنثى بأنثى، وهذا من غيظهم على الله، لماذا يعظمون الأنثى وإذا ولدت أنثى يتركونها؟ لأنهم جعلوا الملائكة الذين هم عباد الله إناثاً، وجعلوا لله البنات، فالأنثى عندهم نوع من الغيظ.

الحام هو: فحل الإبل الذي يعدونه للضراب، وقد بقي في هذه الأمة شيء من هذا الفعل الجاهلي، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك بالنص، ففي الحديث: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل) وهذا كثير في بلاد الريف، رجل عنده أنثى فيذهب إلى رجل عنده فحل يضربها لتحمل؛ فالرجل الذي عنده الفحل يتعاطى أجراً على فعل الفحل، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وحرم أخذ الأجرة على ذلك، ولا يتعللن أحد بأن الرجل يطعم الفحل؛ لأنه لابد أن يطعمه.

فالحام: فحل الإبل الذي أعدوه للضراب، فإن ضرب عشر مرات تركوه وقالوا: هذا حام، ما جعل الله شيئاً من ذلك، لكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب، ويقولون: شرع كذا وكذا وكذا.

فربنا تبارك وتعالى ذكر طرق الشيطان لكن نبه على أعظمها (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) وسنرجع إلى بسط هذا المقام فإنه مقام خطير زلت فيه أقدام.

الجنس الأول: الدعوة إلى الإشراك بالله والكفر به، فإذا ظفر الشيطان منه بذلك خف أزيزه، وقل مع المرء عمله، وهذا هو ما يصبو إليه الشيطان، وهي الغاية القصوى لما يريد: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف:16].

المعنى: لأقعدن لهم على صراطك المستقيم، لكن حذف حرف الجر (على) أقوى، لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ [الأعراف:16] فإن الذي يعلو على الشيء قد يفارقه، إنما هذا معناه أنه لزم القعود على الصراط لزوماً أكيداً لا يفارقه ولا يغادره؛ حتى صار كأنه والصراط شيئاً واحداً: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف:16].

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه النسائي وأحمد وابن حبان من حديث سمرة بن أبي الفاكه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه) ما من طريق إلا وعليه شيطان بل شياطين، وقال الله تعالى أنه قال: : ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف:17] هي هذه الجهات الأربع التي يتحرك فيها ابن آدم.

قال عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان قعد لابن آدم على أطرقه) أي ما من طريق يتوجه ابن آدم إليه إلا كان الشيطان عليه.

فجاءه من باب الإسلام، وقال له: أتسلم وتذر آلهتك وآلهة آبائك وآباء أبيك؟ فعصاه فأسلم، فوقف له على طريق الهجرة قال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الصِول -الصول هو: الحبل الذي تربط به رجل الفرس ثم في نهاية الحبل وتد، فيكون الفرس في حدود طول الحبل، مثل المهاجر كالفرس في الصول، وأي مهاجر في بلاد الغربة مساحة حركته ضيقة، إما أن يكون فر هارباً فهو حريص على ألا يصل إليه أحد، إذاً دائرة معارفه ضيقة وليست كالذي يسكن في بلاده وبين أهله وماله.

أيضاً: مساحة رزقه أقل من مساحة رزق الإنسان المقيم في بلده وبين إخوانه وأهله، فيقول له: إنك إذا هاجرت قيدت حركتك، فعصاه وهاجر.

ثم قعد له في طريق الجهاد فقال له: تقاتل؛ فتقتل، وتنكح المرأة، ويقسم المال، يعني امرأتك التي تغار عليها ولا تتخيل على الإطلاق أن يتزوجها رجل غيرك، فنخوتك تمنع من الذهاب إلى الجهاد؛ لأن هذا معناه أنك ستقتل والمرأة ستنكح بعدك، فكيف تجاهد؟! فعصاه وجاهد.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من جاهد في سبيل الله فقتل فله الجنة، فغرق فله الجنة، فوقصته دابته فله الجنة).

إذاً: الشيطان يقعد على كل طريق لابن آدم، وأعظم ما يصبو الشيطان إليه ويدعو الناس جميعاً إليه: أن يشركوا بالله، ولذلك قدم الله عز وجل بالتنبيه على هذه العظيمة التي لا تبقي حسنة للعبد: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:81].

هذه السيئة التي تحيط بالعبد وبحسنات العبد هي الشرك، فذكر ربنا تبارك وتعالى هذه الفاقرة العظيمة بين يدي كيد الشيطان وطرقه وأساليبه فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا * إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا [النساء:116-120] تلخيص عداوة الشيطان: شباكه التي ينصبها، ومصائده التي يقيمها لأولاد آدم (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ) الذي يعبد الشيطان يأتمر بأمره، فكل من حاد عن حكم الرحمن عز وجل فهو تبع للشيطان، ولذلك أخر الأمر بعد الإضلال والأمنية (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ) وهذا نوع من التنصيص على جملة من أوامره لا على كلها (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ) البتك: القطع، وكانت الناقة إذا ولدت خمسة أبطن، وكان آخر بطن أنثى، كانوا يقطعون أذنها ويتركونها لآلهتهم، وهذه هي البحيرة، قال تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [المائدة:103] ما جعل الله شيئاً من ذلك أبداً.

يقول سعيد بن المسيب فيما رواه البخاري في صحيحه ومسلم : البحيرة كانوا يدعون درها للطواغيت -يعني: اللبن- والسائبة أي: التي يسيبونها لآلهتهم، تلد خمسة أبطن آخرها أنثى فيسيبونها لآلهتهم.

الوصيلة: هي الناقة تلد البطن الأول أنثى والبطن الثاني أنثى، فإذا ولدت أنثيين في المرة الأولى والثانية قالوا: قد وصلت الأنثى بأنثى، وهذا من غيظهم على الله، لماذا يعظمون الأنثى وإذا ولدت أنثى يتركونها؟ لأنهم جعلوا الملائكة الذين هم عباد الله إناثاً، وجعلوا لله البنات، فالأنثى عندهم نوع من الغيظ.

الحام هو: فحل الإبل الذي يعدونه للضراب، وقد بقي في هذه الأمة شيء من هذا الفعل الجاهلي، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك بالنص، ففي الحديث: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل) وهذا كثير في بلاد الريف، رجل عنده أنثى فيذهب إلى رجل عنده فحل يضربها لتحمل؛ فالرجل الذي عنده الفحل يتعاطى أجراً على فعل الفحل، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وحرم أخذ الأجرة على ذلك، ولا يتعللن أحد بأن الرجل يطعم الفحل؛ لأنه لابد أن يطعمه.

فالحام: فحل الإبل الذي أعدوه للضراب، فإن ضرب عشر مرات تركوه وقالوا: هذا حام، ما جعل الله شيئاً من ذلك، لكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب، ويقولون: شرع كذا وكذا وكذا.

فربنا تبارك وتعالى ذكر طرق الشيطان لكن نبه على أعظمها (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) وسنرجع إلى بسط هذا المقام فإنه مقام خطير زلت فيه أقدام.

أول جنس من أجناس الشر يسعى الشيطان إليه: أن يشرك العبد ويكفر بربه، فإذا كتب للعبد وهو في بطن أمه أنه سعيد، وأنه لا يكفر، وأيس منه الشيطان انتقل إلى الجنس الثاني: وهو البدعة، فإن المبتدعة أعداء الرسل، وهم الذين غيروا دين الله عز وجل، وأمروا الناس أن يعبدوا الله بشرع لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأذن به رب العالمين، والبدعة بوابة الكفر، فهذا هو الشَّرَك الثاني.

ومن أقل البدع التي يرتكبها الناس كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : إذا وقف أحدهم بين يدي رب العالمين أتى بعشر بدع، يقف فيقول: نويت أن أصلي الظهر -بصوت مسموع- حاضراً، مستقبلاً القبلة، مأموماً، ثم يصرخ بذلك، وتنتفض عروقه، ويكبر بصوت عالٍ كأنه يكبر على عدو، ولو لبث ما لبث نوح -هذا كلام شيخ الإسلام - يبحث في الكتب عن حرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين أنهم فعلوا ذلك لا يجد إلى ذلك سبيلاً.

وهذا من أقل ما يرتكب، وهو من تحصيل الحاصل الذي لو سمعه عربي -ينطق العربية سليقة- لضحك عليه، لأنه تحصيل حاصل.

شخص جاء من بيته ليصلي الجمعة فيقول: نويت أن أصلي الجمعة، مستقبلاً القبلة أو مستدبراً، يعني يشك في نفسه أنه مستقبلاً القبلة أو لا؟! حاضراً! أيظن نفسه غائباً وعفريته يصلي؟! مأموماً! أيظن نفسه إماماً؟! أليس هذا كله من تحصيل الحاصل؟!

فلو سمع رجل عربي هذا الكلام لضحك، ولظن السفه من المتكلم، فإن الرجل لو قعد على سفرة طعامه فقال: نويت أن آكل رزاً، نويت أن آكل خبزاً، نويت أن آكل مخللاً، فإن هذا شيء يضحك؛ لأنه إنما هو تحصيل حاصل.

عندما يقف وهو بين يدي رب العالمين في أعظم شعيرة عملية فيرتكب مثل هذه البدع، فلا شك أنه يعبد الله بما لم يأذن به، وبما لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أدنى ما يذكر من البدع.

الدعوة إلى الكبائر

لو كان العبد من أهل السنة، ولا يفارق السنة قيد أنملة قاده الشيطان إلى الجنس الثالث من الشر وهو: الكبائر، فيجتهد في إيقاعه في الكبائر، ولا يستطيع أن يلبس على مثل الذي أفلت من الشرك وأفلت من البدعة إلا بالأمانيّ والتزيين.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم المرأة تعجبه فليأت أهله، فإن معها مثل الذي معها)، وتخيل هذا الحديث: (المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان)، قد تكون هذه المرأة أقبح امرأة على وجه الأرض لكنها صادفت شبقاً وشهوة عالية من الرجل؛ فلم يرها على صفة القبح، بل رآها جميلة، فإذا أقبلت عليه لم ير قبحاً فيها إنما يرى جمالاً وسمتاً، وإذا أدبرت رأى أيضاً رشاقة وجسماً، فلا يزال يشتهيها حتى إذا واقعها ظهر له قبحها، وهذا من التزيين الذي وعد به في قوله: (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ) فعمل الشيطان أنه يزين ويمني.

كم تتصوروا زمن وقوع الفاحشة؟ خمس دقائق، عشر دقائق، ربع ساعة، ساعة من حياة المرء الطويلة، وقد لا يرتكب في حياته إلا مثل هذا القبح الواحد، ويظل أسيراً له طيلة عمره.

فالشيطان يوقع الذي نجا من الكفر ومن البدعة بتزيين المعاصي له، ثم ينفث في أذنه: إن الله غفور رحيم، وللشيطان أجناس من بني آدم يقومون بنفس الدور بإتقان؛ فيصغر له الكبيرة، كمثل الذي حدث لـكعب بن مالك كما رواه البخاري ومسلم من حديثه في تخلفه عن غزوة تبوك قال: وجاء المعذرون من الأعراب يعتذرون للنبي صلى الله عليه وسلم إن بيوتنا لعورة، وذكروا أعذاراً فقبل النبي صلى الله عليه وسلم علانيتهم ووكل سرائرهم إلى الله، أما كعب بن مالك قال: فجئت حتى دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآني تبسم تبسم المغضب وقال: ما خلفك؟ قلت: والله! يا رسول الله! لو كنت عند غيرك من أهل الدنيا لخرجت بعذر فقد أوتيت جدلا.

والله ما كان لي من عذر وما كنت قط أقوى مني كهذه الغزوة، وما جمعت بين راحلتين قط إلا في هذه الغزوة، قال: أما هذا فقد صدق، قم حتى يحكم الله فيك، قال كعب : فخرجت، فتبعني جماعة من أهلي فقالوا: والله ما نعلمك أذنبت ذنباً إلا هذا الذنب اليتيم، ولقد كان كافيك استغفار رسول الله لك، لماذا تفضح نفسك؟ يعني لو كنت قلت له: لي عذر، وقلت له: استغفر لي يا رسول الله! لقال: غفر الله لك. وانتهى الأمر، والرسول مستجاب الدعوة، ولم يكن هناك داعٍ لأن تفضح نفسك! قال: فلا زالوا يؤنبونني حتى هممت أن أرجع إليه فأكذب نفسي.

هذا من عمل شياطين الإنس، يقولون: والله ما نعلمك أذنبت ذنباً! وما أدراك؟ إذا خلا العبد بمحارم الله انتهكها، وخرج للناس جميلاً عفيفاً ذا سمت وذا ورع ودمعة، تقوى العبد تعرف بالخلوات.

وكيف استقل نظر الله إليه وهو لا يغيب عن عينه، واستعظم نظر من لا يملك له موتاً ولا حياة ولا نشوراً، هذا بلا شك قدح في دين المرء، ويكون القدح على قدر الذنب، فالكبيرة لا يقع فيها المرء إلا إذا لبس عليه وزين له الأمر.

الدعوة إلى الصغائر

إذا سبقت للعبد من الله الحسنى وعصم من الكبائر ساقه إلى الجنس الرابع: وهي الصغائر، شيء يسير، ومكوث العبد على الصغيرة أعظم من إتيانه الكبائر، (فمن القطر تدفق الخلجان):

لا تستهن بصغيرة إن الجبال من الحصى

وقد اتخذ كما قال: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء:118]، جماعة يعملون معه، وأناس يتكلمون بالقرآن ويجادلون، وأناس يقفون يأخذون الناس بالقوة، وأناس يهددونهم إذا سلكوا طريق الله (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) أي جرى في قدرك وفي علمك أن هذا لي، فكل هؤلاء يعملون لحسابه.

فيأتي مثلاً رجل يزعم أنه يفسر القرآن، مع أن غالب تفسيره إلحاد في آيات الله، يقول: (إن الله جميل يحب الجمال)، صفة الجمال صفة من صفات الله عز وجل كما في حديث مسلم ، ويقول: إن من يرمق الجمال فإنه يبحث عن آية الله في الكون، فهذا مؤمن وتدبر آيات الله عز وجل ليزداد إيماناً، ومن أمثلة ذلك: أن الرجل إذا رأى امرأة جميلة فجعل ينظر إليها ويقول: تبارك الخلاق العظيم! ما هذا الخلق؟! وما هذا الخد؟ وما هذا العضد؟ وما هذا الوجه الجميل؟ وما هذا الأنف الرشيق؟ وما هذه العينان الجميلتان؟ وجعل يتغزل وينظر ويملأ عينه، فهذا الرجل يتأمل!!

هذا أحد الذين قال إبليس فيهم (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) ولأضلنهم بمثل هذا القول، قال صلى الله صلى الله عليه وسلم: (إن أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان يجادل بالقرآن).

ويقول: هل أتيت بشيء من كيسي؟! إنما أقول لك: قال الله.. قال الرسول.. يا أخي! اسم الله على لسان كل مؤمن، حتى الكافر مجبر على ذكر اسم الله عند رؤية الشيء الجميل، وقد اتفق أهل الأرض جميعاً على أنهم إذا رأوا شيئاً جميلاً يقولون: (الله الله)، فكل جميل ينسبونه إلى الله، ويذكر مثل هذا القول.

وكثير من بني آدم ضعاف العقول، ضعاف التفكير يدخل عليهم مثل هذا، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن نظر الفجأة فقال: (اصرف بصرك، فإن النظرة الأولى لك والأخرى عليك)، إذا مشى المرء فوقعت عينه فجأة على امرأة فلا يؤاخذ به، إنما إذا نظر مرة أخرى بدأ عداد السيئات يرصد له.

والرسول عليه الصلاة والسلام بين لنا خطورة الصغائر قال: (إياكم ومحقرات الأعمال، فإن مثل محقرات الأعمال كمثل قوم كانوا في صحراء، فذبحوا جدياً لهم والتمسوا حطباً لشواء هذا الجدي، فذهب كل رجل إلى وجهة، فأتى هذا بعود وذا بعود وذا بعود، فأشعلوا فيه ناراً فأنضجوه وأكلوه، فمثل محقرات الأعمال كمثل هذا، إذا اجتمعن على العبد أهلكنه).

التوسع في باب المباح

إذا سبقت للعبد من الله الحسنى ولم يصرّ على الصغيرة، واستغفر الله وتاب عليه؛ جره إلى الجنس الخامس من الشر وهو: التوسع في باب المباح، مثلاً: رجل تاجر طوال حياته يعمل، ويقول: التجارة حلال، وقد قال الله: (اسعى يا عبدي وأنا أسعى معاك)، ويذكر لك في فضل العمل، وفي فضل النفقة، والغنى أحاديث وآيات، فيوسع له دائرة المباح، لأنه لم يستطع أن يجعله يكفر ولا يبتدع ولا يقع في كبيرة، ولا يصر على صغيرة، إذاً: أفضل شيء أنه يجعله يعمل طوال عمره، حسناً: هذا العمل يلهي عن ذكر الله، ويشغله عما ينبغي للعبد أن يجعل له فيه ورداً ثابتاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من ساعة تمر على ابن آدم لا يذكر الله فيها إلا ندم عليها يوم القيامة)، والعمل هذا يشغل عن مثل هذا الذكر، ثم يلبس عليه ويقول له: يا أخي! طالما أنك هكذا فستكون غنياً وتملك الأموال، وبالتالي تستطيع أن تخرج الزكاة، وتكفل الفقراء، وتنفق هنا وهنا، وهذا شيء من أبرك الأعمال.

التوسع في الأكل والشرب مباح، ولكن تصور رجلاً ملأ بطنه بأطايب الطعام والشراب، وأراد أن يعبد الله عز وجل، فإنك تجده يشعر بالكسل والخمول، هذا الكلام مجرب في إفطار رمضان، عندما تفطر وتشرب تقف في صلاة العشاء تتثاءب وتريد أن تنام، ويصد مثل هذا الكسل كثيراً من الناس عن مواصلة صلاة القيام، يقول: عندما تخف بطني سوف أصلي لوحدي، فإذا خفت بطنه لم يصل.

وكم ضيع هذا الشبع على أناس العبادة في رمضان، مع أن الأكل مباح، ولكن يا أخي! اعلم أن الجواد الذي تعده للسباق لا يكون ذا بطن كبيرة، إنما هو الجواد المضمر، عنده قدرة على أنه يجري، فيفوز؛ فنحن في سباق إلى الله عز وجل: فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26] وذو الكرش لا يسبق.

إذاً: الأكل والشرب مباح، ولكنه يؤدي إلى الخمول، يقول له: افعل وافعل، وهذا كله حلال، قال تعالى:كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا [البقرة:168]، هذا من الحلال الطيب، فإن الشافعي كان يذهب إلى بيت أحمد بن حنبل ويطعم ويقول: (طعام الكريم دواء)، كل ووسِّع على نفسك.

فإذا اشتغل بالمباح الذي يستوي طرفاه -يستوي فيه المدح والذم- فوت على نفسه من الثواب ما هو أعظم من فعل هذا المباح.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


استمع المزيد من الشيخ أبو إسحاق الحويني - عنوان الحلقة اسٌتمع
أسئلة وأجوبة[1] 2879 استماع
التقرب بالنوافل 2827 استماع
حديث المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده 2769 استماع
لماذا نتزوج 2706 استماع
انتبه أيها السالك 2697 استماع
سلي صيامك 2670 استماع
منزلة المحاسبه الدرس الاول 2656 استماع
إياكم والغلو 2632 استماع
تأملات فى سورة الدخان 2619 استماع
أمريكا التي رأيت 2602 استماع