لقاء مع الأحبة [1، 2]


الحلقة مفرغة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

فأسعد الله أوقاتكم، وجمعنا وإياكم على الهدى في هذه الدار، وعلى النعيم المقيم في الدار الآخرة.

أيها الأحبة في الله: يخطئ كثير من البسطاء أصحاب النظرة القصيرة الذين لا تتجاوز أبصارهم مواقع أقدامهم، والذين لم يعرفوا هذه الحياة ولا الدار الآخرة، ولا عرفوا ربهم، ولا دينهم، ولا حقيقة أنفسهم ووجودهم، وترتب على هذا الجهل المتراكم الأخطاء في النتائج؛ لأن النتائج تأتي وليدة المقدمات، فإذا كانت المقدمات خاطئة، فالنتائج تكون أيضاً خاطئة .. يخطئون حين يظنون أو يتصورون أن ثمرات الهداية ومعطيات الالتزام بالدين لا تظهر إلا في الدار الآخرة، وهم يحبون هذه الدنيا، ولذائذها، وشهواتها، ويرون أنها نقد في أيديهم، والآخرة نسيئة لا يستطيعون الحكم عليها، ويرون بعقولهم الضيقة وبنظراتهم الهابطة أن في المجازفة بالنقد على حساب الموعود به (النسيئة) نوع من عدم التعقل؛ فيستغرقون في شهوات الدنيا، ويقولون: الآخرة مستأخرة، و(يحلها حلاّل).

ويستجيبون لشهواتهم، ويعبون منها عباً، سواء شهوات المال المحرم، أو شهوات الجنس المحرم، أو شهوات المطاعم والمشارب والمآكل المحرمة، ويتعبون ويستمرون في تحقيق هذه المطالب الهابطة، ولكنهم يفاجئون في نهاية المطاف بأنهم لم يجدوا شيئاً، وما علم هؤلاء أن ثمرات الدين ونتائج الالتزام، ومعطيات الهداية لا تأتي في الآخرة فحسب، بل تأتي في الدنيا قبل الآخرة، وأن آثار الكفر وآثار العصيان والفجور والتمرد على أوامر الله لا يكون الجزاء عليها فقط في الآخرة، بل الجزاء قد يعجل في الدنيا قبل الآخرة، فما الحل إذاً؟ الحل هو الدين، إن كنت تريد أن تسعد في الدنيا فعليك بالدين، وإن كنت تريد أن تسعد في الآخرة فعليك بالدين، وإن كنت تريد الشقاوة في الدنيا فعليك بعدم الدين، وإن كنت تريد أن تشقى في الآخرة فعليك بعدم الدين.

إذاًً: السعادة كلها في الدين، والشقاوة كلها في ترك الإسلام والدين.

الأمراض النفسية وتدمير الروح من ثمار الحضارة الكفرية

مشكلة المشاكل الآن، وعقدة العقد التي تعاني منها البشرية اليوم هي: العذاب الداخلي في النفس البشرية، ولذا طرأت الآن أمراض جديدة كانت غير معروفة في الماضي؛ يسمونها أمراض الحضارة، وبالأصح أمراض الحظيرة؛ لأن الحضارة في غير الدين تسمى حظيرة؛ لأنهم مجموعة حيوانات يتنافسون على المآكل والمطاعم والمشارب، لكن الحضارة الحقيقية حضارة الإيمان والقلوب والأرواح، الإنسان قد يكون متحضراً ولو كان يلبس رداء وإزاراً ويسكن في خيمة أو كوخ، ولكنه متحضر بمبادئه ومفاهيمه وأخلاقه وعقيدته، كما كانت البشرية تعيش مع المتحضرين الذين بسطوا النفوذ الإسلامي على شرق الأرض وغربها، ولكن بالحضارة الربانية وبالقرآن.

والناس اليوم في حظيرة، صحيح أنهم يسكنون ناطحات السحاب، ويطوعون المادة ويسخرونها في خدمتهم، ولكن

وأرواحهم في وحشة من جسومهم     وأجسامهم قبل القبور قبور

هم الآن مدفونون في أجسادهم، علمت عن بعض الناس أنه يرفض أن يأكل مع أبيه أو أمه أو زوجته أو أخته أو ولده، ولكن يألف أن يأكل مع كلبه، بل رأيتهم في مطاعمهم يصنعون كراسي للكلاب في المطعم، وتشاهد الكلب جالساً على الكرسي، والكلب الثاني يناوله! هل هذه حضارة؟! هذه حضارة الكلاب!!

يقول أبو الحسن الندوي -عالم هندي-: سافرت إلى أمريكا فوجدت ورأيت كل شيء إلا الإنسان، يقول: رأيت ناطحات السحاب، والميادين الفسيحة، والأماكن والشوارع العظيمة، وهدير المصانع، وأزيز الطائرات، ولكن بحثت عن إنسان فلم أجد إنساناً، بل وجدت مسخاً يمشي على قدمين كلبه في يده.

لو جئنا على كلب يعيش في مزبلة، وآخر يعيش في عمارة ويلبس (بنطلوناً) وبدلة (وكرفتة) .. (والكرفتة) هو الحبل الذي في الرقبة، ولا أدري ما سببه! لأن الذي يربط في رقبته حبل معروف أننا نقوده بحبله، فهذه من الحظيرة يضعون في رقابهم حبالاً، ينتظرون من يقودهم بحبالهم، فلو جئنا بكلب وألبسناه (بنطلوناً) و(كرفتة)، وأسكناه في الدور المائتين من ناطحات السحاب، هل يخرج عن كونه كلباً؟ ضعه في مزبلة أو عمارة رواح لا يخرجه هذا عن كلبيته شيئاً، ولهذا يقول الله عز وجل فيهم وفي أمثالهم: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ [محمد:12] ويقول: أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].

في هذه الحظائر البشرية وفي ظل غياب الإيمان والدين تولدت المآسي والفظائع والعظائم، وما استطاعت المادة أن تحل إشكال النفوس؛ لأن المادة شيء والروح شيء آخر، المادة من الأرض والروح من السماء، فلما خربت الروح جاءوا بمفاتيح المادة يريدون إصلاحها .. أرادوا علاج الأرواح فدمروها، وظنوا أنهم يحققون لها السعادة، وما حققوا لها شيئاً، ونشأت العقد، وبدأت الأمراض النفسية تنتشر فيهم.

ويذهب المريض إلى الطبيب النفسي، يجلسه على كرسي، ويسأله، ما اسمك؟ ما اسم أبيك وأمك؟ أين درست؟ ويستمر يحادثه .. كل هذا كذب لا ينفعه، فقط تخدير، وإذا انتهى أعطاه حبوباً مخدرة، أي: نم على جهلك وضلالتك، فهذا ليس بطب، والأمراض النفسية تتولد باستمرار عن البعد عن الله، هذه نتيجة حتمية؛ لأن الشخص وهو يعيش في الدنيا وهو لا يدري لماذا يعيش تحصل عنده عقد.

الجهل بحقيقة المصير يولد أمراضاً نفسية

أنت عندما تكون في غرفة ولا تدري أين تذهب بعد هذه الغرفة، هل تكون مطمئناً؟ لو جاء شخص وأخذك من بيتك، ووضعك في غرفة وأغلق عليك الأبواب، هل يأتيك النوم؟ لا تعلم من الذي أتى بك؟ ولا تدري أين أنت ذاهب؟ فتحصل عندك عقد، وتأتيك تصورات وأفكار، وكل شيء تسمعه تتصور أنه ما تنتظره، يدخل الشخص وتتصور أنه أسد يريد أن يأكلك، أو أنه شرطي يريد أن يقبض عليك، أو أنه إنسان يريد أن يقتلك، ليس عندك أمن؛ لأنك لا تعلم مصيرك.

وهنا نشأت الأمراض النفسية من جراء جهل البشر بما خلقوا له، وما أوجدوا من أجله في هذه الحياة؛ لأنهم يفكرون ويقول الواحد منهم: أنا الآن موجود وسأموت، ثم أين سأذهب؟ لا أدري! الأفكار البائدة، والنظريات الملحدة التي تقدم له، تقول: إنك ستموت وتذهب ولن يكون هناك شيء، وعقلك يقول لك: من قال لك إنه ليس هناك شيء، من الذي ذهب إلى الآخرة واكتشف أنه ليس هناك شيء، أو رجع وقال: إنه ليس هناك شيء، فالناس يذهبون ولا يرجعون، وتنقطع الأخبار بمجرد الموت، والموت يحصل ولا بد للموت من نتيجة.

مشكلة المشاكل الآن، وعقدة العقد التي تعاني منها البشرية اليوم هي: العذاب الداخلي في النفس البشرية، ولذا طرأت الآن أمراض جديدة كانت غير معروفة في الماضي؛ يسمونها أمراض الحضارة، وبالأصح أمراض الحظيرة؛ لأن الحضارة في غير الدين تسمى حظيرة؛ لأنهم مجموعة حيوانات يتنافسون على المآكل والمطاعم والمشارب، لكن الحضارة الحقيقية حضارة الإيمان والقلوب والأرواح، الإنسان قد يكون متحضراً ولو كان يلبس رداء وإزاراً ويسكن في خيمة أو كوخ، ولكنه متحضر بمبادئه ومفاهيمه وأخلاقه وعقيدته، كما كانت البشرية تعيش مع المتحضرين الذين بسطوا النفوذ الإسلامي على شرق الأرض وغربها، ولكن بالحضارة الربانية وبالقرآن.

والناس اليوم في حظيرة، صحيح أنهم يسكنون ناطحات السحاب، ويطوعون المادة ويسخرونها في خدمتهم، ولكن

وأرواحهم في وحشة من جسومهم     وأجسامهم قبل القبور قبور

هم الآن مدفونون في أجسادهم، علمت عن بعض الناس أنه يرفض أن يأكل مع أبيه أو أمه أو زوجته أو أخته أو ولده، ولكن يألف أن يأكل مع كلبه، بل رأيتهم في مطاعمهم يصنعون كراسي للكلاب في المطعم، وتشاهد الكلب جالساً على الكرسي، والكلب الثاني يناوله! هل هذه حضارة؟! هذه حضارة الكلاب!!

يقول أبو الحسن الندوي -عالم هندي-: سافرت إلى أمريكا فوجدت ورأيت كل شيء إلا الإنسان، يقول: رأيت ناطحات السحاب، والميادين الفسيحة، والأماكن والشوارع العظيمة، وهدير المصانع، وأزيز الطائرات، ولكن بحثت عن إنسان فلم أجد إنساناً، بل وجدت مسخاً يمشي على قدمين كلبه في يده.

لو جئنا على كلب يعيش في مزبلة، وآخر يعيش في عمارة ويلبس (بنطلوناً) وبدلة (وكرفتة) .. (والكرفتة) هو الحبل الذي في الرقبة، ولا أدري ما سببه! لأن الذي يربط في رقبته حبل معروف أننا نقوده بحبله، فهذه من الحظيرة يضعون في رقابهم حبالاً، ينتظرون من يقودهم بحبالهم، فلو جئنا بكلب وألبسناه (بنطلوناً) و(كرفتة)، وأسكناه في الدور المائتين من ناطحات السحاب، هل يخرج عن كونه كلباً؟ ضعه في مزبلة أو عمارة رواح لا يخرجه هذا عن كلبيته شيئاً، ولهذا يقول الله عز وجل فيهم وفي أمثالهم: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ [محمد:12] ويقول: أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].

في هذه الحظائر البشرية وفي ظل غياب الإيمان والدين تولدت المآسي والفظائع والعظائم، وما استطاعت المادة أن تحل إشكال النفوس؛ لأن المادة شيء والروح شيء آخر، المادة من الأرض والروح من السماء، فلما خربت الروح جاءوا بمفاتيح المادة يريدون إصلاحها .. أرادوا علاج الأرواح فدمروها، وظنوا أنهم يحققون لها السعادة، وما حققوا لها شيئاً، ونشأت العقد، وبدأت الأمراض النفسية تنتشر فيهم.

ويذهب المريض إلى الطبيب النفسي، يجلسه على كرسي، ويسأله، ما اسمك؟ ما اسم أبيك وأمك؟ أين درست؟ ويستمر يحادثه .. كل هذا كذب لا ينفعه، فقط تخدير، وإذا انتهى أعطاه حبوباً مخدرة، أي: نم على جهلك وضلالتك، فهذا ليس بطب، والأمراض النفسية تتولد باستمرار عن البعد عن الله، هذه نتيجة حتمية؛ لأن الشخص وهو يعيش في الدنيا وهو لا يدري لماذا يعيش تحصل عنده عقد.

أنت عندما تكون في غرفة ولا تدري أين تذهب بعد هذه الغرفة، هل تكون مطمئناً؟ لو جاء شخص وأخذك من بيتك، ووضعك في غرفة وأغلق عليك الأبواب، هل يأتيك النوم؟ لا تعلم من الذي أتى بك؟ ولا تدري أين أنت ذاهب؟ فتحصل عندك عقد، وتأتيك تصورات وأفكار، وكل شيء تسمعه تتصور أنه ما تنتظره، يدخل الشخص وتتصور أنه أسد يريد أن يأكلك، أو أنه شرطي يريد أن يقبض عليك، أو أنه إنسان يريد أن يقتلك، ليس عندك أمن؛ لأنك لا تعلم مصيرك.

وهنا نشأت الأمراض النفسية من جراء جهل البشر بما خلقوا له، وما أوجدوا من أجله في هذه الحياة؛ لأنهم يفكرون ويقول الواحد منهم: أنا الآن موجود وسأموت، ثم أين سأذهب؟ لا أدري! الأفكار البائدة، والنظريات الملحدة التي تقدم له، تقول: إنك ستموت وتذهب ولن يكون هناك شيء، وعقلك يقول لك: من قال لك إنه ليس هناك شيء، من الذي ذهب إلى الآخرة واكتشف أنه ليس هناك شيء، أو رجع وقال: إنه ليس هناك شيء، فالناس يذهبون ولا يرجعون، وتنقطع الأخبار بمجرد الموت، والموت يحصل ولا بد للموت من نتيجة.

ذكر الله في القرآن الكريم حقيقتين متماثلتين، وقعت الأولى ولا بد أن تقع الثانية، ولو تخلفت الأولى لجاز أن تتخلف الثانية، لكن لا بد من تلازم الأمرين.

الموت وحتمية وقوعه

قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] هذه الأولى، هل يوجد أحد عنده شك في هذه؟ هل تستطيع البشرية أن تتخلص من الموت؟ والله لو أنهم استطاعوا لأوقفوا الموت من زمن، لكن لم يستطيعوا.

هناك عالم في مصر عنده أبحاث عن الحياة والروح، ويريد أن يعيد الروح إلى الجسد ولا تخرج منه، وتطور في أبحاثه وقطع أشواطاً، ومن ثم ماتت أمه قبل أن يصل إلى نتيجة، فوضعها في الثلاجة من أجل أن يكمل الأبحاث ويردها لتعيش، وبعد ثمان عشرة سنة من الأبحاث لم يراوح مكانه، لم يتقدم شبراً واحداً، لماذا؟ لأن أمامه مجاهيل لا يستطيع أن يدخل فيها وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً [الإسراء:85] مات أبوه بعد ثمان عشرة سنة، فأدخل أباه إلى جانب أمه في الثلاجة وبعد شهر مات هو فأخرجوا أمه وأباه ووضعوه معهم في القبر.

الروح مادتها ومفاتيحها عند الله، ويوم أن تقصر على غير مادتها وغذائها تعذب، وإن عذبت حصل للإنسان مشاكل في هذه الحياة.

فالأولى حصلت إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] والله لو كانوا يستطيعون لكانوا قد فعلوا زمن بعيد؛ لأنهم لم يعجزوا عن شيء فيما مكنهم الله منه.

فَجَّرُوْا الذرة، والذرة هذه شيء رهيب لا تتصوره العقول، حتى الذي فجرها لا يدري عنها، الذرة في تعريفها العلمي هي: أصغر جزء في المادة.

وبمثال يسير: لو أحضرت على رأس الملعقة سكراً وطحنته حتى أصبح مثل البودرة، ثم أخذت على رأس إصبعك واحدة من هذه الذرات الدقيقة، وجعلتها في المجهر -يوجد الآن مجهر يسمونه مجهر (إلكتروني) يكبر المادة ثلاثة مليون مرة؛ أي: يجعل (الملي) الذي هو واحد من عشرة من السنتيمتر يجعله ثلاثة كيلو- إذا أتيت بهذه الهباءة وجعلتها على الشريحة الزجاجية وأدخلتها في المجهر ونظرت قد تراها وقد لا تراها، رغم أنه كُبِّر ثلاثة مليون مرة، إذا رأيت هذه الذرة تجد فيها عالماً، كل ذرة من ذرات الكون لها نظام مستقل، الحديد له ذرات، والخشب له ذرات، والتراب له ذرات، والألمنيوم له ذرات، واليورانيوم له ذرات، والنحاس له ذرات، والبلاستيك له ذرات، وتختلف مكونات كل ذرة من كل مادة عن الأخرى، ولكن تتحد في قضية التركيب، والذرة تتكون من جزأين: نواة وتسمى (النيترون) و(إليكترونات) تدور حول هذه النواة، وتحمل كل ذرة شحنتين: شحنة موجبة وشحنة سالبة، وهناك توازن وتعادل كهربائي بين الشحنة السالبة والموجبة في كل ذرات الكون، ومن يدبر هذا كله إلا الله الذي لا إله إلا هو.

وعندما كنا نسمع في القرآن الكريم: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [النساء:40] نقول: هي التي تمشي على الأرض، أي النملة أو هي التي نراها في ذرات الهواء، إذا جلست في غرفة يدخل من شباكها ضوء الشمس ترى غباراً وذرات معهم، والذرة فيها عالم آخر، وقد استطاع الإنسان أن يفجر هذه الذرة، وبحث عن أعظم مادة تتكون من أكثر عدد من (إلكترونات)؛ فوجد عنصراً من عناصر الحديد اسمه (اليورانيوم)، هذه موجود فيه أكثر من خمسين إليكترون، بينما هذا البلاستيك ذراته (الإليكترونات) فيها نصف (إلكترون)، أو واحد (إليكترون) أو اثنان، ولذلك غير موصل للكهرباء، ترون الآن (الكهرباء) تسير هنا، ويضعون عليها (البلاستيك)؛ لماذا؟ لأنه عازل، (الإلكترونات) الموجودة فيه قليلة جداً لا تستطيع أن تحمل الطاقة (الكهربائية) لكن (الإلكترونات) الأخرى التي تحمل هي الحديد والنحاس و(الألمونيوم)، أما (اليورانيوم) لما كان فيه مجموعة كبيرة من (الإلكترونات) كان قابلاً للانفجار.

جاءوا بمجموعة كبيرة من مادة (اليورانيوم) وجمعوا فيه الذرات، ومن ثم فجروها، كيف فجروها؟ خلخلوا التوازن والتعادل الكهربائي الموجود بين السالب والموجب فحصل الانفجار والدمار.

يا من فجر الذرة؟ لو كان يعرف كيف يموت وكيف يرد الروح لما عجز عن الرجوع، لكن عند الموت قف وارجع.

قال الله: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] هذه الأولى أما حصلت؟! وهل فيها شك؟ من كان عنده شك فليرتقب حتى يأتيه الموت، والله إنك ستموت غصباً عنك وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34].. كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].

حتمية البعث بعد الموت

ما دام أن الأولى وقعت، وهي: أننا نموت، فلابد أن تقع الثانية كنتيجة للأولى، وهي قوله عز وجل: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ [المؤمنون:16] لو أن شخصاً جاءنا وقال: أنا لن أموت، نقول: أجل ما دام أنك تمتنع من الموت، يمكن أن تمتنع من البعث، لكن لا يوجد شخص استطاع أن يمتنع وأن يخرج على سنة الله الضاربة عبر قرون التاريخ، منذ آدم إلى يومنا هذا والناس يموتون، يموتون وهم ملوك وأمراء وأقوياء وأغنياء ولا يمتنع من الموت أحد .. أجل لا بد من البعث!

ولذا يقول الله عز وجل وهو يستغرب ويستبعد على الكفار حكمهم بأنه ليس هناك بعث، يقول: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الجاثـية:21] من اعتقد أنهم سيكونون سواء فقد أخطأ، فالطيبون قد ملئوا الدنيا صلاحاً، والخبيثون قد ملئوا الدنيا فساداً، ثم يموت كلا الفريقين وتكون آخرتهم سواء، لا. ما دام أنهم اختلفوا في الحياة في السلوك، فإنهم يختلفون في النتيجة في الآخرة في الجزاء، الذين اجترحوا السيئات تعالج جروحهم في النار، والذين آمنوا وعملوا الصالحات سيعطون الهبات في الجنات، والله عبر عن السيئة بأنها جرح في دين المسلم، بمعنى: أنه يجب ألا تجرح في دينك.

قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] هذه الأولى، هل يوجد أحد عنده شك في هذه؟ هل تستطيع البشرية أن تتخلص من الموت؟ والله لو أنهم استطاعوا لأوقفوا الموت من زمن، لكن لم يستطيعوا.

هناك عالم في مصر عنده أبحاث عن الحياة والروح، ويريد أن يعيد الروح إلى الجسد ولا تخرج منه، وتطور في أبحاثه وقطع أشواطاً، ومن ثم ماتت أمه قبل أن يصل إلى نتيجة، فوضعها في الثلاجة من أجل أن يكمل الأبحاث ويردها لتعيش، وبعد ثمان عشرة سنة من الأبحاث لم يراوح مكانه، لم يتقدم شبراً واحداً، لماذا؟ لأن أمامه مجاهيل لا يستطيع أن يدخل فيها وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً [الإسراء:85] مات أبوه بعد ثمان عشرة سنة، فأدخل أباه إلى جانب أمه في الثلاجة وبعد شهر مات هو فأخرجوا أمه وأباه ووضعوه معهم في القبر.

الروح مادتها ومفاتيحها عند الله، ويوم أن تقصر على غير مادتها وغذائها تعذب، وإن عذبت حصل للإنسان مشاكل في هذه الحياة.

فالأولى حصلت إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] والله لو كانوا يستطيعون لكانوا قد فعلوا زمن بعيد؛ لأنهم لم يعجزوا عن شيء فيما مكنهم الله منه.

فَجَّرُوْا الذرة، والذرة هذه شيء رهيب لا تتصوره العقول، حتى الذي فجرها لا يدري عنها، الذرة في تعريفها العلمي هي: أصغر جزء في المادة.

وبمثال يسير: لو أحضرت على رأس الملعقة سكراً وطحنته حتى أصبح مثل البودرة، ثم أخذت على رأس إصبعك واحدة من هذه الذرات الدقيقة، وجعلتها في المجهر -يوجد الآن مجهر يسمونه مجهر (إلكتروني) يكبر المادة ثلاثة مليون مرة؛ أي: يجعل (الملي) الذي هو واحد من عشرة من السنتيمتر يجعله ثلاثة كيلو- إذا أتيت بهذه الهباءة وجعلتها على الشريحة الزجاجية وأدخلتها في المجهر ونظرت قد تراها وقد لا تراها، رغم أنه كُبِّر ثلاثة مليون مرة، إذا رأيت هذه الذرة تجد فيها عالماً، كل ذرة من ذرات الكون لها نظام مستقل، الحديد له ذرات، والخشب له ذرات، والتراب له ذرات، والألمنيوم له ذرات، واليورانيوم له ذرات، والنحاس له ذرات، والبلاستيك له ذرات، وتختلف مكونات كل ذرة من كل مادة عن الأخرى، ولكن تتحد في قضية التركيب، والذرة تتكون من جزأين: نواة وتسمى (النيترون) و(إليكترونات) تدور حول هذه النواة، وتحمل كل ذرة شحنتين: شحنة موجبة وشحنة سالبة، وهناك توازن وتعادل كهربائي بين الشحنة السالبة والموجبة في كل ذرات الكون، ومن يدبر هذا كله إلا الله الذي لا إله إلا هو.

وعندما كنا نسمع في القرآن الكريم: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [النساء:40] نقول: هي التي تمشي على الأرض، أي النملة أو هي التي نراها في ذرات الهواء، إذا جلست في غرفة يدخل من شباكها ضوء الشمس ترى غباراً وذرات معهم، والذرة فيها عالم آخر، وقد استطاع الإنسان أن يفجر هذه الذرة، وبحث عن أعظم مادة تتكون من أكثر عدد من (إلكترونات)؛ فوجد عنصراً من عناصر الحديد اسمه (اليورانيوم)، هذه موجود فيه أكثر من خمسين إليكترون، بينما هذا البلاستيك ذراته (الإليكترونات) فيها نصف (إلكترون)، أو واحد (إليكترون) أو اثنان، ولذلك غير موصل للكهرباء، ترون الآن (الكهرباء) تسير هنا، ويضعون عليها (البلاستيك)؛ لماذا؟ لأنه عازل، (الإلكترونات) الموجودة فيه قليلة جداً لا تستطيع أن تحمل الطاقة (الكهربائية) لكن (الإلكترونات) الأخرى التي تحمل هي الحديد والنحاس و(الألمونيوم)، أما (اليورانيوم) لما كان فيه مجموعة كبيرة من (الإلكترونات) كان قابلاً للانفجار.

جاءوا بمجموعة كبيرة من مادة (اليورانيوم) وجمعوا فيه الذرات، ومن ثم فجروها، كيف فجروها؟ خلخلوا التوازن والتعادل الكهربائي الموجود بين السالب والموجب فحصل الانفجار والدمار.

يا من فجر الذرة؟ لو كان يعرف كيف يموت وكيف يرد الروح لما عجز عن الرجوع، لكن عند الموت قف وارجع.

قال الله: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] هذه الأولى أما حصلت؟! وهل فيها شك؟ من كان عنده شك فليرتقب حتى يأتيه الموت، والله إنك ستموت غصباً عنك وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34].. كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].




استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة اسٌتمع
كيف تنال محبة الله؟ 2924 استماع
اتق المحارم تكن أعبد الناس 2921 استماع
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً 2800 استماع
أمن وإيمان 2672 استماع
حال الناس في القبور 2671 استماع
توجيهات للمرأة المسلمة 2596 استماع
فرصة الرجوع إلى الله 2568 استماع
النهر الجاري 2472 استماع
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله 2464 استماع
مرحباً شهر الصيام 2394 استماع