شرح العقيدة الطحاوية [106]


الحلقة مفرغة

نحتاج إلى أن نتعرف على معنى الجماعة، كما ورد في الكتاب والسنة بمفهومها العام والجزئي.

المفاهيم الجزئية تحتاج إلى وقت طويل؛ نظراً لأهمية هذا الموضوع في عصرنا، ونظراً لاختلال مفاهيم كثير من المسلمين عن الجماعة في عصرنا، مما ترتب عليه الخوض في الكثير من المسائل التي تتعلق بحقوق الجماعة ومعانيها، وتتعلق بعدم إدراك المخاطر في الفرقة والشذوذ.

سنتحدث الآن عن المفهوم العام للجماعة، الجماعة المقصود بها القوم المجتمعون على أمر ما.

والجماعة في الشرع: هم جماعة المسلمين.

وتتحقق جماعة المسلمين العامة بعدة صور.

من صورها: الاجتماع على الحق، أي: على الدين الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن صور الجماعة: الاجتماع على الإمام أو الوالي.

ومن صور الجماعة: الاجتماع على مصلحة من مصالح الأمة العظمى.

ومن صور الجماعة: الاجتماع على أصول الدين الظاهرة، مثل: الاجتماع على الصلاة، والاجتماع في الجمعة، والاجتماع في العيدين، والاجتماع في الحج.

من صور الجماعة: الاجتماع على الجهاد.

ومن صور الجماعة: الاجتماع على الأمر بالمعروف والنهي عنه.. ونحو ذلك من مصالح الأمة.

ومن صور الجماعة: اجتماع عامة المسلمين وخاصتهم على أي أمر من الأمور التي تجلب لهم مصلحة، أو تدفع عنهم مفسدة.

وتتمثل الجماعة أيضاً بكل زمن، وبكل حال، وبكل مكان، وكل وضع، بحسب الحال الذي عليه أمر المسلمين، فأحياناً تكون الجماعة متمثلة في الخليفة ومن معه من أهل الحل والعقد، أو الإمام أو الوالي أو السلطان ومن معه من أهل الحل والعقد، وهذا هو الأغلب في صور الجماعة العامة التي تحقق المصالح العظمى للأمة، فمن أعم المعاني أن كون الجماعة تتمثل بمن له ولاية المسلمين العامة، ومن تحت إمرتهم من العلماء والولاة والقواد والوجهاء ورؤساء العشائر والمسئولين والوزراء، ومن جرى مجراهم ممن رأيهم مؤثر في مصالح الأمة، وهذا من أجمع المعاني العامة للجماعة في مفهومها العملي العام.

هذه بعض النقاط حول النصوص الواردة في الجماعة ومفهومها:

تفسير النبي صلى الله عليه وسلم العام للجماعة

الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الجماعة بعدة تفسيرات، من أهمها: التفسير العام الشامل في أن الجماعة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهذا في جميع أمور الدين وأمور الدنيا أيضاً؛ لأن بعض الناس يظن أن مفهوم الجماعة متوجه إلى الفرائض والسنن فقط، لا، بل مفهوم الجماعة يشمل كل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور الاعتقادية، والعملية العلمية، والظاهرة والباطنة، ومصالح الأمة العظمى.. وغيرها، كل ذلك ينطبق على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

إخراج النبي صلى الله عليه وسلم للفرق المنحرفة من مفهوم الجماعة

الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج الفرق بمفهوم الجماعة في حديث الافتراق، يعني: أن مفهوم الجماعة في كل مسائل الدين يخرج الفرق، لكن أحياناً في بعض مصالح الدنيا قد تدخل الفرق في مفهوم الجماعة دخولاً غير مباشر، بمعنى دخول ضرورةٍ، كأن يدهم العدو بلداً فيها من أهل السنة ومن غيرهم من أهل الأهواء، فيشترك الجميع ويجتمعون على جهاد العدو، فجائز ما دامت الراية مع أهل السنة والجماعة.

فمن هنا لا اعتبار لهم من حيث النوع، إنما الاعتبار لهم من حيث العدد ومن حيث الوجود.

فإذاً: قد يعد أحياناً أهل الأهواء فيما يتعلق بالضرورات من الجماعة، في أمور ضيقة محدودة، وهذا مما ينبغي أن يفقهه كثير من الدعاة الذين لا يفرقون بين دخول أهل الأهواء في مفهوم الجماعة عند الحالات الضرورية، وبين خروج أهل الأهواء من الجماعة، حتى أهل الذمة في البلاد الإسلامية يجب عليهم أن يشاركوا في درء الخطر عن المسلمين، الدرء الذي يلزم بالجميع، فمن هنا قد يشملهم مسمى الجماعة بالتبع لا بالأصالة.

الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الجماعة بعدة تفسيرات، من أهمها: التفسير العام الشامل في أن الجماعة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهذا في جميع أمور الدين وأمور الدنيا أيضاً؛ لأن بعض الناس يظن أن مفهوم الجماعة متوجه إلى الفرائض والسنن فقط، لا، بل مفهوم الجماعة يشمل كل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور الاعتقادية، والعملية العلمية، والظاهرة والباطنة، ومصالح الأمة العظمى.. وغيرها، كل ذلك ينطبق على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج الفرق بمفهوم الجماعة في حديث الافتراق، يعني: أن مفهوم الجماعة في كل مسائل الدين يخرج الفرق، لكن أحياناً في بعض مصالح الدنيا قد تدخل الفرق في مفهوم الجماعة دخولاً غير مباشر، بمعنى دخول ضرورةٍ، كأن يدهم العدو بلداً فيها من أهل السنة ومن غيرهم من أهل الأهواء، فيشترك الجميع ويجتمعون على جهاد العدو، فجائز ما دامت الراية مع أهل السنة والجماعة.

فمن هنا لا اعتبار لهم من حيث النوع، إنما الاعتبار لهم من حيث العدد ومن حيث الوجود.

فإذاً: قد يعد أحياناً أهل الأهواء فيما يتعلق بالضرورات من الجماعة، في أمور ضيقة محدودة، وهذا مما ينبغي أن يفقهه كثير من الدعاة الذين لا يفرقون بين دخول أهل الأهواء في مفهوم الجماعة عند الحالات الضرورية، وبين خروج أهل الأهواء من الجماعة، حتى أهل الذمة في البلاد الإسلامية يجب عليهم أن يشاركوا في درء الخطر عن المسلمين، الدرء الذي يلزم بالجميع، فمن هنا قد يشملهم مسمى الجماعة بالتبع لا بالأصالة.

من المناسب الآن أن أشير إلى بعض الأمور، التي أصبح كثير من المسلمين يجهلها في معنى الجماعة، وعلى من ينطبق مفهوم الجماعة الذين أمر الله بالاعتصام بهم، ونهى أشد النهي عن الفرقة عنهم، وأحياناً جعل الفرقة عنهم تعادل الفرقة في الدين، وجعل الاجتماع بهم هو علامة السنة، والافتراق عنهم هو علامة البدعة، وتوافرت النصوص في آيات الله عز وجل، وفي كلام النبي صلى الله عليه وسلم على أن الافتراق عن الجماعة من أشد البدع، وأنه هوى ونزاع في الدين، ليس مجرد إخلال بمصلحة الأمة، بل هو نزاع في الدين، وخروج عن سبيل المؤمنين، وأصحابه من أعظم أصحاب الوعيد، ومن شذ عن الجماعة فقد شذ الشذوذ المهلك، فلعلي الآن أوجز الحديث عن هذا الموضوع بتعريف الجماعة بمعانيها الواسعة في الشرع، التي ورد إطلاقها على الجماعة، والتي تعني أن الجماعة تطلق على عدة اعتبارات، كلها أمرنا بالاعتصام بها، ونهينا عن مخالفتها والشذوذ عنها.

أولاً: الجماعة في اللغة: هي من الاجتماع ضد الافتراق، يقال: تجمع القوم إذا اجتمعوا من هنا وهناك، أي ائتلفوا من بعد تفرق، ويقال: جمع المتفرق، أي ضم بعضه إلى بعض، ويقال: جمع فلان القلوب إليه، أي: ألفّها.

والجماعة كذلك: هي اسم لجماعة الناس، والجمع مصدر لقولك جمعت الشيء.

وكذلك الجمع قد يطلق على المجتمعين، يقال: هذا جمع من الناس، أي: جماعة مجتمعة.

والجمع قد يجمع على جموعه كذلك، والجماعة والجميع والمجمع والجمع كلها بمعنى واحد.

والجماعة في اللغة إذا أريد بها جماعة الناس، فهم القوم المجتمعون على أمر ما.

قال الفراء : إذا أردت جمع المتفرق، قلت: فهم مجموعون، وكذلك قد تطلق الجماعة على الإجماع، وهو الاتفاق والإحكام، يقال: أجمع الأمر أي: أحكمه، فالجماعة قد تطلق على هذا المعنى، بمعنى أن أمورها محكمة، وأنها مجتمعة على ما يقتضي قوتها واجتماعها.

وفي الغالب أن الجماعة في ذهن السامع الفاهم للعربية تعني: العدد الكثير، والطائفة من الناس التي يجمعها غرض واحد، سواء اجتمعت في زمان ومكان واحد، أو لم تجتمع، فقد تطلق الجماعة على من تفرقوا في البلاد، لكن اجتمعوا على أمر ما، كجماعة أهل السنة والجماعة.

وقد تطلق الجماعة أيضاً على من كانوا على غرض واحد في أزمان متفرقة، وعلى هذا فإن الجماعة سميت جماعة؛ لأنها تعني الاجتماع، وضد ذلك الفرقة.




استمع المزيد من الشيخ ناصر العقل - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح العقيدة الطحاوية [68] 3360 استماع
شرح العقيدة الطحاوية [43] 3123 استماع
شرح العقيدة الطحاوية [64] 3033 استماع
شرح العقيدة الطحاوية [19] 2992 استماع
شرح العقيدة الطحاوية [31] 2857 استماع
شرح العقيدة الطحاوية [23] 2849 استماع
شرح العقيدة الطحاوية [45] 2832 استماع
شرح العقيدة الطحاوية [80] 2793 استماع
شرح العقيدة الطحاوية [92] 2786 استماع
شرح العقيدة الطحاوية [95] 2758 استماع