Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

شرح زاد المستقنع باب السواك وسنن الوضوء [1]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله: [باب السواك وسنن الوضوء].

يقول المصنف رحمه الله: (باب السواك) السواك يطلق ويراد به الآلة التي يتسوك بها، ويطلق ويراد به فعل السواك، فمن إطلاق السواك مراداً به الآلة التي يستاك بها: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه الذي توفي فيه، والسواك على طرف لسانه -فقوله: والسواك، يعني آلة السواك- وهو يقول: أع أع، كأنه يتهوع) صلوات الله وسلامه عليه.

وأما إطلاق السواك والمراد به الفعل، ففيه حديث أبي هريرة الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك) أي: بفعل السواك.

وباب السواك المراد به بيان الأحكام والسنن الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السواك، وقد شرع الله عز وجل السواك بهدي نبيه صلوات الله وسلامه عليه، القولي والفعلي والتقريري، فكان عليه الصلاة والسلام يستاك ويأمر أصحابه بالسواك، حتى ثبت في الصحيح أنه قال: (أكثرت عليكم في السواك).

وباب السواك يذكره العلماء قبل باب الوضوء، وقبل صفة الوضوء، والسبب في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) وفي رواية: (مع كل وضوء وعند كل وضوء).

فقالوا: إن هذا محله، ولذلك يذكرونه في باب الطهارة، ولأن السواك قسم من أقسام الطهارة في الوصف، ففيه إنقاء موضع مخصوص على صفة مخصوصة.

وقوله: (وسنن الوضوء) أي: في هذا الموضع سأبين لك جملة من الأحكام والمسائل الشرعية التي تتعلق بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في السواك وسننه في الوضوء، والسنة ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، وهي التي لم يلزم المكلف بها فمن فعلها فقد أحسن ومن لم يفعلها فلا عتبى ولا حرج، تطلب على سبيل الاستحباب لا على سبيل الحتم والإيجاب.

استخدام العود في السواك

قال رحمه الله تعالى: [التسوك بعود].

(التسوك) صيغة تفعل من السواك أي: فعل السواك (بعود) هذا أحد وجهين عند العلماء رحمة الله عليهم، أن السواك المحمود شرعاً إنما يكون بالعود لا بغير العود، وذهبت طائفة من العلماء إلى أن السواك يحصل بالعود وبكل ما ينقي الموضع، كأن يستاك بخرقة أو بمنديل، قالوا: لأن مقصود الشرع هو إنقاء الموضع، ولهم دليل يدل على صحة قولهم في قوله عليه الصلاة والسلام: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن قوله: (مطهرة للفم) أي: أن السواك من شأنه أن يطهر، فدل على أن كل ما طهر يصدق عليه أنه سواك شرعي، وتوسط بعض المحققين -وهو اختيار بعض العلماء ومنهم الإمام ابن قدامة رحمة الله عليه في المغني- فقالوا: يثاب على قدر ما يصيب من السنة في النقاء، ولا يأخذ فضل السنة كاملة إذا استاك بخرقة أو بمنديل، لكن يكون له فضل، كما لو فقد العود وأراد أن يستاك بمنديل، وهذه المسألة مشهورة ولها نظائر:

منها: إذا فقد الإنسان الوصف الكامل في الهدي، وتحصل له بعض الوصف فإنهم يقولون: ينال من الأجر على قدر ما حصل من مقصود الشرع؛ لأن مقصود الشرع النقاء والنظافة، فلما حصل النقاء والنظافة تحقق المراد من السواك، قالوا: فيثاب لموافقته للشرع من هذا الوجه، لأنهم قالوا: الأثر وصورة المؤثر، فإذا لم يجد صورة المؤثر -وهو السواك- فقد وجد حقيقة الأثر، فيثاب لحقيقة الأثر دون صورة المؤثر، وبناء على ذلك: ينال من الأجر على قدر ما أنقى ونظف من الموضع، ولهذا الوجه قوته.

صفة السواك

قال رحمه الله تعالى: [لين منقٍ غير مضر].

(لين) غير يابس؛ لأن اليابس لا ينقي ولا يحقق مقصود الشرع وقد يضر بالأسنان، والشرع لا يجيز الضرر كما في الحديث -وحسنه غير واحد-: (لا ضرر ولا ضرار) قالوا: إن ما فيه ضرر لا يأمر الشرع به، فإذا كان العود يابساً أضر بالأسنان، وبناء على ذلك قالوا: إنه لا يكون إلا ليناً، ولهذا أصل في حديث أم المؤمنين عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في مرض الموت -كما في الصحيحين-: (دخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعن أبيه، وفي طرف يده سواك، فأبده النبي صلى الله عليه وسلم بصره، فقالت له عائشة : أتحبه؟ فأشار برأسه أن نعم، قالت: فأخذته فقضمته وطيبته، ثم أعطيته النبي صلى الله عليه وسلم) ففي هذا دلالة على أن السواك لا يكون إلا رطباً، وأنه لا يستاك بالأعواد اليابسة مباشرة.

وقوله: (منقٍ غير مضر).

(منقٍ) أي: منظف للموضع، (غير مضر) لأن الشرع -كما قلنا- لا يأمر بالضرر، بل إن الأمر بالسواك دفع لضرر القلح الموجود في الأسنان وتطييب لها، وقد شرع الله عز وجل هذه السنة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم تحصيلاً للمصالح ودرءاً للمفاسد، فلا يؤمر بما فيه مفسدة وفوات مصلحة، إلا في أحوال نادرة في صور مخصوصة وليس هذا منها.

قال رحمه الله: [لا يتفتت].

كونه لا يتفتت هذا الوصف إنما هو من اجتهاد العلماء رحمة الله عليهم، وإلا هو إذا أخذ عوداً من أراك واستاك به أصاب السنة، وكونه لا يتفتت أو كونه ليناً -أي: ليناً طيباً- فهذا كله من الكمالات؛ لأنه يعين على تحقيق مقصود الشرع، حتى أن الأطباء الآن يقولون: كلما كان رطباً وفيه المادة الرطبة كلما كان أبلغ، والمادة هذه تستعمل في معالجة الأسنان ونفع اللثة بخلاف ما إذا تفتت، قالوا: إذا تفتت آذى الفم، فإن فتات العود يؤذي اللسان بالوخز، وهذا الوخز قد يتسبب في أضرار بالإنسان؛ لأنه إذا جرح اللسان ودخل إلى الفم أي شيء مضر سهل نفاذه إلى الدم، وقد يتسمم الإنسان ويهلك، وكذلك يدمي اللثة ويجرح اللثة، وعلى القول بنجاسة الدم كما هو قول الجماهير يزيد الموضع قذراً لا طهارة، فكل هذا من باب النظر إلى مقصود الشرع، فلا يقول قائل: إن هذا كلام من عند العلماء فقط، بل هو مستقى من أصول الشريعة، ودائماً تجدون الفقهاء يتوسعون من باب تحصيل كمالات السنة، وهنا عائشة قالت: (طيبته..) ما معنى طيبته؟ قال بعض العلماء: طيبته بإزالة آثاره عند قضمه، وقيل: أي: جعلت فيه طيباً، كماء الورد ونحوه، ولذلك قالوا: يسن أن يكون السواك مطيباً، لكن ما يجعل الطيب الذي يؤثر في العقول، والبعض يظن أنه مطيب، بمعنى: أن يجعله في طيب.

حكم التسوك بالأصبع ونحوه

وقوله: [لا بأصبع أو خرقة].

(لا بأصبع أو خرقة) والحقيقة ليس هناك دليل يدل على منع الإنسان من أن ينظف بأصبعه، وهم يقولون: إن الأصبع ليس بسواك لأنه متصل وليس بمنفصل، والسواك منفصل لا متصل.

والصحيح: أنه لا حرج على الإنسان -إذا فقد السواك وإذا لم يجد خرقة، أو كانت غير نظيفة- أن يدخل إصبعه؛ لأن مقصود الشرع تنظيف الموضع، فإذا لم يتمكن الإنسان من إصابة السنة على الكمال فلا حرج عليه في إصابة بعضها، فلو أن إنساناً مثلاً: حديث عهد بالسحور، ثم أذن عليه أذان الفجر وليس عنده سواك ولا خرقة، فإن وذر الطعام يحتاج إلى معالجة، فلو قلنا: أنه يقتصر على العود أو على الخرقة، فسيبقى وذر الطعام وقد يضره وقد يؤثر في صيامه، ولذلك لا حرج عليه أن يعالج بيده، أو بالخرقة، وكما قلنا: إن المصنف نفى الخرقة والأصبع بناءً على الأصل الذي قرره في أول الباب من أن السواك لا يكون إلا بالعود.

حكم السواك

قال رحمه الله تعالى: [مسنون كل وقت].

(مسنون) بعد أن عرفنا ما هو السواك يرد السؤال: ما موقف الشرع منه؟ هل هو مأمور به أو منهي عنه؟ فقال: (مسنون)، أي: هو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والدليل على سنيته: قوله عليه الصلاة والسلام: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) هذا على العموم ولم يخصص، ولكنه يتأكد في أحوال كما سيأتي -إن شاء الله- بيانها وبيان أدلتها.

قال جمهور العلماء من السلف والخلف: إن السواك ليس بواجب، وقال بعض العلماء -وهو قول بعض أهل الظاهر- : إن السواك فرض واجب؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (عليكم بالسواك) والصحيح: أنه ليس بواجب لما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) فقال: امتنع الأمر بالسواك لوجود المشقة، فدل على أنه ليس بواجب.

وبناءً على ذلك: يعتبر السواك سنة وليس بفرض، ومن استاك أثيب، ومن لم يستك فإنه لا حرج عليه ولا إثم.

وقوله: (كل وقت) هذا على العموم، وهناك أحوال يفضل فيها السواك على غيره، منها عند الوضوء، لحديث أبي هريرة ، وعند القيام إلى الصلاة، وكذلك عند القيام من النوم.

أما عند القيام إلى الصلاة؛ فلحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام -أي: إلى صلاة الليل- يشوص فاه بالسواك) يشوص فاه، أي: يدلكه بالسواك.

وكذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (أنها كانت تعد للنبي صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره، فيبعثه الله من الليل ما شاء) صلوات الله وسلامه عليه، وهذا يدل على أنه إذا انتبه الإنسان من النوم شاص فاه بالسواك، وكذلك إذا قام إلى الصلاة، سواء كانت صلاة ليل أو غيرها.

كذلك أيضاً عند تغير الفم بالطعام، قالوا: مع كونه عند قيامه من الليل يشوص فاه بالسواك فنعتبره أصلاً، فكلما تغير الفم فإنه يشوص فاه، ولذلك قالوا: يستحب ذلك.

وكذلك إذا جلس الإنسان مع أهله وزوجه فيستحب أن يبدأ بالسواك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك إذا جلس مع أهله، وكان لا يحب أن يشم منه ريح غير طيبة، فلذلك استحبوا أن يكون الإنسان مستاكاً في مثل هذه الأحوال، وسيأتي -إن شاء الله- بيانها وبيان الأحاديث التي دلت عليها.

قال رحمه الله تعالى: [إلا لغير صائم بعد الزوال].

قال: (إلا)، وهذا استثناء، وهو إخراج بعض ما يتناوله اللفظ، فالسواك مستحب أو مسنون في كل هذه الأوقات.

(إلا لغير صائم بعد الزوال) والكلام بهذه الصيغة لا يستقيم.

فنقول: لعل الصواب حذف غير، فتكون العبارة: إلا لصائم، أي: إلا لصائم بعد الزوال.

أحب أن أنبه أنه في بعض الأحيان يعاجل طالب العلم بتخطئة المكتوب، وهناك أدب من آداب مراجعة الكتب: أن الإنسان إذا وجد عبارة واحتمل فيها التصحيف يكتب في الطرف: (لعل الصواب كذا) لاحتمال أن تكون هذه الكلمة صحيحة بوضعها ولكن هناك نقط وضعت في غير موضعها، أو زيدت كلمة أو حرف، أو طمست كلمة أو حرف، فلا يعاجل بالطمس وبالضرب على الكلمة، ولكن يكتب: (لعل الصواب كذا وكذا)، حتى إذا جاء آخر وأحسن النظر فيها ربما عرفها، أو ربما وجدت نسخة أخرى تبين الصحيح، وهذا هو الذي أدركنا عليه أهل العلم رحمة الله عليهم، فهم لا يجرءون على طمس الكتب وتخطئتها والتصحيح من قبل أنفسهم، وإنما يكتبون في طرف الكتاب أو في هامشه: لعل الصواب كذا وكذا، إلا الآيات القرآنية، بشرط أن يكون الذي يصححها عنده إلمام أو علم بالرواية التي يريد أن يصحح بها إذا كان المصنف التزم رواية معينة كرواية حفص، وهو يتقنها، فلا حرج أن يضرب على الخطأ، فالآيات القرآنية لا يتساهل في أخطائها وإنما تبين.

قال رحمه الله تعالى: [التسوك بعود].

(التسوك) صيغة تفعل من السواك أي: فعل السواك (بعود) هذا أحد وجهين عند العلماء رحمة الله عليهم، أن السواك المحمود شرعاً إنما يكون بالعود لا بغير العود، وذهبت طائفة من العلماء إلى أن السواك يحصل بالعود وبكل ما ينقي الموضع، كأن يستاك بخرقة أو بمنديل، قالوا: لأن مقصود الشرع هو إنقاء الموضع، ولهم دليل يدل على صحة قولهم في قوله عليه الصلاة والسلام: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن قوله: (مطهرة للفم) أي: أن السواك من شأنه أن يطهر، فدل على أن كل ما طهر يصدق عليه أنه سواك شرعي، وتوسط بعض المحققين -وهو اختيار بعض العلماء ومنهم الإمام ابن قدامة رحمة الله عليه في المغني- فقالوا: يثاب على قدر ما يصيب من السنة في النقاء، ولا يأخذ فضل السنة كاملة إذا استاك بخرقة أو بمنديل، لكن يكون له فضل، كما لو فقد العود وأراد أن يستاك بمنديل، وهذه المسألة مشهورة ولها نظائر:

منها: إذا فقد الإنسان الوصف الكامل في الهدي، وتحصل له بعض الوصف فإنهم يقولون: ينال من الأجر على قدر ما حصل من مقصود الشرع؛ لأن مقصود الشرع النقاء والنظافة، فلما حصل النقاء والنظافة تحقق المراد من السواك، قالوا: فيثاب لموافقته للشرع من هذا الوجه، لأنهم قالوا: الأثر وصورة المؤثر، فإذا لم يجد صورة المؤثر -وهو السواك- فقد وجد حقيقة الأثر، فيثاب لحقيقة الأثر دون صورة المؤثر، وبناء على ذلك: ينال من الأجر على قدر ما أنقى ونظف من الموضع، ولهذا الوجه قوته.